سبعة كتب مفضلة

يشهد تويتر خلال الأيام الماضية حركة نشطة لمشاركة الكتب المفضلة دون ذكر أسباب، أو شرح أو تقييم. ومع أنني لا أحب التحديات المتسلسة الطويلة إلا أنني فكرت في طريقة ذكية لقبول التحدي ومشاركة كتب مفضلة، في هذه التدوينة ٧ صور لأغلفة هذه الكتب. والتحدي مفتوح لمن يرغب بمشاركة كتبه السبعة المفضلة سواء من خلال التعليقات هنا أو في حسابي على تويتر.

.

الغابة النرويجية – هاروكي موراكامي

.

كل الأسماء – خوزيه ساراماغو

.

المرأة العسراء – بيتر هاندكه

.

القصص القصيرة الكاملة – غابرييل غارسيا ماركيز

.

السفينة – جبرا إبراهيم جبرا

.

في بلاد الأشياء الأخيرة – بول أوستر

.

الاحتقار – البرتو مورافيا

.

.

.

في انتظار الرّبيع

«كلما طالت فترة التخطيط دون اتخاذ إجراء، كلما امتدت مساحة الشكّ الذي يشغلك ويمنعك من التنفيذ»

مررت بالاقتباس أعلاه قبل عدة أيام وقضيت وقت طويل في تأمله. هذا الاقتباس يشرح الكثير عن حياتي حاليا. في كلّ شيء أعمل عليه أقضي وقت للتخطيط والاستعداد ثم يتسلل الشك إلى نفسي واتراجع عن الانطلاق كلما ازدادت هذه المساحة وأثرت على تفكيري.

يمر ببالي اسئلة مثل: هل هذه الفكرة جيدة فعلا؟ هل سأتمكن من المتابعة والتنفيذ؟ وفي حالات كثيرة أبدأ بتخيّل نجاحها أو فشلها فينتهي بي الأمر محبطة وأنا لم انطلق.

أتممت شهري الأول في وظيفتي الجديدة، مرّت الأيام بين التعلم والتوتر والاكتشاف. وتزامنت هذه البداية مع زيارة منى (أختي) للسعودية في إجازة هي الأطول من سنوات. أشعر وكأنني في فقاعة مؤقتة وجميلة. نقضي أيامنا بين ساعات العمل في النهار والخروج مساء لاكتشاف المدينة وتعريفها بالتغيرات المتسارعة التي نمرّ بها.

الفترة الماضية أيضا شهدت أعلى نسبة قراءات في الروتين الإبداعي، والكتابة، واستعادة الإلهام (إذا كان هناك شيء حقيقي اسمه إلهام).

في نفس السياق تقريباقرأت عن ٧ تغييرات في روتينك اليومي قد تساعد في شحن طاقتك الإبداعية

  • تحرّك، فالجلوس لفترات طويلة قد يحجب طاقتك ويشعرك بالكسل.

  • ابدأ العمل على مشاريع صغيرة، أضف مشاريع مصغرة لحياتك اليومية والتي قد لا يستغرق العمل عليها أكثر من ٢٠ دقيقة. غالبا كتابة سريعة أو مسودات الرسم Sketch والتي قد ينتج منها لاحقًا مشروع كبير أو فكرة أفضل.

  • قسّم مهام العمل إلى مقاس أصغر وقابل للإدارة والمتابعة.

  • ابدأ يومك بشيء تحبّه. وركز إلى أي مدى تحبّ هذا الشيء وما هي المشاعر التي تحيط بك خلال العمل عليه. قد يكون هذا الشيء التنفس بعمق، أو صنع فطور شهي ومشبع، أو مكالمة شخص تحبه. بدء اليوم بهذه الطريقة يهدئ أعصابك ويضعك في حالة استعداد لما سيأتي في بقية اليوم.

  • احترم طعامك (هذه النصيحة الطريفة التي تأملتها طويلًا). بدلًا من تناوله سريعًا وبلا تفكير. قدّره. وفكّر في الطريقة التي صُنع بها وجُهّز. هذا التفكير في العملية الإبداعية وراء وجبة طعام يهذبك ويعوّدك على التحليل والنظر للأشياء بطريقة مختلفة.

