عودة للتدوين بعد مدة، اقفلت المدونة وانشغلت بأول عيد للعائلة في الرياض. أعتقد أن مقياس استعدادنا للحياة هنا كان مع شهر رمضان وأيام العيد، واجتزنا الاختبار بنجاح. دائما ما يطرح تساؤل يشبه: ما فقدتوا الجبيل؟ وإجابتي الحاضرة: فقدت الناس لا الأماكن والحجر، وما دمت استطيع رؤية الاصدقاء والأهل تحت سماء أخرى لا مانع لدي في الانتقال طبعاً. أخذت كفايتي من اليود وحان الوقت للعودة لمدينة جبال الاسمنت. ادهشتني الرياض خلال التسعة أشهر الماضية، الشيء الجديد في حياتي هذه المرة أن عائلتي معي، ولدينا بيت، وروتين نصنعه لا يرتبط بأحد. نلتقي بعائلتنا الممتدة، نحتفل، نشاركهم على قدر استطاعتنا، الوقت والمشاعر. ونعود لحصننا نرتب أنفسنا وننطلق من جديد.
هذه السنة الأولى التي أعمل فيها حتى نهاية الشهر. تزامن عيد الفطر بعيدي الشخصي فقد كنت بانتظار هذا الفاصل القصير من أكتوبر الماضي. لا أحد يصدق كمية الركض والتوتر والأرق والفوضى والخطط التي تبدأ وتبدأ من جديد، كل الاحداث التي مررت بها خلال الاشهر الماضية لم توقف نشاطي. وجاءت اللحظة التي أوقفت فيها المنبّه، وعدت لشغفي الأوحد: القراءة. بدأت بقراءة رواية توقفت عن اكمالها في ٢٠١٣م ولأنها توصية من أختي موضي التي لا تخيبني توصياتها في كلّ شيء عدت إليها، “جامعة العطور – The Perfume Collector”. شاهدت الكثير من الأفلام وأكملت متابعة مسلسلي المفضل “Peaky Blinders” لكن الفيلمين التي بقيت معي:
هذه التدوينة كانت ستصبح مجموعة اختيارات لنهاية الأسبوع، لكنّ الجزء الرئيسي منها سأخصصه لوصفة كعك بدون زبدة أو زيت. القصة الطريفة وراء وصفة الكعكة تحدي لطيف في المكتب، وعدتنا الصديقة رزان الموسى بإعداد مفن بالموز وحلوى البترسكوتش وانطلقت لأعلن تحديها بمفن البلوبيري والليمون خاصتي! وهكذا بانتظار صباح الأحد بحثت عن وصفتي المفضلة ولم أجدها واعجبتني أخرى بنفس المكونات تقريباً، بدأت صباح اليوم بإعدادها ولم أجد أثر للزيت والزبدة، الفكرة مذهلة ولكن كيف سيكون قوامها وهل ستصمد؟
والنتيجة كانت أن القوام ممتاز ومتماسك، ومدة الطهو مناسبة، والمذاق رائع!
كوب Sour Cream كريمة حامضة ( اقتني كريمة حامضة من الدانوب علامتها التجارية daisy)
كوب وربع سكر أبيض (أو بديل تفضلونه)
ربع كوب حليب
برش قشرة ليمونه واحدة
ملعقة طعام عصير ليمون
كوبين ونصف طحين متعدد الاستخدامات
ملعقة صغيرة ملح
ملعقة صغيرة Baking Soda
ملعقة صغيرة ونصف Baking Powder
كوبين بلوبيري (توت أزرق) طازج
الطريقة:
قبل البدء بالعمل تشغيل الفرن على درجة حرارة ٣٧٥ فهرنهايت (أو ما يعادلها في الفرن الذي تستخدمونه).
