تذكر أول مرة رسمت نجمة؟

خلال مكالمة تليفونية طويلة، بدأت برسم نجمات متجاورة. نجمات كبيرة وصغيرة حول هوامش الصفحة. انتبهت لهذا التفصيل لأنّه يحدث للمرة الأولى. دائمًا أرسم مربعات، مكعبات، خطوط متداخلة أو اكتب كلمات وأكررها وغالبا تلك التي ترد في حديثي مع المتصل.

بدأ هوسي بالمكعبات في وقتٍ ما خلال الدراسة الابتدائية، بعد درس المكعب تحديدًا. صنعنا مع المعلمة مكعبات بالورق بمقاسات متعددة. مكعبات صغيرة ومتوسطة، وفي نهاية الوحدة الدراسية قدمت لنا التحدي الأهم: مكعب طول ضلعه ١م! عملت بحماس لهذه المهمة وبقيت مع بعض المهام الدراسية الأخرى في مفضلتي للأبد.

أصبح المكعب الشكل الذي أرسمه وأنا أذاكر دروسي، وأنا على الهاتف، وأنا مرتبكة، وخلال اجتماعات العمل الطويلة المملة. لكنني أذكر بذات الوضوح اللحظة التي تعلمت فيها رسم النجمة، كيف بدأت برسمها مائلة، ثم جربت رسمها بمثلثين متقاطعين في محاولة للاختصار ولكن الناتج كان نجمة داوود التي أفزعت صديقتي في الفصل، لا ترسميها هذه شعار اليهود.

شعرت بالإحباط لأنني ظننت أنني اتقنت الرسم أخيرا. ثم شرحت والدتي الطريقة بكل هدوء: يبدأ الرسم برقم ثمانية ثمّ تنطلقي من الأركان وترسمين ثمانيات أخرى، هكذا، واحد، اثنان.

كانت لحظة ذهبية عظيمة!

لماذا هذا التغيير الآن؟ لماذا توقفت عن رسم المكعبات وانتقلت للنجمات؟

لم أبحث من قبل عن سرّ رسم المكعبات، لكن مع التحول الأخير، أردت معرفة القصة وفورًا توجهت لمحرك البحث وكتبت ماذا تقوله الرسومات التي ارسمها؟ What my doodles say about me؟

وجدت تحليلات متعددة: هنا، وهنا، وهنا.

النجمات تقول بأنني طموحة ومتفاءلة وعقلي لا يهدأ. جيد جدًا.

تغييرات وتحوّلات

مع انتقالنا للرياض، عدنا للسكن في منازل مستأجرة. شيء بعيد جدًا نسيناه مع مسكننا الأخير في الجبيل. الآن نحنُ نحارب كل سنة للبقاء في مكان واحد، ونجرّب التعايش مع جيران مزعجين، مع حفلات الأطفال والبالغين التي تمتد لساعات الفجر الأولى. للجدران الخفيفة مثل قطعة كرتون. وللمساحة المحدودة التي تدفعنا للتخفف كل عدة أشهر.

كنت قد تحولت للنوم على الأرض قبل سنة تحديدًا، لتوفير مساحة في غرفتي صالحة للعمل والتمرين. أحببت الفكرة واستمتعت بها طويلًا. لكنني لاحظت أنها غير مناسبة على الأقل في مدينة مثل الرياضتغرق بالغبار كل ٤٨ ساعة. واضطر لكنس المكان بشكل متكرر أسبوعيًا حتى لا يتأثر تنفسي ونومي بالمنغصات.

نهاية الأسبوع الماضي تراجعت عن الفكرة واقتنيت سرير منخفض نسبيًا ليحقق لي شعور الاقتراب من الأرض، ومرتفع عنها لأبتعد عن الغبار.

تخلصت من قطعتي سجاد كثيفة كانت تجمع الغبار والشعر المتطاير من جسد قطتي، التي وعلى الرغم من أنها لم تصبني بتحسس من قبل إلا أنّ شعرها يفعل ذلك الآن.

كانت لدينا سجادة قديمة ومطوية، اقتنتها والدتي لمجلس بيتنا في الجبيل وبسبب ارتفاع سعرها آثرنا الاحتفاظ بها ونقلها من مسكن لآخر في الرياض، حتى نجد المساحة المناسبة لها. أخذتها وفردتها وكانت مفصلة تماما على مساحة نومي وتمريني.

تخلصت أيضا من علب البلاستيك وطاولة التزيّن الارتجالية التي قاومت معها شراء رفوف حقيقية، اقتنيت هذه الـ Console من الخشب وبها مساحة لأدراج أو سلال من الخوص-.

هذا الصباح أنظر للجزء المتبقي من الغرفة وهو ينتظر الترتيب، تبقى جردة المكتبة، والمكتب، والقرطاسية، ورفوف القهوة والشاي.

أدركت خلال يومين من التنظيف والترتيب بأنني عشت الجزء الأكبر ٢٠١٨ خارج نفسي، خارج غرفتي، خارج بيتي. حتى تكدس كل شيء معنويا وفيزيائياوأوشك على الانهيار.

