المكتبة وفقاً للسيد كالڤينو.

يقول لك ايتالو في المكتبة ستجد:

كتب لم تقرأها بعد.

كتب لا تحتاج لقراءتها.

كتب صُنعت لهدف آخر غير القراءة.

كتب قرأتها قبل أن تفتح غلافها، لأنها تنتمي لنوعية الكتب التي قُرأت قبل أن تكتب.

كتب فيما لو توفرت لك أكثر من حياة ستقرأها، لكن أيامك معدودة.

كتب تودّ قراءتها لكن هناك كتب يجب أن تقرأها أولاً.

كتب باهضة الثمن الآن وستنتظر حتى ينخفض سعرها.

كتب باهضة الثمن حتى بعد نشرها بغلاف ورقيّ.

كتب يمكن استعارتها من أحد.

كتب قرأها الجميع، وكأنك قرأتها أيضا.

كتب تخطط لقراءتها منذ دهور.

كتب كنت تبحث عنها لسنوات ولم تنجح في العثور عليها.

كتب متعلقة بشيء تعمل عليه حالياً.

كتب تريد امتلاكها لأنك قد تحتاج إليها في المستقبل.

كتب يمكن وضعها جانباً لتقرأها في الصيف.

كتب تحتاجها لتصفّها مع مجموعة أخرى على الرفّ.

كتب تملأك بفضول مباغت بلا سبب.

كتب قرأتها منذ وقت طويل وحان الوقت لقراءتها مجدداً.

كتب تظاهرت بقراءتها دائما، وحان الوقت للجلوس وقراءتها فعلياً“.

أنا لستُ أولمبية.

أتمنى منكم ترك أي توقعات مسبقة حول محتوى هذه التدوينة جانباً، هنا حكاية بطولة شخصية .

كان الزمان صيف ١٩٩٤م، في المنتصف تماماً بين برشلونة واتلانتا، وكنت طالبة في المركز الصيفي الذي يبعد عن بيتنا شارعين تقريباً، لماذا اشتركت؟ بسبب فضولي! تلك الهالة التي تصنعها الزميلات بعد كلّ صيف، والرموز والحكايات المشتركة بينهنّ، لماذا لا أكون جزءا من هذه المغامرة إذاً؟ وسجلت بعد صراع مع والدتي التي لا تصدق أنها استراحت من دوام الدراسة الرسميّ، حتى نطالبها بدوام جديد، ومن تمشيط الظفائر العنيدة لاختيار ملابس صالحة للارتداء في رحلتي اليومية، هنا ورطة لمن تمضي جلّ وقتها في ملابس المنزل، ولا تملك سوى مريول المدرسة وشرائطها البيضاء – لم يكن شيء آخر يهم-. في البدء قسّم الثلاثي المكون مني ومن أخواتي على ثلاثة فصول، في كلّ منها تُحشر الفتيات في فئات عمرية مختلفة، الكبير والصغير، المراهقة والطفلة، الأم، المدرسة، الخ . المهمّ هو أننا نجتمع وننهي المدة المطلوبة من الحضور والوصول لحفل الختام، والبوفيه! لم ابرع في شيء، لم اتمكن من حفظ النصوص المقررة من الشعر العربي، ولم احفظ القرآن، ولم احضر حصص الطهي التي تمّ استبعادي منها قسراً بلا سبب. وكلّ يوم تحاول والدتي اقناعي بالعدول عن الذهاب، والبقاء في المنزل ومشاهدة الكرتون، لا حياة لمن تنادي. لكن وفي إحدى الأيام كوفئت على صبري الطويل، وانتظاري لشيء محفز وايجابي أخرج به من المركز واتحدث عنه طويلاً بعد الصيف. لا .. لم اتأهل للحفل الختامي، ببساطة لم أكن امتلك الشخصية اللامعة والتأثير الذي يمنحني الحقّ في الامساك بالميكروفون والغناء – أو الانشاد في هذه الحالة ، ولا الاتزان الكافي لتوزيع المرطبات والحلويات على المدعوات، ولا الطول لحمل العلم أو اللوحات المصاحبة للعرض الحماسي. حدث أن شعرت مسؤولة النشاط في صفنا بالملل، وقررت تجربة شيء جديد، ابلغتنا أنها في الغد ستنظم سباق للعدو، خارج المبنى، حول المبنى بشكل أدقّ، وأننا سنحتاج لارتداء سراويل رياضية إنما تحت الفساتين والتنانير الطويلة التي نأتي بها للمركز، وأي طالبة ستخالف ذلك ستعرض نفسها لعقوبة : البقاء بالعباءة داخل المبنى. بلا تفكير، رفعت يدي عالياً وأعلنت بأنني سأشترك. لم أفكر في سروال الرياضة المطلوب، ولا قدرتي على المباراة، ولا شيء!

