مضى وقت طويل على آخر مرة سهرت فيها لانهاء كتاب.
فعلتها بالأمس مع رواية “الدفتر الكبير” لأغوتا كريستوف. الرواية مذهلة وموجعة في نفس الوقت. كمية الأذى والتحول في نفس طفلين صغيرين لا يمكن تصديقها إلا لمن يرى ويعرف ما يحدث اليوم في عالم تلتهمه الحروب. لا أطفال في الحرب. اليتم والخوف والتشرد ينزع قلوبهم ويستبدلها بأخرى، وإن لم تشملهم رحمة الله وعطف الناس سيصبحون في يوم ما وحوشاً. لم أشاهد الفيلم بعد، لكنني أنوي ذلك. شيء ما في كتاب أغوتا ذكرني برواية غونتر غراس “طبل الصفيح” والفيلم الذي صوّر عنها. تحول الأطفال إلى بالغين مضطربين هو الرابط في ذهني، ربما.
ما زلت أقرأ بالتوازي كتاب “The Social Commerce Handbook” كتاب ممتع جداً يشرح مفاهيم التسويق من خلال الشبكات الاجتماعية مع ذكر كثير من الأمثلة المميزة والمبتكرة التي طبقتها الشركات.
في الفصل الذي قرأته اليوم قصة ذكية جداً عن شركة هاينز للأغذية المعلّبة. قدمت الشركة حملة تسويقية ناجحة بكل المقاييس لعملائها. في اكتوبر 2011م أطلق الفرع البريطاني للشركة حملة “Get Well Soup” تزامنت مع الموسم البارد وتعرض الكثير من الناس لأمراض الشتاء. الحملة باختصار سمحت للزبائن من خلال صفحة فيسبوك شراء علب شوربة (دجاج وكريمة – طماطم) وارسالها لصديق أو قريب متوعك مع رسالة مخصصة باسمه GET WELL SOON، لتمني الشفاء العاجل له. تخيلوا انفسكم مرضى ويطرق باب منزلكم موظف البريد يحمل هدية بسيطة جداً ولطيفة مثل هذه. تسخنون الشوربة، تحتسونها وتشعرون بأنكم أفضل! الفكرة الذكية جداً هي ربط المشاعر والاهتمام الذي تلقاه الشخص من صديق أو حبيب بالمنتج. ما سيحصل أنّ كل شخص قد يمرر الهدية ويطلب الشوربة ويبعثها لصديق آخر. وهكذا تستمر حلقة الاهتمام والاحتفاء بالفكرة. هناك أيضاً من جهة أخرى فكرة تسويق المنتج لشخص لم يجربه بعد، مثل عينة مجانية. أي أنه في المرة القادمة التي يذهب فيها للتسوق سيقتني الشوربة لأنها لذيذة أو لأنها ببساطة تذكره بشخص عزيز.
العلبة والرسالة المخصصة وارسالها لصديق لباب منزله خلال ثلاث إلى أربع أيام لا تكلف أكثر من ٢ باوند (١٢ ريال تقريباً). ماذا حدث كنتيجة لهذه الحملة؟ الارقام التالية تشرح الأثر المدهش:
-
خلال ٤ أسابيع فقط أرسلت حوالي ٢٠٠٠ علبة شوربة.
-
٣٥ ألف شخص تحدثوا عن الحملة في فيسبوك وحده.
-
وعلى تويتر حوالي ٥٠٠٠ منشن ليصل الخبر إلى حوالي ٣ مليون مستخدم على الشبكة.
-
تحدثت ٣٥٠ مدونة عن الحملة ودفعت بـ ٣٥٠٠ زائر لصفحة شوربة هاينز على فيسبوك.
-
ازداد التفاعل على صفحة فيسبوك الخاصة بشوربة هاينز بنسبة ٦٥٠٪
-
ازداد الزيارات الشهرية –الفريدة– لصفحة فيسبوك حوالي ٤٣٣٤٪
-
زاد الطلب وتكرر الحاح الزوار لإعادة التجربة وحصل ذلك واضيفت أنواع أخرى من الشوربات لينضم حوالي ٤٢ ألف مستخدم جديد للصفحة.
-
في نهاية الحملة تعرف أكثر من ٢٦ مليون شخص على الحملة وقام ٩٦ ألف شخص بتجربتها بأنفسهم.