كانت غرف الفنادق وبيوت الأصدقاء متعة بصرية وهروب من الفوضى التي أدفع بها خلف بابي، كانت المساحة الأهم والأنظف موقع فراشي الأرضي، وما حول مكتبي. ارتمي في الظلام على الوسادة وأصرف نظري عن بقية الغرفة.

لا أعلم كم سيطول بقائي في هذه المساحة، هل سننتقل قريبًا أو لاحقًا؟ ما أعرفه على وجه التحديد: صناعة مساحة جيدة للحياة وإن صغُرت، ضروري للاحتفاظ بمزاج وذهنٍ صاف.

بداية الشهر أهدتني موضي سدادات للأذن، وغطاء للعينين واستطيع القول بأن الجيران ولو أرادوا إقامة استعراض عسكري في حديقتهم لا يمكنهم النفاذ لأحلامي بعد الآن. (يمكنكم القراءة عن حياة غرفتي بلا ستارة في هذه التدوينة)

كلا المنتجين من أمازون وميزة غطاء العينين بأنه مرتفع قليلًا عن الجفن والرموش فلن يتسبب بضغطها أو انتفاخها في الصباح.

هنا تدوينة قرأتها بعد تجربتي، ووجدت أن المدونة ترتدي غطاء العينين من الليل ولا تنتظر ظهور الشمس، فالضوء مهما كان خفيفًا يؤثر سلبًا على مجرى النوم.

العودة إلى العمل

أعود خلال الأيام الأخيرة من الشهر للعمل بدوام كامل بعد أن ظننت بأنني ودّعت هذه الفكرة للأبد.

خلال العام الماضي بدأت العمل في شركتي الخاصة، ومع أنّ أداءها كان متميزًا مقارنة بالشركات الصغيرة ذات العدد المحدود من الموظفين، إلا أنّ فرصة العمل التي طرقت بابي تعني لي الكثير.

العمل بوظيفة ودخل ثابت سيمنحني قوة أكبر في دعم الشركة، في استقطاب من يساهم في بنائها، وسيخلصني من كوابيس الأيام التي تمرّ بلا مشاريع أو عملاء.

الفكرة المخيفة هي الرجوع للروتين والارتباط بساعات العمل اليومية والجلوس في مكان واحد، وقد مرنت نفسي على ذلك خلال الشهور الماضية.

مكتب شركتي خارج المنزل، وكنت أخرج كل يوم صباحًا مع أختي لعملها ونعود في الخامسة سوية، هذا الانضباط النسبي لم يبعدني كثيرا عن جو الشركات والساعات فيها. هذه الأيام أعيد ترتيب نفسي وحياتي، بحذر واهتمام أكبر.

أشياء لبداية الأسبوع

شاي لذيذ جرّبته من Yogi

وثائقي سبب لي صداع!

أساسيات أدوات مع غوردن رامزي (مناسب لمن يبدأ الطبخ أو يعيش في مساحة صغيرة)

غرانولا الشوفان والعسل

سلطة صيفية في الشتاء

كتاب عن رواية القصص بالبيانات Storytelling with Data

.

.

.

قد يؤلم هذا قليلاً، حسناً؟

قرأت تعليق لإحدى المتابعات في تويتر تقول شيء بمعنى: إنك أول واحدة تمدح سنة ٢٠١٨. فكرت في كلامها قليلًا، وتذكرت لحظة خلال ديسمبر الماضي، كنت أتناول الفطور مع الصديقة مشاعل الدريعان وأحكي لها عن أكثر سنة مجنونة في حياتي، عن أكثر سنة بكيت فيها، وشعرت بالرعب، والخوف والخذلان، والبهجة والسعادة، وشعرت أنني حرفيًا أطير. نعم، كلّ ذلك في سنة واحدة.

خلال السنة بدأت نقلة مهنيّة جديدة، وسافرت لمدن أحبّها، وقابلت العشرات من الأشخاص الذي أعطوا حياتي معنى ولون جديد. فقدت الكثيرين إما بسبب غيابهم وابتعادهم أو بسبب رحيلهم من هذه الدنيا، عمتي الغالية التي ذهبت واقتطعت حصة كبيرة من طفولتي الدافئة، لقد عانت من الزهايمر قبل وفاتها وخلال أيام عزائها أعادت ترتيب ذاكرتنا وقلوبنا.

نجحتُ في إعداد وتقديم ملتقى للمستقلات على مدار السنة بالتعاون مع مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، بحضور مبهج وفائدة عظيمة. كتبت كثيرًا في العمل وخارجه، ودرّبت في مجال كتابة المحتوى، تنظيم الأيام، والبحث عن إلهام.

خلال ديسمبر سافرت في عطلة قصيرة إلى لندن، علاقتي بهذه المدينة غير واضحة حتى اللحظة، أحب واجهتها العمرانية، مبانيها القديمة، وأناقتها، لكنني لا أحبّها في العمق. أقول لكل من يسألني: لا أحب المدن التي أحذر فيها كثيرًا، أو اضطر للركض والاختفاء ما إن تظلم الشوارع. لم أشعر بذلك في نيويورك مثلا، وكانت إحدى المتع التي اكتشفتها هذا العام: المشي في شوارعها مع ساعات الليل الأخيرة.

