كيف تصمم يومك المثالي؟

طرحت السؤال: كيف تتخيلون شكل يومكم المثالي؟ بالأمس على المتابعين في تويتر، وانطلق الجميع في رسم يومهم المثالي المتخيّل. قرأت في الردود كلّها وتقاطعت كلّها في عدة مواضع. ما هو الشيء المشترك بين الخطط المتخيلة؟ كلها قابلة التنفيذ. فطور شهيّ؟ تأمل صباحي؟ نشاط رياضي؟ الجلوس مع العائلة وقضاء الوقت معهم؟

ما يمنعنا من تصميم يومنا المثالي: أنفسنا!

سبق ومررت بنفس الحالة، وغرقت في الفوضى وعدت لتذكير نفسي بأنني أقضي في العمل ٨ ساعات يوميًا تزيد أو تقل قليلًا، ومع احتساب الوقت اللازم للتنقل يمكن أن تكون تسع ساعات. ومع إضافة ٨ ساعات نوم مثالية لا نحتاجها أحيانًا يبتقى من اليوم: ٧ ساعات، ما الذي يمكنك فعله في ٧ ساعات يوميًا؟

السؤال الذي طرحته على المتابعين يمثّل الخطوة الأولى لتصميم وصناعة يومٍ مثالي، إنّ تخيّل يوم جيد بكل تفاصيله يضعه ماثلًا أمامنا.و بعد هذا التصور أنصحكم بتجربة ملء هذه الدائرة الزمنية لمعرفة أين يذهب إليه وقتكم حاليًا؟ وقبل أي تدخل أو تغيير منكم:

.

.

الآن بعد التعرف على الثغرات التي أصبحت وقت ضائع بلا فائدة، اختاروا بعض التفاصيل التي أعجبتكم في اليوم المثالي المتخيل والتي يمكنكم تطبيقها الآن مع جدولكم العملي أو الدراسي، مع ضغوط الحياة المختلفة، ما التغيير الصغير الذي يمكن إضافته لصناعة يوم مثالي؟ هل نصف ساعة من القراءة قبل النوم مناسبة؟ هل لقاء صديقة بعد العمل مناسب؟ هل المشي لثلاثين دقيقة في أي مكان مناسب؟ هناك الكثير من المقترحات التي مررت بها في ردود المتابعين ويمكنهم تطبيقها اليوم بلا تأخير ليشعروا بالرضا والسعادة.

بريندن برتشارد كاتب أمريكي تحدث في ڤيديو عن تصميم اليوم المثالي الخاص بنا وركز على نقطة أننا نشعر بحاجتنا الدائمة لتحقيق شيء، إنجاز مشروع، مساعدة الآخرين أو كتابة عمل إبداعي. هذه الحاجة ستصنع يومنا لو تحققت، وعليه وضع عدة أسئلة ينبغي أن نطرحها على أنفسنا قبل ذلك:

ما الذي نرغب بصناعته اليوم؟

ما الذي نريد المساهمة به في هذا اليوم (مساعدة الآخرين، إنقاذ العالم .. إلخ)؟

من هم الذين نرغب بالتواصل معهم؟

وأخيرًا، في هذا اليوم المثالي كيف نبدو نحن؟

Create, contribute, connect, character

مذهلة هذه الفكرة، قلت لنفسي وأنا استعيد الفترة التي فقدت فيها أيامي المثالية، تمنيت لو أنني طرحت على نفسي هذه الأسئلة وستكون إجابتها كالتالي:

  • في مجال الإبداع والصناعة كنت أرغب بكتابة تدوينة، أو إنجاز مهمة في العمل، أو التجهيز لمشروع عظيم

  • في مجال المساهمة ومساعدة الآخرين كنت متشوقة لوقت فائض أقدم فيه ورشة عمل أو درس بسيط حتى لزملائي في العمل