  • تحدّث بوعي واهتمام واختر كلماتك بعناية. هذا التمرين سيصنع منك كاتبًا أفضل. وفكّر أيضا في أن المحادثات فرصة لممارسة الإبداع.


استقبل مارس بكثير من الحماس!

هناك ورش عمل ومشاركة في ندوة تثقيفية لطالبات الجامعة، رحلة قصيرة ربما، وحلقات جديدة من بودكاست قصاصات بعد أن أرتب وقتي بشكل أفضل. أتبع فتات الخبز الذي تركته ورائي لأعود إليه كلما اشتدت فوضى الأيام وأتمنى أن أنجح في ذلك.


في مفضلة الشهر الماضي:

 

.

.

 

الميل الأول

أحد قرارات السنة الجديدة التي حرصت على العمل بها: التعامل مع الأشياء بشكل مختلف.

اليوم وبعد مضي شهر وعشرة أيام من الشهر التالي وجدت أنّ هذا القرار هو الأكثر مرونة والأحب إلى قلبي. كلّ سنة كان الحماس يغمرني وأضع الخطط والأهداف والتزم بها لشهر أو اثنين ثم انزلق بعيدًا. ما السبب؟ تساءلت. محاولة حشر كلّ شيء في سلة واحدة، أو محاولة ترويض نفسي على تغيير كبير دفعة واحدة. وما يحدث بعد ذلك يدفعني للاحباط والفشل.

أحد المشاكل التي عانيت منها خلال السنوات الماضية، هي المحافظة على نظام غذائي صحي خلال ساعات العمل، والامتناع عن الاعتماد الكلي على الأكل في الخارج. كانت البداية قوية وحماسية ولكن خلال أيام الضغوط والفوضى أعود للعادات الغذائية السيئة: وجبات سريعة، وكميات هائلة من السكر والدهون.

بعد دراسة الوضع تنبهت لعدة أشياء:

  • لدي استعداد جدّي للالتزام والدليل أنني ابدأ بشكل جيد.

  • لدي الوقت للتهيئة لكنني أفضل الكسل عندما تغمرني الفوضى.

  • تجهيز خيارات أكل أبسط للغداء يعني التزام أطول بالخطة.

  • اختلال نشاطي الرياضي وزيادة الوزن مرتبطان بشكل كبير بوجبة الغداء.

  • هناك رابط واحد واضح جدًا بين هذه العقبات، وهذا الرابط هو أنا!

إذًا، وبالعودة إلى الفكرة الأساسية في بداية التدوينة، التعامل مع الأشياء بشكل مختلف يعني هذه المرة اعتماد تغيير بسيط سيمتد تأثيره تدريجيًا على بقية نواحي حياتي.

وكانت التحليلات مرعبة! كيف وجبة الغداء فقط قادرة على صنع كل هذه الفوضى؟

بدأت أولًا باتفاق مع نفسي: ٣ أيام من الأسبوع التزم بتناول طعام محضر من المنزل (أعمل على تجهيزه يوم السبت أو الأحد)، واليومين الباقية وفي حال الضرورة والاضطرار يُسمح لي باختيار وجبة محضرة في مطعم أو مقهى.

هذا الترتيب مريح جدًا لي، ولميزانيتي. وجرّبته لمدة أسبوعين لكنني اكتشفت الثغرات التالية:

  • الأطعمة المعدّة في مطعم / أو مقهى قريب من مكان العمل صحية فعلا، لكنها مرتفعة السعر وهذا غير مناسب لخطتي المالية.

  • الخروج للمطعم / المقهى والمشي فرصة للنزهة والتفكير، لكنها تقتطع من يوم العمل واحتاج معها لتعويض الوقت الذي غادرت فيه المكتب.

الحل الثاني للمشكلة هو تغيير قائمة الوجبات التي أتناولها على الغداء وتبسيط طريقة تجهيزها، يعني يمكن أن تكون عبارة عن طبق سلطة مع زيتون وجبنة، أو شابورة وشاي، أو زبادي وفواكه وغرانولا.. إلخ. وأقول بسيطة لأنني التقط مكوناتها وأنا في طريقي للعمل. مثل جولة تسوق سريعة من ثلاجة المنزل، وقد أجد أيضًا بقايا من وجبة عشاء اليوم السابق وأقرر لاحقًا ما يمكنني إضافته إليها.

