2013: سنة القراءة

Beautiful-Girl-114

.

.

اشتركت قبل عدة أشهر بموقع SurveyMonkey لأسباب أكاديمية. انتهيت من عملي من خلاله وقررت الاستفادة من المدة المتبقية للرسوم التي دفعتها .

كيف؟ فكرت في استطلاعات رأي منوّعة –وهي فكرة جربتها من قبل في مدونتي- ثم ابني من خلالها تدوينة بتفاصيل مختصرة. كان الموضوع الأول والأهم بالنسبة لي: القراءة. كانت السنة الماضية ملوّنة ومذهلة، لكن من جهة أخرى قراءات قليلة وتدوينات أقلّ. تقول الإحصائية السنوية لـ ووردبريس بأنني دونت 60 مرة. ربما هذه أقل سنة في التدوين منذ بدأت في 2005م في هذه المدونة ومدونات أخرى. لا ارغب في الإسهاب بخصوص العام الماضي، قررت ألا أفعل! والحديث المهمّ الآن عن نتائج الاستطلاع. شارك فيه 213 شخص وهو رقم رائع ومحفز لإعادة التجربة مع مواضيع أخرى. الأسئلة موجودة هنا لمن يريد الاطلاع والمشاركة.

النتائج التي جمعتها جاءت كالتالي- ستلاحظون تفاوت النسب وأنها لا تكمل المائة أو تزيد عنها، السبب أن الأسئلة لها خيارات متعددة أحياناً وأنا اظهر النسبة الخاصة بالخيار-:

  • تراوحت أعمار المشاركين بين 16 وأكثر من 40 سنة. والنسبة الأكبر كانت للفئة 21-30 سنة بـ 59%.
  • العدد التقريبي للكتب المقروءة : 25% من المشاركين قرأوا من 1-5 كتب ، 21% من 6-12 كتاب ، و16% 13-20 كتاب ، 38% أكثر من 20 كتاب.
  • 68% من الأشخاص يقرأون كتب الكترونية وورقية، بينما يحتفظ 27% بخيار القراءة الورقية فقط.
  • 83% من المشاركين يقتنون كتبهم من مكتبات محلية. و52% منهم يقرأ الكتب المقرصنة على الإنترنت، و26% يتسوقون من مكتبات خارجية، بينما 27% منهم يشترون الكتب عبر المواقع الإلكترونية المتخصصة.
  • حصلت مكتبة جرير على أعلى نسبة من التعليقات التي قامت بتسميتها المكان الأول للتسوق، يليها التراثية في الرياض وفروع العبيكان. هناك أيضا ذكر لمكتبات دبي مول ولموقع جملون، وأمازون، وبارنز ونوبل، ثم المتنبي بالدمام ومعارض الكتاب عموماً.
  • 11% من المشاركين يصرفون أقل من 100 ريال لشراء الكتب. و20% بين 100-300 ريال، بينما صرف 25% منهم أكثر من 1000 ريال سعودي
  • نسبة استعارة الكتب ضئيلة مقارنة بالشراء. 9% من المشاركين أجابوا بنعم واستعاروا كتباً من مصادر مختلفة.
  • الروايات تربح في سباق المواضيع. 88% من المشاركين قرأوا روايات ويليها السير الذاتية والمذكرات حوالي 55% من المشاركين اختاروها كموضوع لقراءاتهم والنسبة الأقل للموسوعات.
  • اللغات التي يتقنها القرّاء : العربية بنسبة 99% ، والإنجليزية بنسبة 55% ووجدت تعليقات بخصوص إتقان اللغة الروسية/الهولندية/اليابانية والكورية.
  • الآيباد هو القارئ الإلكتروني الأشهر بنسبة 62% من الأصوات، وحصل كيندل على 6% و18% على جالاكسي نوت. وجاء في التعليقات: القراءة على جهاز الكمبيوتر، الجوال والكمبيوتر المحمول.
  • بالنسبة لتوصيات القراءة: 80% من المشاركين يحصلون عليها من تويتر. و6% من فيسبوك و28% من انستغرام، و69% من Goodreads أما توصيات الأصدقاء فحصلت على 57% والراديو بأقل نسبة 1%. أما التعليقات فأظهرت الحصول على التوصيات من خلال: البودكاست، البحث، نادي القراءة، ويوتوب والكتب نفسها.