  • أما على صعيد التواصل كانت فترة غياب عن عائلتي، أحاديث سريعة وطاقة منخفضة لا أتمكن بسببها من المشاركة بشكل أفضل في نشاطاتنا اليومية

  • أما السؤال الأخير فكان الأهم: في يومي المثالي أنا أكثر نشاطًا، استيقظ قبل المنبّه، أعمل لساعات أقل وتنتهي مهامي قبل الرابعة مساءً، أقرأ بوعي ولدي طاقة لممارسة الرياضة حتى بعد يوم عمل طويل

اقترح تجربة هذا التمرين بالتزامن مع تحليل وقتكم ورسم يومكم المثالي المتخيل. بعد هذه العملية التي لا أعتقد بأنها ستأخذ أكثر من ساعة خصصوها لها نهاية هذا الأسبوع ستجدون نافذة صغيرة مضيئة على تغيير أيامكم.

إنّ عملية التغيير هذه لن تتمّ في ليلة وضحاها، أنا أقول لكم ذلك لأنني جرّبت واحبطت مرارًا وكنت في كلّ مرة أقرر السيطرة على أيامي وأفشل: انتكس! ربما لأنني اخترت تغيير كلّ شيء دفعة واحدة. ماذا لو قرأت مرتين أو ثلاث مرات فقط في الأسبوع؟ ماذا لو أصبحت القراءة نشاط للطريق ونهاية الأسبوع؟ ماذا لو توقفت عن قراءة الكتب الورقية تماما واستبدلتها بالصوتية؟ كل مرة كنت أعطي نفسي الاذن لتجربة شيء مختلف. وهكذا وصلت تقريبًا للرضا عن أيامي حتى وإن ملأتها المطبات.

كانت أمنيتي أن يبدأ الأسبوع بشكل جيّد وعملت على ذلك بتغييرات بسيطة: جهزت عملي مساء السبت، رتبت خزانتي بما سأرتديه للأيام اللاحقة، جهزت وجبات الثلاث أيام الأولى، شاهدت أفلام وقرأت وكتبت تدوينة. فعلت كلّ ما بوسعي لأصل للأسبوع الجديد بسعادة ونجحت الخطة.

كانت أمنيتي التمتع بوجبة افطار شهية واستيقظت أبكر بربع ساعة فقط، ولاحقًا زدتها لثلاثين دقيقة، تحركت ببطء وتأملت وجهزت الفطور وارتديت ملابسي وخرجت بدون قلق أو تأخير.

كانت أمنيتي الانتهاء من العمل قبل الرابعة مساءً، وغيرت موعد وصولي للمكتب لأحصل على ساعة كاملة من الهدوء والكتابة قبل امتلاء المكان. نجحت الخطة وانهيت عملي باكرًا، وقرأت قليلًا وراجعت مهام الغدّ ووصلت للمنزل نشيطة وممتلئة بالطاقة الكافية لنشاط رياضي خفيف.

كنت أشتاق لأختي حرفيًا خلال الأسبوع، وصنعت منطقة محظورة يوم الجمعة لا نخرج فيها ولا نستقبل أحدًا إن أمكن ونقضي الوقت في مشاهدة الأفلام أو المسلسلات، والطهي والحديث والاتصال بأخوتي خلف المحيط.

اليوم المثالي لن يصنع نفسه، هذه فكرة عرفتها جيدًا من التجربة والمحاولة. وكلما تقدّم بنا العمر سيتغير شكل يومنا المثالي، وكلما تغيرت وظائفنا ومسؤولياتنا سيحدث ذلك. وحتى لا نغرق في بؤس انتظار هذا اليوم الرائع، نحتاج إلى إعادة الترتيب والتفكير في جعل أيامنا أفضل.

هنا قراءات أخرى في موضوع الوقت والإنتاجية ستفيدكم حتمًا:

كيف تصنع نسختك الأفضل؟

كيف تستعيد يوم عمل مفقود؟

.

.

.