وفي المكتب لاحقا يتوفر لدي: فواكه طازجة، زبادي، خبز، وسخانة ماء وميكرويف. وهذا كافٍ لحلّ مشكلة حيرة الغداء.

الأمر الوحيد الذي ساعدني على نجاح الحلّ: الاستيقاظ قبل موعدي اليومي بـ ٣٠ دقيقة، نعم فقط ٣٠ دقيقة ساعدتني وغيرت نظامي تماما. انتهي من الاستعداد للخروج وأذهب للمطبخ وأعدّ وجبة الغداء، والفطور كذلك.

طبّقت الفكرة لما تبقى من شهر يناير، والأيام الأولى من فبراير والمفاجأة:

لم احتج لتناول الطعام من الخارج، وخسرت كيلوين خلال ١٥ يوم!

وما حدث أنني تدريجيًا تخلصت من مشكلة الغداء دون الحاجة لتجهيز مكثف للوجبات، وبلا خلل في ميزانيتي.

وبنفس الفكرة سأنتقل لمعالجة مشاكلي العالقة تدريجيا، أولا بإيجاد القاسم المشترك بينها، ثم اختيار تغيير بسيط، ومعالجتها بطريقة مختلفة لم اعتمدها من قبل.


قرأت خلال الأيام الماضية مقال لطيف عن كيفية التعرف على أصدقاء جدد عندما تنتقل لمدينة جديدة وأعتقد بأننا جميعًا وفي وقت معين من حياتنا احتجنا لمثل هذه النصائح. قد لا يكون الانتقال بالضرورة لمدينة جديدة، يمكن أن يكون مكان عمل جديد، أو حيّ. الفكرة هي كيف تجد أصدقاء ومعارف بعد انتقال جديد.

والكاتب يقترح التالي:

  • استكشف الصلات القديمة أو كما يسمّيها (العلاقات الخاملة) ويُقصد بها معارفك من فترة سابقة في حياتك. سواء خلال سنوات الدراسة، أو العمل، أو الشبكات الاجتماعية (صداقات افتراضية) فقد يكون من ضمن هؤلاء أشخاص تودّ تعزيز معرفتك بهم ولقاءهم في مدينتك الجديدة.

  • يمكن أن نجهز أنفسنا قبل الانتقال للمدينة بسؤال الأصدقاء والمعارف وطلب مساعدتهم في التعرف على أصدقاء جدد. قد يكون لهم زملاء أو أقارب في وجهتنا التالية وسيساعدوننا في التعرف عليهم واللقاء بهم.

  • استكشف الأنشطة والفعاليات التي قد تقابل من خلالها أشخاص يشاركونك نفس الاهتمامات والهوايات. الأمر الجميل في هذا أنّك لن تكون في وسط معارف مقرّبين، وخلال هذه الفعالية ستتحدث وتقترب من أشخاص جدد بلا انشغال أو خطط مسبقة.

  • لا تتوقف عن التواصل بمجرد إيجاد أصدقاء أو معارف. وهذه النصيحة بالذات طبقتها شخصيًا مع أنني كنت محظوظة بأنّ انتقالي للمدينة جاء على مراحل، وكان لدي مجموعة طيبة من الأصدقاء. مع ذلك، حافظت على فضولي واهتمامي بالتعرف على أشخاص جدد.

  • إذا تعرفت على زملاء عمل أو معارف عبر صداقات مشتركة لا تكتفي بمعرفة جانب محدد من حياتهم. مثلا زملاء العمل ونظرًا لرسمية المكان وضغط المهام قد تبدو علاقات مملة وغير قابلة للتطور. لكن لو اكتشفت جوانب أخرى من حياة الآخرين ستصبح رفقتهم محببة ومثيرة للاهتمام.