بورخيس في متاهته

Jorge-Luis-Borges-235x300عندما علم ريتشارد بورغن بزيارة بورخيس لأمريكا. زيارته لكامبريدج تحديداً، ركض. ركض من ساحة هارفارد إلى غرفته في ساحة سنترال. أكثر من ميل من الركض في خمس دقائق. قضى ريتشارد صيف 1967م في التحضير للزيارة واللقاء ببورخيس العظيم. خلال ذلك كان يتحدث عنه في كل مكان يذهب إليه. يذكر بورغن يوم 21 نوفمبر جيداً، بجوه الماطر وتفاصيله الدقيقة ولقاء السادسة والنصف. هذا المدخل الرائع كان المحرض لقضاء أطول فترة قراءة مع كتاب – منذ زمن طويل لم أفعلها- لم أشعر بأنني كنت مدفوعة لإنهائه بقدر تمسكي بكل سطر ومحافظتي عليه في حقيبتي، في السفر وبعد عودتي للوطن. رفيقي بورخيس في كتاب اللقاء الأخير الذي يجمع أفضل لقاءات أجريت معه على مدى عقود واللقاء الأخير الذي أجري معه لإذاعة أرجنتينية في 1985م. هذا الكتاب جزء من سلسلة أعدّتها دار ملفيل هاوس ونشرت مجموعة كتب بنفس العنوان لعدة شخصيات وبنفس الفكرة.

لم أقرأ أعمال بورخيس كاملة. وحتى قراءاتي له مختصرة جداً. بين مقالات وقصص قصيرة واقتباسات. لم يمنعني ذلك من الاستمتاع بقراءة بورخيس الإنسان. حاولت قدر الإمكان جمع أكثر الفقرات التي أعجبتني –وغيرها أكثر- ، والطريقة المثلى التي وجدت أنها مناسبة لعرض الكتاب في تدوينة هي كتابة عناوين فرعية وسرد ما وجدته في حديثه عنها. في الكتاب بالإضافة لاقتباساتي قراءات سريعة في قصصه القصيرة وتحليلها بين مقابله وبينه، الحديث عن ترجماته لكافكا ووالت ويتمان وغيرهم. رأيه في ألمانيا وهيروشيما ولوركا الذي لا يعجبه، لا يمكنني حشر كل تلك المتاهة هنا لكنني أريد تحفيزكم للعودة للكتاب أتمنى أن تعجبكم الاقتباسات وترشدكم لقراءة الكتاب والتهامه بشهية.

jorge-luis-borges

أين تبدأ كتب بورخيس؟

تبدأ من كتب أخرى. لأنني أعتقد بأن قراءة الكتب تجربة لا تقلّ أهمية عن السفر أو الوقوع في الحبّ. قراءة بيركلي وبرنارد شو وإيمرسون مثل تجربة رؤية لندن. شاهدت لندن مع ديكنز وتشيسترتون وستيفنسون بالطبع. يرى الناس أنّ للحياة الحقيقية وجه واحد، السفر والصداع وألم الأسنان مثلاً. ثم يأتي الجانب الخيالي من الحياة في الفنون مثلاً. لا أجد فرقاً واضحاً بينهما. كل شيء يعني لي جزءا من الحياة.

