لماذا نقع في مطبّ قرائي؟ أو بالأحرى ماذا أقصد بالمطبّ القرائي؟
نعرف جيداً تلك الفترة التي يعاني منها الكاتب عندما يصطدم بتوقف قدرته على الكتابة، أو ما يسمى بالانجليزية Writer’s Block، في حالة القارئ، هذا هو مطبّه، هذا هو الـ block الخاصّ به. وكما علّق كاتب انجليزي قرأت له ذات مرة مقالة “نصاب نحنُ القراء بحالة الجمود والتوقف، لأن الكتّاب لا يصابون بها“. وكلامه صحيح إلى حدّ ما، إذا فكرنا في الاسباب التي تقودنا للتوقف والجمود القرائي، سنجد أن من بينها الحيرة العظيمة التي نقع بها عندما نريد اختيار كتابنا التالي، والعدد الهائل للكتب المتاحة لأنّ الكتاب ببساطة لا يصابون بالجمود!
سأحاول في هذه التدوينة جمع الاسباب –التي مررت بها شخصياً– والتي قرأت عنها في بحثي السريع على الويب، لماذا نصاب بالجمود القرائي، وكيف يمكننا تجاوز ذلك بسهولة.
الانشغال
أودّ الحديث عن الوقت، عن اليوم الذي لا يكفي، عن الساعات الاربعة والعشرين التي تنكمش.
لستُ وحدي في ذلك. فنحن مخيرون أمام أمرين، أن نترك هذا العالم يدور خارج الباب، لا نعمل لا نتعلم، لا نسأل عن شيء، ونحصل على كل الوقت، للقراءة والاطلاع، والتنقل من كتاب لآخر. أو الاصطدام بواقع أننا سنجوع، ونعيش في فوضى عارمة مالم نخرج ليومنا الحافل! أنا أحبّ عملي، كما أحببت عملي السابق، كما أحببت سنوات الدراسة لكن المشكلة دائما ذلك الضمير الخفي الذي يستيقظ ويذكرني بالرفوف الحزينة التي تعاني من الوحدة، يذكرني بقطعة الورق التي تركتها في صفحة ما، بالملاحظة الصغيرة التي كتبتها عن كتاب رائع ولم أعد إليه من جديد. الانشغال يا أصدقاء السبب الأول للجمود القرائي، خصوصاً إذا كنتم ممن يحتاج إلى أكثر من ساعة يومياً للدخول في عمق كتاب والاستمتاع به.
قراءة كتب سيئة متتالية
إنه الاحباط، تبدأ كتب كانت لديك تصورات مبدئية حول جودتها والمتعة التي ستحصل عليها من قراءتها وتفاجأ تدريجياً أن الكتاب من سيء إلى أسوأ. تتركه من يدك وتتناول كتاباً آخر وتفاجأ بنفس القصة تتكرر مع كتاب ثانٍ وثالث ورابع. ردة الفعل الفورية لدى البعض – وأنا منهم– سأتوقف عن المحاولة قليلاً وسأصاب بالجمود وسأنصرف عن القراءة لفترة قد تطول أو تقصر بحسب ما سيحدث من محاولات للخروج منها.
قراءة كتب رائعة متتالية
قد يبدو هذا الشيء مضحك لكنه حقيقي. تلتهم أفضل الكتب في مكتبتك وتبقى لديك الكتب الأقل حظاً. أو تقرأ عمل رائع مكتوب خصيصاً لك ثمّ لا تغادر آثاره نفسك بسهولة. يحدث دائما ذلك معي، وأجده ربما السبب الأهم بين الاسباب التي ذكرتها سابقا. يصبح الكتاب الجيد وحشاً، ويمنعك من الاستمتاع بأي كتاب سواه، كل مرة تفكر البدء في قراءة كتاب جديد، تعود لاقتباساتك من الكتاب، وتتصفحه من جديد وتستعيد المتعة. ثمّ تبقى حبيساً.
بلا سبب
نعم للاسف، يمكن أن يحدث ذلك بلا سبب.
إذا كنت تقرأ دائما، إذا كانت القراءة هي الفعل الذي تتقنه مثل التنفس أو الأكل أو النوم أو أي شيء أصبح الوضع الافتراضي لحياتك ستدرك معنى الخوف والهلع الذي يصيب الانسان عندما لا يستطيع القراءة. . وكيف إذا كان ذلك بلا سبب.
طيّب، والحل؟
أنا سعيدة بأن كتابة هذه التدوينة تزامن واستماعي للبودكاست المفضل عن الكتب Booksonthenightstand ، ومن جهة أخرى تزامن مع استعادتي لشهيتي القرائية وتجاوز حالة الجمود التي مررت بها لعدة أشهر، وإن بدا ذلك غريباً بعض الشيء فخلال هذه الفترة كنت أقرأ، لكن الجمود الذي أتحدث عنه، الجمود الذي يخصني، يعني أنني أقضي أسابيع بل شهور في محاولة إنهاء كتاب جيد، ومن حجم صغير بلا نجاح! في البودكاست الذي ذكرته جاء ذكر ١٢ حلاً لهذه المعضلة، جربت بعضها، ونجحت، وأضيف أيضاً ثلاثة من عندي، وانتظر كذلك اضافاتكم.