إذا كانت لديّ سمة شخصية لم تغادرني منذ أن تعلّمت الكتابة، ستكون تدوين أفكاري ويومياتي. هذا الأمر واضح لكل من يعرفني عن قرب، من زميلات الدراسة حتى رفاق العمل والسفر ولن تخلو حقيبة من حقائبي من قلم ودفتر.

أكتب خلال الاجتماعات، أكتب هواجسي، ومخاوفي، واهتماماتي. أكتب خطط السنة ويوميات السفر، وأكتب خلال جلسات العصف الذهني التي أصبحت لصيقة للعمل في مجال الكتابة الإبداعية.

خلال السنوات الخمسة الماضية ملأت مئات الصفحات بالتفاصيل، من تغريدات التسويق للمنتجات، ونصوص وسيناريو الفيديوهات الإعلانية وصولًا لمحتوى المواقع الإلكترونية وكلمات رؤساء الشركات والمسؤولين في قطاعات مختلفة. هذه الدفاتر كنزي، وذاكرتي المحفوظة ولوحة إنجازاتي في حال تعثرت التقنية.

كنت استقبل نظرات الاستغراب من مدراء المشاريع وزملاء العمل: لماذا تحبّ هيفا سلوك الطريق الأطول؟ اكتبي على طول في الملف، وهذا متعب حقًا! وكنت لا أملّ شرح وجهة نظري: أريد حفظ هذا كله لنفسي، بالإضافة إلى أن الكتابة بالقلم مسودتي الأولى وتساعدني على جمع الشذرات وترتيبها.

هذا التدوين قوّتي عندما يصر أحد ما على سرقة فكرة أو نسبها لنفسه، عندما تضيع جهودي في عمل الفرق الكبيرة ولا يلتفت أحد لما قدّمته. وهذا ما قد يصادفكم للأسف في مجالات تتطلب العمل الإبداعي لكنك لا تستطيع تسجيل الناتج النهائي باسمك.

قبل سنة أو أكثر طُلب مني كتابة محتوى رقمي لعدة منصّات لأحد العملاء. وضعت فيه قلبي وجهدي وساعات طويلة من البحث. ما حدث أن العميل استلمه لكنّه لم ينشر، لم ينشر حرف واحد من كل هذا الجهد. وعلى الرغم من أنني استلمت المقابل المالي كاملًا بلا نقص، لكنني لم أحصل على العائد المعنوي الذي انتظرته.

لم أجد أثر إلكتروني للمحتوى، والعميل لا ينوي نشره أو الاستفادة منه، ولم يكن هناك تنازل خطّي عنه من قبلي.

إذا يمكنني استخدامه لنفسي. لكن أين الملفات؟

عدت لدفاتري خلال نهاية الأسبوع الماضي، وبحث بلا توقف حتى وصلت للصفحات المطلوبة. وجدتها كاملة!

النصوص، وبطاقات الملاحظات، وأفكاري التي ساهمت ببناء المنتج النهائي.

موقف كهذا يذكرني بحبي للتدوين، تدوين كلّ شيء حتى وإن لم تكن تعتقد بأهميته الآن. خاصة إذا كنت تعمل في مجال يتطلب العودة للكلمات والصور. وقد يكون التدوين ضرورة قصوى إذا كنت تعمل في مجال يتفاوت فيه الالتزام بالأخلاقيات المهنية.

اتطلع دائمًا لقراءة تعليقاتكم ونصائحكم المجربة حول المواضيع المطروحة.

وأتمنى لكم بداية أسبوع طيبة ومُنتجة.

.

.

.

تذكر أول مرة رسمت نجمة؟

خلال مكالمة تليفونية طويلة، بدأت برسم نجمات متجاورة. نجمات كبيرة وصغيرة حول هوامش الصفحة. انتبهت لهذا التفصيل لأنّه يحدث للمرة الأولى. دائمًا أرسم مربعات، مكعبات، خطوط متداخلة أو اكتب كلمات وأكررها وغالبا تلك التي ترد في حديثي مع المتصل.

بدأ هوسي بالمكعبات في وقتٍ ما خلال الدراسة الابتدائية، بعد درس المكعب تحديدًا. صنعنا مع المعلمة مكعبات بالورق بمقاسات متعددة. مكعبات صغيرة ومتوسطة، وفي نهاية الوحدة الدراسية قدمت لنا التحدي الأهم: مكعب طول ضلعه ١م! عملت بحماس لهذه المهمة وبقيت مع بعض المهام الدراسية الأخرى في مفضلتي للأبد.