عدت للمنزل واخبرت والدتي، التي بالمناسبة تكره المفاجآت، تكره المفاجآت منذ استيقظت يوماً بعد قيلولة متعبة ووجدت بأنني منحت نفسي قصة شعر جديدة. أي مفاجأة اقدمها لها، ستكون من العيار الثقيل. لكنها على عكس ما توقعت قررت حسناً ستشاركين، لكن هيفا لا تملك سروال رياضة، على الاقل بحالة جيدة تسمح لها بالركض به أمام الجمهور. ماذا تفعل والدتي؟ تخيط لي سروالاً، وبسرعة جهزت السروال، الذي بعد ارتداءه تبين لي أنه شروالربما حدث خطأ في القياسات أو القصّ، لكنّ والدتي نادراً ما تخطئ في هذه الأمور، إنه حظي، واعلنت والدتي بأنه من الافضل تغيير رأيي وعدم المشاركة. لا لا لا .. سأشارك.

في الغدّ ارتديت فستان جميل يشبه رقعة الشطرنج خاطته أمي منذ زمن، وحملت شروالي الاسود في كيس، وانطلقت للصف، لم استمع للعظات، ولا نصائح الفتيات الهامة في ذلك اليوم، كنت انتظر متى تعلن خروجنا للباحة الخلفية، وكانت تتلكأ، خشيت أن تعلن فجأة أننا لن نتسابق، ولكن اللحظة حانت وخرجنا. طبعاً أخواتي على علم بالسباق، وكانوا متأهبين مثل بقية الصغيرات الواقفات قرب النوافذ المطلة علينا. اصطففنا وكدت افقد حماسي ووعيي عندما أعلنت الانسة سين والتي بالمناسبة أطول فتاة عرفتها في حياتي، كانت طويلة ونحن اطفال، طويلة في المدرسة، طويلة في الجامعة وربما طويلة في بيت زوجها الآن. اعرف أن خطوة الفتاة الطويلة طويلة ايضاً، وبقية المشاركات كنّ شهيرات بالعدو في وقت الفسحة بينما اصاب بالدوار وارفض تناول طعامي وأنا اتمشى، الآن تظهر الحاجة لجسد دائم الحركة، جسد نشيط، لا يختل توازنه، اتراه مرتبط بالحبو؟ أنا لم أحبو، أنا جلست طويلا، ثم وقفت ومشيت.

اصطففنا، بشكل مائل، شيء يشبه سباق العدو الذي شاهدته في التلفاز مراراً، شددت على أسناني والتفت باتجاه أخواتي الصغيرات لن أخيب ظنكم اليوم“. 1 استعداد، 2 انتباه، 3 انطلاق، وانطلقنا، كل شيء رمادي، توقفت عن الاستماع لشيء آخر سوى انفاسي، وارتطام الحصى الصغير بحذائي الجلدي الذي ارتديته بلا جوارب – يا الهي – . ركضت كأننى طريدة أمام حيوان مفترس. ركضت حتى نسيت التنفس، ركضت حتى بدأ الشروال بالانزلاق، وبدأ كل شيء يتهاوى، التركيز الآن يتشتت، يداي طليقتان، تساعدني في الاسراع، لكن في حالة فكرت الامساك بصديقي الذي ينزلق ستتراجع سرعتي وقد افشل. تجاهلت الموضوع ركضت وركضت، ولم استطع التوقف حتى بعد الوصول لخط النهاية.

بعد هدوء عاصفة الغبار خلفي، وترتيب نفسي، صفقت لنا المسؤولة بحماس، رائع رائع، أحسنتم، والآن توزيع الجوائز. ما زلت ابحث عن رئتي، وصوتي، وعيناي، بعد كل هذا الركض أعلنت النتائج وكنت في المركز الرابع، ضمن سبعة متسابقات، والجائزة علبة بيبسي. . حار.

مكتبة على غيمة .

في أغسطس القادم أكمل ثلاث سنوات من بداية تجربتي في التسوق عبر الانترنت، شراء الكتب تحديداً. سأحاول في هذه التدوينة الحديث عنها، وعن أفضل المواقع وخدمات الشحن التي قمت بتجربتها، مع بعض النصائح للمتسوقين حديثاً.