الغضب؟

ليس هناك مجد في الغضب. إنّه ضعف. يجب أن تمنح عددا قليلا من الأشخاص القدرة على إيذائك إلا إذا كانوا يحملون سلاحاً طبعاً. مثلا: لا أستطيع تفهم غضب شخص من تأخر النادل وانتظاره. أو لأن حامل الحقائب لم يكن متحضرا معه. بالنسبة لي هؤلاء الأشخاص أشكال هندسية في حلم. لأن البشر القادرين على إيذاءك حقا –باستثناء الأذية الجسدية من حاملي الأسلحة- هم الأشخاص الذين يهمك أمرهم. يقول لي صديق “لكنك لم تغفر لفلان أو فلان بينما غفرت لشخص قام بفعل أسوأ” فأقول له “لكن فلان الذي لم أغفر له ما فعل اعتقدت بأنه صديق حميم، يصعب علي الغفران إذاً. بينما الآخر الغريب كلياً مهما فعل لا يمكنه إيذائي، لأنه ليس قريباً مني بما يكفي”

أعلى مراتب الانتقام؟

النسيان. هذا صحيح، مثلا إذا كنت أتمشى في الشارع وأهانني أحد المارة، لا أعتقد أنني سأفكر بالأمر مرتين. سأتظاهر بأنني لم أسمع شيئا، سأتظاهر بأن شيئا لم يحدث. على أية حال، أنا لستُ موجودا بالنسبة له فلماذا يكون موجودا بالنسبة لي؟

الأرق

أصبت له لعام كامل في بيونس آيريس. ليالي الصيف طويلة هناك مع الكثير من البعوض والتقلب في الفراش وتقليب الوسائد من حين لآخر. تناولت حبوباً منومة ولكنها توقفت عن العمل بعد حين. هناك الساعة أيضاً تذكرك بأنك لا تنام كلما نظرت إليها ووجدت الوقت لا يتحرّك. لا أذكر متى وكيف توقفت نوبة الأرق تلك. انتقلت لبيت آخر بلا ساعات وكانت الحبوب المنومة موجودة. وأخيراً وجدت النوم. أذكر طمأنة طبيب عبقري نصحني بالتوقف عن القلق بشأن أرقي، وقال ما دمت مسترخياً في سريرك فهذا جيّد حتى وإن لم تغفو. لستُ متأكداً من صحة نظريته لكنني طبقت نصائحه واستعدت نومي بعد فترة.

بورخيس في بلاد العجائب

أحبّ رواية “أليس في بلاد العجائب” لم أكن واعيا بالكابوس فيها. أذكر قراءتها في طفولتي واستمتاعي. شعرت بشيء حيالها لكنني لم أجد الكلمات المناسبة للتعبير عنه ووصفه. عندما قرأتها مجددا ظهرت اللمسة الكابوسية بجلاء.

 r-O_autor_cego-borges e maria_kodama

قراءة الأدب

يحاول الناس التفكير في أكثر من وجه عند قراءة الأدب. يتصورون أنه مكون من أنصاف حقائق وأنّ عليهم إيجاد الصورة الكاملة. أو الحل للرموز. يقولون استمتعنا بقصتك ولكن ماذا عنيت بذلك؟ وأجيب: لا شيء. عنيت القصة ذاتها. يحبّ القراء البحث عن قصة وراء القصة، عن هدف خفيّ ولا يقبلون بغير ذلك. هناك الكتابة للمتعة الخالصة، لا يُكتب كلّ شيء لإثبات شيء! والناس دائما سيبحثون عن درس وراء القراءة.

الموت أم الأبدية؟

لا يرعبني الموت. أفكر في الحياة وكأنها حلم. الأبدية هي ما يخيفني. فالموت يعني التوقف عن الوجود وعن التفكير والإحساس والتساؤل، وأنت محظوظ لأنّك ستموت وتتوقف عن القلق! الأبدية مشكلة. كل ليلة قبل النوم يخيل لي بأنني ذاهب في نوم طويل، قد يحدث ذلك.

