أصواتنا المرتفعة، صوت أمّي المنخفض، ضحكاتنا المتأرجحة، اللحف التي تخيطها أمي، كتبي التي احتلت كل رفّ فارغ في المنزل، الستائر النصف مفتوحة، اختيارات الأثاث العشوائية، الاطباق الملونة، أطباق الجيران المنسيّة، رائحة القهوة أول اليوم وأطرافه، طبق الفاكهة في الصالون، الزهور التي تزورنا كل أسبوع مرّة، شعر القطة المنثور، الزوايا المحجوزة باسم مدام إل، رسومات حصّه وكاريكاتيراتها لنا، علب أدوية والدي، علب المسكنات التي اتركها في متناول يدي، أكواب القهوة، مجلات الأزياء اللامعة، مواء لولو، علب العدد والأدوات، الشموع المعطرة، الشراشف القطنية الملوّنة، مشابك الشعر الهاربة إلى ثقب أسود، زوايا الأثاث الحادة وإصاباتها التي لا ترحم، الحقائب فوق، الحقائب تحت، زجاجات العطر المخزنة تحسباً لانقطاع المنتج، كعك التّمر، ماكينة إعداد الأرز، الاكياس المعطرة في رفوف الشراشف، غترة والدي على يدّ الاريكة، درج خشبي ضخم يحمل كلّ شيء، البومات الصور المتهالكة،حوارات والديّ على الافطار، زجاجات الماء الفارغة عند اقدام السرير، بخور الجمعة، العاب الطاولة التي تضيع قطعها من أول جولة، كابلات الاجهزة.. والمزيد من الكابلات.
ما الذي يجعل منزلكم بيتاً؟
ترجمت الجملة الانجليزية “What makes your house a home?” وحاولت في الترجمة توضيح الفكرة، كنت قد قرأت قبل عدة أيام مقالة في مجلة سايكولوجيز البريطانية، تطرح المقالة هذا السؤال. على اعتبار أنّه ليس كل منزل بيت. كانت المقالة بمثابة استطلاع رأي سريع لعدة أشخاص، البعض قال بأنه المكان الذي يحفظ أعزّ ما يملكونه، والبعض الآخرة قال بأنه المكان الذي يتاح لهم فيه ممارسة الفوضى بلا حذر، وأيضاً المكان الذي يمكنك البقاء فيه طوال اليوم بملابس النوم! وعلماء النفس يقولون بأنّ مساحتك الشخصية –في البيت– هي مساحتك للتفكير والابتكار، وكلما كانت مريحة وملاءمة لما ترغب به –وليس ما يراه مصممي الديكور– كلما كنت منجزاً ورائقاً. وفي خلاصته يحددّ المقال أنّ البيت –وليس المنزل فقط– هو المكان الذي يجد فيه الانسان راحته التامّة، هو الدفء والأمن، والأهم من كلّ ذلك هو الذاكرة التي تصنعها فيه. لذلك ليست البيوت بتصاميمها المبهرجة والفاخرة، وكلما كانت “طبيعية” أكثر وأقل بلاستيكية كلما شاعت السعادة بين ساكنيها.