فطيرة الراعي Shepard Pie

.

.

من أكثر الأطباق التي أشعر معها بحضن ممتدّ فطيرة الراعي | Shepard Pie” ومع أنها طبق شتوي بامتياز، إلا أنني قررت تجربتها بوصفة نظيفة وخفيفة. غالبًا تعدّ بالكريمة والزبدة ومكوناتها ثقيلة. أدناه بلا إطالة وصفتي الجديدة!

ستحتاجون للمقادير التالية:

  • نصف كيلو من اللحم البقري المفروم (متبل مسبقًا)*

  • ٥ حبات بطاطس متوسطة

  • ربع كوب جزر مقطع صغير (التقطيع الصغير يسرّع الطهي)

  • ربع كوب بازلاء

  • نصف كوب فلفل أخضر بارد

  • كوب بصل مفروم صغيرًا

  • كوب صلصة طماطم محضّرة منزليًا**

  • ربع كوب حليب جوز هند

  • ٣ فصوص ثوم مقشورة ومهروسة

  • توابل (فلفل أسود، ملح بحر، رقائق تشيلي)

الطريقة

  • أول شيء أقشر البطاطا وأقطعها لمكعبات وأبدأ بسلقها (قد تستغرق العملية بين ٢٠٢٥ دقيقة)

  • في مقلاة مانعة للالتصاق أذوب ملعقة كبيرة زيت زيتون، أضيف البصل والفلفل البارد وأقلبها حتى تذوي. أضيف اللحم بعد ذلك وأقوم بتفكيكه جيدًا حتى يطهى بالكامل. خلال الطهي أضيف الجزر والبازلاء وصلصة الطماطم والتوابل وأترك المزيج مكشوفًا حتى لا تتكون مرقة غزيرة

  • يتغير لون اللحم للنضج تمامًا وتمتزج المكونات بالكامل. أفرغ محتوى المقلاة في صينية بايركس زجاجية وأتركها جانبًا للبدء بالعمل على البطاطا التي استوت في نفس الوقت

  • انقل البطاطا من القدر وأهرسها وهي ساخنة، أضيف فصوص الثوم المهروسة وربع كوب حليب جوز الهند مع ملعقة صغيرة زيت زيتون (تستبدل نصف أصبع زبدة أو أصبع كامل وكريمة الطبخ في الوصفات الأخرى!) أكمل الخلطة برشة ملح خشن وفلفل وأقلبها جيدًا

  • أعود لصينية البايركس (أفضل المستطيلة ذات الغطاء الزجاجي) وأبدا بفرد طبقة البطاطا ببطء حتى لا تمتزج تماما مع طبقة اللحم وأقفل أي مساحات مفتوحة في السطح

  • أدخل الصينية مغطاة في فرن حرارته ٣٧٥ ° فهرنهايت يعمل مسبقًا، وأترك المزيج يطهى لـ ٢٠ دقيقة، و٥ دقائق تحمير سريع Broil

* نجهز الوجبات في المنزل أسبوعيًا ومن بينها اللحم المفروم نتبله ونحوله لأقراص نعدها كبرغر منزلي أو نفككها بعد الاذابة في الاطباق. التتبيلة نظيفة جدًا وتتكون من: ملح، فلفل، مسحوق جوزة الطيب، مسحوق البابريكا، رقائق التشيلي، كزبرة ونعناع وثوم طازج. والكميات تتفاوت بالتناسب مع اللحم والتفضيل الشخصي

** صلصة الطماطم المنزلية عبارة عن طماطم مسلوقة حتى النضج، ومقشورة ومهروسة ونتبلها بالملح والفلفل فقط حتى لا تتعارض مع أي طبق آخر نضيفها له

.

.

 

استعادة ضبط المصنع

Circa 1987

.