اخلطوا المقادير السائلة مع السكر بالترتيب أعلاه، وفي إناء آخر اخلطوا الطحين والمكونات الجافة. بعد ذلك اضيفوا الطحين تدريجياً للمزيج السائل حتى تكتمل الكمية، ستجدون كثافة وثقل في القوام لكن هذا كلّه جيد. بعد الانتهاء من الخلط اضيفوا كمية التوت الطازج وحركوها بخفة لتمتزج مع خليط الكعك دون هرسها. اذا كانت أكواب الكعك التي ستستخدمونها صغيرة مدة الخبز (١٦–١٨ دقيقة) مع التأكد من استوائها، وإذا كانت من الحجم الكبير فتخبز حتى عشرين دقيقة.
أتمنى أن تعجبكم الوصفة وتجربوها.
وضعت أفكار لتدوينات قادمة، سأحاول هذه المرة تحديد أفكاري وجمع القصص التي كنت أود الحديث معكم عنها ونسيت أو لم أجد الوقت. خلال أغسطس بإذن الله سترون بعض من التحولات والتجارب. ما زلت أمشي لساعة يومياً مع بعض التمارين، وبدأت بتجربة أغذية جديدة سأعطيها شهر تقريباً ثم أحدثكم عنها. الأحد المقبل تأخذ حياتي منحى جديد مبهج إن شاء الله، وأخطط لرحلة عجائبية قبل عيدي الثالث والثلاثين.يوم الثلاثاء بإذن الله سأحدثكم عن مطاعمي المفضلة في الرياض وأكثرها ملاءمة للخيارات الصحية والاحتفالات العظيمة.
وثائقي غنيّ يتناول سيرة كاتب أليس في بلاد العجائب: لويس كارول. يبحث عن أصول القصة وشخصياتها الحقيقية والأماكن التي ارتبطت بها. الوثائقي لا يبحث في قصة الكتاب وحسب بل يتطرق لعلاقة كارول بأليس ليدل وعائلتها – أليس التي أهداها النسخة التي كتبها بخط يده من كتابه وقبل نشره بشكل رسمي. الكثير من الأسرار والتلميحات والدراسات التي لا تصل لاستنتاج حاسم عن ما إذا كان كارول صاحب شخصية مضطربة بعلاقات مشبوهة مع الأطفال حوله. سيعترض محبوه وسيبحث معارضوه عن أي دليل يثبت هذه التهمة أو يحوم حولها. في النهاية هذا وثائقي ممتع يحتفل بالذكرى الـ ١٥٠ للرواية، وحرضني على اعادة قراءتها هذا العام، ربما في الرابع من يوليو للاحتفاء بأليس.
هل سبق وتساءلتم عن الفرق بينكم وبين أقرانكم في الإنتاجية؟
فكروا معي بالإنتاجية على مستوى يومي: مع زملاءكم في العمل، وأفراد العائلة. هل تلاحظون أنهم ينتجون أكثر –أو أقل- منكم على الرغم من وصولكم لنفس الموارد وحصولكم على نفس الوقت؟
كنت دائما أتساءل وأقارن نفسي بالآخرين وألاحظ في أوقات مختلفة أنني أنتج أفضل تحت ضغط ساعات عمل روتينية طويلة أو خلال ارتباطي بالدراسة وارتفاع معدل التوتر في حياتي. وعندما حصلت على مرونة أكثر في العمل وتهيأت لي البيئة المناسبة، أصبح الإنتاج أقل وأسوأ. قبل الانتقال لفقرة الإجابة عن تساؤلي وتساؤلكم سأشرح باختصار نوعين من الإنتاجية التي اقصدها بالحديث، وجدت هذا التفصيل المفيد في مدونة 20literlife وأحببت بساطته، الإنتاجية نوعين وإذا طغى أحدها على الآخر أو خلطنا بينهما ستتأثر حياتنا بالتأكيد:
إنتاجية الحياة: يمكن أن تكون أي شيء تنجزه في يومك، طهي وغسيل وترتيب منزلك والخروج إلى وظيفة يومية تكسب منها المال. يندرج تحت ذلك أيضا الجهود التي تبذلها للحفاظ على النظام والاستفادة القصوى من الوقت وتسخير مواردك.