أصبح المكعب الشكل الذي أرسمه وأنا أذاكر دروسي، وأنا على الهاتف، وأنا مرتبكة، وخلال اجتماعات العمل الطويلة المملة. لكنني أذكر بذات الوضوح اللحظة التي تعلمت فيها رسم النجمة، كيف بدأت برسمها مائلة، ثم جربت رسمها بمثلثين متقاطعين في محاولة للاختصار ولكن الناتج كان نجمة داوود التي أفزعت صديقتي في الفصل، لا ترسميها هذه شعار اليهود.

شعرت بالإحباط لأنني ظننت أنني اتقنت الرسم أخيرا. ثم شرحت والدتي الطريقة بكل هدوء: يبدأ الرسم برقم ثمانية ثمّ تنطلقي من الأركان وترسمين ثمانيات أخرى، هكذا، واحد، اثنان.

كانت لحظة ذهبية عظيمة!

لماذا هذا التغيير الآن؟ لماذا توقفت عن رسم المكعبات وانتقلت للنجمات؟

لم أبحث من قبل عن سرّ رسم المكعبات، لكن مع التحول الأخير، أردت معرفة القصة وفورًا توجهت لمحرك البحث وكتبت ماذا تقوله الرسومات التي ارسمها؟ What my doodles say about me؟

وجدت تحليلات متعددة: هنا، وهنا، وهنا.

النجمات تقول بأنني طموحة ومتفاءلة وعقلي لا يهدأ. جيد جدًا.

تغييرات وتحوّلات

مع انتقالنا للرياض، عدنا للسكن في منازل مستأجرة. شيء بعيد جدًا نسيناه مع مسكننا الأخير في الجبيل. الآن نحنُ نحارب كل سنة للبقاء في مكان واحد، ونجرّب التعايش مع جيران مزعجين، مع حفلات الأطفال والبالغين التي تمتد لساعات الفجر الأولى. للجدران الخفيفة مثل قطعة كرتون. وللمساحة المحدودة التي تدفعنا للتخفف كل عدة أشهر.

كنت قد تحولت للنوم على الأرض قبل سنة تحديدًا، لتوفير مساحة في غرفتي صالحة للعمل والتمرين. أحببت الفكرة واستمتعت بها طويلًا. لكنني لاحظت أنها غير مناسبة على الأقل في مدينة مثل الرياضتغرق بالغبار كل ٤٨ ساعة. واضطر لكنس المكان بشكل متكرر أسبوعيًا حتى لا يتأثر تنفسي ونومي بالمنغصات.

نهاية الأسبوع الماضي تراجعت عن الفكرة واقتنيت سرير منخفض نسبيًا ليحقق لي شعور الاقتراب من الأرض، ومرتفع عنها لأبتعد عن الغبار.

تخلصت من قطعتي سجاد كثيفة كانت تجمع الغبار والشعر المتطاير من جسد قطتي، التي وعلى الرغم من أنها لم تصبني بتحسس من قبل إلا أنّ شعرها يفعل ذلك الآن.

كانت لدينا سجادة قديمة ومطوية، اقتنتها والدتي لمجلس بيتنا في الجبيل وبسبب ارتفاع سعرها آثرنا الاحتفاظ بها ونقلها من مسكن لآخر في الرياض، حتى نجد المساحة المناسبة لها. أخذتها وفردتها وكانت مفصلة تماما على مساحة نومي وتمريني.

تخلصت أيضا من علب البلاستيك وطاولة التزيّن الارتجالية التي قاومت معها شراء رفوف حقيقية، اقتنيت هذه الـ Console من الخشب وبها مساحة لأدراج أو سلال من الخوص-.

هذا الصباح أنظر للجزء المتبقي من الغرفة وهو ينتظر الترتيب، تبقى جردة المكتبة، والمكتب، والقرطاسية، ورفوف القهوة والشاي.