سنة استثنائية في كلّ شيء، حادة جدًا بين الفرح والحزن، وبفترات رمادية قصيرة.

اختبرت نفسي فيها واختبرت الناس، والأماكن، والقناعات.

ولو سألتوني اليوم (السادس من السنة الجديدة) ما الخطة؟ لا أعرف، وهذا مقبول، لا أحد يمسك العصا فوق رأسي ويطالبني بصياغة أهداف السنة الجديدة، تبدو الفكرة متكلفة جدًا ومرهقة. أقول لنفسي وأقول لكم، لا شيء مستعجل، ويمكنكم دائما البدء متى بدا ذلك مريحًا لكم. حتى لو كان في الشهر الحادي عشر!

حاولت تلخيص سنتي في تدوينة وفشلت، لكنّ فكرة تدوين أهم ما جعلها أجمل وأفضل من سابقتها كان مهمّ لي بشكل شخصي وقد يكون ملهمًا لكم.

لذلك وبلا إطالة هذه الـ ١٨ لـ ٢٠١٨:

١النوم الجيدلقد عاهدت نفسي من بداية السنة ألا أضحي بنومي لأي سببٍ كان، غفوت مثل الأطفال كلّ ليلة في وقت محدد، وتجاهلت مغريات السهر والمبالغة في العمل لوقت متأخر ما استطعت. أقول ما استطعت لأنني فشلت أحيانًا أو أصابني الأرق بسبب فكرة أو شعور مقلق. لكن، كنت دائما أعوض هذا النوم. عدلت أوقات تسليم المهام، والعمل، وأوقات الزيارات ورؤية الأهل والأصدقاء حتى تتواءم مع مشروع النوم الأفضل.

٢أقل جرعة ممكنةهذه حلقة پودكاست تشرح توجهي الجديد.

٣الإبداع التعاونيتخلصت من تفضيلاتي الشخصية بالعمل وحيدة على المشاريع، وقدمت لنفسي أعظم هدية باعتماد الإبداع التعاوني كتوجّه جديد. يمكنكم القراءة عنه أكثر في هذه التدوينة.

٤قول لاأكثراعتذرت عن مشاريع لا تشبهني ولا تشبه شركتي، اعتذرت عن مشاريع عائلية واجتماعية لأنها كانت ستمتص طاقتي وتثير الفوضى في أيامي. قلت لالتفضيلات الآخرين التي لا تناسبني، ولالنفسي أيضًا.

٥التركيز في اللحظةأكثر ما كان يشغلني عن التركيز في اللحظة هو التخطيط لما بعدها، أو تفسير ما لا يحتمل التفسير، أو للأسف النظر في هاتفي. خرجت أكثر وتركته ورائي، امتنعت عن التصوير بكثافة، واستمعت للآخرين واستمتعت معهم بكامل حواسي.

٦الاستمتاع بالتفاهةفي أذني ترنّ نصيحة إحدى الصديقات للاستمتاع بتفاهتي الخاصة، وكانت بالنسبة لي مشاهدة برامج الواقع الفارغة، قراءة مجلات أخبار المشاهير والضحك من النكت السمجة.

٧نقل المعرفةأحببت خلال السنة تدريب العديد من الشابات لبدء العمل في صناعة المحتوى، أو العمل بشكل عام. واستضفت في مكتبي خلال أشهر الصيف أختي الصغرى وصديقتها وكنّ خير العون وأضفن البهجة والمتعة في أيامنا جميعًا. أجبت أيضًا على عدد من الرسائل التي تصلني حول التدوين، العمل المستقل، والانتقال لمدينة جديدة، والبدء دائما.

٨التعبير عن المشاعر بوضوحلم أجد أجمل من وصف شعوري بدقة، والبكاء في العلن، والتصريح عن الألم والضجر والخوف دون استعارات أو كلمات بديلة.

٩المبادرة وإن أرعبتني:لا أقول أن النتائج كانت دائما كما أهوى، لكن المبادرة غيرت حياتي للأفضل.

١٠الاستسلام لحقيقة أن بعض العلاقات لها خاصية التطاير.

١١السماح للآخرين بمساعدتي والاتكاء عليهم.

١٢أعدت تصميم أيامي. (هنا تدوينة من ٢٠١٧ يمكن أن تفيدكم)

١٣أهديت نفسي رحلتين وحضرت مؤتمر إبداعي ومهرجان أدبي وثقبت ميزانيتي وبقيت بلا دخل لشهور متتالية لكنني أحببت أثر الرحلات علي.

١٤لم أبدّد جهودي ووقتي على مشاريع وعلاقات ضبابية بلا فائدة حقيقية. أو كما يقول الوصف بالإنجليزية: Not spreading myself thin.

١٥القراءات القصيرةلم اقرأ الكثير من الكتب هذه السنة، لكنني أحببت القراءات القصيرة سواء المقالات أو القصص والنصوص التي انتهي منها بسرعة. لقد ناسبت هذه القراءات نمط حياتي الحالي، وخلصتني من الشعور بالذنب تجاه مكتبتي المكتنزة.

