رائحة صابون بعيدة

خلال يوم عمل مُنهك نظرت لانعكاسي في المرآة الصغيرة على مكتبي. وانتبهت للقميص الذي ارتديته ذلك اليوم. أحبّ هذا القميص كثيرًا، وانتظر بحماس عودته من الغسيل لارتديه مجددًا. أذكر بوضوح اليوم الذي اشتريته فيه، كنت في سفر وحقيبتي كلها مستعدة للخريف، لكن درجات الحرارة في نيويورك فاجأتني.

خلال أقل من ساعة وجدت نفسي في غرفة القياس لإحدى المحلات وفي يدي قميص مخفض (أذكر إن قيمته لم تتجاوز الخمسين ريال) اشتريته وتركت طبقات الملابس الأخرى في كيس المحل وخرجت للاحتفال بالحياة.

لم تكن هذه المرة الأولى التي اضطر فيها لشراء قطعة ملابس لحالة طارئة.

في سنة أخرى اشتريت حذاء لأن قدمي قررت التوقف عن العمل. وصار الحذاء صديقي لأربعة سنوات تالية!

هناك مظلات الأمطار المفاجئة.

وفساتين السهرة المفاجأة التي تأتي لتحلّ مشكلة ضيق الملابس (والملابس في الحقيقة لا تضيق بل نحن الذين ننتفش).

هناك حقائب السفر التي تسافر ولا تعود معنا لأنّها ببساطة أصغر من أن تكفي لجنون التسوق الطارئ.

والكتب التي يلحّ بعض الأصدقاء بتوصياتهم لاقتنائها وهي لا تشبهنا.

والقائمة تطول.

أما القاسم المشترك بينها كلّها هو الحبّ الذي يأتي طارئًا ويستمرّ حتى تلفظ هذه المشتريات آخر أنفساها. تصبح أهم من تلك التي خططنا لها.

عندي فضول لمعرفة قصصكم حول هذا النوع من المقتنيات.

* * *

في ليلة أرق ليست بعيدة ذهب تفكيري لجمادات المنزل.

الحقيقة أن الفكرة بدأت عندما لمحت بطاقة مغسلة الملابس على لحافي وكُتب عليها (القدس)، والقدس هو الحيّ الأخير الذي سكناه في مدينة الجبيل قبل انتقالنا للرياض. صحيح أن مغسلة الجبر هي المغسلة الأقرب لبيتنا الآن لكن ملصقاتها تحمل اسم الحيّ الذي نسكنه. من أين جاء هذا اللحاف؟ وكيف لم يستخدم خلال السنوات الأربعة الماضية على الرغم من تخففنا وتقليل اللحف؟

فكرت فيه أكثر، كيف كان يختبئ في الرف واللحف تذهب وتعود، تُغسل في الرياض وتعود لتجلس بجانبه. يقولون لك رائحة صابون بعيدة وغريبة من أين أنت؟ وهو يستجوبهم عن الحياة في الخارج. كم عدد ساكني المنزل الآن؟ وهذا الشعر الأبيض الذي يلتصق بكم، هل ما زالت القطة المزعجة هنا؟

هذه الأفكار ممتعة.

قضيت ساعات الأرق حتى غفوت وأنا أفكر في جمادات المنزل الأخرى. ملاعق غرفة الطعام الأنيقة التي ينتهي بها الحال إلى درج المطبخ بالخطأ، وتقابل الملاعق الضائعة والتي تعلوها الخدوش، وتسألهم عن عذابات الحياة اليومية، ويسألونها عن الضيوف، عن السيدات المتأنقات وأطباق الحلوى!

توقفت الأفكار عند أرائك الصالة التي ستسقط قريبًا لا محالة، والسجادة متعددة الألوان (كانت فكرة صائبة) وطاولة الطعام التي سأروي لكم قصتها الكاملة يومًا ما.

