الفصل 31

Processed with VSCOcam with p4 preset

عدت قبل أيام من رحلة مذهلة في بلاد العم سام. تزامنت أيامها الأخيرة واحتفالي بعيدي الحادي والثلاثين. كان حلماً ممتداً حتى أنّ مخيلتي عجزت عن الحلم ليلاً. حققت كلّ ما رغبت بتحقيقه من هذا السفر، وأكثر. والقائمة التي وضعتها قبل حزم الحقائب انتهت سريعاً واكتشفت –على الرغم من ضيق الوقت- المزيد من الاهتمامات والوجهات السريعة. بينما كنت انتظر رحلة العودة كتبت سريعاً عدة نقاط، ماذا حدث؟ أين ذهبت؟ ماذا رأيت؟ غمرتني بهجة لم اشعر بها من قبل. كنت أقول طوال الرحلة لأخوتي –الذين سكنت معهم هناك- هذا السّفر أطلق بداخلي مشاعر ظننت أنني نسيتها.

غمرت نفسي بمياه المحيط، مشيت وحيدة في منهاتن وحتى منتصف الليل، عبرت الغابات الساكنة، راقبت السناجب وهي تجمع طعام الشتاء، حضرت حفلات موسيقية حيّة، استمعت لسمفونية بيتهوفن التاسعة، زرت مكتبة مايكل سايندبرغ السرية، شاهدت لوحات مونيه وديغا وإدوارد هوبر وسارجنت وماري كاسات وغيرهم. ركبت المترو، قرأت سيلفيا بلاث قبل رحلتي لحضور أسبوع الموضة النيويوركي، وعلى الطريق كيرواك بين شاطئ فرجينيا وبنسلفانيا، حضرت مهرجاناً فنياً وحفل توقيع لكاتب أحبه، وأخيراً سكنت في جناح ثيودوري في قرية وادعة.

التفاصيل التي لا تُصدّق إن قصصتها على نفسي قبل سنة من الآن، كلّ ذلك حصل بين أغسطس وأكتوبر. وكأنني وجدت صوتي الغائب، وجدت موضوعاً للكتابة، وجدت خيطاً سحرياً سينقذني من حبستي التي دامت طويلاً. عندما نويت السفر قررت التوقف عن التدوين، وقاومت كثيراً الحديث على الشبكات الاجتماعية عن تفاصيل أيامي هناك. عبّرت بالصور –الكثير منها- وأجد الآن أن كل ما فعلته كان صائباً. الاحتفاظ بتفاصيل الرحلة ونصائحها ودهشتها وعقباتها ورعبها لأكتبها في كتاب. هذه المرّة قلت لنفسي: سينجح الأمر. وإن لم ينجح؟ حسناً لستِ كاتبة كما تدّعين! وهذا مرعب.

أمام زجاج المكتب الصغير لموظف الهجرة في مطار واشنطن تحدثت عن نفسي في جملة مقتضبة “أنا كاتبة جئت للسياحة والبحث عن إلهام”. كانت اللحظة الأصدق منذ سنوات. وعاهدت نفسي حينها ألا أخذلها بالكسل والتسويف. هذه الذكريات الطازجة ستعرف بيتاً يحبّها ويحتضنها وستسعدون به قريباً.

بالنسبة للتدوين عن الرحلة، قد لا أدون عنها بشكل خاص لكن سأتحدث عن مواضيع أثارتها الأحداث حولي أو تنبهت لها وأنا هناك.

سعيدة بعودتي، سعيدة جداً.

إلى بلاد العجائب

BrianKershisnik
By: Brian Kershisnik

مساء الخير،

خلال الشهرين القادمة بإذن الله، ستذهب المدونة في إجازة طويلة مليئة بالمفاجآت!

أشكر لكم متابعتكم وتعليقاتكم، وصبركم على الغياب المتكررّ للمحتوى.

يمكنكم متابعة تفاصيل رحلتي من خلال حسابي على Instagram هنا : @ihanq

عن أهمية الطقوس اليومية

ritualsdailyme

نحتفظ بطقوس يومية تساعدنا على عبور الحياة والبقاء بصحة ذهنية وجسدية، سواء كانت تلك الطقوس مرتبطة بنشاط بدني أو الجلوس لشرب كوب من القهوة في وقت معيّن يوميا. هذه الطقوس ستحسن من حياتنا والخبر الجيّد أن صنع الوقت لهذه الطقوس سهل وصنعها كذلك.