١٦الصيام العكسيانهيت السنة بلا نقصان واضح في الوزن، لكنني لم أزد كيلو واحد عن وزن يناير الماضي. وأشعر بالامتنان لاعتماد نظام الصيام العكسي. مع قلة نشاطي الرياضي خلال عدة أشهر، وعدم حرمان شهيتي من أي نوع طعام. كان خيار الصيام العكسي خير الرفيق لضبط الأكل بشراهة ولتقليل آثار ليالي الولائم وأسابيع السفر واكتشاف موائد الأرض.

١٧الصمت المحببتخليت عن المشاركة في الأحاديث لمجرد المشاركة. واحتفظت برأيي عندما شعرت بأنّ التصريح به لن يغير شيء. خصوصًا في نطاق علاقاتي العائلية ومع الأصدقاء.

١٨الشراء بوعيفي نهاية العام أجريت جردة لاستهلاكي وما هي المنتجات أو السلع التي اشتريتها. سعدت بالنتيجة لأنها كانت محددة وجاءت بعد تفكير طويل. لم اقتنِ شيء وندمت عليه. هذا يحصل بالتهذيب وتغيير عادات الشراء والتسوق ولم يكن سهلًا أبدًا.

.

.

.

في أيام كثيرة أنسى أمرًا صعبًا شُغِلت عنه، ويباغتي في لحظة هدوء، مثل ضمادة جروح التصقت بجلدي ونسيتها طويلًا، ثم تُسحب فجأة،يقول لي صوت: قد يؤلم هذا قليلًا، حسنًا؟ ولا أملك إلا أن أوافق، اتخفف، واتخلص من العبء دفعة واحدة وإن آلمني ذلك. وهكذا كان عبور سنة أخرى من الحياة، أتمنى أن تحمل لي السنة الجديدة بشائر وقصص أجمل.

وأتمنى لكم المثل.

.

.

.

موراكامي وإصابات أقدامي

يمكنني عدّ الأشياء التي كانت تخيفني في طفولتي، ليست بالكثيرة لكن آثارها واضحة معنويا وجسديًا.

إحدى تلك المخاوف: التأخر عن المدرسة.

نعم، فكرة الوصول إلى الصف بعد انتهاء الطابور كابوسية. فكرة الوصول للطابور بعد الإذاعة أكثر رعبًا. ولم يحدث ذلك إلا في مرات قليلة تحت تأثير المرض الشديد، أو بسبب حالة وفاة في العائلة.

كانت هناك مؤشرات للتأخر عن المدرسة، منها الفطور السريع، مكعبات الثلج التي تتركها والدتي في كوب الحليب حتى ننتهي منه سريعًا، أو فوات الباص والذهاب مع والدي. وفي مراحل متفرقة من أيام الدراسة كان الراديو مؤشر التأخر الأهمّ، نركب في أماكننا ويدير والدي المؤشر لإذاعة الكويت.

إذا كانت برامج الأطفال وأغانيهم السعيدة خلفية المشوار فنحنُ بخير. وإذا كانت الموسيقى الحماسية التي تسبق نشرة السابعة هي أول ما نستمع إليه، تبدأ فراشات بطني بالشجار والطيران العشوائي. لقد تأخرنا!

هذه الأيام وفي الطريق للمكتب انتبهت أنا وموضي لموظف مغسلة الملابس الذي يمشي إلى عمله كل يوم، يرتدي زي العمل الذي يشبه زي ممرض، ويتريض. ننظر لساعاتنا ونجدها تشير للتاسعة، وإذا كنا حينها عند الإشارة التي يقطعها للمغسلة نعلم بأننا تأخرنا كثيرًا عن موعدنا اليومي.

* * *

ما زالت أقدامي مصابة تحت السطح.

خلال شهر اكتوبر الماضي ذهبت لحضور لقاء مع موراكامي على هامش مهرجان النيويوركر، كنت مستعجلة حتى لا يفوتني الجلوس في مكان جيد. ومتأنقة لأن الموضوع نفسي أكثر من أي شيء آخر وكأن موراكامي سيستضيفني في بيته. ارتديت حذاء جلدي وجوارب ناعمة، تركيبة سحرية للكوارث.

واخترت قطار المحطة الأقرب على الرغم من أنه سيقف على بعد عشرة شوارع! وخرجت وركضت. كانت أقدامي كائن منفصل عني، وستكون كذلك لعدة أيام أخرى. وصلت لمكان اللقاء وعرفت بعد الوقوف قليلا بأن الفقاقيع بدأت بالتكون، تجاهلت الألم لأنه كان تفصيل ثانوي في تلك الساعات – ليس ثانويا أبدا بما أني ما زلت أعاني حتى اليوم وأنا على مشارف رحلة جديدة.

لماذا تذكرت هذه القصة؟

هناك نقطة مهمة لم أذكرها، هذه الصفة الغريبة التي أحاول جاهدة التخلص منها ولا أنجح.

قبل خروجي ذلك اليوم فكرت بارتداء حذاء رياضي، لكنّ منى أختي اقترحت أن ارتدي حذاء جلدي مناسب للفستان الذي ارتديته. لم تكن تعلم بخطتي للركض والقفز بين المحطات. لكنها اقترحت شيء وفورًا شعرت بأنّ اقتراحها أنسب من فكرتي. ليست هذه المرة الأولى التي اتراجع فيها عن قرار بسيط (أو كبير) بسبب رأي شخص أثق به وأحبه، وليست المرة الأولى التي أغير فيها رأيي، وأندم!

