الميل الأول

أحد قرارات السنة الجديدة التي حرصت على العمل بها: التعامل مع الأشياء بشكل مختلف.

اليوم وبعد مضي شهر وعشرة أيام من الشهر التالي وجدت أنّ هذا القرار هو الأكثر مرونة والأحب إلى قلبي. كلّ سنة كان الحماس يغمرني وأضع الخطط والأهداف والتزم بها لشهر أو اثنين ثم انزلق بعيدًا. ما السبب؟ تساءلت. محاولة حشر كلّ شيء في سلة واحدة، أو محاولة ترويض نفسي على تغيير كبير دفعة واحدة. وما يحدث بعد ذلك يدفعني للاحباط والفشل.

أحد المشاكل التي عانيت منها خلال السنوات الماضية، هي المحافظة على نظام غذائي صحي خلال ساعات العمل، والامتناع عن الاعتماد الكلي على الأكل في الخارج. كانت البداية قوية وحماسية ولكن خلال أيام الضغوط والفوضى أعود للعادات الغذائية السيئة: وجبات سريعة، وكميات هائلة من السكر والدهون.

بعد دراسة الوضع تنبهت لعدة أشياء:

  • لدي استعداد جدّي للالتزام والدليل أنني ابدأ بشكل جيد.

  • لدي الوقت للتهيئة لكنني أفضل الكسل عندما تغمرني الفوضى.

  • تجهيز خيارات أكل أبسط للغداء يعني التزام أطول بالخطة.

  • اختلال نشاطي الرياضي وزيادة الوزن مرتبطان بشكل كبير بوجبة الغداء.

  • هناك رابط واحد واضح جدًا بين هذه العقبات، وهذا الرابط هو أنا!

إذًا، وبالعودة إلى الفكرة الأساسية في بداية التدوينة، التعامل مع الأشياء بشكل مختلف يعني هذه المرة اعتماد تغيير بسيط سيمتد تأثيره تدريجيًا على بقية نواحي حياتي.

وكانت التحليلات مرعبة! كيف وجبة الغداء فقط قادرة على صنع كل هذه الفوضى؟

بدأت أولًا باتفاق مع نفسي: ٣ أيام من الأسبوع التزم بتناول طعام محضر من المنزل (أعمل على تجهيزه يوم السبت أو الأحد)، واليومين الباقية وفي حال الضرورة والاضطرار يُسمح لي باختيار وجبة محضرة في مطعم أو مقهى.

هذا الترتيب مريح جدًا لي، ولميزانيتي. وجرّبته لمدة أسبوعين لكنني اكتشفت الثغرات التالية:

  • الأطعمة المعدّة في مطعم / أو مقهى قريب من مكان العمل صحية فعلا، لكنها مرتفعة السعر وهذا غير مناسب لخطتي المالية.

  • الخروج للمطعم / المقهى والمشي فرصة للنزهة والتفكير، لكنها تقتطع من يوم العمل واحتاج معها لتعويض الوقت الذي غادرت فيه المكتب.

الحل الثاني للمشكلة هو تغيير قائمة الوجبات التي أتناولها على الغداء وتبسيط طريقة تجهيزها، يعني يمكن أن تكون عبارة عن طبق سلطة مع زيتون وجبنة، أو شابورة وشاي، أو زبادي وفواكه وغرانولا.. إلخ. وأقول بسيطة لأنني التقط مكوناتها وأنا في طريقي للعمل. مثل جولة تسوق سريعة من ثلاجة المنزل، وقد أجد أيضًا بقايا من وجبة عشاء اليوم السابق وأقرر لاحقًا ما يمكنني إضافته إليها.

وفي المكتب لاحقا يتوفر لدي: فواكه طازجة، زبادي، خبز، وسخانة ماء وميكرويف. وهذا كافٍ لحلّ مشكلة حيرة الغداء.

الأمر الوحيد الذي ساعدني على نجاح الحلّ: الاستيقاظ قبل موعدي اليومي بـ ٣٠ دقيقة، نعم فقط ٣٠ دقيقة ساعدتني وغيرت نظامي تماما. انتهي من الاستعداد للخروج وأذهب للمطبخ وأعدّ وجبة الغداء، والفطور كذلك.

طبّقت الفكرة لما تبقى من شهر يناير، والأيام الأولى من فبراير والمفاجأة:

لم احتج لتناول الطعام من الخارج، وخسرت كيلوين خلال ١٥ يوم!

وما حدث أنني تدريجيًا تخلصت من مشكلة الغداء دون الحاجة لتجهيز مكثف للوجبات، وبلا خلل في ميزانيتي.