ما الذي نقصده بالطقوس اليومية؟

سأضرب لكم مثالاً شخصياً عن الموضوع، كل يوم بعد صلاة المغرب أشرب كوب قهوة المساء مع قطعة من الحلوى أو الفاكهة. أشرب هذه القهوة وحدي أو بصحبة العائلة متى ما أمكنني ذلك. لكل منّا كوبه المفضل. أشرب قهوتي سوداء تماماً بلا إضافات، بينما تشربها أختي منى قهوتها مع مظروف من السكّر البنّي وملعقتي حليب مجفف، أما والدي فيشربها مع الحليب الطازج وتغلب كمية الحليب على القهوة مع ملعقتي سكّر أبيض، ووالدتي تشربها مع الحليب الطازج أيضاً وتغلب كمية القهوة عليه مع السكر إذا لم تتناول الحلوى وبدونه إذا وجدت. قطعة الحلوى عادة تكون عادة كعكة الموز أو التمر وهذا باختصار طقس يومي فردي أو عائلي. كلّ منّا يحتفظ بطقس يومي مشابه يقوم به بوعي كامل بوقته وطبيعته ومن خلاله يخفف ضغوط الأيام أو يستمتع بها، وبالتأكيد يفتقده في غيابه ويبحث عن بدائل. عندما تسألون أنفسكم عن كيفية التخلص من الضغوط ستتحدثون عن أنشطة يومية مثل ممارسة الرياضة أو قضاء الوقت مع العائلة والأصحاب أو التسوق وتناول الطعام الذي تحبونه. المهمّ هنا هو البحث عن طقس صحي بلا آثار جانبية تزيد من ضغوطكم وفوضى حياتكم.

كيف تطوّرون طقوسكم اليومية أو تصنعون وقتاً لها؟

الأمر ليس بالصعوبة التي تتخيلونها، كلّ ما تحتاجون له إيجاد الأنشطة التي تناسبكم وستجدون الوقت المناسب لها.

  1. تابعوا مزاجكم وتعرفوا على نقاط الضعف لديكم. تعرفوا على الأشياء التي تزعجكم خلال حياتكم اليومية في المنزل أو العمل. لن تستطيعوا تغييرها كلها للأسف لكن ستستطيعون تغيير الطريقة التي تتعاملون فيها معها. قد تحتاجون لعدة أيام لمراقبة أنفسكم ومعرفة المواضع التي تفقدون فيها السيطرة، احتفظوا بمفكرة للكتابة، أو سجّلوا الملاحظات في تطبيقات الجوال المختلفة. ما إن تتوصلوا لإيجاد خارطتكم اليومية سيمكنكم فوراً تحديد مواضع الضغوط والراحة بالمقابل. اصنعوا قائمة بهذه الملاحظات وشعوركم نحوها استعدادا للخطوة التالية.
  2. حددوا الطقوس “الدخيلة” التي تريدون تبنّيها. هذه الطقوس تسمى “دخيلة” لأنكم ستقومون بإدخالها في حياتكم اليومية، ميزتها بأنها ستساعدكم في تحسين حياتكم وجعلها أسهل. يفيدكم تناول الفطور في المنزل قبل الذهاب للعمل أو الدراسة؟ هل قضاء وقت أطول في التأمل قبل النوم أفضل من الجلوس وتصفح الإنترنت؟ هل حمل قناني ماء في حقيبتكم يساعدكم في تذكر شرب الماء في أوقات معينة؟ وغيرها من الأسئلة ستساعدكم في إدخال أنشطة وطقوس يومية في حياتكم. وإذا لم يكن لديكم الخيال الكافي والحماس لإيجاد هذه الأفكار يمكن دائما تبنّي اقتراحات المختصين أو التعرف على طقوس المبدعين الناجحة. اختاروا أحد هذه الطقوس التي تجدون مرونة في تطبيقها ولن تتحول مع الوقت إلى التزام صعب التطبيق، وهكذا ستصبح جزء من روتينكم اليومي، والآن الخطوة التالية.
  3. اصنعوا منها عادة. عادة يومية تكافئون أنفسكم بها أو تستخدمونها لتصبحوا منتجين أكثر. سيتضح لكم الشعور الرائع الذي تتركه هذه التغييرات مع الوقت وعندما تعتادونها ابحثوا عن المزيد وطبقوا الخطوات السابقة وهكذا ستتغير حياتكم تدريجيا وتحمل خصوصيتكم وراحتكم المرجوّة.