بدأت التسوق في موقع أمازونأكبر وأشهر موقع لشراء الكتب – وكل شيء في الحقيقة – على الانترنت، بدأ العمل منذ حوالي ١٥ عاماً وما زال يقدم أكبر تشكيلة من الكتب المستخدمة والجديدة والورقية والالكترونية بأسعار منافسة. ويشحن الكتب مجاناً داخل الولايات المتحدة الامريكيةإذا تجاوزت الطلبية ٢٥ دولار، كما يشحن الكتب لأنحاء العالم باستخدام عدة خيارات، بدأت أولا بشراء الكتب وشحنها لعنوان صديقة في الولايات المتحدة الامريكية من ثمّ تحضرها معها بعد انتهاء اجازتها هناك، لكنني لاحظت لاحقاً بأنّ صبري قليل، خصوصاً عندما تكون الطلبية مستعجلة وتحوي كتباً أودّ قراءتها وقراءتها حالا“. لذلك بدأت بالبحث عن خيارات مناسبة، كانت التجربة الأولى مع البريد الممتاز الامريكي، ثمّ توصل عبر البريد السعودي. لكن الطلبية لم تصل! على ما يبدو أن مجموعة الكتب التي اخترتها صودرت من قبل الجمارك ولم يتم ابلاغي بذلك، حتى رسالة أو باتصال، بينما قدم لي الموقع قيمة الشحنة بسبب استعادتها. وبلا مشاكل. فكرت في خيار آخر ووجدت أن الشحن المستعجل “Priority International Courier” مع أنّ هذا الخيار مكلف مقارنة بالخيارات الاخرى تبدأ الرسوم من ٥٠ دولار وتختلف قيمة الشحن معه من كتب لأخرى إلا أنني وجدت فيه راحتي. على الاقل تصلني الكتب ولا تضيع في متاهة الجمارك، وفقاً لمزاج الموظف في ذلك اليوم. غالباً هذه الشحنة تصل من خلال مزودي خدمات الشحن “UPS” و “DHL” وخلال خمسة أيام إلى أسبوع على الاكثر. في البداية لم أكن أعاني من الرسوم المرتفعة لهذه الخدمة لكن مع الوقت وجدت أنني مضطرة لتجميع الكتب التي احتاجها كي ادفعها مرة واحدة، أو تقنين شراء الكتب التي احتاجها، والبحث عنها محلياً، أو اقليمياً إن أمكن. هذه كانت تجربتي مع الموقع الأول أمازون. أما الموقع الثاني الذي قمت بتجربته Book Depositoryموقع بريطاني جميل، خياراته جيدة أيضاً مع أنها ليست بحجم خيارات موقع أمازون، لكن تجربة الشراء منه كانت ممتازة والشحن مجاني ، نعم مجاني ويصلك على البريد الممتاز، هنا تحدث منصور عن تجربته مع الموقع ويمكنكم الاطلاع عليها هنا وهنا أيضا، أيضاً اشتريت قرطاسية جميلة من الموقع ووصلتني في موعد لم يتجاوز الاسبوعين.

متابعة قراءة مكتبة على غيمة .

التاريخ الكوني للضجر .

لم أتعرف على الضجر في سنّ مبكرة، في الحقيقة أستطيع تحديد الفترة التي اكتشفت فيها معنى كلمة ضجربكل معانيها واشكالها العامية وبكل اللغات. كان الزمان الصيف والمكان بيت جدتي والمزرعة الممتدة. ما إن تبدأ العطلة الصيفية حتى تبدأ فعاليات لا تنتهي من اللعب والمغامرات الغير متوقعة! في عمر التاسعة تقريباً تنبهت، كنا عدة عائلات في مكان واحد، تجمعنا مواعيد الوجبات، ويفرقنا ميلان الشمس في السماء لتعلن موعد الخروج والركض في كلّ اتجاه. ولكن ، كانت هناك عائلة مميزة، مميزة لأن كلّ افرادها كانوا يعانون من ضجر، علمت اليوم بأنه ما يسمى بالضجر المزمنويختلف عن النوع البسيط من الضجر لأنه مزمن وخطير، ومزعج . مهما كانت الاجواء ممتعة ستجدهم منكفئين على انفسهم وينتظرون، يحسبون الوقت لغياب الشمس، الوقت لتناول الطعام، الوقت لانتهاء العطلة والعودة. وخلال كلّ ذلك أمرّ بالتعذيب الصريح الذي يكمن في ترديد كلمات مثل زهق، طفش” . كخلفية صوتية لجلوسنا أمام التلفاز، بينما يعرض مسلسل كرتوني مثير ومحفز، وهم في زاوية المكان يستدرجون حالة من الحزن تبدأ بترديد الكلمات وتنتهي ببكاء طويل وعقاب من الوالدة التي ضجرتبدورها منهمفي كتابه الضجر، تاريخ حيّيشرح بيتر توهي أنواع الضجر ببساطة ويقول أن النوع الأول منها البسيط الذي يحدث لنا مع المواقف المتوقعة مسبقاً والتي لا يمكن الهروب أو الفكاك منها، مثل المناسبات الاجتماعية الطويلة، حفلات الزفاف، الاعياد، هذا النوع بسيط لأنه مربوط بفترة زمنية ستنتهي سريعاً. وجه آخر أيضاً من هذا الضجر البسيط هو تكرار تجربة معينة حتى الاشباع، وهنا يولد الضجر منها. مثل أكل صنف معين من الطعام، أو الاستماع لمقطوعة موسيقية مرات ومرات، ينتقل فيها الانسان من شعور الضجر حتى الغثيانأما النوع الثاني – الأكثر تعقيداًما يمكن تسميته بالضجر المزمن أو الوجودي، وهو الذي أولته الدراسات الاهمية، وكتب عنه الادباء وقيده الرسامون في لوحاتهم، ربما لأنه كان وما زال أشد أثراً على من يعانون منه ولأن النوع الثاني والابسط شعور انساني يأتي ويغادر سريعاًوفقاً لدراسة بريطانية أجريت في العام ٢٠٠٩م من خلال الانترنت، يعاني البريطانيون حوالي ستة ساعات اسبوعياً من الضجر، ولشخص يعيش حتى عامه الستين سيكون قد عانى من سنتين تقريباً من الضجرأيضاً كشفت الاحصائية أن البريطانيين هم رابع شعوب اوروبا – من ٢٢ دولة – في معاناتهم مع الضجر. ولو كان الوقت والمال يسمح لهم بترفيه أنفسهم بشكل أفضل لاختلفت الاحصائية بالتأكيد.