* * *

شهر مارس كان ممتع، مجنون، مليء بالاكتشافات، ولحظات الراحة المسروقة.

وعلى غرار تدوينات صديقتي الرائعة مها البشر سأسرد مباهج مارس أدناه:

طاحونة قهوة من Dēlonghi اقتنيتها بتوصية من مها

عيد ميلاد موضي للمرة الأولى ونحن الأخوات سوية منذ ٢٠١١م

رواية أغنية هادئة – ليلى سليماني

مطعم هندي (Bombay Bungalow) في دبي

مطعم ياباني (Akiba Dori) في دبي

سلطة شهية لأيام العمل

١٢ حساب على انستقرام لتحفيز الإبداع

كتاب الحياة السرية للألوان وحلقة بودكاست لقاء مع مؤلفته كاسيا سانتكلير

وثائقي من أربعة أجزاء عن هنري الثامن (لا أملّ من قصص هذا الملك)

العودة لاستخدام عطر قديم (سامسارا) من غيرلان (اطلق العطر للمرة الأولى عام ١٩٨٩)

الإنتاجية هي إدارة الانتباه

ماذا تفعل إذا أصابك الملل من روتينك؟

.

.

.

كنت وما أزال، ذلك المندهش الذي يحيا بالدهشة، ويبحث دومًا عن أسبابها طلبًا للمزيد من الدهشة: الدهشة بالدنيا، بالله، بالناس، بالمدن، بالأرياف، بما تراه العين وبما لا تراه العين. وعندما لا أندهش أحس أن خطأ ما قد وقع، فيّ أنا أو في الناس أو في الأشياء. وأبحث مجددًا عن السبب. ولهذا كان عليّ أن أكتب، وكان عليّ أن أترجم، وكان عليّ أن أرسم. كان عليّ أن أخوض بحارًا من الكلمات. بحارًا من الخطوط والألوان، وبحارًا من الأنغام لا تخوم لها. وكان عليّ أن أكثر من السفر ومن الترحال، وأكثر الحديث والنقاش مع الناس من كلّ جنس ولون، أساتذة وتلاميذ، زملاء وغرباء، خصومًا ومريدين. لكي أستمر في هذه الدهشة، وأستمرّ في محاولتي معرفة هذه الدهشة، ومعرفة أسبابها وأبعادها.

فأنا حياتي رحلة إثر أخرى من خلال الأزمان. فهي رحلات على مستويات مختلفة ولو أن هذه المستويات أحيانا سائرة آنيًا، في الاتجاه نفسه. وكان لا بد من إيجاد الوسيلة التي تبقي على سلامة النفس. وتبقي على يقظة الحواس، وهي التي تبقي على نبض الحياة الداخلية التي تتجوهر بها إنسانية المرء في بحث ما، وفي توق ما.

وإذا كان لا بدّ من أن ألخص هذا كله، أقول:

من المرارات المتعاقبة أردت استخلاص قطرتين من الحلاوة. من البؤس المتكرر أردت الانتهاء إلى وهج يعجز عن أن ينال منه أي بؤس. في زمنٍ مهشّم معذب أردت أن أتبيّن جمالًا يتخطى التهشم والعذاب. وبقدر ما انخرطت في زمني كان همّي أن أنتزع منه ما ينمّي شجرة الأمل بأن الإنسان سيخرج من ذلك كلّه منتصرًا لإنسانيته، ومنتصرًا لحبّه وممتلئا من نعمة الله وروعة الكونولن تنتهي دهشته، ولو أن بؤسه أيضًا قد لا ينتهي.

جبرا إبراهيم جبرا | من كتاب الاكتشاف والدهشة (حوار في دوافع الإبداع) لماجد صالح السامرائي

.

.

.

