اكتب لأنجو

على كفي الأيمن أثر يتلاشى لتحليل دمّ. في كلّ مرة أزور المستشفى لفحص طبّي أو مراجعة وتحتاج مني دمّ أدخل في نقاش سريع مع الممرضات: لن تجدي مكانًا على ذراعي، وتصرّ وتؤكد بأنها أفضل من الممرضة التي سبقتها. وأقول لها هنا على ظاهر كفي الأيمن أفضل مكان. تستغرب وتقول بأنه مؤلم وصعب. وأعيد من جديد قبل أن تبدأ بثقب ذراعيّ والضغط بحماس. تتأفف بعد عدة دقائق وترضخ أخيرًا، وتعدّ كفي لسحب الدمّ. ننتهي سريعًا وأخرج. على ظاهر كفي الأيمن أثر تحاليل دمّ متباعدة أصبح مثل شامة بلون فاتح. “هذا هو التحليل الطبي الوظيفي الأخير.” صرّحت لعائلتي. هذه المرّة ستكون وظيفة لوقتٍ طويل. سأحارب كل شياطيني وأتمسك بها لأنّ الأوضاع حولي غير مستقرة، ولأن الوقت قد حان لأجدها.

نهاية العام الماضي شهدت زلازل عنيفة على المستوى الشخصي، الكثير من الخطط والآمال تهاوت وأنا أنظر لها بهدوء وإيمان مستقر وغريب. لم أخطط لأيّ من هذا. وأشعر في لحظات كثيرة بأنني استيقظت في جسدٍ آخر، وقصة أخرى. لكنني ملزمة بتعلم أبجديات هذه الحياة من جديد. كل ما تعودته وحرصت على التمسك به أثبت في مواضع عدة هشاشته. وأنا أريد الوقوف على أرضٍ صلبة.

على كفّي الأيمن أثر خفيف لتحليل الدمّ الذي أجريته في فبراير قبل الانطلاق في وظيفة جديدة. تركتُ ورائي ست سنوات من العمل في صناعة المحتوى والتسويق. هذه الخبرة والمعارف التي التهمتها بنهم خبت شمعتها تدريجيًا بداخلي. وبدأت أبحث عن نافذة جديدة. شيء يمكنني العمل عليه بخبرتي هذه، بالأدوات التي أملكها، والآن أنا في مجال البحث وجمع المعلومات. أكتب وأقرأ واترجم، وأقضي ساعات طويلة من يومي في قراءة مئات السطور. اتحقق من معلومة ما، وأبني ملفات عن شخصيات وأماكن وأشخاص. لقد كانت هذه مهارتي الأولى، وسلواي، ومدخل للصداقات والعلاقات والتأثير.

اكتب هذه التدوينة لأخفف عن نفسي الغثيان الذي يلازمني منذ أيام، أجاهد نفسي بالكتابة وأدون أحداث الحياة حولي. أخفف عن قلبي القلق والتفكير بإخوتي خلف المحيط، أركز على ضوء غرفتي الرمادي والنهار الذي يبتعد تدريجيًا. رائحة شمعة البرتقال والعنبر.وذاكرة صيفيات بعيدة تزورني.

هذا العزل أو الحجر المنزلي الاختياري كان حياتي قبل سنوات. أشعر الآن بالهلع لأنني لن أخرج للعمل، أو التقي بصديقتي كل يومين في مقهانا المفضل لنثرثر ونكتب. لن أخرج للقاء أقاربي الذين لا تفصلني عنهم سوى عدّة أحياء. ولن أتمتع بحريّة الخروج لتأمل المدينة التي أحبّ.

كانت هذه حياتي قبل سنوات، تمر الصيفيات بلا سفر، ولا لقاء للأقارب إلا نادرًا، وإذا لم أخرج من المنزل للسوبرماركت أو الطبيب، كنت أحطم الأرقام القياسية ضاحكة مضى شهر على آخر مرة خرجت.” كانت هذه حياتي قبل عمل مستقر واستقلال مالي عن الأسرة، وأوضاع أفضل وتوفر للمواصلات. كيف كانت كلّ هذه الساعات تمرّ؟ ربما لأنني لم اكتشف رفاهية الخروج بلا هدف. ساعات محددة كل عدة أسابيع لاقتناء الضروريات والعودة من جديد للعزلة الاجبارية. أعود لتلك الأيام وأتذكر الصديقات في منزلنا، ساعات الظهيرة الكسولة والقراءة والأحاديث الطويلة وتجربة الوصفات، والتأمل، الكثير من التأمل.

انتقد نفسي وأذكّرها بتلك الأيام، واستشعر نعمة الانطلاق في الحياة وحرية الاختيار في البقاء والعزلة. وأتمنى أن تمرّ هذه الأيام سريعًا، وأن يهدأ قلبي، ونخرج من هذه الأزمة سالمين وأحبّتنا.

.

.

.

