6 رمضان: كبسولات فنيّة

(أ)

شاهدت مؤخرا عدة حلقات من سلسلة وثائقي فنية مميزة. تقع السلسلة في 26 حلقة مدة كل منها لا تزيد عن 30 دقيقة وتختصر حياة رسام عظيم. هذه السلسلة مناسبة جداً للذين يبحثون عن معلومات مكثفة ومتعة بصرية ولا يملكون وقت طويل لمشاهدة الوثائقيات التي تتجاوز الساعة والساعتين. جمعت روابط لتحميل بواسطة التورنت هنا.

للأسف لم أجد لها أثر على يوتوب للمشاهدة المباشرة ولكن إذا حصل ووجدتموه أتمنى أن تتركوا إشارة له في التعليقات مع الشكر.

(ب)

قرأت قبل عدة أيام عن دراسة تربط بين الضغوط وضعف الخصوبة لدى المرأة. الدراسة بيّنت أنّ ارتفاع هرمون alpha-amylase –وهو هرمون مرتبط بالجهاز العصبي- في دم المرأة يخفض من احتمالية الحمل لديها بنسبة 29% . وتأتي الدراسة بتفاصيل أخرى لكنها لا تجد سبب واضح لارتباط هذا الهرمون بضعف الأخصاب. نتائج الدراسة لم تكن حاسمة أو واضحة لكنها درست الموضوع عن قرب مع شريحة بحث واسعة والتفاصيل للدراسة تجدونها هنا.

فكرت بعيداً عن الدراسة والإحصائيات العلمية نظرت للموضوع بشكل آخر. جسم المرأة يتهيأ لاستقبال المولود وهذه الضغوط والتوتر قد تكون إشارة بيولوجية بأنها ليست مستعدة لذلك! موضوع استغرق مني وقت غير بسيط في التأمل.

5 رمضان

IMG_1

أحب الرحلات البرية مع عائلتي، لكنني دائما أشكر الله بأننا لا نسافر سوية كل يوم. لسنا مثاليين طبعاً، نتشاجر، نصمت طويلاً، نعترض، ونمتعض لدقائق ونعود للضحك من جديد. أتذكر أن إحدى صديقاتي عرفتني على مصطلح جديد “تعرض زائد للعائلة” وهذا ما يحدث في الرحلات البرية الطويلة. الحمد لله أن معي قارئي الإلكتروني وكتب كثيرة تنتظر دورها.

انتهيت من قراءة رواية “المنور” لخوسيه ساراماغو، رواية رائعة وممتعة، ولها قصة مدهشة! رواية ساراماغو الضائعة هذه كانت روايته الثانية، كتبها في العقد الثالث من عمره. وضاعت في دهاليز دار النشر لستة وثلاثين عاماً وعندما اكتشفوها اتصلوا به ليرفض أن تنشر بعد كل هذا الوقت. ولكنها نشرت بعد موته. المقدمة التي كتبتها بيلار دل ريو للكتاب ستعرفكم على القصة المدهشة، ولكنني اترك المقدمة للنهاية دائما خوفاً من تدمير أحداث القصة. “المنور” المقصود في العنوان منور البناية التي تسكنها عدة أسر وشخصيات لكل منها قصة. تشتبك الأحداث والصور وتصنع نسيج الحياة اليومية التي التقطها ساراماغو بعينه العجائبية. إذا كانت هذه مصافحتكم الأولى لساراماغو لا تفوتوا “كل الاسماء” روايته الأخرى التي تذكرتها مع هذه القراءة ولا تنسوا “العمى” بالتأكيد.

كانت الرحلة طويلة، بدأت بكتاب آخر سأحدثكم عنه في تدوينة لاحقة بعد أن اقطع شوطاً في قراءته.

الآن في هدوء الغرفة المزدحمة، رأسي مشبع بالكافيين استعدادا لصيام يوم طويل وملتهب في العاصمة. اكتب التدوينة وأفكر، هذه لحظة الهدوء الأولى منذ أيام!

4 رمضان: صباح الثاني من يوليو

Photo by: Jessica Portuondo
Photo by: Jessica Portuondo

إرنست همنغواي يشتاق للبراري، يفتقد غابات متشيغن، والخليج. أصبح حبيس مساحة ضيقة في مدخل بيته. صوب بندقيته فوق حاجبيه ودمّر نفسه. مضى يومان على عودته من مايو كلينك، ركب من أيداهو في سيارة أجرة من هرتز بصحبة زوجته ورفيق قديم. الليلة الفائتة، ماري همنغواي تنام في الغرفة الرئيسية للمنزل في الدور العلوي، وإرنست في غرفة صغيرة في نهاية الممر. من غرفتيهما نسمع صوت غناء، أغنية فولكلور إيطالية قديمة، يغنيان مقاطعها لبعضهما حتى غالبهما النعاس.

الساعة 7:25 ص، ماري تستيقظ على صوت غريب. كأنه صوت درج خشبي ثقيل يسحب ويسقط على الأرض. استيقظت ورفعت جسدها على كوعها ونادت على زوجها. ولكنه لا يرد. القت باللحاف جانباً وركضت لغرفته، لحف السرير الصغير في فوضى لكنّه لم يكن هناك. عادت تركض باتجاه معاكس، لرأس الدرج، وقفزت الدرجات العشرين لتقطع غرفة الجلوس وترى لمحة مما فعله زوجها هناك.