سبعة كتب مفضلة

يشهد تويتر خلال الأيام الماضية حركة نشطة لمشاركة الكتب المفضلة دون ذكر أسباب، أو شرح أو تقييم. ومع أنني لا أحب التحديات المتسلسة الطويلة إلا أنني فكرت في طريقة ذكية لقبول التحدي ومشاركة كتب مفضلة، في هذه التدوينة ٧ صور لأغلفة هذه الكتب. والتحدي مفتوح لمن يرغب بمشاركة كتبه السبعة المفضلة سواء من خلال التعليقات هنا أو في حسابي على تويتر.

.

الغابة النرويجية – هاروكي موراكامي

.

كل الأسماء – خوزيه ساراماغو

.

المرأة العسراء – بيتر هاندكه

.

القصص القصيرة الكاملة – غابرييل غارسيا ماركيز

.

السفينة – جبرا إبراهيم جبرا

.

في بلاد الأشياء الأخيرة – بول أوستر

.

الاحتقار – البرتو مورافيا

.

.

.

في انتظار الرّبيع

«كلما طالت فترة التخطيط دون اتخاذ إجراء، كلما امتدت مساحة الشكّ الذي يشغلك ويمنعك من التنفيذ»

مررت بالاقتباس أعلاه قبل عدة أيام وقضيت وقت طويل في تأمله. هذا الاقتباس يشرح الكثير عن حياتي حاليا. في كلّ شيء أعمل عليه أقضي وقت للتخطيط والاستعداد ثم يتسلل الشك إلى نفسي واتراجع عن الانطلاق كلما ازدادت هذه المساحة وأثرت على تفكيري.

يمر ببالي اسئلة مثل: هل هذه الفكرة جيدة فعلا؟ هل سأتمكن من المتابعة والتنفيذ؟ وفي حالات كثيرة أبدأ بتخيّل نجاحها أو فشلها فينتهي بي الأمر محبطة وأنا لم انطلق.

أتممت شهري الأول في وظيفتي الجديدة، مرّت الأيام بين التعلم والتوتر والاكتشاف. وتزامنت هذه البداية مع زيارة منى (أختي) للسعودية في إجازة هي الأطول من سنوات. أشعر وكأنني في فقاعة مؤقتة وجميلة. نقضي أيامنا بين ساعات العمل في النهار والخروج مساء لاكتشاف المدينة وتعريفها بالتغيرات المتسارعة التي نمرّ بها.

الفترة الماضية أيضا شهدت أعلى نسبة قراءات في الروتين الإبداعي، والكتابة، واستعادة الإلهام (إذا كان هناك شيء حقيقي اسمه إلهام).

في نفس السياق تقريباقرأت عن ٧ تغييرات في روتينك اليومي قد تساعد في شحن طاقتك الإبداعية

  • تحرّك، فالجلوس لفترات طويلة قد يحجب طاقتك ويشعرك بالكسل.

  • ابدأ العمل على مشاريع صغيرة، أضف مشاريع مصغرة لحياتك اليومية والتي قد لا يستغرق العمل عليها أكثر من ٢٠ دقيقة. غالبا كتابة سريعة أو مسودات الرسم Sketch والتي قد ينتج منها لاحقًا مشروع كبير أو فكرة أفضل.

  • قسّم مهام العمل إلى مقاس أصغر وقابل للإدارة والمتابعة.

  • ابدأ يومك بشيء تحبّه. وركز إلى أي مدى تحبّ هذا الشيء وما هي المشاعر التي تحيط بك خلال العمل عليه. قد يكون هذا الشيء التنفس بعمق، أو صنع فطور شهي ومشبع، أو مكالمة شخص تحبه. بدء اليوم بهذه الطريقة يهدئ أعصابك ويضعك في حالة استعداد لما سيأتي في بقية اليوم.

  • احترم طعامك (هذه النصيحة الطريفة التي تأملتها طويلًا). بدلًا من تناوله سريعًا وبلا تفكير. قدّره. وفكّر في الطريقة التي صُنع بها وجُهّز. هذا التفكير في العملية الإبداعية وراء وجبة طعام يهذبك ويعوّدك على التحليل والنظر للأشياء بطريقة مختلفة.

