هُما.

(أ)

يحبّ من عملها شيئاً واحداً، أنها مساء السبت تمدّ له القلم الأحمر وتطلب منه ترك ملاحظات على أوراق الطلبة الكسالى، فيبدأ بالارتجال وفقاً للدرجات التي حصلوا عليها. يفعل ذلك بينما يتخيل وجوههم وهم يستلمون الاوراق، الخجل البادي عليهم، أو الغضب، ويعود ويتحقق منها هل ما يفعلونه صائب؟ نعم تجيبه وهي تبتسم ابتسامة التردد التي يحبّ.

(ب)

تنهره في كلّ مره يعطس ولا يتبع العطاس بـ الحمد لله، تنقصك الكثير من العادات الطيبة تقول له، حسناً إذا كنت لا تبحث عن الدعاء لك، على الأقل لن تفزعني بالتفكير ماذا حصل؟ هل اختنقت؟ هل أنت هنا؟ احتاج لما يكسر صمتنا الطويل بينما ابحلق في الاوراق المكدسة وتنهمك مع برامجك السمجة.

(ج)

إنها مصابة بوساوس كثيرة، من بينها حبّ التنظيم، إنها تفسد حياتها بالتنظيمكان يحدّث نفسه بينما يراقب كيف تجمع الاوراق الصغيرة وتصفها فوق بعضها حسب المقاس، واللون، ثم تعود لوضعها في مظاريف، ماذا ستفعلين بها؟يسأل بصوت عالٍ، وتردّ بامتعاض سأنثرها على الأرض”يتذكر كيف تحول الصالون إلى ساحة معركة، مهما بدا الأمر مضحكاً إلا أنه تحول تدريجياً إلى الجدّ ولا شيء غيره، فبعد سهرة طويلة في مشاهدة مباريات مسجلة متتالية، تحولت السجادة حول كرسيه الوثير إلى احتفالية بالقشور، وأغطية زجاجات البيرة، قلامة اظافره، شعر الهرّة والكثير من الغبار. لم تغضب كعادتها، ولم توبخه كما لو كان أحد طلبتها، أحضرت شريطاً لاصقاً وبدت منهمكة في مخطط سرّيلم يبق طويلاً كذلك– . قسمت الصالون إلى قسمين وأشارت باتجاه مكتبها ومدخل المطبخ وطاولة الطعام، هذه منطقتيحذّرته، والآن استمتع بمهرجانك اللطيف”يعلق الضيوف أحياناً أن تغيراً طفيفاً في لون السجاد يفصل الصالون إلى ناحيتين، طبعاً هي لا ترغب في إحراجه وإحراج نفسها، في كلّ مرة يزورهم ضيف تزيل الشريط وتعود لوضعه لاحقاً، ألم يقل لكم أنها مصابة بوساوس كثيرة؟

(د)

تمنعه من التدخين في المنزل، وتستمتع بمنظره وهو يرتعد في ليالي الشتاء ليدخن سيجارة في الشرفة، يشبه كلب حزين، تضحك قليلاً ثمّ تحزن معه.

(هـ)

يمنع نفسه من السعال بصوت مرتفع داخل المنزل، يعرف جيداً أنه ما إن يفعلها ستعلّق بغضب، وستبحث عن صور مخيفة لمدخنين مخضرمين، ولن تتوقف حتى تشاهده يرمي بآخر علبة سجائر بنفسه في صندوق القمامةيمنع نفسه من السعال في المنزل ويستغل وصوله المبكر لعمله، ويسعل كأنها فرصة رئتيه الوحيدة للكلام، يرتد صدى سعاله ويضحك، إنه يفزع المراجعين، والعصافير على النافذة ويثير حنق مديره المنافق.

(و)

تحبّ كاحليه المتورمين، هذا منظر رجل كادح، تحبّ لعبة اخفاء اللحف الثلاثة التي لا ينام بدونها، وكلما اختصرت عددها لأن الجو لا يستدعي ذلك، ذهب خصيصاً للمتجر وابتاع المزيد منها. تحبّ قمصانه التي قصت أكمامها ليرتديها كلما ثارت الاكزيما في ثنية ذراعه.