السرعة الأرضية ٧٢٥ كم

جلست لكتابة هذه التدوينة يوم السبت الماضي بعد أن أخذني الحماس لبدء التدوين الأسبوعي. انزلق اليوم كالعادة وتذكرت قبل ليلتين أن التدوينة لم تُكتب، ولم تنجح الخطة.

أحاول من جديد لنفض المشاعر والأفكار كما كانت التدوينات قبل عقد من الآن. أتذكر بوضوح أسبوع دونت فيه يومياتي عندما انقطعت عن شرب القهوة، وأسبوع آخر جربت فيه تحديات متنوعة مشتركة مع مجموعة مدونات. وأيام أخرى كنت أكتب تحت تأثير هذيان الحمّى وعلاجات البرد.

كان ترددي أقلّ وحماسي أكبر. كان هذا كله قبل أن تصبح الكتابة وحش أقابله كلّ يوم، في المكتب، على الهاتف، في أحاديث الأصدقاء. نمت هذه الكوابيس بيني وبين السطور عندما أصبحت الكتابة كلّ شيء إلا هوايتي الشخصية والحميمة.

أين كنا؟

عودة لفكرة التدوين الأسبوعي وكيفية المحافظة عليها، كل أسبوع تقريبًا أكرر نفس الروتين خارج ساعات العمل: هناك مشاهدات، وقراءات، ومواضيع تناقشها دوائري الاجتماعية، أو تجربة شيء جديد طبعًا.

هذه التفاصيل ستكون العمود الفقري للكتابة نهاية الأسبوع (الخميس تحديدًا) إلا إذا كانت لدي مواضيع مخصصة احتاج الحديث عنها باستفاضة.

لماذا فعلت ذلك؟

نهاية الأسبوع الماضي كنت في رحلة سريعة للمنطقة الشرقية، وكالعادة عندما أسافر وحيدة تصبح كلّ حواسي متأهبة. وخاصة حاسة السمع التي تلتقط أحاديث الغرباء، والنداءات، والضحك، وكل الأصوات التي لا التفت لها بصحبة رفقة ممتعة.

أبطال هذه القصّة أبّ وطفلته التي لم يتجاوز عمرها خمس سنوات بحسب تحليلي. كانت تقفز حول الكراسي ويطلب منها أكثر من مرة أن تجلس بهدوء. وكررّ مرات ومرات اجلسي، اجلسيبلا فائدة حتى اطلق جملته الحاسمة: “اجلسي وإلا بزعل!” وجلست أخيرًا متملمة.

فكرت لحظتها أنّ المشهد يمكن أن يلخص حياة الكثير منّا، ولن أحدد الفتيات فقط.

الأب لم يوضح للصغيرة أنّ القفز والركض خطر عليها، سيؤذيها هي، أو يؤذي الآخرين الجالسين حولها. بمجرد أن حددّ بأن مشاعره هو ستتأثر، وخاصة شعوره بالزعل أو الضيق، امتثلت للأمر.

وفكرت طويلا كم عدد المرات التي امتنعت أو قمت بفعل شيء يخصني أنا وحدي، بتأثير من زعلأحد الوالدين أو كلاهما. ولأذهب أبعد من ذلك وحتى لا يكون الأمر محددًا بهم، يجرب كل شخص تجمعه بك علاقة حميمة من أصدقاء وأقارب هذا السلاح معك. فهل تمتثل؟

لقد تخففت تدريجيًا من هذا الشعور، وبعد حرب طويلة أصبحت أزن الأمور بميزان شخصي، هل هذا الأمر سينفعني أو يؤذيني؟ هل قيمي الشخصية هي البوصلة؟ أو مشاعر الآخرين؟

ومن لحظة الأبّ وابنته التي اقحمت نفسي فيها دون شعور، امتدت تأملاتي لأيام، ووصلت للحظة الحقيقة: أنا لم اتحرر تمامًا من حبسة الذنب تلك، إلا أنني على الأقل أصبحت أكثر وعيًا وانتباها لها.

الحامي الله

في رحلتي القصيرة بدأت الاستماع للكتاب الصوتي Atomic Habits – By James Clear وكما سمعت مؤخرًا أن هناك ترجمة عربية مرتقبة له العادات الذريّة“. جيمس كلير كاتب ومدون أتابعه منذ مدة ولم أجد الوقت لكتابه إلا مؤخرًا. يناقش كتابه العادات وكيف تبني هويتك الشخصية، كيف تنقل حياتك من صفحة لأخرى بتغيير عاداتك. والأهم من ذلك، كيف تبدأ بذلك تدريجيًا. الكتاب حصيلة أبحاث ومطالعات ودراسة لسيناريوهات عرفتها الانسانية على مدى القرون.

يجمعها جيمس في الكتاب بطريقة مشوّقة وواضحة وسلسة. والجميل في الموضوع أن جيمس يدعم كتابه بوسائل مجانية يمكنكم طباعتها وتطبيقها في حياتكم اليومية تحت تبويب Cheat Sheet.