لقد حاولت تدريب نفسي على اتخاذ القرارت والحسم فيها بلا تأثر أو تردد، فعلتها أكثر من مرة، ونسبة النجاح والفشل متساوية ٥٠٪. لكن ذلك لم يكن كافيًا.

إنني في الحقيقة استسلم لرأي خارجي حتى لو كان معاكس لما فكرت فيه، حتى اتحرر من مسؤولية الاخفاق. سأقول لنفسي هذا القرار لم يكن قراري، لكن فكّر فيه شخص آخر غيري.

الخلاصة من هذه القصة الغرائبية، أنني تعلمت الدرس وإصابة قدمي التي دامت آثارها مع العناية المستمرة كانت رسالة اليقظة.

* * *

خلال السنوات الماضية وجدت نفسي في أكثر من موقف مع أقارب وصديقات وخلال مقابلات شخصيةأدافع عن مسيرتي العملية وتنقلي، وتجربة مختلف مجالات العمل.

التعليق الذي سمعته: لماذا لم يدم عملك في جهة ما أكثر من سنة؟ أو لماذا تنقلتي من العمل الأكاديمي للدراسة للكتابة للترجمة؟ ما السبب في كل هذا التشتت والفوضى. وفي نفس الوقت لم يفكر أحد بالإشادة برغبتي الشديدة في إيجاد وظيفة ومصدر رزق بكل السبل الممكنة.

كنت أتجاوز هذا السؤال بابتسامة أو تعليق ساخر. وأحيانا أسرد مبررات متنوعة. حتى تنبهت أنّ هناك ضرورة للتعبير عن موقفي من مسيرة عمل تشبه شبكة العنكبوت.

فتاة في مثل عمري، ومهما وصل دلال والديها ودعمهم لها، سيكون الدعم المالي محصورًا برقم، وموقف، وأسباب.

لقد علمت في عمر مبكر جدًا أن الاستقلال المادي سيكون طوق النجاة، مهما كان العائد الذي سأجده من عملي، سيكون مفيدًا. سيكون مهم لبهجة روحي ونموي الشخصي. لذلك كنت ابتكر طرق للعمل.

لأنني لم أحبّ اللحظات التي احتجت فيها لطلب المزيد، لطلب ما هو فوق طاقة والديّ الذين يجتهدون دائما بتوفير كل شيء لكن السقف لم يكن مرتفع كفاية.

في كلّ مرة كان أحد الأشخاص يعلق على تنقلي بين الوظائف لم يسأل نفسه: هل كانت هذه الوظيفة متاحة لأكثر من الوقت الذي قضيته فيها؟ لماذا الفكرة الأولى هي أنني مدللة ولم احتمل الضغط والمهام؟ لماذا لا تكون هذه الجهات فعلا سيئة وليس لديّ الوقت لأضيعه في محاولة إصلاحها.

لقد عملت لأكثر من ١٥ سنة بشكل مستقل تخللها وظائف لا تدوم طويلًا، جربت حتى الدروس الخصوصية وترجمة قوائم المطاعم الجديدة ووصف أطباقها، كتبت الأبحاث والأوراق العلمية للطلبة المبتعثين، ودرست العربية لمن لا يتحدث بها.

استعيد هذه الأيام بالكثير من الفخر فقد وصلت للمرحلة التي انتظرتها، ألا أشعر بالخوف أو الخجل من شبكة العنكبوت التي صنعتها خطواتي. وأصبحت شجاعة بالردّ على مثل هذه الاسئلة التي تحاول التقليل من جهودي أو هز ثقتي بنفسي.

نعم لم اتمسك بوظيفة محبطة وروتينية لأكثر من عشر سنوات، ربما لأن لدي الكثير لفعله، ربما لأن قدري أن أعبر سريعًا، أغيّر وأحاول تحريك الحواجز الجامدة وإن لم انتصر، انتقل لمعركة أخرى. وإذا لم تمتلك شجاعتي، لا تسخر مني.

* * *

أعود هذه الأيام لقراءة يوميات وملاحظات دونتها خلال السنوات الماضية. هذا النشاط يساعدني في ترتيب حياتي، كيف استعيد الهدوء الذي نعمت به قبل عاصفة الانتقال إلى مدينة صاخبة. قبل أن يصبح كل وقتي وجهدي للعمل، والكسب، والانتقال بين الأيام على وضعية الطيران.

كيف كنت أقضي وقتي قبل خمس سنوات مثلا؟ هل كنت سعيدة؟ هل كنت خائفة؟ كيف كنت مكتفية على راتب قليل أجمعه من العمل المستقل؟ اسئلة كثير إجاباتها متفرقة بين الأيام.

بوصلتي مصابة بالدوار، منذ مايو الماضي تقريبًا. وتساءلت في جدوى كلّ شيء أقوم به.

لديّ حماس مؤقت، والكثير من الاحباط والحيرة.

أعمل بجدّ وانتهي من المشاريع وبين عينيّ إجازتي التالية، استمتع حقًا لكني أعرف أن كل هذا تخدير مؤقت لمشكلة حقيقية لم أضع يدي عليها.