إنتاجية إبداعية: هذه هي الإنتاجية التي أعاني معها وأجد صعوبة كبيرة في المحافظة على ضوئها مشتعلا. الإنتاجية الإبداعية ترتبط بأي شيء تبدعه وتبتكره، فنون، أدب، قراءة متعمقة للأشياء والحياة. أي شيء لا تقوم به بشكل روتيني أو آلي بفعل العادة، يعتبر إنتاجية إبداعية.
الآن اتضحت الفكرة التي تخصّ الإنتاجية، والآن نأتي للاختلاف في نسبتها. لماذا؟ بحثت عن المقالات التي تهتمّ بالإنتاجية وإنجاز المهام بشكل أفضل في العمل والحياة بشكل عام. وقبل فترة وجدت كتاب “Work Simply” أو العمل ببساطة، مؤلفة الكتاب كارسون تايت أفردت فصل كامل في كتابها الممتع عن أنواع الإنتاجية وتصنيفات أربعة للبشر تفصّل طريقة عملهم وكيف يمكنهم الاستفادة من خصائصهم لإنتاج أكبر. عندما تتعرف على نفسك وإلى أي تصنيف تنتمي ستتمكن من تحقيق أعلى مستويات الإنتاجية، هذه هي رسالتها.
التصنيف الأول: إنسان الأولويات
هذا الشخص يفضّل التفكير المنطقي والتحليلي المستند على الحقائق والواقع. تفكيره يسير في خط واحد. ولكي يزيد من مهارته وجودة عمله سيحتاج إلى معرفة الوقت الذي يلزمه للإنجاز، ثم يصنع خطته حول ذلك بتركيز ويحقق أهدافه. الأشخاص في هذا التصنيف يحملون روح تنافسية ويغرقون تماما حتى ينهون أعمالهم.
نقاط القوة: تحديد الأولويات، التحليل الدقيق وحل المشكلات بطريقة منطقية، ثبات العمل والقدرة على اتخاذ القرارات.
يكره: المحادثات الجانبية الفارغة، البيانات الغير دقيقة، سوء استخدام الوقت، المبالغة في مشاركة التفاصيل الشخصية.
يحب: التحليل الناقد، النقاشات المبنية على الحقائق، قضاء الوقت في ما يفيده وينفعه.
كيف تعمل مع أشخاص من هذا التصنيف؟
ناقشهم دائما عن الماهية. ما هدفك؟ ما هي المخرجات المتوقعة؟ ما هي الحقائق المرتبطة بعملك؟ إنسان الأولويات يحتاج لمعرفة كل شيء لإنجاز مهمة بدقة. ومع ذلك لا يريد تفاصيل زائدة عن الحاجة تشوشه.
أدوات مساعدة: moosti.com / 42goals.com / أدوات أخرى غير تقنية مثل الدفاتر المسطرة للملاحظات.
مشاهير في هذا التصنيف: أرسطو، كانط، اسحق نيوتن، شيريل ساندبيرغ.
التصنيف الثاني: المُخطِّط
يُفضل البعض التخطيط المتتابع، الواضح والمفصل. قد يبدو إنسان التخطيط في الوهلة الأولى شبيهاً بإنسان الأولويات لكنه على العكس منه: يهتم أكثر للتفاصيل الخاصة بالمهام أو المشاريع. بينما إنسان الأولويات يأخذ من المعلومات والحقائق قدر حاجته. المُخطط يحب كل أشكال منظمات الوقت – وأنا كذلك- الكترونية كانت أو تقليدية. لا يقفر على الأمور بعشوائية لأن ذلك يزعجه، وتضيع عليه فرص كثيرة لأنها كانت خارج الخطة. ينتعش المخطط عندما يبدأ بكتابة قوائم المهام وشطبها وإنجازها. ويعرف عنه متابعته الدقيقة لسير العمل سواء كان في فريق أو يعمل وحيدا. يكره حضور الاجتماعات التي لا تحمل أجندة واضحة. رسائله الإلكترونية مفصّلة ومقسمة لمقاطع ونقاط وخطوات تنفيذ واضحة.