قبل أن استطرد كثيرًا كانت هذه المقدمة لأخبركم أن الكتاب ممتع للاستماع، ولم يقطع فضولي لاكماله سوى عجوز بشخصية لامعة كانت رفيقة مقعدي في الطائرة. وصلت على كرسي مدولب، وجلست بصعوبة وإلى جوارها ابنتها التي قيمت عمرها بين نهاية الأربعينات وبداية الخمسينات. قامت بتحيتي وابتسمت عيناها عندما رحبت بها بالمقابل. في انتظار الاقلاع وعبر الميكروفون بدأت تعليمات السلامة وطلب منا ربط الأحزمة. انتبهت لابنتها توصيها بربط الحزام، لكنها رفضت بإيماءة من كفها الذي لفت انتباهي. لقد رأيت هذه الكفوف في زمنٍ بعيد جدًا. نفس التجاعيد والحناء الباهت، والخواتم الذهبية المطعمة بالأحجاز الفيروزية. حتى الطريقة القلقة التي تلفّ بها خواتمها حول أصابعها، واحد تلو الآخر، وتعود من جديد للبداية. عاودت ابنتها الطلب بصوت أعلى هذه المرة وكأنها تطلب مني العون والتشجيع. التفتت وابتسمت للعجوز وأكدت على كلام الابنة، ووضعت يدي على كفها وكأنني لمست الكفّ البعيدة التي لم تعد. قالت العجوز المعترضة ليش؟ قلت عشان يحمينا. وردت بسخرية: الحامي الله يا بنتي وش تسوي الاحزمة. لم اعترض. وبقيت عيناي مسمّرة عليها طوال الرحلة، والكتاب الممتع أصبح كومبارس.

لها نفس التفاصيل الجسدية لجدتي الراحلة، حتى فوضى العباءة والبرقع الذي تضيع نظرته بين عينيها وأجدني بعفوية أرتبه لها. هذه العجوز ليست جدتي، لكن لها نفس الرائحة والضحكة الساخرة والنبرة. ونجحت بإقناع نفسي أنها هدية بين السماء والأرض لتطفئ هذا الشوق الذي يستيقظ كل فترة ولا أجد له حلًا.

أشياء لطيفة للأسبوع الماضي:

 

كيف كان أسبوعكم؟ أي اكتشافات جديدة؟ قصص؟ احتفالات وألوان؟

.

.

.

الركض في مضمار جديد

بينما عبرت السيارة إحدى دوارات المدينة انتبهت لشاحنة نقل صغيرة تحمل جهاز Elliptical الرياضي. شيء يشبه دراجة ثابتة تمرّن الجسم بأكمله. فكرت في حماس الشخص أو الأشخاص الذين طلبوا هذا الجهاز، وربما كانت تلك فكرة جيدة بالتزامن مع موسم تخفيضات نهاية العام. اشتري الجهاز واشتري معه قصة محاولة جديدة في التمرن وتغيير حياتي واتباع نمط صحي.

مذهل!

لكن ما هو العمر الافتراضي لهذا الحماس؟ تذكرت نفسي قبل عدة سنوات عندما اشتريت مجموعة من الأجهزة الرياضية عبر تخفيض هائل في نهاية العام. اشتريت جهاز مشي، وأثقال، وهذا الجهاز، وأشياء إضافية لا أذكرها اليوم. بعد عدة أشهر من الاهتمام تحولت إلى قطع ديكور إضافية في فوضى الصالة. وهذا الـ Elliptical خاصة أصبح منشرة ملابس من الطراز الممتاز. وتمسكت به لسنة أخرى أو اثنتين، حتى استسلمت أخيرًا وقررت التبرع به لمن يحتاجه.

نهاية العام تقترب وأنا أركض بين الأفكار، والنقلات، وأحاول جاهدة إغلاق الملفات التي لم تثبت جدارتها في الوقت المتاح. أيامي اختلطت عليّ، وأحداثها أذكرها كما يتذكر المحموم كوابيسه. ومن جهة أخرى، هذه أنشط فترة في حياتي بالتعلم. مضى وقت طويل على تعلم أيّ شيء، وخلال ثلاثة أشهر، شُغلت بالتعلم عبر الانترنت، وفي ورش العمل، ومن خلال الاختبارات الشخصية وتحليل نتائجها.

كانت الفكرة نشر هذه التدوينة قبل عدة أسابيع، لكنها بقيت في المسودات وتوزعت أفكارها في الدفاتر الصغيرة التي أحملها في تنقلاتي مؤخرًا.