أحبّ هذه الصورة جدًا لأسباب كثيرة أهمّها أنها سبقت تحوّل عظيم في حياتي. هذه آخر صورة محفوظة قبل أن تضطرب علاقتي مع الأكل، ومع جسدي. ثلاثون عامًا مضت والأكل هاجسي الأكبر، بين حبّ وكراهية. نتفق بشدة حتى تصبح ذكريات أيامي المهمة مرتبطة بالأطباق التي تناولتنا حينها، ونختلف لأنقطع أيام عن تناول أي شيء له حجم وأبعاد.

أذكر جيدًا متى بدأت محاولات عائلتي الحثيثة في السيطرة على الوحش الذي استيقظ بداخلي، أرى الآن بصورة واضحة نفسي ووالدتي في مطبخ بيتنا الصغير وهي تمدّ لي حبة دواء على شكل تفاحة، تقول بأنها ستساعدني في التحكم بشهيتي. كنت حينها في الثامنة. وكانت طفولتي مثل حلم سعيد، العائلة كلّها تدللني، محاطة بوالدين محبّين وأخوات لطيفات ننسج كلّ يوم قصة سعيدة برفقتنا. تتوقعون بأنني لم أجرب التأمل واستذكار كل لحظات ذلك العمر لإيجاد ثغرة؟ شيء كارثي أيقظ شراهتي؟ لم أجد أيّ شيء! لم أحرم من الأكل، وتذوقت كل ما يمكنني تذوقه. حتى محاولات عائلتي في البحث عن حلّ كانت هادئة جدًا، لم تقفل أبواب المطبخ ولم يخفى أي طبق.

لا يوجد فعل بدون نتائج، تبعت هذه الشراهة زيادة مضطردة في وزني، تنبهت لها عندما اختلفت ملابسي عن أخواتي، في البدء كنا نرتدي جميعًا نفس القصات ونفس الفساتين، تدريجيًا بدأت رقعة القماش تتسع، بدأت والدتي تموّه هذا النمو المجنون بياقات واسعة، أكمام طويلة. تحول الفستان إلى تنورة وقميص، واحتفظت بسعادتي الصغيرة: على الأقل قماش التنورة نفس قماش فساتين أخواتي. بحلول العاشرة ظهرت الورطة الكبيرة، تبحث والدتي عن ملابس في محلات الأطفال ولا تجد، وملابس السيدات لا تناسب شكل جسمي المختلّ الأبعاد!

تحوّل اهتمام عائلتي بالكامل لسلوكي الغذائي، الموضوع يخرج عن السيطرة وليس مرحلة شراهة بسيطة. اليوم وأنا أفكر، أظنني دون قصد أثرت رعب أختي منى (الصغرى آنذاك) من الأكل، في الصباح نصارع لتتناول الفطور وعندما تفعل رغمًا عنها، تخرج كلّ شيء في طابور الصباح. ربما كانت تشعر بالهلع مما يفعله الأكل بأختها الكبرى؟ والديّ على طرفيّ المائدة يجبرانها على الأكل ويحاولان اقناعها بشتى الطرق، بينما يشيران لي بالتوقف. هذا المشهد الذي كلما تذكرته أثار بي مشاعر مختلطة، أودّ أن أبكي لأنني أعتقد أن حلقة ما كانت ستنقذ الموقف.

بدخول المرحلة المتوسطة بدأت ألاحظ الفرق بشدة، الطالبات بمراييلهن وقصاتها الجميلة، أجسادهنّ المنتظمة، وشكلي المربّع وطولي الذي سبق الجميع. هذا التحول دفعني للبس العباءة باكرًا قبل أقراني، يظهر بأنني أكبر عمرًا والحقيقة أني ما زلت أحب اللعب في الخارج والركض وهذا الشيء يخنقني.

تصالحت مع الموضوع مجبرة، لحظات السعادة الوحيدة كانت في الشتاء عندما استبدل العباءة بالبالطو بحثًا عن الدفء، وفي الصيف عندما نذهب لجدتي وتصبح المزرعة عالمي الممتد، هناك أرتدي ما يحلو لي وألجأ لصحبتي التي لا تذكرني باختلاف مظهري: أبناء خالتي.

