الحلقة الثانية: فريدريك شوبان


خلال علاقته بالروائية الفرنسية جورج ساند – كانت لوسيل دوبان تستخدم هذا الاسم الحركي-كان فريدريك شوبان يقضي غالبية الصيف في منزلها الريفي في “نوهانت” وسط فرنسا. كان يحبّ المدن ويصبح ضجراً مزاجياً في الريف، لكن قلة الانقطاعات والملهيات ساعدته في تأليفه الموسيقي هناك. في كثير من الأيام يستيقظ متأخراً ويتناول فطوره في الفراش، ثم ينصرف للتأليف. يتخلل وقته فاصل يقضيه في تعليم سولانج ابنة الروائية العزف على البيانو. عند السادسة مساءا يجتمع المنزل لتناول العشاء الذي يقدم عادة في الخارج، يتبعه الموسيقى والاحاديث والترفية. بعد كلّ ذلك يذهب شوبان للنوم وتذهب ساند لطاولة الكتابة. في المنزل الريفي كانت مسؤوليات شوبان معدودة إلا أنّ عملية التأليف لم تكن بالمهمة السهلة. كتبت ساند عن عاداته:

“كانت إبداعاته عفوية وعجائبية. يجدها بلا بحث أو تتبع، تزوره فجأة. كاملة ورفيعة يغنّيها في رأسه وهو سائر فيفقد صبره ليعود للبدء ويبدأ العمل المضني. كان عمله مجموعة من المحاولات والتجارب حتى يصل للثيمة التي سمعها في رأسه. يحلل كثيراً ويدقق ويبحث ويكتب مرّة بعد مرّة وفشله في الوصول للصيغة المثالية كان يقوده لليأس. يغلق باب غرفته لأيام، يبكي، يمشي، يكسر أقلامه، يكرر العزف مئات المرات، يكتب ويعدّل. ذات مرّة قضى ستة أسابيع على صفحة واحدة وكتبها أخيراً بنفس الصيغة التي بدأ بها.”

الحلقة الأولى: جين أوستن

لم تعش جين أوستن وحيدة أبداً، لذلك لم تتحقق لها أبسط مقوّمات العزلة التي رغبت بها. حتى بيتها الأخير الذي عاشت به في قرية تشاوتون عاشت فيه مع والدتها وأختها وصديقة مقرّبة، بالإضافة إلى ثلاثة من الخدم. في ذلك المنزل استقبلت العائلة الكثير من الزوار بلا موعد مسبق. لكن الانشغال والحياة المزدحمة لم يمنعا جين من الكتابة، فالفترة ما بين بدء استقرارها في تشاوتون –من 1809م- وموتها كانت فترة منتجة بشكل ملحوظ. راجعت فيها كتابتها الأولى لــ “عقل وعاطفة” و”كبرياء وتحامل” استعدادا للنشر. كما كتبت ثلاث روايات جديدة “مانسفيلد بارك” و”إيما” و”الإقناع”. جين أوستن كانت تكتب في غرفة جلوس العائلة، مُعرّضة لكل أنواع المقاطعة. حرصت أيضاً على ألا تلفت انتباه الخدم والزوار وأي شخص لا ينتمي لعائلتها المقربة لما كانت تقوم به من كتابة. لذلك كانت تكتب على قصاصات ورق صغيرة يسهل إخفاءها، وتدفع بها تحت مفرش الطاولة أو ورقة تجفيف الحبر عند دخول أي غريب.

بين الباب الرئيسي للمنزل ومكان الجلوس باب متأرجح يصدر صريراً كلّما فُتح، وكانت أوستن ترفض إصلاحه لأنّه كان يعطيها إعلاناً بدخول أي أحد إلى المكان.

تبدأ أوستن يومها باكراً قبل بقية أفراد العائلة، تعزف البيانو، وتعدّ الفطور للجميع في التاسعة صباحاً وهي مهمّتها الرئيسية في المنزل. ثمّ تجلس للكتابة برفقة والدتها وأختها وهم يخيطون، وعندما يقتحم ضيف المكان تتوقف عن الكتابة وتنضم إليهم في الخياطة.

وجبة العشاء هي الوجبة الرئيسية في منزل أوستن وتقدّم بين الثالثة والرابعة عصراً. وبعد العشاء تجلس العائلة لشرب الشاي ولعب الورق والاحاديث. ثم تقضي أوستن بقية ليلتها في القراءة الجهرية للروايات، وقد تقرأ بعض أعمالها التي لم تكتمل للعائلة. كانت عائلة جين تحترم عملها وأختها كاساندرا تساعدها في المنزل وتحمل عنها الكثير من الأعباء لتتفرغ هي للكتابة.

على أنها لم تحصل على الحرية والخصوصية التي حظيت بها الكاتبات المعاصرات، كانت جين أوستن محظوظة بالسكن في ذلك المنزل.

رمضان مبارك

رمضان مبارك يا أصدقاء!