أدركت خلال يومين من التنظيف والترتيب بأنني عشت الجزء الأكبر ٢٠١٨ خارج نفسي، خارج غرفتي، خارج بيتي. حتى تكدس كل شيء معنويا وفيزيائياوأوشك على الانهيار.

كانت غرف الفنادق وبيوت الأصدقاء متعة بصرية وهروب من الفوضى التي أدفع بها خلف بابي، كانت المساحة الأهم والأنظف موقع فراشي الأرضي، وما حول مكتبي. ارتمي في الظلام على الوسادة وأصرف نظري عن بقية الغرفة.

لا أعلم كم سيطول بقائي في هذه المساحة، هل سننتقل قريبًا أو لاحقًا؟ ما أعرفه على وجه التحديد: صناعة مساحة جيدة للحياة وإن صغُرت، ضروري للاحتفاظ بمزاج وذهنٍ صاف.

بداية الشهر أهدتني موضي سدادات للأذن، وغطاء للعينين واستطيع القول بأن الجيران ولو أرادوا إقامة استعراض عسكري في حديقتهم لا يمكنهم النفاذ لأحلامي بعد الآن. (يمكنكم القراءة عن حياة غرفتي بلا ستارة في هذه التدوينة)

كلا المنتجين من أمازون وميزة غطاء العينين بأنه مرتفع قليلًا عن الجفن والرموش فلن يتسبب بضغطها أو انتفاخها في الصباح.

هنا تدوينة قرأتها بعد تجربتي، ووجدت أن المدونة ترتدي غطاء العينين من الليل ولا تنتظر ظهور الشمس، فالضوء مهما كان خفيفًا يؤثر سلبًا على مجرى النوم.

العودة إلى العمل

أعود خلال الأيام الأخيرة من الشهر للعمل بدوام كامل بعد أن ظننت بأنني ودّعت هذه الفكرة للأبد.

خلال العام الماضي بدأت العمل في شركتي الخاصة، ومع أنّ أداءها كان متميزًا مقارنة بالشركات الصغيرة ذات العدد المحدود من الموظفين، إلا أنّ فرصة العمل التي طرقت بابي تعني لي الكثير.

العمل بوظيفة ودخل ثابت سيمنحني قوة أكبر في دعم الشركة، في استقطاب من يساهم في بنائها، وسيخلصني من كوابيس الأيام التي تمرّ بلا مشاريع أو عملاء.

الفكرة المخيفة هي الرجوع للروتين والارتباط بساعات العمل اليومية والجلوس في مكان واحد، وقد مرنت نفسي على ذلك خلال الشهور الماضية.

مكتب شركتي خارج المنزل، وكنت أخرج كل يوم صباحًا مع أختي لعملها ونعود في الخامسة سوية، هذا الانضباط النسبي لم يبعدني كثيرا عن جو الشركات والساعات فيها. هذه الأيام أعيد ترتيب نفسي وحياتي، بحذر واهتمام أكبر.

أشياء لبداية الأسبوع

شاي لذيذ جرّبته من Yogi

وثائقي سبب لي صداع!

أساسيات أدوات مع غوردن رامزي (مناسب لمن يبدأ الطبخ أو يعيش في مساحة صغيرة)

غرانولا الشوفان والعسل

سلطة صيفية في الشتاء

كتاب عن رواية القصص بالبيانات Storytelling with Data

.

.

.

قد يؤلم هذا قليلاً، حسناً؟

قرأت تعليق لإحدى المتابعات في تويتر تقول شيء بمعنى: إنك أول واحدة تمدح سنة ٢٠١٨. فكرت في كلامها قليلًا، وتذكرت لحظة خلال ديسمبر الماضي، كنت أتناول الفطور مع الصديقة مشاعل الدريعان وأحكي لها عن أكثر سنة مجنونة في حياتي، عن أكثر سنة بكيت فيها، وشعرت بالرعب، والخوف والخذلان، والبهجة والسعادة، وشعرت أنني حرفيًا أطير. نعم، كلّ ذلك في سنة واحدة.