نقاط القوة: ثابت وعملي، يجد الأخطاء والثغرات المحتملة في الخطط والعمليات، ينظم ويتابع البيانات، يطور الخطط.
يكره: قلة الوضوح وغياب الأجندة، القفز بين المواضيع، العمل المتأخر أو المفاجئ، غياب النهايات الواضحة، التعليمات الضبابية، الأخطاء الطباعية والأخطاء بشكل عام.
يحب: جداول المهام والخطط، المتابعة الدقيقة، المواعيد المرتبة والوصول على الوقت، المباشرة والحديث عن الموضوع بصورة محددة.
كيف تعمل مع أشخاص من هذا التصنيف؟
اسألهم عن الكيفية. كيف نبدأ العمل على هذا المشروع؟ كيف تعالج المشكلات؟ كيف تعاملنا مع مهام من هذا النوع ؟ وهكذا. يحتاج المُخطط لجمل كاملة ومعلومات طازجة وخطة للعمل.
هذا النوع من الأشخاص يفضل التفكير الداعم، المعبر والعاطفي. وجوده مهم في فريق العمل –والحياة عموماً- . عندما يندمج بالعمل مع الآخرين يصبح مثل المادة المحفزة لإنجاز الأشياء. في الاجتماعات واللقاءات يقدم المدبر التسهيلات اللازمة للتواصل. يكره المنظمون اعتماد الناس الكلي على الأرقام والحقائق والبيانات. المنظمون متحدثون جيدون بالفطرة، يحبون القصص، والتواصل البصري والتعبير عن قلقهم للآخرين، ودائماً سيسألون عن ما يمكنهم فعله لمساعدة الآخرين عبر المشاريع أو المهام التي ينجزونها. كما يحبون الأحاديث الجانبية خلال ساعات العمل ويخصصون لها ميزانية من الوقت اليومي.
نقاط القوة: الاهتمام والتوقع لمشاعر الآخرين، الحدس، الإقناع، التدريس.
يحبّ: التواصل والأحاديث، إيجاد الوقت لتحليل المشاعر والأحاسيس، الاعتراف بالجهود والامتنان، القدرة على التعبير عن القلق وطرح الأسئلة.
كيف تعمل مع أشخاص من هذا التصنيف؟
ينبغي طرح أسئلة على المنظم بالشكل التالي: من سيتأثر بمشروع ما؟ من سيستفيد من عملية معينة؟ ومن سيكون مشتركاً في العمل على هذا الشيء؟ الاعتماد فقط على الحقائق والأرقام سينفره ويصيبه بالتوعك. إذا أردت أن يتجاوب معك بالشكل المطلوب تواصل معه دائما بشكل شخصي قبل الانتقال لطلب المهمة منه.
أدوات مساعدة: stickk.com/ workshifting.com / دفاتر غير مسطّرة تسمح لهم بالتفكير والرسم والكتابة والكثير من الأقلام الملونة.
مشاهير هذا التصنيف: شوبان، غاندي، الأم تيريزا، أوبرا وينفري، بونو.
التصنيف الرابع: المتخيل
يفكر المتخيل بطريقة شمولية، ويستخدم حدسه وبديهته. يعمل بجد تحت الضغط ويشعر بالضجر بسهولة إذا لم يكن يعمل على عدة مشاريع في نفس الوقت. المتخيل يرى الصورة كاملة ويقوم بالربط بين الأشياء مع إغفال الكثير من التفاصيل وتقديم الاحتمالات على العمليات. عفويته الشديدة واندفاعه تؤدي أحيانا لأفكار خلاقة مميزة لكنه قد ينحرف عن مسار العمل وخططه بسهولة. مكتبه فوضوي وتضيع فيه الأشياء ورسائله الإلكترونية مسهبة ومليئة بالأفكار والمفاهيم.
نقاط القوة: انفتاح الذهن، القدرة على رؤية الصورة الكبيرة، اكتشاف الفرص والأفكار والمفاهيم، الإبداع والابتكار وتحدي الذات، حل المشكلات بطريقة مبتكرة.
