4 رمضان: صباح الثاني من يوليو

Photo by: Jessica Portuondo
Photo by: Jessica Portuondo

إرنست همنغواي يشتاق للبراري، يفتقد غابات متشيغن، والخليج. أصبح حبيس مساحة ضيقة في مدخل بيته. صوب بندقيته فوق حاجبيه ودمّر نفسه. مضى يومان على عودته من مايو كلينك، ركب من أيداهو في سيارة أجرة من هرتز بصحبة زوجته ورفيق قديم. الليلة الفائتة، ماري همنغواي تنام في الغرفة الرئيسية للمنزل في الدور العلوي، وإرنست في غرفة صغيرة في نهاية الممر. من غرفتيهما نسمع صوت غناء، أغنية فولكلور إيطالية قديمة، يغنيان مقاطعها لبعضهما حتى غالبهما النعاس.

الساعة 7:25 ص، ماري تستيقظ على صوت غريب. كأنه صوت درج خشبي ثقيل يسحب ويسقط على الأرض. استيقظت ورفعت جسدها على كوعها ونادت على زوجها. ولكنه لا يرد. القت باللحاف جانباً وركضت لغرفته، لحف السرير الصغير في فوضى لكنّه لم يكن هناك. عادت تركض باتجاه معاكس، لرأس الدرج، وقفزت الدرجات العشرين لتقطع غرفة الجلوس وترى لمحة مما فعله زوجها هناك.

الساعة 7:40 ص، ماري تتصل بطبيب إرنست ليأتي سريعاً. تشير له بأن يدخل من الباب الخلفي للمنزل. تلتقي به عند باب المطبخ. تبقى هناك وتشير له بأن يذهب لغرفة الجلوس. عبر الطبيب الممر، وهناك في مدخل المنزل الرئيسي رأى كلّ شيء. شظايا من عظام، وأسنان وشعر ولحم. الجدران والأرضية ملطخة بالدماء. أحمر مصفر. وجسد ممدد بين ساقيه بندقيته. مكان رأسه قرص، قرص يشبه جمجمة.

لم تستخدم ماري همنغواي مدخل المنزل بعد ذلك اليوم أبداً.

 – مترجم بتصرف من كتاب “Hemingway’s Boat”

3 رمضان: مورفين الرتابة

Beautiful Women at Seville Fair, Spain, 1959
Beautiful Women at Seville Fair, Spain, 1959

“..عامة الناس. يا لها من عبارة غبية. ماذا أعرف أنا عن عامّة الناس؟ أنظر إلى آلاف الأشخاص أثناء النهار، وأرى العشرات منهم بعينين مدركتين. أراهم متجهّمين أو مبتسمينـ متمهلين أو مستعجلين، قبحاء الشكل أو وسيمين، سوقيين، أو جذابين. وهذا ما أسميه عامة الناس. ما هي نظرة كل من هؤلاء الأشخاص إلي؟ أنا أيضاً أسير متمهلا أو مستعجلا، متجهما أو مبتسما، البعض منهم يراني قبيحاً والبعض الآخر وسيماً، أو سوقياً، أو جذاباً. في النهاية، أنا أيضا جزء من عامة الناس. أنا أيضا غافي التفكير بالنسبة إلى بعضهم. كلنا نتناول يومياً جرعة المورفين التي تنوّم تفكيرنا. العادات اليومية، والعادات السيئة، والكلام المتكرر، والحركات المألوفة، والأصدقاء المضجرون، والأعداء الذين لا نحقد عليهم حقدا حقيقيا، كل ذلك ينوّمنا. حياة ممتلئة.. من يقدر على الادّعاء أنه يعيش الحياة بملئها؟ كلّ أعناقنا مغلولة إلى نير الرتابة، كلنا ننتظر شيئاً، ولا أحد يعرف ماذا…نعم، كلنا ننتظر. بعضنا ملتبسة عليه الأمور أكثر من غيره لكنّ الانتظار سمة الكلّ. عامة الناس، هذا الكلام وبهذه الطريقة، بهذه النبرة المتعالية، هو كلام أغبياء. مورفين العادة..مورفين الرتابة.”

– “المنور” خوسيه ساراماغو

1 رمضان: لماذا Clippings؟

(أ)

مرحباً بكم!

