يعلم الله أني حاولت .

أول ما شفت الطلب الخاصّ بالتدوينة حسيت بالفشل، لسبب إني نسيت من فترة طويلة كيف أكتب بالعامية، كنت أدون من سنوات بالعامية بدون مشاكل، كان مضحك جداً ندرة استخدامي للغة الفصحى في الكتابة. ليش وقفت؟ يمكن لأني بديت أحسّ إن الكتابة بالعامية في المدونة يشبه الكتابة من غرفة الصالون بالبيجاما، وكل شي غرقان في فوضى. هذي هي القصة ويمكن تكون بعد أقصر تدوينة في التاريخ .

لم أعد مجدداً لكسر الأشياء، كانت هناك مشكلة فيما مضى، الصراعات والاشتباك بالأيدي مع الصبية، أمور حلها الزمن سريعاً، قبل انتباهي، جاءت مع تنانير الجامعة الغامقة والطويلة، تعودت ألا أكسر شيئاً مع تعودي على السير في خط مستقيم بدون أرجحة كتفيّ كمغني هيب هوب! في الحقيقة ما زالت آثار تحطيم الاشياء ماثلة أمامي، في كلّ مرة نستقبل ضيوفاً، وبينما انهمك في إظهار مواهبي كمضيفة ممتازة، أرسل نظري لباب الصالون وأتذكر آخر مرة كسرت فيها شيئاً، أمي تبقي على الباب المكسور في مكانه، أظنها عقوبتي الأبدية في حالة فكرت يوماً بكسر شيء آخر، وقصة هذا الباب المكسور، أنني حملت كرسياً خشبياً صغيراً، وألقيت به باتجاه الباب ثم أغلقه أخي بسرعة وكُسر، هناك ثقب صغير وخدوش. الثقب لم يعبر للجهة الأخرى من الباب لكنه واضح للعيان، والكل يخجل من طرح السؤال ، فيما لو حدث ذلك سأجيب بلا تردد. كسر الأشياء يعيدني لزمان الغضب الشديد، وأنا لا أحب تذكره. لو وددت في كسر شيء سأكسر ترددي، سأكسر الضجر! استمعوا لشعائر الربيع لسترافنسكي، هذه مقطوعتي المفضلة للالهام .

* هذه التدوينة جزء من سلسلة تدوينات ضمن تجربة تدوين “العربية للاستخدام اليومي” وهنا التفاصيل.

ترتفع الطائرات .. وأشياء أخرى .

هل تعرف لماذا ترتفع سقوف المطارات، تبهرج، تُملأ بالاضواء والنقوش؟ لماذا تهدر مكيفاتها بصوت مرتفع، لماذا يزأر الموظفون عبر الميكروفون لنداء الرحلات؟ هناك سرّ صغير لا تعرفه يا صديقي، سرّ صغير يجيد كلّ القائمون على المطارات اخفاءه.. وداعاتنا، دموعنا، قلقنا، خوفنا الذي نجيد اخفاءه خلف ابتسامات نرسلها وأسئلة سمجة عن الطقس والسياسة، أغلفة الكتب بين أيدينا، وأمتعتنا المفقودة. كلّ هذا يصعد للسطح، أتعلم لو لم تكون سقوف المطارات مرتفعة ماذا سيحدث؟ سيسقط الأسى على رؤوسنا يا صديقي، ونموت

* هذه التدوينة جزء من سلسلة تدوينات ضمن تجربة تدوين “العربية للاستخدام اليومي” وهنا التفاصيل.