يُفضّل أن تكون هذه الطقوس فردية لأنها ستعمل كوقت مستقطع لكم، وشيئا فشيئا ستتحسن صحتكم المزاجية. أحبّ أن أضيف أيضاً أنّ الابتعاد عن القيام بهذه الطقوس المحببة وقت الإرهاق والانزعاج جيد. فلا تجبروا أنفسكم على الكتابة أو الخروج من المنزل ومقابلة الأصدقاء أو حتى تناول الحلوى المفضلة لكم وأنتم منزعجون.

مخرج

Daily-Rituals-Book-1-300px

كتبت خلال شهر رمضان عن ثلاثين شخصية مبدعة في عالم الأدب والفنّ والعلوم، كتبت عن طقوسهم اليومية المختصرة. كل هذا المحتوى قمت بترجمته من كتاب رائع اختصّ بنفس الموضوع “
Daily Rituals: How Artists Work” يمكنكم اقتناءه وقراءته إذا أحببتم، كانت تجربة الترجمة ممتعة بالنسبة لي، طقس يوميّ خلال الشهر المبارك. وأيضاً إذا لاحظتم حاولت أن تكون صورة الشخصية بصحبة قطّ، لأنّ القطط كائنات محببة، على الأقل لدي شخصياً، كائنات ذكية وملهمة ورفيقة هادئة. شكراً لمتابعتكم وأتمنى أن تكون هذه التدوينة خاتمة جيدة لسلسلة الحلقات الثلاثين.

الحلقة 30: مايا انجيلو

Maya-Angelou

لم تتمكن انجيلو من العمل في منزلها أبداً. “أحاول دائما جعل منزلي جميلاً، وأنا لا أستطيع الكتابة في محيط جميل. ذلك يشغلني”. كنتيجة لذلك كانت تعمل دائماً في غرفة فندق أو نزل صغير، وكلما كانت تلك الأماكن مجهولة كلما كان ذلك أفضل. تصف مايا روتينها اليومي في لقاء أجري معها في 1983م:

“استيقظ عادة في الخامسة والنصف صباحاً، اصبح جاهزة لشرب قهوتي في السادسة وأفعل ذلك مع زوجي. يخرج بعدها لعمله في السادسة والنصف وأتبعه بالخروج. احتفظ بغرفة فندق صغيرة لأكتب فيها. هناك اترك قاموساً ونسخة من الإنجيل، وورق لعب وزجاجة شيري. أحاول الوصول هناك في السابعة صباحاً وابدأ العمل حتى الثانية بعد الظهر. إذا كان العمل متعثراً فإنني أتوقف عند الثانية عشر والنصف ظهراً، وإذا كان يسير بشكل جيد اكتب حتى أتوقف. المكان معزول ورائع! اكتب وأحرر ما اكتبه في نفس الوقت، ثم أعود للمنزل. آخذ حماماً، أعدّ العشاء واستقبل زوجي بعد عودته من العمل بلا مشاغل. نعيش حياة طبيعية، نحتسي شراباً ثم نتناول العشاء وبعد ذلك أقرأ له أحيانا ما كتبته في ذلك اليوم. لا يعلق، وأنا لا استدرج تعليقاته على أية حال لأنني لا اطلبها من أحد غير محرري. لكنني أجد أن الاستماع للتعليقات جيد. أحيانا استمع لخلل فيما كتبته وأسعى لتصحيحه في الصباح التالي.”

الحلقة 29: جورج أورويل

6

في بداية حياته الكتابية لم يستطع أورويل دعم نفسه مادياً بالكتابة وحدها، وكانت وظائف التدريس الصغيرة التي عمل بها تلتهم حصة كبيرة من وقته الذي يخصصه للكتابة وهذا سيبعده عن الأوساط الأدبية وإن كان قد عُرِف فيها. لحسن الحظّ عثرت له قريبته نيلي على وظيفة جيدة في مكتبة للكتب المستعملة وبنصف ساعات العمل اليومية. كان اسم المكتبة “ركن محبّي الكتب” وكان العمل بها مثالياً لجورج أعزب الحادية والثلاثين.

كان يستيقظ في السابعة صباحاً، ويذهب لفتح المكتبة في 8:45 صباحاً ويبقى هناك حوالي الساعة. ثم ينتهي عمله ليأخذ وقتاً مستقطعاً حتى الثانية بعد الظهر. وبعد ذلك يعود من جديد للعمل حتى السادسة والنصف مساءا. هذا العمل الجديد منحه حوالي أربع ساعات من الكتابة اليومية، من الصباح وحتى بداية الظهيرة. من حسن حظه أيضاً كانت تلك الساعات أكثر ساعات يومه نشاطاً وانتباهاً.