متابعة قراءة التاريخ الكوني للضجر .

قطار الحياة.

أول مستشفى متنقل على سكة حديدية في العالم ، وربما على عجلات

الفكرة بدأت كحلم لجواهر لال نهرو ونفّذت في العام ١٩٩١م من قبل جون ويلسون مؤسس “Impact India Foundation”.مهمة هذا القطار، التنقل والوصول إلى مناطق هندية يقطنها ٧٠٪ من سكان الهند، ولكن لا ترقى فيها الخدمات الطبية للمأمول. المشروع جاء بتعاون بين وزارتي الصحة والسكك الحديدية ويُدعم اليوم من عدة جهات. ويتطوع فيه أفضل أطباء البلاد، لا يبالون بمجانية الخدمة، وسوء الاحوال الجوية، والانقطاع عن العالم الحديث. كلّ ما يرجونه هو تقديم أمل في الحياة لمن فقده. وإذا كنتم تعتقدون أن الخدمات ومستوى الجودة والنظافة المقدم على هذا القطار منخفضة، فكروا مجدداً، بعض الاطباء يصرح بأن بعض المعدات وجودتها لا يتوفر في أفضل المستشفيات والجامعات في الهند. لأن الفقراء والمقطوعين في الارياف بشر ، ويستحقون الأفضلشاهدت وثائقي بي بي سي حول الموضوع، وذهلت، شيء مبكي في الحقيقة، بينما تنتحر قطاراتنا كمداً، وتأخذ معها الارواح، تجوب القطارات الهند لعلاج المرضى وتوفير الخدمات الصحية لهمخلال الوثائقي ستشاهدون عدة حالات مرت أولا بمراكز الكشف المحلية لتحديد مدى حاجة المرضى للعمليات، من ثم نقلهم للقطار، ثمّ يعرض الوثائقي في نهايته حالة كلّ منهميتوقف القطار في محطته ولحوالي الشهر، كلّ أسبوع تُجرى عمليات جراحية في مجال، الاسبوع الأول لعمليات الأذن، والثاني لشلل الاطفال والثالث للشفاة، والرابع للعينينينقطع الطريق بسبب المظاهرات واعمال العنف، يتأخر وصول الاطباء والمساعدات، لكن العمل لا يتوقف، يبحث الاطباء عن مخرج دائما، ولا يضيعون الوقت في البحث عن مهربسنوياً يعالج حوالي ٥٥٠٠ مريض من خلال مشاريع قطار الحياة، ومنذ العام ١٩٩١م تلقى حوالي ٦٠٠ الف مريض العناية الطبية المجانية، وأجريت ٨٥ الف عملية جراحية في مختلف المجالاتالسرّ في نجاح مشروع كهذا؟ التعاون بين عدة جهات حكومية وخيرية، ونجاح السكك الحديدية الهندية ودقة عملها ووصولها إلى أقصى مناطق البلاد. مناطق لم تصلها الرعاية الصحية إلا بنسبة ضئيلةمن جهة أخرى حماس الاطباء، أولئك الذين يتركون أماكن عملهم سواء كان ذلك حكومياً أو خاصاً، سعادتهم ودقة عملهم تمنح البهجة والأمل للآخرين. كل هذه العناصر ساهمت في استكمال واستمرار العمل على هذا القطار.

يمكنكم التعرف على المزيد في هذا المقال، وفي صفحة ويكيبيديا الخاصة بالمشروع، وموقع مؤسسة Impact India.

أيضاً يمكنكم تحميل الوثائقي من (هنا) ومشاهدة ملفات الفيديو هنا


.