التزمت بالعمل على مشروع يتطلب مني الحضور لمكاتب الجهة بدوام جزئي، وعدت للانضباط بعد إجازة شبه طويلة. اكتشفت بأنني أحب العمل المستقل جدًا لكن إذا كان مصحوبًا بالخروج من المنزل لعدة ساعات. هذا الخروج يمنح الوقت إطار محددّ. أعرف مثلا بأنني سأخرج من الساعة الواحدة ظهرًا وحتى السادسة، وأرتب يومي وأعمالي حولها.

كانت هذه السنة بمثابة اختبار طويل، كلما قلبت الصفحة ظهرت مجموعة من الاسئلة، والألغاز! الشيء الأكيد الآن أنني اجتزت الاختبار، درجاتي متفاوتة، وإجاباتي تحتمل أكثر من تفسير. اجتزت الاختبار وحصلت على التقييم على الأقل تقييمي لنفسي.

والآن على غرار السنة الماضية سأشارككم قائمة ١٩ لـ ٢٠١٩:

١صناعة مساحة للاسترخاء والتوقف تمامًا عن العمل.

٢التخفف من المقتنيات حتى المحببة.

٣الهدوء والتأمل.

٤التبسّط في الطعام.

٥العودة إلى الداخل.

٦تسليم دفة القيادة.

٧السفر لوجهات جديدة.

٨قول نعم للتغيير وإن كان مربكًا.

٩التنازل عن رغبة شخصية ملحّة قد تكون مؤذية لأحبتي.

١٠البدء بتعلم قيادة السيارة.

١١التنازل عن آراء أثبتت عدم جدواها ومناسبتها لحياتي الآن.

١٢كتابة الرسائل الطويلة والاحتفاظ بها دون إرسال.

١٣العودة للتعلم في مجالات مختلفة.

١٤الاستسلام للفوضى مؤقتًا.

١٥الالتزام بمشروع لسنة كاملة.

١٦بناء مساحة تواصل مشتركة وممتعة بين الأصدقاء.

١٧إعادة تصميم الحياة الاجتماعية وتنظيم لقاءات واجتماعات ذات معنى.

١٨أمسيات الطهي الشهرية مع مها البشر

١٩العمل خارج المنزل كلما سمحت الفرصة بذلك.

.

.

.

حدّثوني عن ٢٠١٩ خاصّتكم، كيف كانت؟

كيف غيّرتكم؟

.

.

.

الفصل ٣٧: إعادة الإعمار

قضيت عدة دقائق صباح الأربعاء وأنا أحاول تذكر أي فرشاة أسنان تخصني؟ نسيت تمامًا ولوقت غير بسيط لون فرشاتي واحتجت للتأكد من أختي التي تشاركني غرفة الحمام. هذا النسيان المخيف يقابله عدة أسابيع عاصفة من ختام الأشياء، وبداياتها. خلال الأسابيع الماضية انهيت العمل على مشروع طويل المدى، توقعت الاستمرار فيه لكن خطة حياتي والتغيرات التي مررت بها حتمت التوقف وإعادة التفكير. كانت تجربة جميلة، وممتعة ولا أنكر: انقذت وضعي المالي. والآن تعود الأيام لمرونتها وانطلاقها. خلال الأسابيع الماضية احتفلت بعيدي السابع والثلاثين، كان يوم ممتع بصحبة الأحبة والأصدقاء واحتفلت به كما يجب. أيضًا ذهبت في رحلة قصيرة للندن بصحبة موضي أختي. كان الغرض من سفرها حضور ورش عمل إبداعية، وكنت الهاربة من كل شيء بحثًا عن سرير وثير، وأمطار تغسل روحي.

التدوينة أدناه مسودة طويلة بدأت العمل عليها قبل ثلاث أسابيع تقريبا، وكلما مررت بفكرة أضفتها حتى أصبحت مثل لحاف مرقع ومحبوب!

أردت العمل عليها في رحلتي، واكتشفت في الجو أنّ الملف الذي بدأته على جهازي في المنزل ولم أرفعه على الغيمة التي تحمل كل شيء. هذه المسودة التي قاومت قفل الجهاز المفاجئربما قُطعت الكهرباء في غيابي، قاومت النسيان والضجر والتردد الذي يزورني كلّ مرة أكتب فيها عن أي شيء. التردد الذي يبث الرعب في مسودة كتابي الأول وأطل عليه برجاء أن نتفق ويظهر للنور.

غرفة المكاتب

في طفولتي انتقلنا للعيش في منزل أرضي واسع. هذا البيت يزورني في الأحلام دائمًا، ربما لأننا قضينا فيه فترة طويلة مقارنة بالثمانية منازل الأخرى. وكل هذا فقط في الجبيل قبل انتقالنا للرياض. المنزل يتوسطه حديقة صغيرة يعلوها منوَر. حول المنور والحديقة تدور الغرف. من جهة صالة الجلوس، ومخزن صغير فيه ماكينة خياطة وأدوات وأقمشة بدأت منها والدتي مشروع حياتها. يجاوره غرفة والديّ الرئيسية، مخزن الألعاب، وثلاث غرف متجاورة كانت أكبر من احتياجنا بعد العيش في مساحات ضيقة. كانت غرفة نومنا مثل غرفة الدببة الثلاثة، أسرتنا وخزانة تكفينا أنا وأخواتي، والغرفة المجاورة في البدء كانت غرفة المكاتب! نعم هكذا كنا نسميها، فيها ثلاثة مكاتب لم تستخدم للواجبات المنزلية إلا مع حماس البدايات. لاحقًا أصبحت أرضية الصالة وقت الظهيرة مكان حل الواجبات، في المنتصف تمامًا أمام التلفزيون.

