استيقظت صباح اليوم واختبرت قدمي على الأرضية الباردة.
أنا في حرب مع السجادة التي تسافر تحت سريري مرة لليمين ومرة لليسار، وأحاول أن أصنع التوازن بسحبها للوسط، كل يوم. إني في صراع مع حياتي يحاكي صراعي مع السجادة.
مشيت على قدمي منذ أسبوع تقريباً، كنت وضعت هدف مايو الأول أن امشي عليها، والآن أفكر في الركض، والرياضة والرقص بطبيعة الحال.
حجرات المنزل كلها مأهولة.
لم أعهدني قلقة ومؤرقة مثل الثلاثة أشهر الماضية. لم تكن القراءة تساعدني، ولا الثرثرة ولا الهرب من كل شيء، بالنوم.
لأول مرة منذ تسعة أشهر أنام نوماً عميقا لا يشوبه أرق أو تساؤل أو رسائل قصيرة عابرة للمحيطات. أخواتي معي، وتساءلت بعد مضي عدة أيام: هل كنت أشتاق إليهم حقيقة؟ أم أنه شوقي لنفسي التي أعرفها قبل دوامة الانتقال للرياض والتحولات الجذرية التي مررت بها في فترة قصيرة بلا تأهيل.
عزائي الوحيد أنني كنت هنا قبل عدة سنوات، أعرف الطرق الرئيسية، أعرف ما كنت ضائعة أو لا، وأعرف الطريق إلى أساسيات الحياة: مستشفيات، مراكز تسوق، منازل أقارب.
لستُ أكيدة من حبي للانتقال هنا لكنني أعرف بلا شك أن حياتي الآن أفضل وإن بدت وسط دوامة عظيمة.
أعمل في وظيفة ممتعة، وفيها فرصة للتعلم كلّ يوم، اسكن في منزل مع عائلتي لا ينقصنا شيء والحمد لله. لكنني افتقد لإلهام الكتابة العظيم. أريد أن أذهب في إجازة طويلة مع نفسي، وأترك قلقي وترددي وشكوكي ورائي، وأكتب. أكتب من شروق الشمس حتى الغروب، وإن أحرقت مسودتي في نهاية اليوم، لن أبالي، أريد أن أشعر بوقود الكلمات في أصابعي.
في نهاية شهر ابريل الماضي شاركت في مرحلة المقابلات الشخصية لمسابقة “أقرأ” التي تنظمها شركة أرامكو السعودية لإثراء الشباب. الفكرة في هذه المرحلة مقابلة المتسابقين والمتسابقات وطرح اسئلة تهتم بالقراءة للتعرف عليهم أكثر. في الأغلب سيتحدث المشاركون عن الكتاب الذي قدموا مراجعته في المرحلة الأولى في المسابقة وعن سبب اختيارهم له. أعجبت كثيراً بفكر المشاركات واختياراتهم، وشعرت من ناحية أخرى أن اختيارات بعضهن كانت أكبر من فئتهن العمرية وأكبر من فهمهم الحالي. نسيت أن أقول أنني قابلت المشاركات في المرحلة المتوسطة والثانوية. لكن بشكل عام بمسابقة أو بدونها شعور الحديث مع القراء مبهج ويبث الحماس وذكرني شخصياً ببدء قراءاتي واطلسي الذي حملته معي في كلّ مكان. العجيب في الأمر أنني أمرّ بفترة فقيرة في القراءة. أحاول تغيير المواضيع، واستعادة حماسي ولا أجد أي تجاوب من نفسي. أقرأ المقالات التي كدستها في مفضلتي وبدأت بقراءة كتاب يجمع مقالات للروائية سيري هوسفدت زوجة الروائي الأمريكي پول أوستر. بداية ممتعة وإن لم اتجاوز معها عدة صفحات.
جربت الكتب الالكترونية، والصوتية وعدت مجددا للورقية بلا فائدة. على الأرجح سأترك هذه المشاعر لتعبرني بهدوء ولن أقاومها. وسأقضم قليلا من الكتب هنا وهناك حتى أكتشف إلى أي اتجاه تشير البوصلة.
أقرأ مقالات وقصص عن الشخصيات الناجحة التي غيرت اهتمامات حياتها ومجال عملها بعد الثلاثين. لم يكن الوقت متأخراً أبداً. استسلم أحيانا إلى فكرة أنه فاتني الكثير، والكثير الذي لا يمكن استعادته. لكن العمل مع مجموعة من الشباب والشابات الذين يتجاوز الفارق العمري بيني وبينهم خمس أعوام جعلني اتراجع عن هذه الفكرة. شيء ما بداخلي يتحول، ضوء مبهر!
خلال الشهر الماضي فكرت أكثر من مرة في كتابة تدوينة وداع لمدونتي، والتوقف عن الكتابة لفترة طويلة. شغلت بالعمل وأشياء أخرى ولم أكتبها، والآن أنا سعيدة بأنني لم أفعل. قد يبدو المكان هنا هادئا جداً، لكنه ما زال ينعم بالدفء والأشياء الجميلة التي أذكرها جيداً. شكرا لكل الرسائل والتنبيهات التي ذكرتني بالعودة وألحّت علي. سأحاول من أجل نفسي أولاً، ثم لأجلكم.