(ز)

يحبّ ظلها، وكلما قال لها ذلك ضحكت منه وتجاهلت اطراءه، يحبّ رؤية هيئتها وهالة الضوء حولها، يحبّ أنه لا يراها بوضوح لكنه يعلم أنها هي، هنا منذ عشرين عاماً بعقيصة البندق فوق رأسها، يودّ لو أن الشمس لا تغيب، يودّ أن تبقى واقفة هكذا إلى الأبد.

عن الشطائر المثالية.

أتجاهل وجبة الفطور مؤخراً وبلا سبب، نومي فوضى عارمة، عملي كذلك، وقراءاتي، أسرق ساعتين اسبوعياً للاستغراق في قراءة كتاب هي الطريق الذي يأخذني من وإلى مدينة قريبة، أشرف خلال زيارتي لها على طالبات يتدربّن قبل التخرج على التدريس. الاسبوع الماضي تغيب السائق الذي يعرف طريق المدارس التي أشرف فيها أنا ودكتورة زميلة من الجامعة. الجو ماطر والضباب كثيف، يأتي سائق جديد، يحاول بدء الحديث بمديح الجوّ، لا يجد تجاوباً من كلينا، ويعود للصمت، يبحث في قنوات الراديو ولا يجد قناته المفضلة ببثّ واضح نظرا للأحوال الجوية، يتململ قليلاً في كرسيه، وبعد مضي منتصف الطريق يلقي بقنبلته: أنا لا أعرف الطريق! هذه المرة الأولى التي أزور فيها المدينة. زميلتي الراكبة دكتورة جديدة من مصر، هذه هي المرة الأولى لها في السعودية، وأنا في نظرها الآن سوبروومن يفترض أن أعرف مداخل المدن ومخارجها والطريق إليها على الأقل في مسافة ١٥٠ كم حول مدينتي. حسناً نفس عميق ونظرة اهتمام خارج النافذة الغارقة، انعطف يميناً، الانعطاف يميناً مخرج جيد لكل المشاكل، ومن هناك بدأ حنقي يتصاعد. في الصباح تستيقظ وتفكر ما أسوأ ما يمكن حدوثه؟، يوم شعر سيء؟ نسيان وثائق مهمة؟ أوه صحيح سائق جديد في مدينة غريبة وجوّ ماطر! وصلنا للمدينة وحاولت استرجاع ذاكرتي الصورية، لا شيء يبرز فيها بوضوح سوى إشارة ضوئية متعطلة وحرف الـ M الاصفر الذي شدّ انتباهي ذات جوع، وجامع صحيح كان هناك جامع أنيق وملفت للانتباه. وبعد انعطافات متكررة، وشتائم مكبوتة، وصلنا للطريق، وفعلاً لم يكن جوعي سيئاً إذ كان كلّ شيء يبدأ من هناك. تذكرت نصيحة والدتي الابدية، في كلّ مرة تخرجين من المنزل لزيارة أماكن جديدة تحاشي أمرين: الانشغال بشيء بعيدا عن النافذة، والكلام مع الركاب. الأمر الأول سيعطل ذاكرتي الصورية للطريق، والأمر الثاني سيشغل السائق ليلتقط أطراف أحاديثنا.

يوم الأحد يوم طويل ومرهق، أكرر محاضرتي ثلاث مرات، لثلاث شعب مختلفة، وكلّ مرّة أقول لنفسي هذا ليس ديجافو، يمكنك الوقوف في جهة معاكسة من قاعة المحاضرة، أو استخدام يدك اليسرى في الشرح أكثر من اليمنى، تغيير مفرق الشعر أيضاً يساعد، وشرب أكواب القهوة الكثير منها! لكنني نسيت تناول الفطور في ذلك اليوم بالذات، وما إن دخلت لغرفة الاستاذات باكراً حتى كانت إحدى الزميلات تعدّ لنفسها شطيرة جبنة شهية، أقول شهية لأنني شاهدت كيف انثنت شرائح الخبز الابيض في الكيس بينما ضغطتها قليلاً لتخرج شريحتين لنفسها، فتحت بعد ذلك علبة الجبنة الكريمية، ومررت الملعقة بينما حاولت التقاط اسم الشركة المصنّعة، لم تكن المراعييمكنك تخمين أنّ هذه الاستاذة مقاطعة للشركة، وستدعم أي مشاريع مماثلة، لديها حماسة كبيرة لحماية حقوق المستهلك، وحماسة كبيرة لانقاذي من صفرة الوجه ودهشة الصباح. عرضت عليّ صنع شطيرة أخرى لي، ووافقت، وبينما سكبت لنفسي القهوة من الترموس الصغير الذي احمله واتذكر حافظة طعام جدي الحديدية، وحافظة والدي، وأخوالي وكلّ عمال العائلة قبل عشرات السنين، يغمرني شعور بالفخر لانتمائي للكادحين، على الرغم من كراهيتي للروتين وقتله للابتكار، أحبّ أنني أحمل معي هذه العبوة المنقذة واقطر محتواها كلما مرت ساعتان في كوب، القهوة .. المشروب السحريّ لصنع المزاج، للأبد. انتظر تغير درجة حرارته قليلاً لارشف منه، وتمدّ لي زميلتي الشطيرة، التهمها على مهل على الرغم من جوعي الشديد، تخيلت ألف ألف وحش في معدتي، أن تنام في ليلة طويلة بلا عشاء أشبه بطقس لإيقاظ الكوابيس، والحزن! لم أذق في حياتي ألذّ من هذه الشطيرة الاعتيادية، ولا أدري هل كان ذلك الجوع سبباً أم أن الخباز قضى وقتاً أطول في خبز الرغيف، حتى قطع الشرائح كان مثالياً، لم تكن رقيقة لترشح منها الجبنة إلى يديّ ولم تكن كثيفة فتتعب فكي بالمضغ. كانت مثالية!