غرفة المكاتب كانت مسرح لأعمالنا الدرامية المرتجلة، وذات ليلة قررت الانفصال عن أخواتي والانتقال إليها بوضع اليد. فرشت الأرض واستخدمت أبجورة وتخيلت أنني كبيرة كفاية للعيش وحدي. كانت أطول ليلة أرق مرّت علي. أشجار الحديقة وظلالها أرعبني، أنفاس أخواتي التي افتقدتها كانت مثل تهويدة أغفو عليها. صباح اليوم التالي عدت للغرفة متحججة بصلابة الأرضية وعدم مناسبتها للنوم.

استمرت غرفة المكاتب طويلًا قبل أن تتحول لغرفة ضيوف. لكن هذا الشعور الذي يلازمني، الرغبة في مساحة للعمل، وأخرى للنوم. الحاجة التي جاءت من العمل المستقل والعودة لضيق المساحات مع انتقالنا لمدينة جديدة ومنزل مؤجر.

مع بداية السنة الماضية اقترحت موضي فكرة قد تساعد في تحسين مساحة عيشنا. انتقل لغرفتها وتكون مخصصة للنوم فقط، وتحويل غرفتي الأكبر إلى مساحة عمل وترفيه. الوضع السابق كان غرفة موضي الصغيرة جدًا، مع سرير وخزائن، وتلفزيون ضخم. نجتمع فيها للمشاهدة أو العمل على أجهزتنا المحمولة بينما غرفتي الأكبر نصف مكتب، ونصف مكتبة، ومساحة نوم وتخزين صغيرة ومساحات فارغة غير مستغلة. رفضت بشدة، والآن أحاول تذكر سبب رفضي ولم أجد غير الكسل للأسف. كنت في فوضى عارمة وأحببت أن أبقى فيها لأطول وقت ممكن. فالتمسك بحالة الفوضى المادية للغرفة، والأثاث المتراكم والأشياء كان يشغلني من فوضى نفسي. وهذا مريح.

خلال الشهور الماضية، وعندما تعاظمت حاجتنا للاسترخاء والعمل لساعات طويلة، بينما يرتاح أحدنا في غرفة أخرى. راجعت نفسي، ووافقت على الفكرة. نحتاج غرفة منظمة للعمل ومشاهدة التلفزيون في مساحة واسعة وليس على وسائد على الأرض. نحتاج أريكة مريحة للقراءة لساعات، واستقبال الصديقات الحميمات وأفراد العائلة بعيدا عن برودة مجلس الضيوف.

كان شهر رمضان هو الموعد المرتقب، لكن التأخير نقلنا للعيد، وسفري، والعودة للعمل والركض من جديد. حتى جاءت عطلة اليوم الوطني وقررنا أن تكون الموعد النهائي للانتقال. لم يكن لدي أي فكرة عن الخطة، هل ستكون جردة عظيمة؟ أو فقط نقل للأشياء بين ضفتين. لم تكن العطلة كافية بالتأكيد، لذلك بدأنا مبكرًا في جرد الأشياء في مكانها قبل نقلها. الملابس والكتب والذكريات وما بينها. لقد وصلت لمرحلة جديدة من العيش، ولو ركزت قليلًا ونظرت حولي ما هي حاجتي الأعظم الآن؟ مكان ممتع ومريح للجلوس. تبرعنا بالملابس والاكسسوارت، واقتنينا أريكة، وانتقلنا لنغفو ليلة الأحد في غرفة مشتركة جديدة.

ورشة عمل

قدمت بداية شهر أكتوبر ورشة عمل لأساسيات صناعة المحتوى الرقمي، وكانت أمتع من اسمها الطويل! هذه هي المرة الأولى التي أقدم فيها ورشة عمل شخصية بدون استضافة أي جهةوتحقق حضور ممتاز. قدمت الورشة على مدى ثلاثة أيام واستعرضت فيها محاور عدة. الحضور الذي قارب الثلاثين كان منعش وممتع. كل مشاركة لها قصة، لها مشروع، ولديها هدف نهائي ترغب بتحقيقه من خلال الورشة. جربت شيء جديد أيضًا، هو الواجبات المنزلية التي تعمل عليها المتدربات، وتساعدنا في فتح نقاشات في اليوم التالي. هذا الحضور والحماس دفعني للتفكير في نسخة لاحقة من الورشة، ربما متخصصة أكثر، أو موجهة لموضوع آخر انتبهت له من خلال الأحاديث.