  • تحدّث بوعي واهتمام واختر كلماتك بعناية. هذا التمرين سيصنع منك كاتبًا أفضل. وفكّر أيضا في أن المحادثات فرصة لممارسة الإبداع.


استقبل مارس بكثير من الحماس!

هناك ورش عمل ومشاركة في ندوة تثقيفية لطالبات الجامعة، رحلة قصيرة ربما، وحلقات جديدة من بودكاست قصاصات بعد أن أرتب وقتي بشكل أفضل. أتبع فتات الخبز الذي تركته ورائي لأعود إليه كلما اشتدت فوضى الأيام وأتمنى أن أنجح في ذلك.


في مفضلة الشهر الماضي:

 

.

.

 

الميل الأول

أحد قرارات السنة الجديدة التي حرصت على العمل بها: التعامل مع الأشياء بشكل مختلف.

اليوم وبعد مضي شهر وعشرة أيام من الشهر التالي وجدت أنّ هذا القرار هو الأكثر مرونة والأحب إلى قلبي. كلّ سنة كان الحماس يغمرني وأضع الخطط والأهداف والتزم بها لشهر أو اثنين ثم انزلق بعيدًا. ما السبب؟ تساءلت. محاولة حشر كلّ شيء في سلة واحدة، أو محاولة ترويض نفسي على تغيير كبير دفعة واحدة. وما يحدث بعد ذلك يدفعني للاحباط والفشل.

أحد المشاكل التي عانيت منها خلال السنوات الماضية، هي المحافظة على نظام غذائي صحي خلال ساعات العمل، والامتناع عن الاعتماد الكلي على الأكل في الخارج. كانت البداية قوية وحماسية ولكن خلال أيام الضغوط والفوضى أعود للعادات الغذائية السيئة: وجبات سريعة، وكميات هائلة من السكر والدهون.

بعد دراسة الوضع تنبهت لعدة أشياء:

  • لدي استعداد جدّي للالتزام والدليل أنني ابدأ بشكل جيد.

  • لدي الوقت للتهيئة لكنني أفضل الكسل عندما تغمرني الفوضى.

  • تجهيز خيارات أكل أبسط للغداء يعني التزام أطول بالخطة.

  • اختلال نشاطي الرياضي وزيادة الوزن مرتبطان بشكل كبير بوجبة الغداء.

  • هناك رابط واحد واضح جدًا بين هذه العقبات، وهذا الرابط هو أنا!

إذًا، وبالعودة إلى الفكرة الأساسية في بداية التدوينة، التعامل مع الأشياء بشكل مختلف يعني هذه المرة اعتماد تغيير بسيط سيمتد تأثيره تدريجيًا على بقية نواحي حياتي.

وكانت التحليلات مرعبة! كيف وجبة الغداء فقط قادرة على صنع كل هذه الفوضى؟

بدأت أولًا باتفاق مع نفسي: ٣ أيام من الأسبوع التزم بتناول طعام محضر من المنزل (أعمل على تجهيزه يوم السبت أو الأحد)، واليومين الباقية وفي حال الضرورة والاضطرار يُسمح لي باختيار وجبة محضرة في مطعم أو مقهى.

هذا الترتيب مريح جدًا لي، ولميزانيتي. وجرّبته لمدة أسبوعين لكنني اكتشفت الثغرات التالية:

  • الأطعمة المعدّة في مطعم / أو مقهى قريب من مكان العمل صحية فعلا، لكنها مرتفعة السعر وهذا غير مناسب لخطتي المالية.

  • الخروج للمطعم / المقهى والمشي فرصة للنزهة والتفكير، لكنها تقتطع من يوم العمل واحتاج معها لتعويض الوقت الذي غادرت فيه المكتب.