بالأمس قرأت عن قصة مشابهة في كتاب بول أوستر الدفتر الأحمرمجموعة مقالات له وقصص واقعية، سرد حميمي وأليف، وجه هذا الرجل يُطبع في رأسي تدريجياً، ويخشى والداي أن يُطبع في قلبي. خصوصاً بعد أن أعلنت بأنني سأزور منزله، وأقضي عدة أيام في تأمل حياته – إن سمح ليوسأحتسي القهوة معه والشاي، وأدردش مع زوجته المذهلة عندما أزور بروكليننيويورك. سأخبره عن هوسي به، وأنني لا أتوقف عن ترديد اقتباساته والتبشير بكتبه أينما حللت. أتذكر المرة الأولى التي اقتنيت فيها كتاباً لبول أوستر، وأتذكر أن قارئة نهمة أخبرتني أنّ كل قراء أوستر يصلونه مصادفة، أو بطريقة عجائبية. كنت أبحث عن سيرة نيرودا في دار النشر ولم يجدها البائع، أصابني احباط خفيف، وبينما كنت على وشك مغادرة المكان حتى استوقفني كتاب في بلاد الأشياء الأخيرةصورة الغلاف، والعنوان، كانت كافية، وبعد التقاطي له، حملت معي ثلاثية نيويوركقرأت الكتاب الأول فور اشتريته أو بعد ذلك بفترة قصيرة، وانتظرت لثلاث سنوات حتى قرأت الثاني، واقتنيت المزيد من كتبه، ثمّ بدأت حالة الهوس خلال الاشهر الماضية، لدرجة بدأت فيها بأحلام اليقظة وفكرة كتابة كتاب عن تجربتي وعن بول أوستر، لكن لكي لا أطيل عليكم سأخبركم عن أوستر وعن طبق لم ينس طعمه أبداً، ففي صيف ١٩٧٣م عُرضت عليه وظيفة السكن في بيت بجنوب فرنسا، بيت لزوجين أمريكيين يعيشان في باريس، وأرادا أن يبقى أوستر فيه يحافظ على محتوياته، ويُطعم كلبيهما، على أن يُدفع له ٥٠ دولار شهرياً وعلاوة للبنزين، وهذا بالطبع كان لأوستر وصديقته بمثابة الكنز، فلا ايجار للدفع، ومكان رائع للكتابة والترجمة. ولكن لم يكن كلّ شيء رائعاً للأبد، ففي نهاية الشتاء ومطلع الربيع، تأخرت الشيكات في الوصول، سُرِق كلب من الثنائي، وانتهت الاغذية المخزونة شيئاً فشيئاً. لم يعد هناك ما يؤكل سوى: كيس بصل، زجاجة زيت طبخ، وقاعدة فطائر لم تُخبز بعد. ونظراً لشدة الجوع وندرة الإمكانيات لم يكن أمام أوستر وصديقته سوى فكرة واحدة فطيرة بصل“. وهكذا بدأ العمل الحثيث على طهو الوجبة الأخيرة، الساعة الثانية والنصف ظهراً. لم ينتظر أوستر كثيراً ولا صديقته، أخرجا الفطيرة التي بدت مثالية، لكن وبينما كانا يحفران في البصل اكتشفا أن الفطيرة لم تُخبز بالكامل وأن منتصفها البارد لم يكن قابلاً للابتلاع، لذلك قررا إعادتها للفرن، والانتظار لعشرة دقائق أو ربع ساعة أخرى، خلال ذلك خرجا للمشي حول المنزل وبعد عودتهم التي قد تكون متأخرة إذ انزلق الوقت بهما في الحديث عن شؤون كثيرة. كان المطبخ غارقاً في الدخان، والفطيرة التي بدت شهية منذ قليل، أصبحت كتلة من الفحم.