اللطيف في الموضوع أنني لا اقرأ يومياتي فقط، بل أعود للحديث مع أشخاص عاصروا تلك الأيام، واستمع لحلقات البودكاست التي سجلتها حينها لمساعدة الآخرين في تنظيم حياتهم، وإيجاد شغفهم، والقيام بالأمور بأقل جرعة ممكنة.

ما أحبّه في الانهيارات الصغيرة التي أمرّ بها من وقت لآخر، أنها تسبق تغيير عظيم في حياتي، أو تحفزني لإيجاد مخرج.

ما لا أحبّه في الانهيارات الصغيرة هذه، أنها تأتي في وقت غير مناسب أبدًا. وأنا على وشك تسليم مشروع، أو خلال أيام ضغط عالي، أو قبل إجازة يفترض أن أجد فيها الراحة والاستجمام، فتصبح مهرب ولا أذكر منها إلا مشاهد سريعة مثل حلم.

* * *

كتبت في ديسمبر قبل ثمان سنوات:

في محاولة للاختصار

قبل ست سنوات:

بيت الدرج

قبل ثلاث سنوات:

بيت صغير بمنهاتن

* * *

أشياء أحببتها بين أكتوبر وديسمبر:

نظم حياتك بنظام القطاعات أو الـ Blocks.

ماذا لو أعدت تصميم حياتي؟ هذا الفيديو تعريف الفكرة، وهنا محاضرة إلكترونية، وهذا كتاب سأعمل به خلال الربع الأول من العام.

اكتب كتابك المنتظر.

مقشر للوجه، رائع ولطيف ومكوناته مميزة وسعره مذهل.

أنهيت ثلاثة مواسم من Vikings وأنا أعمل خلال الأيام الماضية، الكثير من الدماء والغضب وضرب السيوف.

الموسم الثاني من Marvelous Mrs. Maisel

قائمة موسيقى محببة Time in a Bottle

نقطة ضعفي الوحيدة في ممر الحلويات والبسكويت.

موقع ترجمة مفردات جميل تعرفت عليه.

اعتقد بأنني وجدت أجندة ٢٠١٩ المفضلة، وتبقى الآن شراؤها.

.

.

.

البحث عن توم ميلر

في نهاية ٢٠١٣م وبينما كنت أبحث عن فنادق جديدة ومناسبة للسكن في نيويورك، وصلت لفندق الهايلاين The Highline Hotel فندق صغير وهادئ لا تزيد غرفه عن ستين غرفة. لكن ما شدّني بالإضافة لموقعه وجمال تصميمه، الجانب التاريخي وراءه. مبنى الفندق يعود لبداية القرن التاسع عشر، وكان في الأصل سكن طلاب معهد لاهوتي. الغرف واسعة ولها مظهر سكن فعلا. الأقواس والقرميد وتفاصيل البناء القوطية الحديثة واضحة. لستُ متخصصة في المعمار طبعًا، لكنني بحثت لأتعلم أكثر. ووصلت خلال بحثي إلى مدونة توم ميلر – دايتونيّ في منهاتن، ووجدت معلومات مفصّلة عن المكان.

حجزت للسكن في الفندق لكن علاقتي بالمدونة لم تقف هناك. أصبحت اقرأ فيها عن مباني وتماثيل، وحدائق حول نيويورك. بعضها شاهدته فعلًا، والبعض الآخر لشدة حماسي له وضعته في قائمة للزيارة.

لم يكن توم يكتب عن الأماكن بطريقة عادية، كان يصف المبنى، ثم يحكي قصة بناءه، من صممه؟ من موّل البناء؟ ويسرد الأحداث الهامة التي مرّت على المنزل ويختم بحالته اليوم، هل ما زال موجودًا؟ من يسكنه؟ وغيرها من التفاصيل التي تبهج الفضوليين أمثالي.

في ٢٠١٥م زرت نيويورك وخلال تصفح مجموعة كتب عن منهاتن وجدته، كتاب البحث عن نيويوركوتنبهت لاسم المؤلف الذي اكتشفت إنه المدون توم ميلر. الكتاب بمثابة دليل مصور للجيب، مكتوب على نمط التدوينات الممتعة ومقسم على ضواحي منهاتن ليسهل عليكم اكتشافها.رافقني الكتاب في رحلاتي الثلاث التالية وقبل رحلة أكتوبر فكرت: حان الوقت للقاء توم ميلر!

توقعت إنه شخص مشغول، وقد لا يمكنه الجلوس للحديث مع أحد متابعيه.كتبت الرسالة الطويلة، وأخبرته بقصتي مع مدونته وكتابه، وأنني سأكون في المدينة بعد عدة أسابيع. لم يطل الوقت، وصلني الرد اللطيف على رسالتي واتفقنا على اللقاء يوم العاشر من أكتوبر.

كنت أريد أن أتعرف أكثر على هذا الانسان الذي يدون يوميًا بلا توقف، ويشغله موضوع واحد لا يخفت معه حماسه.