خلال السنة بدأت نقلة مهنيّة جديدة، وسافرت لمدن أحبّها، وقابلت العشرات من الأشخاص الذي أعطوا حياتي معنى ولون جديد. فقدت الكثيرين إما بسبب غيابهم وابتعادهم أو بسبب رحيلهم من هذه الدنيا، عمتي الغالية التي ذهبت واقتطعت حصة كبيرة من طفولتي الدافئة، لقد عانت من الزهايمر قبل وفاتها وخلال أيام عزائها أعادت ترتيب ذاكرتنا وقلوبنا.

نجحتُ في إعداد وتقديم ملتقى للمستقلات على مدار السنة بالتعاون مع مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، بحضور مبهج وفائدة عظيمة. كتبت كثيرًا في العمل وخارجه، ودرّبت في مجال كتابة المحتوى، تنظيم الأيام، والبحث عن إلهام.

خلال ديسمبر سافرت في عطلة قصيرة إلى لندن، علاقتي بهذه المدينة غير واضحة حتى اللحظة، أحب واجهتها العمرانية، مبانيها القديمة، وأناقتها، لكنني لا أحبّها في العمق. أقول لكل من يسألني: لا أحب المدن التي أحذر فيها كثيرًا، أو اضطر للركض والاختفاء ما إن تظلم الشوارع. لم أشعر بذلك في نيويورك مثلا، وكانت إحدى المتع التي اكتشفتها هذا العام: المشي في شوارعها مع ساعات الليل الأخيرة.

سنة استثنائية في كلّ شيء، حادة جدًا بين الفرح والحزن، وبفترات رمادية قصيرة.

اختبرت نفسي فيها واختبرت الناس، والأماكن، والقناعات.

ولو سألتوني اليوم (السادس من السنة الجديدة) ما الخطة؟ لا أعرف، وهذا مقبول، لا أحد يمسك العصا فوق رأسي ويطالبني بصياغة أهداف السنة الجديدة، تبدو الفكرة متكلفة جدًا ومرهقة. أقول لنفسي وأقول لكم، لا شيء مستعجل، ويمكنكم دائما البدء متى بدا ذلك مريحًا لكم. حتى لو كان في الشهر الحادي عشر!

حاولت تلخيص سنتي في تدوينة وفشلت، لكنّ فكرة تدوين أهم ما جعلها أجمل وأفضل من سابقتها كان مهمّ لي بشكل شخصي وقد يكون ملهمًا لكم.

لذلك وبلا إطالة هذه الـ ١٨ لـ ٢٠١٨:

١النوم الجيدلقد عاهدت نفسي من بداية السنة ألا أضحي بنومي لأي سببٍ كان، غفوت مثل الأطفال كلّ ليلة في وقت محدد، وتجاهلت مغريات السهر والمبالغة في العمل لوقت متأخر ما استطعت. أقول ما استطعت لأنني فشلت أحيانًا أو أصابني الأرق بسبب فكرة أو شعور مقلق. لكن، كنت دائما أعوض هذا النوم. عدلت أوقات تسليم المهام، والعمل، وأوقات الزيارات ورؤية الأهل والأصدقاء حتى تتواءم مع مشروع النوم الأفضل.

٢أقل جرعة ممكنةهذه حلقة پودكاست تشرح توجهي الجديد.

٣الإبداع التعاونيتخلصت من تفضيلاتي الشخصية بالعمل وحيدة على المشاريع، وقدمت لنفسي أعظم هدية باعتماد الإبداع التعاوني كتوجّه جديد. يمكنكم القراءة عنه أكثر في هذه التدوينة.

٤قول لاأكثراعتذرت عن مشاريع لا تشبهني ولا تشبه شركتي، اعتذرت عن مشاريع عائلية واجتماعية لأنها كانت ستمتص طاقتي وتثير الفوضى في أيامي. قلت لالتفضيلات الآخرين التي لا تناسبني، ولالنفسي أيضًا.

٥التركيز في اللحظةأكثر ما كان يشغلني عن التركيز في اللحظة هو التخطيط لما بعدها، أو تفسير ما لا يحتمل التفسير، أو للأسف النظر في هاتفي. خرجت أكثر وتركته ورائي، امتنعت عن التصوير بكثافة، واستمعت للآخرين واستمتعت معهم بكامل حواسي.