الساعة 7:40 ص، ماري تتصل بطبيب إرنست ليأتي سريعاً. تشير له بأن يدخل من الباب الخلفي للمنزل. تلتقي به عند باب المطبخ. تبقى هناك وتشير له بأن يذهب لغرفة الجلوس. عبر الطبيب الممر، وهناك في مدخل المنزل الرئيسي رأى كلّ شيء. شظايا من عظام، وأسنان وشعر ولحم. الجدران والأرضية ملطخة بالدماء. أحمر مصفر. وجسد ممدد بين ساقيه بندقيته. مكان رأسه قرص، قرص يشبه جمجمة.

لم تستخدم ماري همنغواي مدخل المنزل بعد ذلك اليوم أبداً.

 – مترجم بتصرف من كتاب “Hemingway’s Boat”

3 رمضان: مورفين الرتابة

Beautiful Women at Seville Fair, Spain, 1959
Beautiful Women at Seville Fair, Spain, 1959

“..عامة الناس. يا لها من عبارة غبية. ماذا أعرف أنا عن عامّة الناس؟ أنظر إلى آلاف الأشخاص أثناء النهار، وأرى العشرات منهم بعينين مدركتين. أراهم متجهّمين أو مبتسمينـ متمهلين أو مستعجلين، قبحاء الشكل أو وسيمين، سوقيين، أو جذابين. وهذا ما أسميه عامة الناس. ما هي نظرة كل من هؤلاء الأشخاص إلي؟ أنا أيضاً أسير متمهلا أو مستعجلا، متجهما أو مبتسما، البعض منهم يراني قبيحاً والبعض الآخر وسيماً، أو سوقياً، أو جذاباً. في النهاية، أنا أيضا جزء من عامة الناس. أنا أيضا غافي التفكير بالنسبة إلى بعضهم. كلنا نتناول يومياً جرعة المورفين التي تنوّم تفكيرنا. العادات اليومية، والعادات السيئة، والكلام المتكرر، والحركات المألوفة، والأصدقاء المضجرون، والأعداء الذين لا نحقد عليهم حقدا حقيقيا، كل ذلك ينوّمنا. حياة ممتلئة.. من يقدر على الادّعاء أنه يعيش الحياة بملئها؟ كلّ أعناقنا مغلولة إلى نير الرتابة، كلنا ننتظر شيئاً، ولا أحد يعرف ماذا…نعم، كلنا ننتظر. بعضنا ملتبسة عليه الأمور أكثر من غيره لكنّ الانتظار سمة الكلّ. عامة الناس، هذا الكلام وبهذه الطريقة، بهذه النبرة المتعالية، هو كلام أغبياء. مورفين العادة..مورفين الرتابة.”

– “المنور” خوسيه ساراماغو

2 رمضان: سلة غذاء النجاة

جلست بعد الفطور لأفكر في السؤال التالي:

“إذا تمّ القبض عليك وسُجِنت في جزيرة ليزودك فيها سجانوك بخمسة أنواع من الطعام. على افتراض أنّ القهوة والشاي والماء متوفر لك دائما، ما هي أطعمتك الخمسة؟”

اعترف لكم كان التفكير صعب وطويل، واشكر الله أنني شربت كوب قهوتي قبل البدء بذلك. كل شيء فكرت فيه، كل أصناف الأطعمة التي أحبها. لكنني كل مرة كنت أفكر إلى أي مدى سأتمكن من العيش عليها؟ وما نسبة العناصر الغذائية المتوفرة فيها لسجينة مثلي؟ وكانت هذه قائمتي:

  1. الخبز. الخبز الطازج من فرن تقليدي، الخبز العربي، الخبز الألماني المزين بالشوفان. أي نوع خبز طازج يقدّمه لي السجّان سأقبل به. كنت سأحدد نوع خبز معيّن لكن فكرة الخبز المتغير يومياً وبحسب مزاجهم تناسبني.
  2. الزيتون. زيتون كالاماتا فاخر من اليونان، أي زيتون مالح بدرجة مناسبة سيغنيني عن الملح والتوابل كلها.
  3. التمر. الحلوى والفاكهة والحياة كلها.
  4. الجبن. لن أحدد نوع لأنني أحب كل أنواع الجبن تقريباً، وكل منها يمنحني نكهة مختلفة ويمكن أكله مع أحد أغذيتي الخمسة بالتأكيد.
  5. الجرجير. أحبه أكثر من الخس، والبقدونس وأي خضار ورقية أخرى، يمكن أكله مع الخبز والزيتون والجبن، يمكن أكله مطبوخ، مشوي، وطازج.

قبل أنواع الأطعمة أخذني التفكير لمقادير الطهي، الطحين مثلاً ولكن الطحين سيحتاج لعمل وعجن لصنع الخبز والكعك ويحتاج نكهات ومحسنات. فكرت في الحليب، ولكنني أحبّه بنسبة قليلة ويمكنني العيش بدونه إذا حصلت على الكالسيوم من مصادر أخرى. المجموعة السابقة هي مجموعتي الأهمّ وهي -بشكل مفاجئ- نفس عناصر الغذاء التي إذا فقدتها في الثلاجة أو المنزل تنتابني نوبة هلع وفقدان شهية! لكم حرية تخمين شهيتي وشخصيتي من اختياراتي، ولكم حرية المشاركة في الإجابة بالتأكيد.