السعادة والكتابة

قلت ذات مرة أن الرجل السعيد لا يرغب في الكتابة أو فعل أي شيء. يريد أن يكون سعيداً وحسب. السعادة نهاية. هذه إحدى فوائدها، فائدتها الوحيدة على ما يبدو. أما التعاسة فيجب تحويلها إلى شيء. أعتقد أنّ كل الكتابات تأتي من التعاسة,

لبنات الكتابة الأولى

أعتقد أن الكاتب الذي يبحث عن التجديد في الكتابة يجب أن يبدأ بإثبات إتقانه لما صنعه سابقيه. لا يمكنك البدء بالاختراع قبل العودة وتجربة ما قاموا به.

أصفر

آخر لون بقي معي اللون الأصفر. أحلم بالألوان وعندما استيقظ يتحول كلّ شيء إلى ضباب مضيء مائل للزرقة أو إلى اللون الرمادي. كتبتُ كتاباً بعنوان “ذهب النّمور” كان في الكتاب قصيدة تحكي عن اللون الأصفر. أول لون رأيته، لون فراء النمور. كنت أقضي الساعات في حديقة الحيوان مبحلقاً في الفراء، وعندما بدأت افقد بصري بقي الأصفر لوناً وحيداً. أول الألوان غياباً كان الأسود ثم الأحمر مما يعني أنني لستُ في الظلام أبداً. كان ذلك مزعجاً في البداية. ثم بقيت معي الألوان الأخضر والأزرق. ومن ثمّ تحولا إلى بني. وأخيرا اختفى الأصفر. لم يبق هناك ألوان، فقط ضوء وحركة.

borges-kodama

يوم في حياة بورخيس

عندما كانوا يذهبون لإيقاظه في التاسعة صباحاً يكون قد سبقهم، لكنه يبقى في السرير محاولاً العودة للنوم. يستيقظ في الحادية عشرة صباحاً. يحصل على قيلولة لأربعين دقيقة. ويحبّ التأنق دائما وإن لم يكن يرى ما يرتديه، أينما وجدت بورخيس ستجده في بدلة أنيقة وربطة عنق من ايف سان لوران، لديه سبعة أو ثمانية عصيّ جمعها من أسفاره واهدته إياها ماريا كوداما التي تختار ملابسه له، حافظ بورخيس على غرفة والدته كما هي على الرغم من أنها طلبت منه تحويلها لمكتب. كان لدى بورخيس قطّ كذلك، لكن القط مات. ولم يستبدله بغيره، يقول بورخيس بأن القطط لا تتشابه وأنه بالبحث عن بديل سيكون كمن يلبس القط زياً لا يناسبه. يتجول بورخيس في البيت وينتظر القط أو يبحث عنه ثم يذكر أنه مات، مات القط بعمر الثانية عشرة، يعتقد بورخيس بأنه عاش حياة طيبة. قبل أن يفقد بصره كان بورخيس يقرأ ويحبّ القفز في الكتب وتقليب الصفحات، لكن عندما توقف عن الرؤية وأصبح لديه قراء توقف عن ذلك. لن يستطيع إخبارهم بأنه ضجر وأنّ عليهم الانتقال إلى جزء آخر من الكتاب. وهكذا يبدأ بتقبّل ما يقرأون له. والمكتبة؟ كان يستمتع بالسير للمكتبات وتصفح الكتب والنظر إليها، الآن وقد ذهب بصره ليس معه سوى الدخول للمكتبة وسؤالهم عن توفر جديد في موضوع ما. وإذا أجابوه بالنفي؟ يغادر. كان يمضي ساعات في المكتبات ويتصفح ويقرأ. بورخيس لا يقرأ الصحف، ولا يتابع الأخبار ولا ينتمي لحزب سياسي معيّن. كانت تأتيه الأخبار من الأصدقاء ويكتفي بذلك. ينتهي يوم بورخيس في الحادية عشرة ليلاً.


عن أهمية الطقوس اليومية

ritualsdailyme

نحتفظ بطقوس يومية تساعدنا على عبور الحياة والبقاء بصحة ذهنية وجسدية، سواء كانت تلك الطقوس مرتبطة بنشاط بدني أو الجلوس لشرب كوب من القهوة في وقت معيّن يوميا. هذه الطقوس ستحسن من حياتنا والخبر الجيّد أن صنع الوقت لهذه الطقوس سهل وصنعها كذلك.