الحل الثاني للمشكلة هو تغيير قائمة الوجبات التي أتناولها على الغداء وتبسيط طريقة تجهيزها، يعني يمكن أن تكون عبارة عن طبق سلطة مع زيتون وجبنة، أو شابورة وشاي، أو زبادي وفواكه وغرانولا.. إلخ. وأقول بسيطة لأنني التقط مكوناتها وأنا في طريقي للعمل. مثل جولة تسوق سريعة من ثلاجة المنزل، وقد أجد أيضًا بقايا من وجبة عشاء اليوم السابق وأقرر لاحقًا ما يمكنني إضافته إليها.

وفي المكتب لاحقا يتوفر لدي: فواكه طازجة، زبادي، خبز، وسخانة ماء وميكرويف. وهذا كافٍ لحلّ مشكلة حيرة الغداء.

الأمر الوحيد الذي ساعدني على نجاح الحلّ: الاستيقاظ قبل موعدي اليومي بـ ٣٠ دقيقة، نعم فقط ٣٠ دقيقة ساعدتني وغيرت نظامي تماما. انتهي من الاستعداد للخروج وأذهب للمطبخ وأعدّ وجبة الغداء، والفطور كذلك.

طبّقت الفكرة لما تبقى من شهر يناير، والأيام الأولى من فبراير والمفاجأة:

لم احتج لتناول الطعام من الخارج، وخسرت كيلوين خلال ١٥ يوم!

وما حدث أنني تدريجيًا تخلصت من مشكلة الغداء دون الحاجة لتجهيز مكثف للوجبات، وبلا خلل في ميزانيتي.

وبنفس الفكرة سأنتقل لمعالجة مشاكلي العالقة تدريجيا، أولا بإيجاد القاسم المشترك بينها، ثم اختيار تغيير بسيط، ومعالجتها بطريقة مختلفة لم اعتمدها من قبل.


قرأت خلال الأيام الماضية مقال لطيف عن كيفية التعرف على أصدقاء جدد عندما تنتقل لمدينة جديدة وأعتقد بأننا جميعًا وفي وقت معين من حياتنا احتجنا لمثل هذه النصائح. قد لا يكون الانتقال بالضرورة لمدينة جديدة، يمكن أن يكون مكان عمل جديد، أو حيّ. الفكرة هي كيف تجد أصدقاء ومعارف بعد انتقال جديد.

والكاتب يقترح التالي:

  • استكشف الصلات القديمة أو كما يسمّيها (العلاقات الخاملة) ويُقصد بها معارفك من فترة سابقة في حياتك. سواء خلال سنوات الدراسة، أو العمل، أو الشبكات الاجتماعية (صداقات افتراضية) فقد يكون من ضمن هؤلاء أشخاص تودّ تعزيز معرفتك بهم ولقاءهم في مدينتك الجديدة.

  • يمكن أن نجهز أنفسنا قبل الانتقال للمدينة بسؤال الأصدقاء والمعارف وطلب مساعدتهم في التعرف على أصدقاء جدد. قد يكون لهم زملاء أو أقارب في وجهتنا التالية وسيساعدوننا في التعرف عليهم واللقاء بهم.

  • استكشف الأنشطة والفعاليات التي قد تقابل من خلالها أشخاص يشاركونك نفس الاهتمامات والهوايات. الأمر الجميل في هذا أنّك لن تكون في وسط معارف مقرّبين، وخلال هذه الفعالية ستتحدث وتقترب من أشخاص جدد بلا انشغال أو خطط مسبقة.

  • لا تتوقف عن التواصل بمجرد إيجاد أصدقاء أو معارف. وهذه النصيحة بالذات طبقتها شخصيًا مع أنني كنت محظوظة بأنّ انتقالي للمدينة جاء على مراحل، وكان لدي مجموعة طيبة من الأصدقاء. مع ذلك، حافظت على فضولي واهتمامي بالتعرف على أشخاص جدد.