٦الاستمتاع بالتفاهةفي أذني ترنّ نصيحة إحدى الصديقات للاستمتاع بتفاهتي الخاصة، وكانت بالنسبة لي مشاهدة برامج الواقع الفارغة، قراءة مجلات أخبار المشاهير والضحك من النكت السمجة.

٧نقل المعرفةأحببت خلال السنة تدريب العديد من الشابات لبدء العمل في صناعة المحتوى، أو العمل بشكل عام. واستضفت في مكتبي خلال أشهر الصيف أختي الصغرى وصديقتها وكنّ خير العون وأضفن البهجة والمتعة في أيامنا جميعًا. أجبت أيضًا على عدد من الرسائل التي تصلني حول التدوين، العمل المستقل، والانتقال لمدينة جديدة، والبدء دائما.

٨التعبير عن المشاعر بوضوحلم أجد أجمل من وصف شعوري بدقة، والبكاء في العلن، والتصريح عن الألم والضجر والخوف دون استعارات أو كلمات بديلة.

٩المبادرة وإن أرعبتني:لا أقول أن النتائج كانت دائما كما أهوى، لكن المبادرة غيرت حياتي للأفضل.

١٠الاستسلام لحقيقة أن بعض العلاقات لها خاصية التطاير.

١١السماح للآخرين بمساعدتي والاتكاء عليهم.

١٢أعدت تصميم أيامي. (هنا تدوينة من ٢٠١٧ يمكن أن تفيدكم)

١٣أهديت نفسي رحلتين وحضرت مؤتمر إبداعي ومهرجان أدبي وثقبت ميزانيتي وبقيت بلا دخل لشهور متتالية لكنني أحببت أثر الرحلات علي.

١٤لم أبدّد جهودي ووقتي على مشاريع وعلاقات ضبابية بلا فائدة حقيقية. أو كما يقول الوصف بالإنجليزية: Not spreading myself thin.

١٥القراءات القصيرةلم اقرأ الكثير من الكتب هذه السنة، لكنني أحببت القراءات القصيرة سواء المقالات أو القصص والنصوص التي انتهي منها بسرعة. لقد ناسبت هذه القراءات نمط حياتي الحالي، وخلصتني من الشعور بالذنب تجاه مكتبتي المكتنزة.

١٦الصيام العكسيانهيت السنة بلا نقصان واضح في الوزن، لكنني لم أزد كيلو واحد عن وزن يناير الماضي. وأشعر بالامتنان لاعتماد نظام الصيام العكسي. مع قلة نشاطي الرياضي خلال عدة أشهر، وعدم حرمان شهيتي من أي نوع طعام. كان خيار الصيام العكسي خير الرفيق لضبط الأكل بشراهة ولتقليل آثار ليالي الولائم وأسابيع السفر واكتشاف موائد الأرض.

١٧الصمت المحببتخليت عن المشاركة في الأحاديث لمجرد المشاركة. واحتفظت برأيي عندما شعرت بأنّ التصريح به لن يغير شيء. خصوصًا في نطاق علاقاتي العائلية ومع الأصدقاء.

١٨الشراء بوعيفي نهاية العام أجريت جردة لاستهلاكي وما هي المنتجات أو السلع التي اشتريتها. سعدت بالنتيجة لأنها كانت محددة وجاءت بعد تفكير طويل. لم اقتنِ شيء وندمت عليه. هذا يحصل بالتهذيب وتغيير عادات الشراء والتسوق ولم يكن سهلًا أبدًا.

.

.

.

في أيام كثيرة أنسى أمرًا صعبًا شُغِلت عنه، ويباغتي في لحظة هدوء، مثل ضمادة جروح التصقت بجلدي ونسيتها طويلًا، ثم تُسحب فجأة،يقول لي صوت: قد يؤلم هذا قليلًا، حسنًا؟ ولا أملك إلا أن أوافق، اتخفف، واتخلص من العبء دفعة واحدة وإن آلمني ذلك. وهكذا كان عبور سنة أخرى من الحياة، أتمنى أن تحمل لي السنة الجديدة بشائر وقصص أجمل.

وأتمنى لكم المثل.

.

.

.