الحلقة 22: جاكسون بولوك

pollock_5

في نوفمبر 1945م انتقل بولوك وزوجته –الرسامة كذلك- لي كراسنر من مدينة نيويورك إلى قرية صيادين صغيرة شرق لونغ آيلند اسمها “سبرينغز”. كراسنر تمنّت أن يكون هذا الانتقال خارج المدينة معيناً لزوجها على ترك إدمانه على الكحول. تحققت أمنيتها. بولوك شرب بلا أصدقاء الحانة واحتفالاتهم الصاخبة لذلك كان معدّل الشرب أقل بشكل ملحوظ. عاد جاكسون للرسم من جديد وكانت تلك السنوات القليلة في سبرينغز أكثر سنوات حياته سعادة وإنتاجاً. خلال تلك الفترة طوّر تقنيته الشهيرة في الرّسم بالتنقيط. في كثير من الأيام ينام بولوك حتى الظهيرة. “لديّ عادة الشارع الثامن القديمة في النوم طوال النهار والعمل طوال الليل.” يقول لأحد المراسلين في 1950م. كانت لي تستيقظ قبله بساعات، تنظف البيت، تعمل في الحديقة وقد تعمل قليلاً على رسوماتها الخاصة. تنزع “لي” كبل الهاتف من مدخله بالجدار كي لا يزعج جاكسون ويستيقظ قبل موعده.

حوالي الواحدة ظهراً، ينزل بولوك للطابق السفلي ويتناول فطوره اليوميّ المكون من القهوة والسجائر ثم يخرج للحظيرة التي حوّلها إلى استديو خاصّ. يبقى هناك حتى الخامسة أو السادسة مساءا ثمّ يخرج لشرب البيرة أو المشي مع زوجته على الشاطئ.

في الليل يتناولان العشاء، أو يجتمعان بالأصدقاء وزوجاتهم. تصفهم كراسنر بالرفقة الآمنة وذلك بسبب تأثيرهم الطيب على زوجها. بولوك يحبّ البقاء مستيقظاً حتى وقت متأخر ليلاً. ولكن في قرية صغيرة مثل سبرينغز بلا فعاليات ولا رفقة صاخبة، كان يشرب أقلّ وينام أكثر، 12 ساعة يومياً.

الحلقة 21: مارلين روبنسون

marilynne-robinson

“لستُ قادرة على الانضباط” تقول روبنسون. وتكمل “اكتب عندما تسيطر علي الرغبة في الكتابة بقوّة. عندما لا أشعر بذلك لا أكتب، لا أكتب مهما حاولت. حتى وإن أردت العمل على كتابة شيء من أجل الاستمرار فإنني انتهي إلى كره ما كتبته، وهذا يصيبني بالكآبة. لا أريد الانتظار حتى يحترق الورق ويصعد للخارج عبر المدخنة.”

روبنسون لا تستطيع المحافظة على روتين كتابيّ ثابت لكنها تستفيد من فترات الأرق وتسخّرها لصالحها. “استيقظ وذهني صافٍ تماماً، العالم صامت، استطيع القراءة والكتابة. يبدو ذلك كوقتٍ مسروق، كأنني حظيت بـــ28 ساعة في اليوم.”

الحلقة 20: أوليفر ساكس

OliverSacks_PhotobyAdamScourfield

أوليفر ساكس ولد في لندن ويستقر حالياً في نيويورك. أوليفر طبيب وأستاذ في علم الأعصاب وعلم النفس. وكاتب حققت كتبه شهرة ومبيعات ضخمة من بينها “الرجل الذي حسب زوجته قبّعة”. يصف ساكس روتينه اليومي هنا:

“استيقظ في الخامسة صباحاً لأنّ دورة نومي تتطلب ذلك. مرّتين أسبوعياً أزور المختص لإجراء التحاليل في السادسة صباحاً. أفعل ذلك منذ أربعين عاماً. ثمّ أخرج للسباحة لأبدأ يومي بنشاط ثمّ أتناول طبقاً من الشوفان وأول فنجان شاي لليوم ويتبعه الكثير من الفناجين من شاي وقهوة وشوكولاتة ساخنة. استخدم غلاية كهربائية، استخدمها لأنني انشغل بالكتابة عن الماء وانسى إطفاء الفرن.

احتاج إلى دقيقتين للوصول إلى مكتبي في بناية قريبة، وأردّ على رسائلي كتابياً. لا استخدم جهاز الحاسب أو البريد الإلكتروني، واكتب بقلم الحبر من ماركة “ووترمان” واستخدم الورق الأصفر المسطر الطويل. اكتب عادة وقوفاً أو استند قليلاً على كرسي لتجنب آلام الظهر.

آخذ فاصل قصير لتناول الغداء، امشي حول الحيّ، وأعزف على البيانو لدقائق ثم أتناول وجبتي الخفيفة المفضلة من السمك المالح والخبز الأسود. أقضي ما بعد الظهيرة في الكتابة وأحيانا أغفو على أريكتي وأدخل في حالة من الراحة وإذا كنت محظوظاً ستُشحن طاقتي للعمل من جديد.