ما الذي نقصده بالطقوس اليومية؟

سأضرب لكم مثالاً شخصياً عن الموضوع، كل يوم بعد صلاة المغرب أشرب كوب قهوة المساء مع قطعة من الحلوى أو الفاكهة. أشرب هذه القهوة وحدي أو بصحبة العائلة متى ما أمكنني ذلك. لكل منّا كوبه المفضل. أشرب قهوتي سوداء تماماً بلا إضافات، بينما تشربها أختي منى قهوتها مع مظروف من السكّر البنّي وملعقتي حليب مجفف، أما والدي فيشربها مع الحليب الطازج وتغلب كمية الحليب على القهوة مع ملعقتي سكّر أبيض، ووالدتي تشربها مع الحليب الطازج أيضاً وتغلب كمية القهوة عليه مع السكر إذا لم تتناول الحلوى وبدونه إذا وجدت. قطعة الحلوى عادة تكون عادة كعكة الموز أو التمر وهذا باختصار طقس يومي فردي أو عائلي. كلّ منّا يحتفظ بطقس يومي مشابه يقوم به بوعي كامل بوقته وطبيعته ومن خلاله يخفف ضغوط الأيام أو يستمتع بها، وبالتأكيد يفتقده في غيابه ويبحث عن بدائل. عندما تسألون أنفسكم عن كيفية التخلص من الضغوط ستتحدثون عن أنشطة يومية مثل ممارسة الرياضة أو قضاء الوقت مع العائلة والأصحاب أو التسوق وتناول الطعام الذي تحبونه. المهمّ هنا هو البحث عن طقس صحي بلا آثار جانبية تزيد من ضغوطكم وفوضى حياتكم.

كيف تطوّرون طقوسكم اليومية أو تصنعون وقتاً لها؟

الأمر ليس بالصعوبة التي تتخيلونها، كلّ ما تحتاجون له إيجاد الأنشطة التي تناسبكم وستجدون الوقت المناسب لها.

  1. تابعوا مزاجكم وتعرفوا على نقاط الضعف لديكم. تعرفوا على الأشياء التي تزعجكم خلال حياتكم اليومية في المنزل أو العمل. لن تستطيعوا تغييرها كلها للأسف لكن ستستطيعون تغيير الطريقة التي تتعاملون فيها معها. قد تحتاجون لعدة أيام لمراقبة أنفسكم ومعرفة المواضع التي تفقدون فيها السيطرة، احتفظوا بمفكرة للكتابة، أو سجّلوا الملاحظات في تطبيقات الجوال المختلفة. ما إن تتوصلوا لإيجاد خارطتكم اليومية سيمكنكم فوراً تحديد مواضع الضغوط والراحة بالمقابل. اصنعوا قائمة بهذه الملاحظات وشعوركم نحوها استعدادا للخطوة التالية.
  2. حددوا الطقوس “الدخيلة” التي تريدون تبنّيها. هذه الطقوس تسمى “دخيلة” لأنكم ستقومون بإدخالها في حياتكم اليومية، ميزتها بأنها ستساعدكم في تحسين حياتكم وجعلها أسهل. يفيدكم تناول الفطور في المنزل قبل الذهاب للعمل أو الدراسة؟ هل قضاء وقت أطول في التأمل قبل النوم أفضل من الجلوس وتصفح الإنترنت؟ هل حمل قناني ماء في حقيبتكم يساعدكم في تذكر شرب الماء في أوقات معينة؟ وغيرها من الأسئلة ستساعدكم في إدخال أنشطة وطقوس يومية في حياتكم. وإذا لم يكن لديكم الخيال الكافي والحماس لإيجاد هذه الأفكار يمكن دائما تبنّي اقتراحات المختصين أو التعرف على طقوس المبدعين الناجحة. اختاروا أحد هذه الطقوس التي تجدون مرونة في تطبيقها ولن تتحول مع الوقت إلى التزام صعب التطبيق، وهكذا ستصبح جزء من روتينكم اليومي، والآن الخطوة التالية.
  3. اصنعوا منها عادة. عادة يومية تكافئون أنفسكم بها أو تستخدمونها لتصبحوا منتجين أكثر. سيتضح لكم الشعور الرائع الذي تتركه هذه التغييرات مع الوقت وعندما تعتادونها ابحثوا عن المزيد وطبقوا الخطوات السابقة وهكذا ستتغير حياتكم تدريجيا وتحمل خصوصيتكم وراحتكم المرجوّة.