كنت أهرب من أي مناسبة اجتماعية وأظن أن ذلك الترتيب مريح، لي ولوالدتي التي لم تتوقف عن دعمي بالماكينة وأمتار الأقمشة. كنت أبقى بعيدًا عن حفلات الزفاف والتجمعات. ألعب الكرة وأشاهد الكرتون ساعات وساعات، كيف لم تنقذني تلك الأنشطة من نفسي؟ في نهاية اليوم كنا نتحلق أمي وأخواتي وعائلتنا الممتدة أمام الصحون، وتطلب مني والدتي الاقتراب منها عندما نأكل. لتنبهني عن لحظة التوقف.

أذكر أنني سئمت هذا الترتيب، ونقلت مكاني بعيدًا منها حتى لا أشعر بلكزاتها وحتى لا تلتقي نظراتنا فأدعي بأنني لم أرَ ولم أفهم.

في تلك الفترة وهذه القصة تضحكنا اليومبدأت مشاركتي السنوية في مسابقة الرسم الخاصة بشركة والدي، وكانت الثيمة لتلك السنة “الغذاء السليم” مشاركتي الفائزة التي نُشرت في التقويم الشهري صورة فتاة تشبهني جدًا، ظفائرها البنية، وعينيها التي تلتمع عند مشاهدة الموائد. وتحتها تعليق – كتبته والدتي لسوء خطّي– : لو أنني اكتفيت بالقليل لما أصبح وزني ثقيل.

مضحك جدًا!

متابعة قراءة استعادة ضبط المصنع

الرحلة جميلة لأنكِ معي

.

الحياة مميزة ومختلفة كلّ يوم لأنها بجواري، بوصلة قلبي والكف التي تربّت على كتفي. إذا كان هناك قاموس كوني فيه مفردة هجينة بين الأخت والصديقة ستكون موضي الصورة التي تشرح هذه العلاقة. جمهوري الأول وحقل تجارب طاقاتي الإبداعية، تعود شراكتنا للثمانينات ومسلسلاتي الارتجالية كانت تجد منها كل الاهتمام والتركيز، والدموع!

موضي إنسانه عظيمة جدًا، متواضعة جدًا، ومبدعة تعمل بصمت مثل مجموعة من الاقزام السحرية – موضي تحبّ هذه القصة – وحتى أشرحها باختصار قصة الاسكافي الذي يذهب للنوم مساءً ويستيقظ الاقزام يعملون في متجره ويصنعون العجائب. يستيقظ صباحًا ويفاجأ بجهودهم دون أن يعلم من يقف وراءها. هذه هي الطريقة التي تعمل بها وتنتج، دون الحاجة لفرقة تشجيع أو أضواء متوهجة مسلّطة عليها.

إذا كنت سأغبط أحد على قدرته المذهلة على الابتكار وصبره الذي لا يُقاس، ستكون موضي بالتأكيد. الحياة بالنسبة لها مغامرة حقيقية، يجب أن تعيشها بانتباه واهتمام وكل دقيقة تمر بها يجب أن تقع في مكانها الصحيح. موضي هي الجيش الكامل وراء مدونتها التي أحبها كثيرًا، وتعمل من خلالها كلّ يوم لبناء ذائقة مختلفة ولإثراء المحتوى العربي في مجال الموضة والأزياء ونمط الحياة بشكل عام. لأنها هادئة جدًا والطريق إلى بيتها غير مضاء بالنيون والموسيقى الصاخبة، كتبت رسالة التهنئة الطويلة هذه لتشاركوني الاحتفاء بها.

زوروا المجلة واشعروها بالحبّ

theitmag.com

كلّ سنة وأنتي طيبة موضي الحبيبة، تجعلين الـ ٣٢ مميزة ومختلفة جدًا

.