كانت الورشة خير ختام لفصل طويل من العمل والركض، ومع أن تجهيزها لم يكن مرهق إلا أن فكرة العمل خلال النهار ومن ثم الوقوف لساعات للكلام كانت تمتص طاقتي لآخر قطرة.

ثلث مكتبة

بعد الانتهاء من ورشة العمل قررت بيع مجموعة كتب جردتها خلال عملية الانتقال العظيمة. عرضتها خلال عدة ساعات في يوم واحد وما تبقى ذهب للصديقات.

الجردة أتت على ثلث مكتبتي الحالية، والمجموعة كانت إما كتب انتهيت من قراءتها، أو لم أحبها، أو نسخ مكررة لكتب لدي. احتفظت بالكتب التي أحب إعادة زيارتها، وتلك التي تحمل إهداءات أو ملاحظات خاصة، وطبعًا مجموعة معرض الكتاب الأخير التي لم التهمها بعد. شكل الرفوف الخالية منعش، ولا أنكر أنه كان مغرٍ جدا شراء المزيد. والكتب التي وجدت بيوت جديدة، فكرت فيها قليلًا. مكتبتي الحالية حصيلة جردات متتالية منذ انتقالي للعيش في الرياض. أظنها لعنة المساحات المؤجرة والخيار الذي يلحّ عليك دائمًا: حتى تتسع الحياة للجديد، اطلق سراح القديم. التخفف من الأغراض المتنوعة والملابس والكتب هوّن علي قصة درامية قادمة.

هنري الأمريكي

أكثر أفراد عائلتي معاناة مع دراما السفر: أنا. لا أحد يعلم حقيقة ولا أنا ما السبب؟ هل يعمل عقلي بطريقة مختلفة خلال الرحلات؟ أو أن عواطفي مركزة ومتجهة بالكامل للبهجة والمشي والاكتشاف، وحساسيتي تجاه ما يحدث مضاعفة؟ لا أدري.

مايو الماضي وفي محطة الباص بنيويورك رفضت السائقة حمل حقائبي رفضًا تامًا، قبل حتى وزنها. اختارت أن الباص لا يتسع لي ولها. وبفضل دعائي وبكائي ساعدني مسؤول مصري كان متواجدًا حينها. وسافرت لأخوتي واحتجت لعدة أيام لأنسى الصدمة والهلع. نسيت أن لي في المدينة أصدقاء، وأن حسابي البنكي يمكنني من حجز غرفة فندق وربما تذكرة طائرة لبنسلفانيا. اختار عقلي الدراما أولًا. ومنذ ذلك الحين اعتدت البكاء في الأماكن العامة والانهيارات كلما واجهتني أي مشكلة، وهذا غير مناسب لعمري، وحجمي!

في اكتوبر كانت رحلتي التالية لنيويورك، يوم الوصول خرجت من الطائرة ونسيت هاتفي السعودي ورائي. حسابي البنكي ومراسلات العمل، وذكرياتي فيه. وبعد ساعة كاملة من الوصول للفندق اكتشفت نسيانه وعدت للمطار بعينين متورمة.

وفي ديسمبر وصلت لندن ولم تصل حقائبي وبقيت ورائي في الرياض، وفي يوم عودتي بعد رحلة ممتعة واستلام حقائبي طبعًاتم إلغاء حجزي وحجز أختي. بكاء ودراما وكمان حزين، وتمت معالجة المشكلة وعدنا سالمين.

قبل أسبوعين وصلت لندن وركزت جهدي كله قبل وخلال وبعد الوصول للانتباه لكل شيء. حزمت حقائبي بوزن مناسب يكفي لتسوق العودة والمباهج التي سأحملها معي للبيت. تأكدت من حجز كل شيء، دفعت كل شيء. وأمام الحزام المتحرك انتظرنا أنا وأختي التقاط حقائبنا بخفة. وصلت حقائبها وبقيت انتظر، وصلت حقيبتي الأولى وحملها والتالية كذلك. دفعنا العربات ببهجة ونظرت لمكتب الأمتعة المفقودة، عبست وتمنيت ألا أقف هناك مرة أخرى مع الحرص على أن تكون أمنية مسموعة ورددت أختي: آمين! في الطريق للفندق التقطنا صور اليوم المطير، ضحكنا، نظرت للمدينة بسعادة. وصلنا لفندق اكتشفناه وسيصبح وجهة دائمة المزيد عنه في تدوينة قادمة-. أخبرتنا الموظفة المسؤولة أن الغرفة لن تجهز قبل أربع ساعات كما هو معتاد. وقضينا الظهيرة في شرب القهوة، والعمل، وتناول الغداء. عندما جهزت الغرفة دخلنا واقترحت على موضي أن ننتهي من ترتيب الحقائب وتفريغ الأغراض قبل القيلولة لنبدأ رحلتنا. فتحت الحقيبة لتنتثر محتوياتها أمامي مثل خزانة ألعاب. غضبت، لأنني أذكر جيدًا كيف أقفلت الحقيبة وكيف كانت مرتبة بعناية. في تلك اللحظة بدأت محتويات الحقيبة تتضح، قمصان زرقاء، قمصان مخططة، مربعات صغيرة، وفي يدي حقيبة أدوات حلاقة، ورائحة عطر رجالي رخيص وعرق! موضي كانت تشاهد المنظر لكن الدهشة عقدت لسانها حتى صرخت: هذه ليست حقيبتي! واكتشفت أنّني حملت حقيبة بالخطأ، وقبل أن تستعجلوا للومي: نعم كنت مغيبة ولم اقرأ البطاقة عليها، فقط شددتها نحوي لأنها مطابقة لحقيبتي النادرة ليست نادرة جدًا بعد الآن.