انتظر هذا الشهر سنوياً لما فيه من خير عظيم، لأنه انتباهة نفسي واستعدادها، وأجد فيه البداية الحقيقية للسنة. متى حصل ذلك؟ لا أتذكر لكننه جميل. هذه السّنة سأعتزل الشبكات الاجتماعية في تجربة لم استطع مواصلتها من قبل، لكن لكي استطيع التركيز على المشاريع التي خططت لها يجب أن اعتزل الشبكات الاجتماعية التي تلتهم وقتي.


سأقرأ أكثر، سأشارك أختي الصغرى في مشاهدة فيلم كرتوني قديم وأحبه “صاحب الظل الطويل” وبالتزامن مع ذلك سنقرأ الرواية “Daddy Long Legs” للكاتبة جين وبستر والتي اقتبس الفيلم الكرتوني عنها، أتمنّى أن توقظ بها هذه الحكاية حبّ الكتابة والمغامرة والتفرّد! اقترح عليكم أيضاً اختيار كتب للصغار، أو مشاهدة مسلسل كرتوني مؤثر وذكي مع أخوتكم أو أقاربكم الصغار ستصنعون معهم تجربة لا تنسى وسترتبط بالشهر.

متابعة قراءة رمضان مبارك

كتاب التغيير، وأشياء أخرى.

أو دفتر التغيير. كتبت عنه من قبل في تدوينة: “بدأت في منتصف مارس الماضي بتسجيل التغييرات اليومية الصغيرة التي وبعد فترة طويلة من تجربتها ستكبر، وسيكبر تأثيرها عليّ. كنت دائماً أبحث عن تغيير جذري وواضح لأغير حياتي ككل، وهذا متعب ونتائجه ليست مضمونة! بدأت بالتغييرات الصغيرة، وتسجيلها، والتي قد تبدو طريفة وغير مهمّة أحياناً إلا أنني بدأت اليوم بالاستمتاع بها. اقتنيت للفكرة دفتر مزخرف بالزهور الملونة واتركه في حقيبتي في كلّ مكان أذهب إليه، وإلى جانب رأسي لأكتب فيه قبل نهاية كلّ يوم. قد لا يكون هناك تغييرات يومية بالضرورة لكن فكرة التسجيل والتأريخ جميلة وممتعة.”

وما زلت أذكر بأنني وعدت بتخصيص تدوينة للحديث عن هذه التجربة. لن أبحث عن تغييرات مثالية قام بها أشخاص آخرون، بل سأتحدث واقتبس من الدفتر الذي خصصته لهذه التغييرات.

23 مارس 2013م

شربت كوباً من الحليب البارد بلا إضافات، من الثلاجة للكوب لفمي. وهذا نادر الحدوث، لم أستطع قبل اليوم تقبّل فكرة شرب الحليب الطازج بلا تدفئة أو إضافات، عندما فعلتها شعرت بأنني بطلة، وأنّ حياتي تغيرت. اليوم أيضاً اتصلت بصديقة لا أتحدث معها على الهاتف عادة، لم أتحدث معها على الهاتف أبداً بعد أن تبادلنا أرقامنا، التقي بها كثيراً من وقت لآخر ولكن لا نتحادث هاتفياً، اتصلت بها وقضيت وقتاً رائعاً في الحديث عن كلّ ما كان يشغل ذهني في تلك الفترة.

25 مارس 2013م

لمست شجرة تخيفني في حديقتنا، أخرج كلّ يوم للمشي حول المنزل لكن لم أملك الجرأة للمسها من قبل، تخيلت بأنها مسمومة وقاتلة! لكن بعد ساعات لم يحدث أيّ شيء والخيالات التي كوّنتها في رأسي كانت وهماً.

27 مارس 2013م

تعرّفت على سيدة جلست بجانبي في صالون التجميل، تحادثنا وعرضت عليها بسكويت مع كوب القهوة الذي كنّا نشربه، علمت من حديثنا أنها طبيبة نفسيّة.

29 مارس 2013م

تحدثت مع فتاة جلست بجانبي في رحلة الطائرة، لا أتحدث مع الغرباء وأجد صعوبة في ذلك، خوف بلا مبرر، أو خجل؟ الله أعلم. انتهى الحديث بوصولنا للأرض وأعطيتها عنواني على شبكة تويتر الاجتماعية.

5 أبريل 2013م

جففت شعري من اليمين إلى اليسار. وهي الطريقة التي لا أحبها، هناك جانب مفضل من شعركم؟ ودائما تبدؤون به ويحصل القسم الأقلّ تفضيلاً على طاقة أقل، ومزاج أسوأ وهكذا يكون المظهر العام للجانبين مختلفاً.

17 أبريل 2013م

اشتريت هدايا لأطفال العائلة. ليست المرّة الأولى لكنني هذه المرة أخذت وقتي للتفكير في هدية مناسبة لكل طفل، وكانت النتائج مذهلة.

9 مايو 2013م

اخترت كتاب للقراءة خلال الشهر. هذه المرّة سأقرأ الكتاب بصوت مرتفع لوالدي، بقية العائلة في سفر خارج المنزل ونقضي وقت طويل سوية، هذا الكتاب أصبح رفيقي في رحلات السيارة، ومع قهوة المساء، وكلما كان ذلك متاحاً.