جلسنا وبيننا القهوة والفضول وحدثني بشغف عن أيامه، عن المحاضرات التي يعدها حول الوجه المعماري لنيويورك، وتاريخها من خلال الأبنية. ومشاريعه المستقبلية في كتب عن شيكاغو، ومنازل منهاتن المنسية التي هُدمت وضاعت معها قصصها.

لاحقًا أرسلت له مجموعة أسئلة ليجيب عنها أشاركها معكم في هذه التدوينة.

.

.

من هو توم ميلر؟

توم ميلر انتقل من دايتون أوهايو في ١٩٧٩م وحمل معه شغف البحث عن القصص والحيوات الشخصية وراء المباني. عمل كمدير مكتب في حي صناعة الملبوسات Garment District بمنهاتن، نيويورك. ليعمل لاحقًا في سلك الشرطة النيويوركية. وفي العام ٢٠٠٩م بدأ التدوين في مدونته دايتونيّ في منهاتنوالتي روى من خلالها قصة ٢٥٠٠ مبنى، وتمثال، ونقطة هامة في مدينة نيويورك. وفي العام ٢٠١٥م أصدر كتابه البحث عن نيويوركليصبح دليلًا هامًا لمكتشفي عمارة المدينة.

كيف بدأت هذه التجربة؟

كما أخبرتك خلال لقاءنا، عندما كان عمري ١١ سنة تقريبا كنت مع أحد الأصدقاء نستكشف عدة منازل مهجورة تركها أصحابها بسبب إنشاء طريق سريع مكانها. في تلك المنازل تأملت المتعلقات الشخصية والأثاث المنسي، والكتب. واكتشفت أنّ تلك المنازل كانت أكثر من مكان للسكن، كانت قصصًا تروى. لقد أثارت القصص التي قرأتها من تأمل هذه الأماكن فضولي. وأشعلت شرارة اهتمامي الأولى.

ما الذي يبقي اهتمامك بالتدوين مشتعلًا؟

تحفزني معرفة أن الكثير من الأشخاص يقرأون كتاباتي، وتلهمهم وتغير من الطريقة التي ينظرون بها إلى المباني من حولهم. يفكرون بتاريخها، ويرفعون أبصارهم لرؤية ما حولها.

هل تعتبر ما تقوم به مشروعًا إبداعيًا؟

نعم، ويأتي الجانب الإبداعي فيه من إحياء التاريخ؛ وهو أيضًا ما يلهمني.

هل تحصل على دعم من الجهات الثقافية والفنية في ما تبحث وتكتب عنه؟ (ما مدى سهولة البحث في المكتبات والوثائق الرسمية)

على الرغم من امتلاكي لمكتبة شخصية تحوي مجموعة لا بأس بها من الكتب المتخصصة في مواضيع البحث، إلا أنني أبدأ العمل على الانترنت. من خلال مكتبة الكونجرس، الصحف مثل النيويورك تايمز، وغيرها. بالإضافة إلى المراجع التي أصل إليها في المكتبات الرقمية العامة وتسهل علي البحث.

هل تعمل وحدك؟ وكيف كانت التجربة ستتغير لو استعنت على سبيل المثال بمحررين وباحثين متخصصين؟

نعم أعمل وحدي. في الحقيقة أتقن العمل وأنا وحدي. أما بالنسبة للمحرر فيعمل معي ومع الناشرين للتحقق من سلامة النصوص والصياغة ويعطي رأيًا ثانيا لما اكتبه قبل النشر.

هل تصلك رسائل من المتابعين يصححون لك معلومة أو يضيفون للتدوينات؟

طبعا! تصلني رسائل تصحيح أخطاء إملائية أحيانا، وأحيان أخرى تصحيح لمعلومة أو تفصيل غفلت عنه. يسعدني ذلك بالتأكيد لأنني أكتب عن التاريخ، ومن الضروري التحقق دائما من صحة التدوينات التاريخية.

سبق وتواصل معك شخص سكن تلك المباني، أو أحد أحفاد الساكنين القدامى أو ورثتهم؟

نعم، وأحب عندما يتواصل معي أقارب أو معارف من سكنوا في تلك المباني أو المنازل. ويصدف أن تكون هذه معلومة جديدة عليهم فلم يعرفوا من قبل أن قريبهم سكن هنا أو هناك، أو لم يسمعوا بالقصص والأحداث التي أحاطت بهم.

(هنا أتذكر قصة رواها لي توم عن بيت في شمال نيويورك سكن به الكاتب إدغار آلان بو وزوجته في استضافة إحدى الأسر. تواصل معه أحد الأحفاد بالصورة التي توارثتها العائلة وتجمع الكاتب بأجداده)

ما الذي تهدف إليه من التدوين حول هذا الموضوع؟ ما الذي تودّ تحقيقه؟

أهدافي بسيطة جدًا: أريد مساعدة الناس في تقدير المباني، والأماكن من حولهم. أريد أن يستيقظ اهتمامهم بتاريخهم الخاصّ.

لو كانت لديك نصيحة ذهبية تقدمها لمن يفكّر في بدء مشروع توثيق مشابه داخل مدينته، في أي مكان من العالم. ماذا ستكون؟

أقوى نصيحة أقدمها لمن يرغب بتدوين وتوثيق التاريخ. تحقق من المعلومات التي تكتب عنها. ابذل جهدا مضاعفًا في البحث ولا تعتمد على المصادر السريعة وطبعًا ويكيبيديا ليست خيار وحيد.