روشتة كتب .

google images

قبل عدة أشهر قرأت عن خدمة تسوق شخصية وأذهلتني، ليست الفكرة بحدّ ذاتها بل السلعة التي يتم شراءها، في محلات الملابس الفخمة والكبيرة، يوجد خدمة المتسوق الشخصي، يختار لك قطع الملابس وينسقها لك، ليست الملابس فقط، قد تعيّن لك شخصاً يتسوق لك كل شيء، وتسميه متسوق شخصي – Personal Shopper . والفكرة الرائعة التي مررت بها هي فكرة المتسوق الشخصي لكتبكم، أودّ لو أنّ حماسي يرتفع قليلاً لأخوض التجربة، هذه المهنة هي المهنة الحلم، متعتي ستكون مضاعفة فأي مكان أحبّ على قلبي أكثر من المكتبات؟ سأخرج مع زبائني ونتصفح الكتب على الرفوف وانهك ميزانيتهم بوجبات ورقية ضخمة ! فعلتها من قبل عندما تسوقت صديقاتي وقريباتي معي في معارض الكتاب، أو مكتبات المدينة بعد فناجين القهوة، ووجدت أنّ التجربة ممتعة آنذاك إلا أنني لم أعرف لها مسمى رسمي ولم أعلم بوجودها إلا بعد أن مررت بها مصادفة في إحدى البودكاست المتخصصة في الكتب. المتسوق الشخصي للكتب سيطرح عليكم أسئلة عن كتابكم المفضلين، عن هواياتكم، اسئلة أخرى لها مدلولات سحرية مثل وقتكم المفضل في اليوم ومشروبكم المفضل، ثمّ سيضعون لكم قائمة تشبه روشتة الطبيب، و.. انطلقوا للمكتبة لشراءها، طبعاً ستكون هناك اسعار متفاوتة للخدمات عندما تنتقل الخدمة من مجانية لمهنة رسمية، خدمات الاستشارات، خدمات التصرف في الكتب القديمة، خدمات شراء الهدايا لهواة القراءة والكتب من اصدقاءكم، خدمات شراء الكتب من مكتبات عالمية، اكسسوارات الكتب من فواصل واغلفة وحقائب .. الخ . يا الله إنها مهنة رائعة، ومن مدونتي وهذه التدوينة خصوصاً أعلن لكم بأنني مستعدة لخوض التجربة، سأرتبها قليلاً وأنطلق !

* هذه التدوينة جزء من سلسلة تدوينات ضمن تجربة تدوين “العربية للاستخدام اليومي” وهنا التفاصيل.

 

 

عرق تمّوز .

By Kondor Vali

كانت الساعة الثالثة صباحاً عندما رن الهاتف لأول مرة ولكنه توقف، وما أن وضعت رأسي من جديد لأنام حتى سمعت بعض الطرق على باب غرفتي، وضعت قدماي بكسل على الارض وخطوت باتجاه الباب، ولكنني توقفت وتذكرت بأنّ غرفتي بلا باب، منذ تلك العاصفة الرملية التي كادت تقتلني، أزلت الأبواب كلها، أصبح المنزل مفتوحاً على المدى، باب رئيسي وحيد يكفي، أزلت الأبواب بعد أن اقتحم الغبار غرفتي وأنا نائم، وبحثت عن الباب ولم أجده، ما فائدة الابواب إذا لم تجدها؟ ما هذا الطرق إذاً؟ وصلت للباب الرئيسي انتظرت قليلاً، لم يتكرر الطرق فعدت مكاني، ما إن وضعت رأسي على الوسادة حتى عاد الطرق، إنها أوهام الثالثة صباحاً التي حذرتني منها جدّتي. نهضت لأضاءة المصابيح، وشعرت ببرودة تمتد على عنقي، تحسسته وكانت البرودة بللاً، امتد البلل إلى كتفي، بعد إضاءة المكان نظرت لوسادتي وكانت هناك، بحيرة صغيرة من الدماء، لم يكن الطرق إذا، بل نبضي المتسارع وأذني النازفة، حشوتها بالقطن، ضمدتها عشوائيا بانتظار الصباح، مع ساعات النهار الأولى وضحك الطبيب المتواصل من حكايتي اكتشفت بأنّ ذلك لم يكن سوى عرق تمّوز!

* هذه التدوينة جزء من سلسلة تدوينات ضمن تجربة تدوين “العربية للاستخدام اليومي” وهنا التفاصيل.