يُفضّل أن تكون هذه الطقوس فردية لأنها ستعمل كوقت مستقطع لكم، وشيئا فشيئا ستتحسن صحتكم المزاجية. أحبّ أن أضيف أيضاً أنّ الابتعاد عن القيام بهذه الطقوس المحببة وقت الإرهاق والانزعاج جيد. فلا تجبروا أنفسكم على الكتابة أو الخروج من المنزل ومقابلة الأصدقاء أو حتى تناول الحلوى المفضلة لكم وأنتم منزعجون.

مخرج

Daily-Rituals-Book-1-300px

كتبت خلال شهر رمضان عن ثلاثين شخصية مبدعة في عالم الأدب والفنّ والعلوم، كتبت عن طقوسهم اليومية المختصرة. كل هذا المحتوى قمت بترجمته من كتاب رائع اختصّ بنفس الموضوع “
Daily Rituals: How Artists Work” يمكنكم اقتناءه وقراءته إذا أحببتم، كانت تجربة الترجمة ممتعة بالنسبة لي، طقس يوميّ خلال الشهر المبارك. وأيضاً إذا لاحظتم حاولت أن تكون صورة الشخصية بصحبة قطّ، لأنّ القطط كائنات محببة، على الأقل لدي شخصياً، كائنات ذكية وملهمة ورفيقة هادئة. شكراً لمتابعتكم وأتمنى أن تكون هذه التدوينة خاتمة جيدة لسلسلة الحلقات الثلاثين.

الحلقة الأولى: جين أوستن

لم تعش جين أوستن وحيدة أبداً، لذلك لم تتحقق لها أبسط مقوّمات العزلة التي رغبت بها. حتى بيتها الأخير الذي عاشت به في قرية تشاوتون عاشت فيه مع والدتها وأختها وصديقة مقرّبة، بالإضافة إلى ثلاثة من الخدم. في ذلك المنزل استقبلت العائلة الكثير من الزوار بلا موعد مسبق. لكن الانشغال والحياة المزدحمة لم يمنعا جين من الكتابة، فالفترة ما بين بدء استقرارها في تشاوتون –من 1809م- وموتها كانت فترة منتجة بشكل ملحوظ. راجعت فيها كتابتها الأولى لــ “عقل وعاطفة” و”كبرياء وتحامل” استعدادا للنشر. كما كتبت ثلاث روايات جديدة “مانسفيلد بارك” و”إيما” و”الإقناع”. جين أوستن كانت تكتب في غرفة جلوس العائلة، مُعرّضة لكل أنواع المقاطعة. حرصت أيضاً على ألا تلفت انتباه الخدم والزوار وأي شخص لا ينتمي لعائلتها المقربة لما كانت تقوم به من كتابة. لذلك كانت تكتب على قصاصات ورق صغيرة يسهل إخفاءها، وتدفع بها تحت مفرش الطاولة أو ورقة تجفيف الحبر عند دخول أي غريب.

بين الباب الرئيسي للمنزل ومكان الجلوس باب متأرجح يصدر صريراً كلّما فُتح، وكانت أوستن ترفض إصلاحه لأنّه كان يعطيها إعلاناً بدخول أي أحد إلى المكان.