  • إذا تعرفت على زملاء عمل أو معارف عبر صداقات مشتركة لا تكتفي بمعرفة جانب محدد من حياتهم. مثلا زملاء العمل ونظرًا لرسمية المكان وضغط المهام قد تبدو علاقات مملة وغير قابلة للتطور. لكن لو اكتشفت جوانب أخرى من حياة الآخرين ستصبح رفقتهم محببة ومثيرة للاهتمام.


إذا كانت لديّ سمة شخصية لم تغادرني منذ أن تعلّمت الكتابة، ستكون تدوين أفكاري ويومياتي. هذا الأمر واضح لكل من يعرفني عن قرب، من زميلات الدراسة حتى رفاق العمل والسفر ولن تخلو حقيبة من حقائبي من قلم ودفتر.

أكتب خلال الاجتماعات، أكتب هواجسي، ومخاوفي، واهتماماتي. أكتب خطط السنة ويوميات السفر، وأكتب خلال جلسات العصف الذهني التي أصبحت لصيقة للعمل في مجال الكتابة الإبداعية.

خلال السنوات الخمسة الماضية ملأت مئات الصفحات بالتفاصيل، من تغريدات التسويق للمنتجات، ونصوص وسيناريو الفيديوهات الإعلانية وصولًا لمحتوى المواقع الإلكترونية وكلمات رؤساء الشركات والمسؤولين في قطاعات مختلفة. هذه الدفاتر كنزي، وذاكرتي المحفوظة ولوحة إنجازاتي في حال تعثرت التقنية.

كنت استقبل نظرات الاستغراب من مدراء المشاريع وزملاء العمل: لماذا تحبّ هيفا سلوك الطريق الأطول؟ اكتبي على طول في الملف، وهذا متعب حقًا! وكنت لا أملّ شرح وجهة نظري: أريد حفظ هذا كله لنفسي، بالإضافة إلى أن الكتابة بالقلم مسودتي الأولى وتساعدني على جمع الشذرات وترتيبها.

هذا التدوين قوّتي عندما يصر أحد ما على سرقة فكرة أو نسبها لنفسه، عندما تضيع جهودي في عمل الفرق الكبيرة ولا يلتفت أحد لما قدّمته. وهذا ما قد يصادفكم للأسف في مجالات تتطلب العمل الإبداعي لكنك لا تستطيع تسجيل الناتج النهائي باسمك.

قبل سنة أو أكثر طُلب مني كتابة محتوى رقمي لعدة منصّات لأحد العملاء. وضعت فيه قلبي وجهدي وساعات طويلة من البحث. ما حدث أن العميل استلمه لكنّه لم ينشر، لم ينشر حرف واحد من كل هذا الجهد. وعلى الرغم من أنني استلمت المقابل المالي كاملًا بلا نقص، لكنني لم أحصل على العائد المعنوي الذي انتظرته.

لم أجد أثر إلكتروني للمحتوى، والعميل لا ينوي نشره أو الاستفادة منه، ولم يكن هناك تنازل خطّي عنه من قبلي.

إذا يمكنني استخدامه لنفسي. لكن أين الملفات؟

عدت لدفاتري خلال نهاية الأسبوع الماضي، وبحث بلا توقف حتى وصلت للصفحات المطلوبة. وجدتها كاملة!

النصوص، وبطاقات الملاحظات، وأفكاري التي ساهمت ببناء المنتج النهائي.

موقف كهذا يذكرني بحبي للتدوين، تدوين كلّ شيء حتى وإن لم تكن تعتقد بأهميته الآن. خاصة إذا كنت تعمل في مجال يتطلب العودة للكلمات والصور. وقد يكون التدوين ضرورة قصوى إذا كنت تعمل في مجال يتفاوت فيه الالتزام بالأخلاقيات المهنية.

اتطلع دائمًا لقراءة تعليقاتكم ونصائحكم المجربة حول المواضيع المطروحة.

وأتمنى لكم بداية أسبوع طيبة ومُنتجة.

.

.

.