بالأمس تحدثت عن سلسلة تدوينات بلا موضوع محدد خلال شهر رمضان المبارك. والبداية الطبيعية مع اسم المدونة. مع أنني اذكر بأنّ التدوينة الأولى تحت هذا العنوان الجديد وضحت الفكرة لكنني سأعيد الحديث عنها: قصاصات أو Clippings بالإنجليزية هي مجموعة الصور أو النصوص أو الملفات التي سأدرجها هنا. بالعادة يطلق هذا المصطلح على الألبومات أو الدفاتر الخاصة بالشخص والتي يجمع فيها قصاصات ورقية لأمور تهمه ويحبها. أتوقع أن هواتفنا المحمولة وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بنا أصبحت دفتر قصاصات جديد ومطوّر. محركات البحث أيضاً ساعدت ولم تعد هناك حاجة للاحتفاظ بصورة أو نصّ، متى ما أردتم الحصول عليه كلمات البحث سترشدكم. في السابق كنت أجمع قصاصات للأشياء التي أريد اقتناءها أو الأماكن التي أحلم بزيارتها، واحتفظ بالصورة أو القصاصة في وسط كتاب أو دفتر خاص وأمزقها عندما أحصل عليها. طقس غريب ومحبب!

لماذا غيرت عنوان مدونتي؟ لم يكن الموضوع باختياري – كان العنوان farfalla.ws- انتهت الاستضافة مع الشركة السابقة وخسرت العنوان لأنه مرتبط بها. كانت لدي فترة بسيطة لأقرر واستعيد بيانات الموقع واخترت الاسم الجديد الذي لحسن حظي كان متوفراً.

تدوينة اليوم مثال على القصاصات التي اجمعها وانشرها وتمنح المدونة التوجه الخاص بها: مدونة غير متخصصة فيها من كل شيء شيء.

(ب)

g192

شاهدت قبل عدة أيام وثائقي رائع عن المرأة والفنّ من إنتاج بي بي سي “The Story of Women and Art” وتقديم البروفيسورة أماندا فيكري المؤرخة والكاتبة البريطانية. الوثائقي يقع في ثلاثة أجزاء يتناول الأول منها الرسم والرسامات اللاتي سجلن أنفسهن في التاريخ كمبادرات ومقاومات للضغوط والعقبات التي جاءت مع عملهن في مجال استبعدهن آنذاك. والحلقة الثانية من الوثائقي تتحدث عن الحرف اليدوية التي أتقنتها النساء في عصور أوروبا الوسطى وما تلاها وكيف استطعن الحصول على الاعتراف العالمي بأنّها جزء لا ينفصل من الفن الإنساني. والحلقة الثالثة تلتفت للفنّ في الأزياء وحياكة الملابس والديكور المنزلي وكل النماذج الرائعة من صنع أيادي النساء. السلسلة وجبة شهية وملونة لمن يحبّ الفنّ. وقمت بتحميله بواسطة التورنت من موقع EZTV لو أردتم الحصول عليه. وهنا مراجعة تختصر الوثائقي.

(ج)

BrSNI0MCIAIY9rQ

استيقظت اليوم على خبر جميل ومبهج.

صدر الكتاب الأول لمشروع تكوين للكتابة الابداعية بعنوان “لماذا نكتب؟” لميريديث ماران وأنا سعيدة جداً لأنني ساهمت بما استطعت في ترجمة محتواه، أنا وعدد من الزملاء والزميلات من الوطن العربي. سعيدة لتكوين المشروع الرائع وشاكرة للكاتبة والروائية بثينة العيسى على دعوتها للمشاركة وإتاحتها لهذه الفرصة الممتعة. تفاصيل الخبر في جريدة آراء الإلكترونية هنا.

17 يونيو

happinessis
Painting by Amanda Blake

“..عندما تكبر ستريد أن تكون سعيداً. أنت الآن لا تفكر في الأمر ولهذا بالذات أنت سعيد. عندما ستفكر، عندما تريد أن تكون سعيداً، ستكفّ عن البقاء سعيداً. إلى الأبد، ربّما إلى الأبد.. هل تسمعني؟ إلى الأبد. وكلّما كانت رغبتك في السعادة أقوى، ستكون أكثر تعاسة. السعادة ليست أمراً نكسبه. هم يقولون لك هذا. لا تصدقهم. إما أن يكون المرء سعيداً أو لا يكون.”

– المنور ، خوسيه ساراماغو.