.

.

كيف تفاجئ نفسك؟

 

Painting by Amanda Blake

.

خلال ساعات العمل اليوم حذفت مفضلة مواقعي التي جمعتها من ٢٠٠٧م تقريبًا. عشر سنوات من الروابط المتنقلة التي تتوالد وتمتدّ إلى ما لا نهاية. اكتشفت بأنني أخزنها بلا فائدة! بعضها لا يقود لأي موقع ويعطيني رسالة أن هذه المدونة لم تعد موجودة أو هذا الموقع لا يعمل. وبعضها آخر مدخلاته تعود لثلاث وأربع سنوات مضت. لماذا الحفظ إذًا؟ تذكرت شعار السنة: التخفف. وتذكرت بأنها فرصة لمفاجأة نفسي. حذفت الروابط وخرجت لزميلاتي في المكتب وأخبرتهنّ بالمغامرة، ضحكن وسألنني هل ندمت؟ قليلًا. لكن مع وجود مواقع مثل Pocket وبنترست وغيرها أصبحت أحفظ ما احتاجه مباشرة وأراه أمامي وبعد القراءة أو الانتهاء من المعلومة أحذفها من القائمة وهكذا.

قبل يومين طرحت سؤال في حسابي على انستقرام: متى آخر مرة فاجأتوا أنفسكم؟ وتنوعت الإجابات وكشفت عن فهم مختلف للسؤال. هناك من ذهب للمفاجآت المادية مثل شراء شيء أو الذهاب لمكان، والبعض الآخر فهم السؤال بشكل معنوي: تغلب على مشاعر معينة،أو استعادة الثقة في موهبة ما.

كيف نفاجئ أنفسنا؟

الموضوع ببساطة هي الاستسلام للفضول، كسر الروتين، وتجربة شيء خارج عن ما تألفونه وتعتادون عليه. قد يكون الموضوع داخلي مرتبط بالمشاعر كالتخلص من القلق تجاه أمر ما، أو خارجي ببساطة سلوك طريق مختلف إلى العمل.

فكّرت بيني وبين نفسي ووجدت أنّ إجابتي على السؤال الذي طرحته على المتابعين ستكون كالتالي:

  • جرّبت ارتداء ملابس مختلفة بألوان جديدة علي. استبعدت بنطلونات الجينز التي بحوزتي واحتفظت بواحد فقط ارتديه عدة مرات في الشهر.و اتجهت لخيارات طبيعية ومريحة أكثر واختصرت خزانتي إلى ٣٠٪

  • تمر فترات طويلة لا استمع فيها للأغاني، موسيقى كلاسيكية أو كتب صوتية فقط. مدهش التفكير بصحبة الموسيقى وغياب الكلمات. يأخذني لأماكن جديدة

  • خلال السنة الماضية بدأت بتجربة تناول الأطعمة المطهوة بطرق مختلفة، دخلت منطقة كانت خطرة ومستحيلة بالنسبة لي: منطقة اللحوم النيئة أو المطهوة قليلًا. القائمة بدأت من الأسماك ووصلت للحوم. الفكرة كانت مرعبة في البدء، تناولت اللقمة الأولى مغمضة العينين وبدأت القصة المدهشة من هناك. هذه السنة جرّبت لحم الغزال والبطّ المقرمش والاخطبوط! أيضًا أصبحت المشروبات التي تحمل الزنجبيل في قلبها مشروباتي المفضلة. والتوابل الآسيوية الحارة والفلفل ركن أساسي في الأطباق التي أعدها وأطلبها. فيما مضى كانت قضمة واحدة كفيلة بإشعال معدتي وتوعكي لأيام، تناولت التوابل والفلفل تدريجيا وعلى فترات حتى عدّلت طاقة احتمالي