تخيل أوستر أن نهاية العالم قريبة، وبينما التهمهما الذهول، جاءت من بعيد البشائر، كانت السيارة الزرقاء للسيّد شوغر، المنقذ، تقترب، والذي تبين لاحقاً أنه صديق للزوجين وفي رحلة تصوير مع مجلة ناشيونال جيوغرافيك، ويحتاج لمكان للمبيت، وبدلاً من البقاء في فندق، سيبقى مع أوستر ورفيقته، على أن يدفع لهما ما اجماليه ٥٠ فرنكاً في الليلة، وهكذا في كل مرة كان يأتي كانا يتناولان العشاء أو الغداء في مكان راقي معه، أو يصرفان ما يتركه من مال على إشباع جوعهما. واليوم يتذكر أوستر طعم فطيرة البصل كما لو كانت ألذّ فطيرة تناولها في حياته!

تسعة أرواح وستة أصابع.

“القطّ، الرفيق الطبيعي للمفكّرين، المراقب الصامت للأحلام، للإلهام، والبحث الصّبور”.

– د. فيرناند ميري “بيطري فرنسي”

هذا المساء كنت أقرأ عن عيب خلقي يصيب القطط، ليصبح عدد أصابعها أكثر من المألوف. فالقط الطبيعي يملك 18 اصبع، عشرة منها في قوائمه الأمامية وثمانية في الخلفية. الطفرة الجينية التي تصيب القطط تمنحهم الاسم “Polydactyl” أو متعدد الأصابع. هذه القطط تنتشر في الساحل الشرقي من أمريكا الشمالية، والجنوب الغربي من إنجلترا وويلز. وهذه المعلومة بحدّ ذاتها مدعاة للتأمل، فكما تعلمون غرب إنجلترا وويلز لو قمنا بلصقها في القارة الأمريكية ستلتصق في الجانب الشرقي، هل وجود هذه القطط كان قبل انفصال اليابسة، أم أنّ ذلك تولد من الرحلات البحرية وانتقال أهل إنجلترا لأمريكا! وكي لا ابحر بعيداً عن الموضوع الذي دفعني لكتابة هذه التدوينة أعود للقطط. من بين التسميات الشعبية لهذا النوع من القطط “قطط همنغواي“. والاسم قادني لهمنغواي – إرنست طبعاً- وقصص قططه، والمنزل الذي تركه لها.

 

في موقع يوتوب ولو بحثتم بالكلمات المفتاحية “Hemingway’s Cats” ستجدون بعض مقاطع الفيديو التي قام السياح بتصويرها خلال زيارتهم لمنزله في كي-ويست، في المنزل تستقبلكم القطط التي يبلغ عددها حوالي 47 قطة-نصفها تقريبا متعدد الأصابع-. تنوعت فصائلها وأسماءها لكنها تحتفظ بجينة القطّ الأول “كرة الثلج” الذي أهداه أحد البحارة لإرنست، كان البحارة يعتبرون “كرة الثلج” جالباً للحظ بأصابع قوائمه الأمامية الستة، وعاش مع همنغواي لسبعة عشر عاماً. يزور القطط في المنزل بيطري أسبوعياً وتلقى رعاية خاصة من التغذية للتعقيم والإجراءات الصحية. لا يتم تعقيم القطط كلها، يتمّ الحفاظ على النوع من خلال تكاثر بعضها. المفاجأة التي لم أكن أعرفها من قبل، أنّ 40% من زوار منزل همنغواي –المتحف- يأتون لرؤية القطط، تتجول في المكان، تتكئ على الأثاث العتيق، وتدلل على الزوار وتبدي اهتمامها لمن يستحقه!