الآن أنا في دوامة من الأنفاس المتسارعة وشلل الحركة من الصدمة. بحثت عن حافة السرير لأجلس قليلًا وأفكر. لمن هذه الحقيبة؟ طبعا ليست لي. قرأت البطاقة تحمل اسم هنري الذي نسيت عائلته الآن. هنري مسافر معي على نفس الرحلة وحقيبته تشبه حقيبة شخص فوضوي أو هارب. اقفلتها بصمت. وبعد اتصالات مع مسؤولي الخطوط، قررت الذهاب بنفسي للمطار وتسليمها عسى أن يكون تنبه للخطأ وأعاد حقيبتي بالمقابل.

في هذه اللحظة كانت الساعة تشير للثالثة عصرًا، لم أنم منذ الليلة الماضية، والرحلة كانت مزعجة. الشيء الوحيد الجيد أني تناولت وجبة الغداء، وضحكت واستقبلت الرحلة بحماس. الشيء الثاني الكلمات التي رددتها موضي على سمعي وهدأت من روعي، إنها مجرد أشياء، ليست ملابسك المفضلة حتى! ويمكنك استبدال كل محتوياتها.

خرجت من الفندق للمطار وبكيت، حاولت التوقف لكن لم استطع. أنا في صراع حقيقي الآن، تقولين لا تهمك المقتنيات المادية كثيرًا لكنك تبكين؟ كيف؟ سائق التاكسي باكستاني تأثر من بكائي ومن قصتي وأصرّ أن الحقيبة ستصل. فقط رددي: لا حول ولا قوة إلا بالله. وصلت المطار، وسلمت الحقيبة على نفس المكتب الذي دعوت ألا أعود إليه، وانفجرت بالبكاء عندما وقفت هناك من جديد وأخبرني الموظف أن هنري أمريكي، ولا يوجد له بريد إلكتروني أو هاتف ويبدو أنه مسافر على رحلة مواصلة. دراما!

كانت الكلمات تتشابك على الورق، واللغة الإنجليزية التي أجيدها أصبحت مثل رموز مجمعة وغير مفهومة. سألته بلطف: أرجوك أنا أجيد القراءة، لكن الآن لا استطيع. هل يمكنك قراءة المكتوب على مسمعي لأتمكن من ملء الاستمارة؟ ساعدني وانتهيت وبدأ بإلقاء النكات: تخيلي زوجة هنري وهو يفتح الحقيبة لتجد ملابس نسائية بين أغراضه. تجاوزت مرحلة البكاء في تلك اللحظة وقررت البدء برحلتي، سواء عادت الحقيبة أو تخلص منها هنري الغاضب في شارع بعيد. بدأت بفرشاة أسنان وأدوات عناية شخصية وخرجت لمواقف التاكسي. قابلني مايك البشوش ليسألني عن وجهتي وانطلق إليها، اكتشف بعد عدة أمتار أنني لا أحمل حقائب سفر. سألني كيف؟ وبدأت القصة. مايك من جنوب لندن وأصله جامايكي، كان السبب في ضحك متواصل ل٤٥ دقيقة، ومزاج جديد وحماس أكبر للندن.

قلت له أن والدتي وموضي ينصحون بتقسيم الملابس بين الحقائب لتكن مستعدًا لأي شيء، وطبقت النصيحة لذلك لست بحاجة للكثير. وزاد من عنده: اشتري حقيبة لها لون صارخ. مضحكة لا أحد يريد الاقتراب منها أو حملها من الحزام المتحرك. والنصيحة الثانية التي منعتني غفلتي عنها: قراءة البطاقة والاسم ومطابقتها مع التذكرة.

الخبر الجيد، الحقيبة وصلت بعد ٤٨ ساعة تقريبًا، ووصلت لباب الغرفة. ومايك أصبح سائق العودة المعتمد وحصلنا على صفقة توصيل مناسبة لميزانية نهاية الرحلة.