  • حكاية قريبة أيضًا: استمعت لحلقة البودكاست (بودكاستي) كاملة بعد تسجيلها دون أشعر بالإنزعاج. من يعرفني جيدًا يعرف أنني لا أحب الاستماع لصوتي مسجلًا نعم قصة غريبةتدريجيًا بدأت اتصالح مع الفكرة

  • غيرت الممر الذي ابدأ به في التسوق من السوبرماركت، واكتشفت أني استبعد بعض المنتجات التي لا احتاجها بشدة وفي آخر مرة زرت السوبرماركت نجحت في تجنّب ممر الجبن الذي كان كعب آخيل بالنسبة لي

  • أيضا وجدت واحدة من الأفكار التي يمكن أن تفاجئ بها نفسك: التقدم لوظيفة كنت تعتقد بأن حصولك عليها مستحيل. أو أن الامكانيات التي لديك لا تتناسب معها. المفاجأة الحقيقية: أن تتقدم لها وتُقبل!

  • انهاء علاقة سامة أو التقليل من جلوسك مع أشخاص يتعبونك أو يؤذونك بشكل ملحوظ

  • اعطيت الآخرين فرصة في تدليلي ومساعدتي، وزعت مهامّ كثيرة في العمل كانت ترهقني وأنا أحاول اتمامها دون جدوى، فاجأت نفسي هذه المرّة بتقبل العمل ضمن الفريق وليس الانفراد بكل شيء

  • عندي مشكلة في بدء الأحاديث مع الغرباء، دائما هم يبادرون وأنا انطلق! وإذا لم تدفعني الحاجة أو الضرورة للكلام لن أفعل. في عطلتي الأخيرة جلست وقريباتي وإلى جوارنا مجموعة من السياح الذين يتكلمون لغة جديدة عليّ، كانت مزيج من اليونانية والايطالية والبولندية ولكنني لم أنجح في اكتشافها. بعد صراع طويل التفتت نحوهم وهم مغادرين وسألت: عذرًا لكن إلى أي البلاد تنتمون فقد احترنا في اللغة. وكانت الإجابة مرحبة: نحن من رومانيا. لا يعرف جيراننا كيف كان قلبي ينبض بسرعة وكيف ضغطت بشدة على نقطة في كفّي لأهدئ من روعي وأنا أطرح السؤال بسرعة. فاجأت نفسي وبادرت ببدء الحديث وإن كان قصيرًا

  • سافر إلى مكان جديد. قبل عدة أيام ألغيت حجزي لوجهة كنت أنوي زيارتها في إبريل القادم، واستعدت قيمة التذكرة. كانت مفاجأة قوية على نفسي، لكن فكرة تغيير الوجهة والانتظار لمغامرة أكبر شجعتني على إلغاء الخطة

  • جربوا استعادة موهبة مدفونة. إحدى المتابعات تكلمت عن عودتها للرسم بعد انقطاع، وأنا أفكر في مهارات هزمتني مثل الخياطة التي قد أفاجئ نفسي مستقبلًا وأتقن شيئا منها

  • وأخيرا تذكرت واحدة من التغييرات المفاجئة التي احتفت بها عائلتي: توتّر ما قبل المناسبات. كنت دراما حقيقية في كل مرة ننوي الذهاب لحفلة كبيرة سواء كانت زواج أو اجتماع عائلي! من الاستعداد لارتداء الملابس للخروج، توتر عارم وأحيانًا يستفحل الوضع ويصل للبكاء وانعدام الثقة في مظهري. حدث شيء ما في إحدى المساءات وأصبح الاستعداد للخروج مصحوبًا بالضحك والأغاني والانتهاء قبل الجميع

هذه التدوينة ولدت كمحاولة منّي لمقاومة قيلولة سيئة بعد المغرب، والآن الساعة بعد التاسعة بقليل وأي مؤشرات على النعاس تلاشت بالكامل. شاركوني قصصكم ومحاولاتكم الناجحة والفاشلةفي مفاجأة أنفسكم.

.

.

.