يكره: التكرار والبطء، المشاريع التي تفتقد للمرونة، التفاصيل الكثيرة وخاصة بالأرقام، أن يقال له “لا تستطيع فعل هذا” أو “لقد قمنا باستخدام هذه الطريقة دائما ولا نرغب بتغييرها”.
يحب: قضاء أقلّ وقت ممكن على التفاصيل، الوصول إلى أكثر من طريقة لإنجاز العمل.
كيف تعمل مع أشخاص من هذا التصنيف؟
يحتاج المتخيل لمعرفة “لماذا؟” لماذا هذا المشروع أفضل؟ لماذا ننجز الأمور بهذه الطريقة؟ لماذا القيام بهذا الفعل مهم؟
المتخيل يحتاج مرونة ومساحة عمل ضخمة لاستكشاف الأفكار وتجربتها.
أدوات مساعدة: zenpen.io/ lifetick.com / ورق ملون، ملفات ملوّنة، دفاتر بورق غير مسطر، أقلام ملونة، لوحات بيضاء ضخمة للكتابة.
* بعد إنجاز كتابة هذه التصنيفات وترجمتها عن كتاب “Work Simply” وجدت اختبار الكتروني مطابق للمذكور في الكتاب ومن خلاله ستتعرفون على تصنيفكم الخاص بالإنتاجية، بعد أن تتعرف على نفسك ستصبح أكثر وعياً لما تعمل عليه وتطلب التوضيحات والمساعدة اللازمة من الآخرين لتحقق أهدافك. أتمنى أن أرى تحسناً ملحوظا في إنتاجيتي بعد أن تعرفت على نمطي، وأرغب في التعرف على نتائجكم كذلك.
فكرة التعليق على النصائح التي أمرّ بها واكتبها في مدونتي للآخرين. بعد أن وصلتني عدة أسئلة – في مواضيع مختلفة– عن رأيي الغائب فيما أطرحه هنا. بدأت أشعر أن المكان تحول إلى ماكينة روتينية بلا روح. مهما بدت فكرة جمع المحتوى ونشره ممتعه لكم إلا أنّ من كتبوا لي في مساحة الرسائل كانت لديهم فكرة ممتازة. أعادوا لي ذكريات المدونة في بداياتها. الكثير من المشاعر الشخصية والحكايات والقليل من المواضيع العامة والنصائح.
في التدوينة السابقة حدثتكم عن مشكلتي مع الكتابة، أنا لا أكتب كما كنت، وهذا الأمر يزعجني.
قرأت في مقالة ممتعة عدة نصائح عن صنع روتين الكتابة وتشجيع الابداع، و و و و. نصائح مثالية جداً، وتبدو للوهلة الأولى ناجحة لو قررتم منحها فرصة. لكنني فعلت، وطبقت بعض النصائح مرات ومرات، ولم يحدث شيء.
تقترح النصيحة أفضل وقت للكتابة بناء على عدة أسباب، وعليك عندما تتقرر الكتابة في ذلك الوقت أن تصنع الروتين، وتجبر نفسك، ولا تتبرم وتكتب، تكتب بلا توقف.
في البدء الكتابة صباحاً جيدة لعدة أسباب:
١– لديك الارادة القوية في الصباح.
الارادة مورد يحترق بسرعة خلال اليوم وعليك الاستفادة منه فور نهوضك لأنه سيتناقص حتى موعد نومك ليلاً. لكنني جربت! إرادتي في الصباح موجهة للنهوض، لصنع افطاري وإعداد وجبة الغداء التي سأحملها معي للعمل، إرادتي موجهة للابتسام، وقراءة بعض المقالات وترتيب فوضى اليوم في ذهني. لم تنجح النصيحة، حتى عندما حاولت تطبيقها في نهاية الأسبوع، نهاية الأسبوع أسوأ بالنسبة لي فأنا أكتب كل يوم في عملي وتأتي نهاية الاسبوع فرصة للهروب من سيل الكلمات التي العب بها مثل مهرج في سيرك!
٢– السبب الثاني للكتابة في الصباح، أننا أكثر إبداعاً.