أتناول عشاء خفيف مبكراً، تبولة عادة وسردين أو سوشي. استمع إلى الموسيقى –غالباً باخ- ثم اجلس لقراءاتي المفضلة: سير ذاتية، كتب تاريخ، مراسلات، وأحيانا روايات.

أكره التلفزيون ونادراً ما أشاهده. أذهب إلى سريري باكراً واترك بجانب رأسي دفتر لتسجيل أفكاري الطارئة وأحلامي التي احتاج إلى تحليلها وتفكيكها. هذا الروتين قابل للتغيير دائماً، خصوصاً عندما ادخل في حالة إبداعية. اكتب أحيانا لــ36 ساعة متواصلة.”

الحلقة 19: ألبرت آينشتاين

Einstein-1905

هاجر آينشتاين إلى أمريكا في 1933م وعمل بروفيسوراً في جامعة برينستون حتى تقاعده في 1945م. كان روتينه بسيطاً. يصحو ويتناول فطوره بين التاسعة والعاشرة صباحاً ويقرأ الصحف اليومية. في العاشرة والنصف تقريباً يذهب لمكتبه في الجامعة مشياً كلّ يوم ولكن عندما يكون الجو سيئاً يذهب بالسيارة ويعود في الواحدة بعد الظهر. وجبة غداء آينشتاين في الواحدة والنصف، ثم قيلولة، ثم كوب شاي. يقضي آينشتاين بقية يومه في المنزل لينهي أعماله، يقابل الضيوف، ويردّ على رسائله التي رتّبت له من قِبل السكرتارية في بداية اليوم. ثمّ يتناول العشا في السادسة والنصف ويتبعه المزيد من العمل والرسائل.

على الرغم من حياته المتواضعة كان آينشتاين مشهوراً ما إن يخرج حتى يجتمع حوله الناس ويرحبوا به ويتسابقون إلى الحديث معه. ليس لنجاحاته وأبحاثه العلمية فقط، بل أيضاً لشهرة مظهره الغريب. كان يترك شعره طويلاً وفوضوياً كي لا يضطر للذهاب للحلاق لقصّه ولم يلبس الجوارب وحمالات السراويل لأنها لم تكن ضرورية.

الحلقة 18: فلاديمير نابوكوف

carl-mydans-author-vladimir-nabokov-writing-in-a-notebook-on-the-bed

الروائي الروسي المولد لديه طقوس شهيرة. في العام 1951م بدأ كتابة روايته “لوليتا” بالقلم الرصاص على بطاقات فهرسة مسطّرة وحفظها في صندوق للبطاقات. يقول أن سبب اختياره لهذه الطريقة هو إمكانية إعادة ترتيب وفرز المقاطع في الفصل الواحد كما يحبّ. صندوق البطاقات مكتبه المتنقل أيضاً. كتب نابوكوف هذه البطاقات خلال رحلة بالسيارة عبر أمريكا، كان يكتب ليلاً في المرتبة الخلفية من سيارته المركونة ويصفها بالمكان الأهدأ في البلاد. بعد شهور من العمل الشاقّ سلّم البطاقات لزوجته لتطبعها على الآلة الكاتبة ثم يعود لمراجعتها مرات ومرات. في شبابه كان يكتب في السرير مع سلسلة من السجائر لكنه عندما توقف عن التدخين وكبُر تغيرت عاداته. يصف روتينه اليومي في لقاء أجري معه في العام 1964م:

“أبدأ يومي بالعمل وقوفاً في غرفة المكتب، وعندما تترك الجاذبية الأرضية أثرها على مؤخرتي أجلس على كرسيي المريح ذو الذراعين أمام طاولة الكتابة. أكتب حتى تترك الجاذبية الأرضية أثرها على عمودي الفقري وأتمدد على أريكة في زاوية المكتب”

في هذا الوقت من حياته كان نابوكوف مستقراً مع زوجته فيرا في شقة من ستة غرف في الدور العلوي من فندق القصر بمونترو السويسرية. في نفس اللقاء أعطى نابوكوف مزيداً من التفاصيل حول روتينه اليومي:

“استيقظ حول السابعة صباحاً في الشتاء. ابقى مستلقياً في سريري أراجع وأخطط للأشياء. حول الثامنة أحلق ذقني، أتناول فطوري، أتأمل، ثم استحم وكلّ هذا بنفس الترتيب. ثم أبدأ العمل حتى موعد الغداء. وقبل ذلك أخرج للمشي مع زوجتي بجانب البحيرة. نتناول الغداء في الواحدة ظهراً ثم أعود للعمل في الواحدة والنصف لمكتبي للكتابة حتى السادسة والنصف. بعد ذلك أخرج من جديد للمشي والمرور على بائع الصحف لشراء الصحف الإنجليزية ثم أتناول العشاء في السابعة. لا عمل بعد العشاء. الذهاب للسرير عند التاسعة ليلاً، اقرأ حتى الحادية عشرة والنصف وأصارع الأرق حتى الواحدة صباحاً.”

يحبّ نابوكوف مشاهدة مباريات كرة القدم على التلفزيون وكتابة مسائل الشطرنج وبالطبع تتبع الفراشات التي يحبها ويدرسها في صيف جبال الألب.