رواية هذه القصة فتح شهيتي لتدوينة قادمة، أحدثكم فيها عن أيامي الملونة في لندن.

.

.

.

RR576

نزعت الملصق الوردي عن قميص العمل ورميت به على كومة الملابس التي ستتحول إلى ناطحة سحاب قريبًا. كان القميص المورّد آخر اخوته الذين ذهبوا إلى مغسلة الملابس قبل شهر. وفّرته للحظة الأخيرة، لليوم الذي استسلم فيه وأرتدي قطعة جديدة خارج متتالية القمصان الزرقاء. كل ليلة أحد، أقلّب كومة القمصان وارتبها وأكويها بمكواة البخار، كيّ خفيف لا أبالغ فيه لأنني أعلم أنها ستنثني وتنعجن تحت العباءة. ساعات الاجتماعات الطويلة التي أقضيها بعيدًا عن مكتبي بدأت بترك أثرها على ملابسي ومزاجي. حتى اهتمامي بنفسي تراجع لدرجة أن إحدى الزميلات قالت بحماس: نعيمًا هيفا! وسألتها ليش؟ لتردّ: صبغتِ شعرك؟ ضحكت في سرّي ورددت: لا عزيزتي هذا طوفان الشيب الذي تجاهلته.

أغسطس كان شهر الغربلة!

وكما حدّثتكم قررت القيام ببعض التغييرات لتساعدني على ضبط أيامي وتجاوز مشاكلي. النتائج مثيرة للاهتمام، وحتى وإن لم تصبح الحياة وردية تمامًا أنا راضية عن هذه اللحظة.

انتظر بحماس أكتوبر لأنفض الغبار عن روحي، واحتفل وأجرب المباهج التي نسيتها لوقتٍ طويل. هناك ورشتي عمل في الرياض والدمام. تنقل وترتيب ومشاريع عمل جديدة، وأتمنى أن أتمّ فيه المقرر الدراسي الذي بدأته بنجاح.

بين سبتمبر وأكتوبر تعود مسلسلاتي المفضلة، وشهيتي القرائية، ومغامراتي الغذائية. هذه المرة أتبع نظام ظهرت بوادر نجاحه خلال الأسبوعين الماضية. أتبع برنامج غذائي منخفض الكربوهيدرات خلال خمس أيام من الأسبوع، وآخر مرتفع الكربوهيدرات خلال اليومين المتبقية. لهذا النظام أسماء كثيرة منها: Keto Cycling, Carb Cycling أو Refeeding Days. ابحثوا عن هذه الكلمات المفتاحية في يوتوب وبينترست وستجدون الكثير من المصادر للتعلم والاكتشاف.

لن أتحدث بالتفاصيل عن هذه التجربة حتى يمر أكثر من شهر عليها، ولكي أشارك ملاحظاتي التي أدونها عن نفسي، وكيف تأقلمت مع هذه التغييرات. مع هذا النظام اكتشفت أطباق جديدة، وطرق طهي، وتحكمت في شهيتي المفتوحة لتناول السكّر. أحد أهم الوصفات التي لن استطيع انتظار وقت أطول لمشاركتها معكم: أرز الزهرة، نعم الزهرة! مررت بوصفات كثيرة لـ Cauliflower Rice وكنت اتجاهلها لأنني لم اقتنع ببساطة. اشتريت نصف كيلو زهرة، نقعتها في ماء وخل لتنظيفها ثم قطعتها لقطع كبيرة واستخدمت محضرة الطعام لفرمها. الزهرة المفرومة تشبه الأرز، حفظت جزء منها في علبة بلاستيك والجزء الثاني حضرته كريزوتو مع الفطر والكريمة والدجاج (يمكنكم اكتشاف مزيد من الوصفات على هذا الرابط)

أفكر في البطاقة الوردية على القميص والرقم RR576 عليها، ماذا تعني هذه الاختصارات؟ الرياض؟ الربيع؟ وهذا الرقم المتسلسل هل يتكرر؟ يا ترى ما هو شكل RR577 قميص آخر؟ أو بنطلون جينز؟ أو فستان أصفر جميل؟ هذه الحيوات السريّة لبطاقات الغسيل أين تبدأ وأين تنتهي؟

أنا مشغولة بكلّ شيء، ولا شيء!

أضع رأسي على الوسادة وكل عضلة في جسمي تشكو للثانية من هذا الجنون. بينما صوت رأسي يأتي من بعيد مثل أمّ حنون تعرف إجابة كلّ شيء: هذا الوقت سيمضي.

أشياء لطيفة في الفترة الماضية:

موسيقى فيلم Once Upon a Time In Hollywood.

قصة المكتباتي الذي سينقذ Barnes & Noble.

قراءة رواية العاشق الياباني لإيزابيل آييندي.

عجوة المدينة كوجبة خفيفة لا ينافسها شيء.

.

.

.