وبنفس الفكرة سأنتقل لمعالجة مشاكلي العالقة تدريجيا، أولا بإيجاد القاسم المشترك بينها، ثم اختيار تغيير بسيط، ومعالجتها بطريقة مختلفة لم اعتمدها من قبل.


قرأت خلال الأيام الماضية مقال لطيف عن كيفية التعرف على أصدقاء جدد عندما تنتقل لمدينة جديدة وأعتقد بأننا جميعًا وفي وقت معين من حياتنا احتجنا لمثل هذه النصائح. قد لا يكون الانتقال بالضرورة لمدينة جديدة، يمكن أن يكون مكان عمل جديد، أو حيّ. الفكرة هي كيف تجد أصدقاء ومعارف بعد انتقال جديد.

والكاتب يقترح التالي:

  • استكشف الصلات القديمة أو كما يسمّيها (العلاقات الخاملة) ويُقصد بها معارفك من فترة سابقة في حياتك. سواء خلال سنوات الدراسة، أو العمل، أو الشبكات الاجتماعية (صداقات افتراضية) فقد يكون من ضمن هؤلاء أشخاص تودّ تعزيز معرفتك بهم ولقاءهم في مدينتك الجديدة.

  • يمكن أن نجهز أنفسنا قبل الانتقال للمدينة بسؤال الأصدقاء والمعارف وطلب مساعدتهم في التعرف على أصدقاء جدد. قد يكون لهم زملاء أو أقارب في وجهتنا التالية وسيساعدوننا في التعرف عليهم واللقاء بهم.

  • استكشف الأنشطة والفعاليات التي قد تقابل من خلالها أشخاص يشاركونك نفس الاهتمامات والهوايات. الأمر الجميل في هذا أنّك لن تكون في وسط معارف مقرّبين، وخلال هذه الفعالية ستتحدث وتقترب من أشخاص جدد بلا انشغال أو خطط مسبقة.

  • لا تتوقف عن التواصل بمجرد إيجاد أصدقاء أو معارف. وهذه النصيحة بالذات طبقتها شخصيًا مع أنني كنت محظوظة بأنّ انتقالي للمدينة جاء على مراحل، وكان لدي مجموعة طيبة من الأصدقاء. مع ذلك، حافظت على فضولي واهتمامي بالتعرف على أشخاص جدد.

  • إذا تعرفت على زملاء عمل أو معارف عبر صداقات مشتركة لا تكتفي بمعرفة جانب محدد من حياتهم. مثلا زملاء العمل ونظرًا لرسمية المكان وضغط المهام قد تبدو علاقات مملة وغير قابلة للتطور. لكن لو اكتشفت جوانب أخرى من حياة الآخرين ستصبح رفقتهم محببة ومثيرة للاهتمام.


إذا كانت لديّ سمة شخصية لم تغادرني منذ أن تعلّمت الكتابة، ستكون تدوين أفكاري ويومياتي. هذا الأمر واضح لكل من يعرفني عن قرب، من زميلات الدراسة حتى رفاق العمل والسفر ولن تخلو حقيبة من حقائبي من قلم ودفتر.

أكتب خلال الاجتماعات، أكتب هواجسي، ومخاوفي، واهتماماتي. أكتب خطط السنة ويوميات السفر، وأكتب خلال جلسات العصف الذهني التي أصبحت لصيقة للعمل في مجال الكتابة الإبداعية.

خلال السنوات الخمسة الماضية ملأت مئات الصفحات بالتفاصيل، من تغريدات التسويق للمنتجات، ونصوص وسيناريو الفيديوهات الإعلانية وصولًا لمحتوى المواقع الإلكترونية وكلمات رؤساء الشركات والمسؤولين في قطاعات مختلفة. هذه الدفاتر كنزي، وذاكرتي المحفوظة ولوحة إنجازاتي في حال تعثرت التقنية.

كنت استقبل نظرات الاستغراب من مدراء المشاريع وزملاء العمل: لماذا تحبّ هيفا سلوك الطريق الأطول؟ اكتبي على طول في الملف، وهذا متعب حقًا! وكنت لا أملّ شرح وجهة نظري: أريد حفظ هذا كله لنفسي، بالإضافة إلى أن الكتابة بالقلم مسودتي الأولى وتساعدني على جمع الشذرات وترتيبها.