اعترف بأنني ومع الانشغال ونسيان الكتابة أحياناً، أصبحت أكتب التغييرات بلا تواريخ، من التغييرات التي أجريتها أخرجت جهاز الكمبيوتر المكتبي من غرفتي، غيّرت حبوب الإفطار التي أتناولها عادة إلى تلك الغنية بالألياف والمكسرات. في مطعمي المفضل الذي أزوره كلّ مرة غيرت أطباقي التي اختارها من اللحم البقري إلى المأكولات البحرية. جربت شراء قطع ملابس بقصات وألوان لم ارتديها من قبل وكانت النتيجة مبهجة. أكتب رسائل أسبوعية لصديقاتي وقريباتي البعيدات أحفزهم فيها لفعل تغييرات مشابهة، وأخبرهم كم أحبهم واشتاق إليهم كلما شعرت بأنني أريد قول ذلك. أصبحت أنصت أكثر لوالدي ولا أجادله كثيراً – أنا أكثر شخص يجادل والدي في المنزل- واكتشفت بأنه أحيانا يتكلم لمجرد تنفيس الضغوط والقلق ولا يبحث عن علاج أو حلول من قبلي. أيضاً في الشهر الماضي قررت تغيير أثاث غرفتي ولون جدرانها وخلال ذلك قمت بجردتي العظيمة التي تحدثت عنها في تدوينه سابقة.


وبما أننا نتحدث عن سلسلة التغييرات المفيدة، كنت قد مررت بمدونة أجنبية قامت صاحبتها بتطبيق فكرة مذهلة ساعدتها على قراءة أكداس الكتب التي تريد البدء بقراءتها لكنّها وبسبب التردد تتركها كلها الفكرة ببساطة تتلخص في وضع أسماء الكتب التي لديكم وترغبون بقراءتها على قصاصات ورق وجمعها في مرطبان –أو علبة- ومن ثمّ اختيار اسم الكتاب كل أسبوع أو كلّ شهر بحسب سرعتكم في القراءة. السرّ في الالتزام بهذا الخيار، عندما تسحبون اسم الكتاب يجب عليكم حينها قراءته ومن ثمّ الانتقال للتالي وهكذا. بالأمس جمعت أسماء الكتب الإلكترونية التي تراكمت خلال الشهور الماضية في القارئ الإلكتروني، بالإضافة لبعض العناوين الورقية التي أؤجل الوصول لها منذ زمن. استخدمت في القصاصات لون واحد من الورق، بينما كانت المدونة صاحبة الفكرة استخدمت عدة ألوان لكل نوع من الكتب، روايات، سير، قصص، الخ .. لكنّ ذلك بالنسبة لي يقلل عنصر المفاجأة في القراءة.

أهلاً بك في عالمنا.

مساء الخير،

مررت مؤخراً بمقالة مثيرة للاهتمام في موقع جريدة التليغراف البريطانية، خلاصة المقالة تخبرنا بأنّ الطاهي الشهير جيمي أوليفر والذي قام بتأليف حوالي 20 كتاباً في فنّ الطهي لم ينهي قراءة كتاب حتى بلغ الثامنة والثلاثين، والكتاب الذي قام بإكماله هو الجزء الثاني من سلسلة مباريات الجوع Hunger Games للكاتبة سوزان كولينز. الطاهي الشهير –الأغنى عالمياً- لم يكن فخوراً بالتصريح الذي اطلقه، وبيّن سبب عدم قراءته لكتاب كامل في حياته وهو إصابته بالدسلكسيا (أو عسر القراءة). وهو اضطراب يعاني منه ملايين الأشخاص حول العالم وتتفاوت صعوبته ومشكلاته من شخص لآخر. في نفس السياق طرح موقع Flavowire قائمة من عشرة كتب، هذه القائمة جاءت تعليقاً على خبر جيمي أوليفر، وعرضت هذه الكتب كبداية للقارئ الذي لم ينهي في حياته كتاباً. سأترجم هذه القائمة وأعرضها في التدوينة. وبعد ذلك انتظر بالتأكيد رأيكم وقوائمكم الخاصة، توجهوا للقارئ الذي لم يعرف لذة الغوص في حكاية سحرية، ولم يجد متعة ألا يشعر بالملل أبداً. اتركوا تعليقاتكم هنا أو اكتبوا عن الموضوع في مدوناتكم وابعثوا بالرابط لأضيفه على تدوينتي.

ملاحظة قبل الانتقال للقائمة: قمت بترجمتها من الموقع بدون إضافة رأيي الشخصي، أيضاً بعض ترجمات العناوين قد لا تكون صحيحة بالضرورة لكنّها الترجمة العربية التي طُبعت. الكتاب الأخير تركت اسمه بالإنجليزية لأنني لم أعثر على ترجمة عربية منشورة، وإن كانت موجودة أفيدوني بها مشكورين.

  متابعة قراءة أهلاً بك في عالمنا.