عدد القطط التي تعيش في المنزل سبب مشكلات مع السلطات، وفي العام 2006م أُسقطت دعوى رفعت ضد القائمين على المكان، بعد أن هددت جهات حكومية بمحاصرة القطط ونقلها، فتدخل الكثير من السكان المحليين، وأعضاء من الكونغرس لإيقاف ذلك.

ماري همنغواي في منزل آل همنغواي والقطط

متابعة قراءة تسعة أرواح وستة أصابع.

لم يتمّ العثور على شيء.

مساء الخير،

الأربعاء الماضي أكملت مدونتي “Farfalla.ws” عامها الخامس. المدونة التي بدأت بسبب خطأ تقني تسببت به لنفسي، وقضى على مدونة سابقة لها. عالجت الموقف بفتح مساحة جديدة وبدأت التدوين “الفعلي” الذي اعتبره تجربتي الرسمية. أكتب هذه التدوينة في بيت جديد، انتقلت اليه بسبب خلل تقني خارج عن إرادتي هذه المرّة، الآن المحتوى الفيزيائي للتدوينات محفوظ على جهازي وعلى خادم شركة Bluehost التي أتحقق كل عدة أيام من أنها تقوم بعملها على أكمل وجه. أما فيما يختص بالشركة المحلية التي ابتاعت لي اسم النطاق أول مرة منذ خمس سنوات، اعتقد أنني أفرغت غضبي بشكل كافي، في غرفتي، في هاتفي، وفي حسابي على تويتر. أنا حزينة جداً يا “أونيكس” لأنني بشرت بكم في كل فرصة سانحة بأنكم شركة رائعة ومميزة. وما يحدث معي الآن من تجاهل لاتصالاتي بريدياً وهاتفياً مزعج! في غمرة هلعي على فقدان النطاق – على الرغم من معرفتي بأنه سيكون متاح للشراء لاحقاً- تذكرت مدونة والدتي، ومحتواها الغني، وسنواتها التي مضت، هذه المرة كنت ذكية كفاية لحزم مدونتها، وشراء نطاق جديد ونقل محتوياتها هناك، في حالة استمر هذا التجاهل لاتصالاتها هي الأخرى، أقله لديها مكان تذهب إليه وتكمل مسيرتها التدوينية.

بدءا من هذه التدوينة سيكون هذا النطاق هو بيتي الجديد، وحتى أستعيد المحتوى السابق من المكان الجميل المسمى “الحفظ والصّون” سأدون أفكاري المتطايرة. ما يدهشني حالياً هو أنّ الخذلان التقني لم يعد يرعبني كما في السابق، وربما بداية جديدة بعد خمس سنوات ستصنع فرق، على الأقل في شريط المتصفح أعلاه!

ستجدون بعض التصنيفات الجديدة في المدونة، سأتحدث عنها حالما أدون من خلالها.

لا أريد أن تغادروا هذه التدوينة بدون أخبار جميلة، لذلك سأترككم مع خبر أسعدني مؤخرا، وهو أنني سأعد صفحتين متخصصة بالتقنية لمجلة “الصدى” الإماراتية”، وبشكل أسبوعي، عبارة عن مقال ومتابعات وأخبار تقنية. أنا ممتنة لمجلة الصدى لمنحي هذه الفرصة. لم تكن هذه المرة الأولى التي تجد حروفي مكاناً في هذه المجلة، قد سبق ونُشرت لي قصص قصيرة خلال السنوات الماضية. شكرا لهم.

شكراً لكم أنتم أيضاً، كل من سأل عن المدونة وبحث عنها بجهد، ومرحبا بكم من جديد. سأرهق متصفحكم بطلب إضافة “القصاصات” -وهي الترجمة لاسم المدونة- في المفضلة، والمجد للتدوين من جديد!

أخضر كثيف.

By: Josias Scharf

(أ)

في حلقي طعم أخضر كثيف.

(ب)

هل فكّرت يوماً في الأوراق الخضراء الزاهية التي يسوقها قدرها للمجاري؟ أن تكون في أعلى الشجرة منتعشاً، تخونك الرّيح، وتجرفك المياه لتبقى عالقاً، تفقد لونك تدريجياً، وهويتك، تصبح عجين، بطاقة باهتة على مخرج لا يريد أحد العبور من خلاله.