فالنشاط الابداعي يبلغ أوجه خلال نومك وفور استيقاظك منه.
من جديد أعرف أنني أكثر ابداعا في الصباح، ابتكر افطاراً من علب الاجبان التي تشارف على الانتهاء، أو حواف الخبز اللذيذ، وأختار البن الذي أريد شربه. بقية طاقتي الابداعية موجهة بالكامل للعمل، للثرثرة في المكتب ومحاولة ايجاد طريقة أفضل لقراءة كتبي الحزينة. في نهاية اليوم، استنفذ آخر حبر الابداع على صفحة مذكراتي أو برسالة قصيرة على هاتف صديقة.
٣– غالباً، نكتب ونحن في مزاج جيد.
لو افترضنا أنّ المزاج في الصباح طازج، سيكون كل شيء جيد، الكتابة ويومك بأكمله. ليس على كل حال، وشخصياً أكتب بغزارة عندما أكون محبطة أو حزينة! وكرهت أن أحدد لنفسي هذه الحالة، فالكتابة في يومياتي سهلة وممتعة كل ليلة، وقد استبعدت منها كلّ ما سيحزنني قراءته بعد حين. إذا لماذا عندما أجلس لمدونتي لا شيء يحدث؟ لماذا مستند خصصته لكتابي يحرر كل أسبوع من العام ٢٠١٠م ؟ ليس لدي إجابة. إنها حالة مذهلة وخاصة جداً أن تكتب كلما كان مزاجك جيد، أن تجد الوقت وأنت في مزاج جيد لتكتب. عندما أحصل على هذه اللحظات انغمس فيها تماماً لا أريد أن أغمض عيني، وأنتم تريدون مني أن أكتب؟
عندما أعود لمذكرتي بعد عطلة مدهشة أو نهاية أسبوع غنية بالمنجزات والمشاهدات والقراءات يصبح ما أدونه بمثابة القبض على رائحة من وردة سحرية بعيدة. لا شيء في الحقيقة، لا يمكنني الكتابة.
٤– صنع عادة كتابية يساعد.
الفكرة الرابعة في الكتابة الصباحية، صنع عادة منها. ترجمت قبل سنتين سلسلة عن طقوس المبدعين واذهلتني فكرة استيقاظهم كل يوم في نفس الوقت، الوضع أشبه بمدرسة عسكرية، حتى وأنا أعلم أنني يجب أن أكون في مكتبي في ساعة محددة لا اتبع ذات الطقس كل يوم. أغير طريقي، أغير ملابسي وأغير مزاجي كل هذا في الصباح، لم أتمكن من صنع عادة ثابتة لأبسط الاشياء حولي، ويخيل لي أن الأمر سيتسبب بالفوضى. لذلك حتى أتقن هذه النصيحة تبقى الكتابة هدية عشوائية في أيامي.
تختم المقالة النصائح الصباحية بأفكار دكتاتورية سريعة، مثل اكتب كل يوم صباحا فقط ولا تكتب في أي وقت آخر من اليوم. اكتب ولا تدقق ولا تحرر وتفرغ للتحرير في نهاية يومك. وانفصل تماما عن التقنية والشبكات الاجتماعية وبريدك واجعل التحقق منها هدية استمرارك بالكتابة. وأنا اكتب هذا التعليق الآن شعرت بأنها نصيحة مغرية، فقط الآن، قرأتها للمرة الأولى وترجمتها على ورقة وكتبتها من جديد على لوحة المفاتيح وكأن كراهيتي للفكرة بدأت تتحول. “كافئ نفسك عندما تكتب”. سأحاول.
الجزء الثاني – الذي قد أميل له– يتحدث عن الكتابة في المساء ولماذا قد تكون فكرة مناسبة.
١– الكتابة في المساء بلا انقطاعات.
