(أ)
“إنّ الأحداث تتسارع أحياناً بطريقة لا يعود معها لدى أحدنا متسع من الوقت أو من الأنفاس لروايتها“.
(ب)
على ذراعي اليمنى بقعة حمراء، التحليل الأولي واستنادا لتاريخي العائلي “إكزيما“، والتحليل الثاني، تحسس من أخلاط الأدوية التي اجرعها بحثاً عن صحة سريعة خلال الايام الماضية. ولكن ..أظنني أمرّ بـ ٢٠٠٦م جديدة، على الرغم من سوداوية الأمر والذاكرة، إلا أنها تعود بي للفترة التي نشطت فيها شهيتي القرائية، والسبب أنني أصبحت حبيسة الغرفة، السرير تحديداً، وقرأت بلا توقف. الغثّ والتافه والجيد، خلال تلك الأيام عرفت أنّ قراءاتي المتخبطة يجب أن تتزن ويجب أن أبحث عن هدف خلف فعل القراءة، وهذا الهدف هو بالتأكيد: المتعة أينما وجدتها. ولو حصل ووجدت الفائدة سيكون ذلك جيد.. جيد جداً.
(ج)
أفكر في “بيت الدرج“.
يقول بعض علماء النّفس أنّك عشت طفولة سعيدة إذا كنت تحبّ الجلوس على الدرج، وأقول أنّ الخيال الخصب للاطفال وأجمل ألعاب حياتهم تبدأ من المكان المدعو “بيت الدرج“. وقد عرفت في حياتي الكثير منها. البدء كان في بيت جدي الكبير، بيت الدرج رقم “١” ، ورقم “٢” كذلك، أحدهما يخبئ تحته صندوق ثلج ضخم –فريزر– تتكدس فيه الدجاجات متوسدة كل منها الاخرى، وبعض علب الحلوى، وبقايا المثلجات الشهية التي نخبئها من بعضنا حسداً. كانت ابنة عمي تتسلق على صندوق، ترفع غطاء الثلاجة المستلقية على جنبها – كما كنت اصف الفريزر– وتحك الثلج بملعقة أو بأداة قاسية وتلتهمه، أذكر أن له طعماً غريباً، ولو عدت بالزمن لتلك الأيام لما وضعته في فمي، مجرد تصور أن دماء الدجاجات، واشياء حيوية دقيقة تنمو ملتصقه به تبعث على الغثيان والندم، الكثير من الندم.
بيت الدرج رقم “٢” في نفس المنزل، في الدور الثالث – إلى الاسفل– توجد غرفة جلوس قديمة، ومطبخ واعشاش حيوانات داجنة، وأسوأ كوابيسي، لم أكن اتجاوز الدرج للالتفاف لتلك الجهة من المنزل، لكنني كنت استرق النظر واركض صعوداً. الآن المنزل لم يعد في ملكية العائلة، لكن لو قُدّر لي العودة هناك، سأهبط الدرجات سريعاً، وسألتفّ وادخل تحت وانظر بنفسي لا شيء هناك أنا أكيدة!