تبدأ أوستن يومها باكراً قبل بقية أفراد العائلة، تعزف البيانو، وتعدّ الفطور للجميع في التاسعة صباحاً وهي مهمّتها الرئيسية في المنزل. ثمّ تجلس للكتابة برفقة والدتها وأختها وهم يخيطون، وعندما يقتحم ضيف المكان تتوقف عن الكتابة وتنضم إليهم في الخياطة.

وجبة العشاء هي الوجبة الرئيسية في منزل أوستن وتقدّم بين الثالثة والرابعة عصراً. وبعد العشاء تجلس العائلة لشرب الشاي ولعب الورق والاحاديث. ثم تقضي أوستن بقية ليلتها في القراءة الجهرية للروايات، وقد تقرأ بعض أعمالها التي لم تكتمل للعائلة. كانت عائلة جين تحترم عملها وأختها كاساندرا تساعدها في المنزل وتحمل عنها الكثير من الأعباء لتتفرغ هي للكتابة.

على أنها لم تحصل على الحرية والخصوصية التي حظيت بها الكاتبات المعاصرات، كانت جين أوستن محظوظة بالسكن في ذلك المنزل.

كتاب التغيير، وأشياء أخرى.

أو دفتر التغيير. كتبت عنه من قبل في تدوينة: “بدأت في منتصف مارس الماضي بتسجيل التغييرات اليومية الصغيرة التي وبعد فترة طويلة من تجربتها ستكبر، وسيكبر تأثيرها عليّ. كنت دائماً أبحث عن تغيير جذري وواضح لأغير حياتي ككل، وهذا متعب ونتائجه ليست مضمونة! بدأت بالتغييرات الصغيرة، وتسجيلها، والتي قد تبدو طريفة وغير مهمّة أحياناً إلا أنني بدأت اليوم بالاستمتاع بها. اقتنيت للفكرة دفتر مزخرف بالزهور الملونة واتركه في حقيبتي في كلّ مكان أذهب إليه، وإلى جانب رأسي لأكتب فيه قبل نهاية كلّ يوم. قد لا يكون هناك تغييرات يومية بالضرورة لكن فكرة التسجيل والتأريخ جميلة وممتعة.”

وما زلت أذكر بأنني وعدت بتخصيص تدوينة للحديث عن هذه التجربة. لن أبحث عن تغييرات مثالية قام بها أشخاص آخرون، بل سأتحدث واقتبس من الدفتر الذي خصصته لهذه التغييرات.

23 مارس 2013م

شربت كوباً من الحليب البارد بلا إضافات، من الثلاجة للكوب لفمي. وهذا نادر الحدوث، لم أستطع قبل اليوم تقبّل فكرة شرب الحليب الطازج بلا تدفئة أو إضافات، عندما فعلتها شعرت بأنني بطلة، وأنّ حياتي تغيرت. اليوم أيضاً اتصلت بصديقة لا أتحدث معها على الهاتف عادة، لم أتحدث معها على الهاتف أبداً بعد أن تبادلنا أرقامنا، التقي بها كثيراً من وقت لآخر ولكن لا نتحادث هاتفياً، اتصلت بها وقضيت وقتاً رائعاً في الحديث عن كلّ ما كان يشغل ذهني في تلك الفترة.

25 مارس 2013م

لمست شجرة تخيفني في حديقتنا، أخرج كلّ يوم للمشي حول المنزل لكن لم أملك الجرأة للمسها من قبل، تخيلت بأنها مسمومة وقاتلة! لكن بعد ساعات لم يحدث أيّ شيء والخيالات التي كوّنتها في رأسي كانت وهماً.

27 مارس 2013م

تعرّفت على سيدة جلست بجانبي في صالون التجميل، تحادثنا وعرضت عليها بسكويت مع كوب القهوة الذي كنّا نشربه، علمت من حديثنا أنها طبيبة نفسيّة.