.

.

.

القدرة على الإدهاش

في الطريق للمكتب كل صباح أمرّ على وكالة سيارات وتطالعني عبارة ضخمة داخل مبناها:

القدرة على الإدهاش

كنت في البداية أفكّر هل العبارة صحيحة حتى؟ ما مدى صحة الصياغة؟ لأنها تبدو ثقيلة على الترديد. أكتبها على ورقة ملاحظات عندما أصل، وأفكر فيها كل يوم كلما مررنا. أصبحت أردد القدرة على الإدهاش وكأنها تأمل سرّي في الصباح. أريد ألا أفقد هذه العضلة بعد أن مرّنتها سنين طويلة. ترعبني فكرة أن يحدث ذلك. أن أكرر نفسي، أو أسوأ: يصيبني الملل.

القدرة على الإدهاش مؤخرا لا تعني بالضرورة قدرتي على إدهاش الآخرين، بقدر ما هي مرتبطة بنفسي. عضلة التجارب الجديدة تضعف إذا لم أمرّنها. وعندما لا أكون في سفر أو وظيفة جديدة، تصبح المهمة أصعب.

لكنّها التفاصيل الصغيرة التي تعيد انعاشي: طريق جديد للعمل، مسلسل، قراءة ثلاثة كتب في نفس الوقت، تقديم ورشة عمل في مجال أحبّه، وصفات الطبخ الموسمية، الاستسلام لثقل مشاعر معينة وأخذ وقت مستقطع من كل شيء.

* * *

بالأمس قضيت ساعة ونصف في السوبرماركت.

هذا رقم قياسي جديد للبقاء هناك، ولم أكن محتجزة وقت الصلاة بل كان المشي بين الممرات تأملي الطويل. الحمد لله أن ذلك لم يؤثر على فاتورتي، ولكنني في كل خطوة وكل مرة أمسك بمنتج اتخيل مكانه في المنزل: في مخزن الأكل، في الثلاجة، أو على الرفّ. هل سنعدّ طبقًا يحتوي على هذه المقادير فورًا؟ أو تؤجل للأسبوع القادم؟

لقد حللنا مشكلة مستعصية وقللنا نفقات تسوق الأغذية عندما وضعنا لأنفسنا وللمساعدة المنزلية خطة أطباق أسبوعية (لم يصيبنا الملل منها حتى الآن). مثلا يوم البيتزا العائلي هو يوم السبت (كان الخميس) تعدّ الفطور لوالديّ ثم تجهز العجينة لتختمر حتى المساء. نتناول غداء خفيف أو نكتفي بالتمر والقهوة، وفي الليل تُجهز كل المكونات في أطباق على محطة العمل التي تتوسط المطبخ ويجهز كل شخص البيتزا الخاصة به أو يطلبها.

  • نعرف يوم السبت أننا بحاجة لجبن الموزاريلا مثلا، والزيتون وصلصة الطماطم.
  • يوم الأحد العشاء دجاجة مشوية ومسقعة باذنجان وسلطة زبادي بالخيار.
  • الاثنين دجاج وخضروات وأرز بالجزر.
  • الثلاثاء ساندويتشات خفيفة.
  • الأربعاء شوربة وسلطة خضراء.

فهمتم الفكرة؟

هذه الطريقة تعني أن لا شيء يذهب دون استخدام، الخضروات المشتراه واللحوم، والمحافظة على نظام المطبخ ونظافته تصبح أسهل.

عادة لا نلتزم بالقائمة عندما نفكر في تجربة شيء جديد، مثلا اليوم سأعدّ السلطة بنفسي، وغدًا أجرب وصفة خضروات مشوية. لكن المكونات التي نشتريها لا تتغير وهذا سرّ التوفير والمحافظة على الخيرات.

* * *

خلال رحلة السوبرماركت تذكرت عادة تلازمني.

بعد الانتهاء من التسوق والوقوف لدى المحاسب أرفض أن يساعدني الموظف في إفراغ السلة. أضع الأغراض بالترتيب: المنتجات الباردة مع بعض، منتجات الحليب، الخضروات الطازجة، المعلبات الزجاجية، أكياس البقول والحبوب والمكسرات، الخبز، ثم انتهي بأدوات التنظيف أو العناية الشخصية.

استغل فرصة إفراغ السلة بتذكّر المشتريات ومراجعة القائمة، والموظف ينزعج ويرجع إلى مكانه. أحاول كل مرة شرح فكرتي بلطف. وأقاوم الاستسلام للمساعدة. قبل أسبوعين تقريبا وافقت أخيرا وسمحت للموظف بإفراغ العربة بدلا مني.

خلال تلك اللحظات شُغلت بهاتفي، ولم ألتفت للأغراض التي حُشرت على عجل وفوضى. وصلت المنزل واكتشفت بأنني نسيت غرضين مهمة. والدرس المهمّ: لا مساعدة من جديد. حتى لو بدا ذلك مريحًا.

أشياء لبداية الأسبوع

.

.

.