في أغلب الأحيان لن تجد أحدا يقاطعك بعد أن تختلي بنفسك، أستخدم خدعة تنظيف الاسنان والبيجاما، واعلان النوم، وأقرأ قليلاً، ثم أجيب على سؤال اليوم في مذكرة مخصصة لذلك، واكتب عن يومي. هدوء تامّ، لا انقطاعات، ولكن طاقتي شارفت على النفاد ولا كلمة إضافية تخرج بعد أن أضع نقطة على السطر.
٢– اليوم مليء بالالهام.
الكتابة مساء تعني أنك تلتقط حكايات يومك كله وتضعها في الكتابة أو على الاقل تلهمك. لو لم أكتب هذه التدوينة مساءً لما تحدثت عن منظر طالبة مدرسة تشتري البطيخ مع والدها على الطريق بزيها المدرسي، أيّ فرحة تشعر بها وقد صحبها والدها من المدرسة لبائع البطيخ؟ وفكرت ربما لا تحب البطيخ مثلي، الحمرة المذهلة اللامعة تحت الشمس والمذاق الذي يشبه الحلم! هاه لا تحب البطيخ؟ كيف ستكتب عن البطيخ وطالبة المدرسة إذاً. وهكذا أمرّ بأحداث كثيرة كل يوم، مهمة جدا للحديث لكن اذا لم يكن هناك وقت للجلوس لكتابتها ستتبخر بالتأكيد وتصبح أقل دهشة في اليوم التالي – على اعتبار أن البطيخ مدهش طبعا.
٣– لست في عجلة للقيام بشيء آخر.
عندما تكتب ليلاً، أنت تكتب بعد انتهاء يومك وأصبح الارتباط ذهنيا وعاطفياً أكبر مع الأشياء التي تحب القيام بها، وليس التي يتوجب عليك انجازها.
لكن قائمتي طويلة!
أريد أن أقرأ، أريد أن أتواصل مع صديقاتي، أريد أن أقرأ مرة أخرى. وأريد أن استرخي واحظى بنوم الأطفال. هل تشاهدون الكتابة في أيّ مما سبق؟ مع أنني أتبرم كثيراً لأنني لا أكتب إلا أنها لم تعد تجد مكاناً في جدولي اليومي –باستثناء تدوين اليوميات طبعا– والحل؟ عندما تصل القائمة السابقة إلى الاشباع والاكتفاء سيصبح للكتابة مكان.
أعتقد يا أصدقائي أنّ النصائح أعلاه جيدة، لكن المشكلة في طريقة التطبيق، والظروف المحيطة والاستعداد الشخصي. هل سأكرر تجربتها من جديد؟ لا أعلم، ربما إذا استعدت نظام حياتي وتقبلت جدولي اليومي وجملته بمزيد من التنظيم. حتى ذلك الحين لن أخصص وقتاً للكتابة، لا نهار ولا ليل، كلما شعرت بالحاجة إليها سأزورها.
والآن السؤال المهم لكم: كم مرة ذكرت كلمة كتابة في هذه التدوينة؟
استيقظت صباح اليوم واختبرت قدمي على الأرضية الباردة.
أنا في حرب مع السجادة التي تسافر تحت سريري مرة لليمين ومرة لليسار، وأحاول أن أصنع التوازن بسحبها للوسط، كل يوم. إني في صراع مع حياتي يحاكي صراعي مع السجادة.
مشيت على قدمي منذ أسبوع تقريباً، كنت وضعت هدف مايو الأول أن امشي عليها، والآن أفكر في الركض، والرياضة والرقص بطبيعة الحال.
حجرات المنزل كلها مأهولة.
لم أعهدني قلقة ومؤرقة مثل الثلاثة أشهر الماضية. لم تكن القراءة تساعدني، ولا الثرثرة ولا الهرب من كل شيء، بالنوم.
لأول مرة منذ تسعة أشهر أنام نوماً عميقا لا يشوبه أرق أو تساؤل أو رسائل قصيرة عابرة للمحيطات. أخواتي معي، وتساءلت بعد مضي عدة أيام: هل كنت أشتاق إليهم حقيقة؟ أم أنه شوقي لنفسي التي أعرفها قبل دوامة الانتقال للرياض والتحولات الجذرية التي مررت بها في فترة قصيرة بلا تأهيل.