29 مارس 2013م

تحدثت مع فتاة جلست بجانبي في رحلة الطائرة، لا أتحدث مع الغرباء وأجد صعوبة في ذلك، خوف بلا مبرر، أو خجل؟ الله أعلم. انتهى الحديث بوصولنا للأرض وأعطيتها عنواني على شبكة تويتر الاجتماعية.

5 أبريل 2013م

جففت شعري من اليمين إلى اليسار. وهي الطريقة التي لا أحبها، هناك جانب مفضل من شعركم؟ ودائما تبدؤون به ويحصل القسم الأقلّ تفضيلاً على طاقة أقل، ومزاج أسوأ وهكذا يكون المظهر العام للجانبين مختلفاً.

17 أبريل 2013م

اشتريت هدايا لأطفال العائلة. ليست المرّة الأولى لكنني هذه المرة أخذت وقتي للتفكير في هدية مناسبة لكل طفل، وكانت النتائج مذهلة.

9 مايو 2013م

اخترت كتاب للقراءة خلال الشهر. هذه المرّة سأقرأ الكتاب بصوت مرتفع لوالدي، بقية العائلة في سفر خارج المنزل ونقضي وقت طويل سوية، هذا الكتاب أصبح رفيقي في رحلات السيارة، ومع قهوة المساء، وكلما كان ذلك متاحاً.

اعترف بأنني ومع الانشغال ونسيان الكتابة أحياناً، أصبحت أكتب التغييرات بلا تواريخ، من التغييرات التي أجريتها أخرجت جهاز الكمبيوتر المكتبي من غرفتي، غيّرت حبوب الإفطار التي أتناولها عادة إلى تلك الغنية بالألياف والمكسرات. في مطعمي المفضل الذي أزوره كلّ مرة غيرت أطباقي التي اختارها من اللحم البقري إلى المأكولات البحرية. جربت شراء قطع ملابس بقصات وألوان لم ارتديها من قبل وكانت النتيجة مبهجة. أكتب رسائل أسبوعية لصديقاتي وقريباتي البعيدات أحفزهم فيها لفعل تغييرات مشابهة، وأخبرهم كم أحبهم واشتاق إليهم كلما شعرت بأنني أريد قول ذلك. أصبحت أنصت أكثر لوالدي ولا أجادله كثيراً – أنا أكثر شخص يجادل والدي في المنزل- واكتشفت بأنه أحيانا يتكلم لمجرد تنفيس الضغوط والقلق ولا يبحث عن علاج أو حلول من قبلي. أيضاً في الشهر الماضي قررت تغيير أثاث غرفتي ولون جدرانها وخلال ذلك قمت بجردتي العظيمة التي تحدثت عنها في تدوينه سابقة.


وبما أننا نتحدث عن سلسلة التغييرات المفيدة، كنت قد مررت بمدونة أجنبية قامت صاحبتها بتطبيق فكرة مذهلة ساعدتها على قراءة أكداس الكتب التي تريد البدء بقراءتها لكنّها وبسبب التردد تتركها كلها الفكرة ببساطة تتلخص في وضع أسماء الكتب التي لديكم وترغبون بقراءتها على قصاصات ورق وجمعها في مرطبان –أو علبة- ومن ثمّ اختيار اسم الكتاب كل أسبوع أو كلّ شهر بحسب سرعتكم في القراءة. السرّ في الالتزام بهذا الخيار، عندما تسحبون اسم الكتاب يجب عليكم حينها قراءته ومن ثمّ الانتقال للتالي وهكذا. بالأمس جمعت أسماء الكتب الإلكترونية التي تراكمت خلال الشهور الماضية في القارئ الإلكتروني، بالإضافة لبعض العناوين الورقية التي أؤجل الوصول لها منذ زمن. استخدمت في القصاصات لون واحد من الورق، بينما كانت المدونة صاحبة الفكرة استخدمت عدة ألوان لكل نوع من الكتب، روايات، سير، قصص، الخ .. لكنّ ذلك بالنسبة لي يقلل عنصر المفاجأة في القراءة.