عزائي الوحيد أنني كنت هنا قبل عدة سنوات، أعرف الطرق الرئيسية، أعرف ما كنت ضائعة أو لا، وأعرف الطريق إلى أساسيات الحياة: مستشفيات، مراكز تسوق، منازل أقارب.
لستُ أكيدة من حبي للانتقال هنا لكنني أعرف بلا شك أن حياتي الآن أفضل وإن بدت وسط دوامة عظيمة.
أعمل في وظيفة ممتعة، وفيها فرصة للتعلم كلّ يوم، اسكن في منزل مع عائلتي لا ينقصنا شيء والحمد لله. لكنني افتقد لإلهام الكتابة العظيم. أريد أن أذهب في إجازة طويلة مع نفسي، وأترك قلقي وترددي وشكوكي ورائي، وأكتب. أكتب من شروق الشمس حتى الغروب، وإن أحرقت مسودتي في نهاية اليوم، لن أبالي، أريد أن أشعر بوقود الكلمات في أصابعي.
في نهاية شهر ابريل الماضي شاركت في مرحلة المقابلات الشخصية لمسابقة “أقرأ” التي تنظمها شركة أرامكو السعودية لإثراء الشباب. الفكرة في هذه المرحلة مقابلة المتسابقين والمتسابقات وطرح اسئلة تهتم بالقراءة للتعرف عليهم أكثر. في الأغلب سيتحدث المشاركون عن الكتاب الذي قدموا مراجعته في المرحلة الأولى في المسابقة وعن سبب اختيارهم له. أعجبت كثيراً بفكر المشاركات واختياراتهم، وشعرت من ناحية أخرى أن اختيارات بعضهن كانت أكبر من فئتهن العمرية وأكبر من فهمهم الحالي. نسيت أن أقول أنني قابلت المشاركات في المرحلة المتوسطة والثانوية. لكن بشكل عام بمسابقة أو بدونها شعور الحديث مع القراء مبهج ويبث الحماس وذكرني شخصياً ببدء قراءاتي واطلسي الذي حملته معي في كلّ مكان. العجيب في الأمر أنني أمرّ بفترة فقيرة في القراءة. أحاول تغيير المواضيع، واستعادة حماسي ولا أجد أي تجاوب من نفسي. أقرأ المقالات التي كدستها في مفضلتي وبدأت بقراءة كتاب يجمع مقالات للروائية سيري هوسفدت زوجة الروائي الأمريكي پول أوستر. بداية ممتعة وإن لم اتجاوز معها عدة صفحات.
جربت الكتب الالكترونية، والصوتية وعدت مجددا للورقية بلا فائدة. على الأرجح سأترك هذه المشاعر لتعبرني بهدوء ولن أقاومها. وسأقضم قليلا من الكتب هنا وهناك حتى أكتشف إلى أي اتجاه تشير البوصلة.
أقرأ مقالات وقصص عن الشخصيات الناجحة التي غيرت اهتمامات حياتها ومجال عملها بعد الثلاثين. لم يكن الوقت متأخراً أبداً. استسلم أحيانا إلى فكرة أنه فاتني الكثير، والكثير الذي لا يمكن استعادته. لكن العمل مع مجموعة من الشباب والشابات الذين يتجاوز الفارق العمري بيني وبينهم خمس أعوام جعلني اتراجع عن هذه الفكرة. شيء ما بداخلي يتحول، ضوء مبهر!
خلال الشهر الماضي فكرت أكثر من مرة في كتابة تدوينة وداع لمدونتي، والتوقف عن الكتابة لفترة طويلة. شغلت بالعمل وأشياء أخرى ولم أكتبها، والآن أنا سعيدة بأنني لم أفعل. قد يبدو المكان هنا هادئا جداً، لكنه ما زال ينعم بالدفء والأشياء الجميلة التي أذكرها جيداً. شكرا لكل الرسائل والتنبيهات التي ذكرتني بالعودة وألحّت علي. سأحاول من أجل نفسي أولاً، ثم لأجلكم.