هذا التدوين قوّتي عندما يصر أحد ما على سرقة فكرة أو نسبها لنفسه، عندما تضيع جهودي في عمل الفرق الكبيرة ولا يلتفت أحد لما قدّمته. وهذا ما قد يصادفكم للأسف في مجالات تتطلب العمل الإبداعي لكنك لا تستطيع تسجيل الناتج النهائي باسمك.

قبل سنة أو أكثر طُلب مني كتابة محتوى رقمي لعدة منصّات لأحد العملاء. وضعت فيه قلبي وجهدي وساعات طويلة من البحث. ما حدث أن العميل استلمه لكنّه لم ينشر، لم ينشر حرف واحد من كل هذا الجهد. وعلى الرغم من أنني استلمت المقابل المالي كاملًا بلا نقص، لكنني لم أحصل على العائد المعنوي الذي انتظرته.

لم أجد أثر إلكتروني للمحتوى، والعميل لا ينوي نشره أو الاستفادة منه، ولم يكن هناك تنازل خطّي عنه من قبلي.

إذا يمكنني استخدامه لنفسي. لكن أين الملفات؟

عدت لدفاتري خلال نهاية الأسبوع الماضي، وبحث بلا توقف حتى وصلت للصفحات المطلوبة. وجدتها كاملة!

النصوص، وبطاقات الملاحظات، وأفكاري التي ساهمت ببناء المنتج النهائي.

موقف كهذا يذكرني بحبي للتدوين، تدوين كلّ شيء حتى وإن لم تكن تعتقد بأهميته الآن. خاصة إذا كنت تعمل في مجال يتطلب العودة للكلمات والصور. وقد يكون التدوين ضرورة قصوى إذا كنت تعمل في مجال يتفاوت فيه الالتزام بالأخلاقيات المهنية.

اتطلع دائمًا لقراءة تعليقاتكم ونصائحكم المجربة حول المواضيع المطروحة.

وأتمنى لكم بداية أسبوع طيبة ومُنتجة.

.

.

.

لِتهدأ نفسي

في مثل هذه الأيام وقبل عشر سنوات تحديدًا كنت احتفل ببداية جديدة في حياتي. بداية بعد عاصفة طويلة توقعت ألا تكون هذه نهايتها. انتقلت حينها للرياض لبدء دراسة الماجستير. والكثير منكم يعرف كيف انتهت تلك المرحلة المدهشة. لم أحصل على الدرجة، لكن حياتي كلّها تغيرت وقد يكون لدي الوقت الجيد لحكاية التفاصيل الطويلة لتلك الأيام.

سبقت هذه النقلة فوضى عارمة في حياتي، لم يكن أمامي أيّ طريق. كل شيء معتم ويطبق على قلبي ضجر عظيم. فكرت في الانتقال للرياض للعمل لكنّ الفكرة لم تنل استحسان والدي، خصوصًا وأني حينها كنت أعمل بشكل مستقل ولأربعة سنوات! حاولت من جديد ولكن ماذا لو انتقلت للرياض للدراسة؟ جهزت نفسي للتقدم وحملت أوراقي وسافرت. كان قبولي مستحيلا باعتقاد الكثيرين خصوصًا وأنّ المتقدمات لبرنامج الماجستير بالآلاف سنويًا، وفي تخصص تقنيات التعليم بالتحديد كان العدد في ذلك العام ٢٥٠ متقدمة. اجتزت الاختبار الأولي مع أكثر من خمسين متقدمة وكانت الشكوك لدي ولدى عائلتي عظيمة، هل سيتم قبول طالبة من الجبيل ويتركون طالبات الرياض؟ مرّ الصيف على مهله وقد وضعت كلّ شيء على حالة الانتظار. لم ابحث عن عمل. غرقت في النوم والقراءة. وصلت لمرحلة المقابلة الشخصية وكانت مقابلة هاتفية سريعة. بعد شهر تقريبًا ظهرت النتائج وقُبلت مع ١٦ طالبة في التخصص. أصبح حلم الهروب من حبسة رتابة الحياة حقيقة. حتى لو كان سيأتي مصحوبًا بالانتقال لمدينة جديدة، حياة اجتماعية جديدة، دراسة وعمل في نفس الوقت.

لماذا أحكي لكم هذه القصة؟

ربما هي محاولة مني لفهم ما أمرّ به من جديد بعد عشر سنوات. لكنني الآن في الرياض، أعمل واحمل مسؤوليات أكبر من رغبتي بالهرب والانتقال. أهرب للنوم، للقراءة، للجلوس بصمت، للطبخ. هذا ما يمكنني فعله الآن. ينتهي يوم العمل وأترك كل شيء ورائي وأعود للمنزل. أطفئ قلقي ما استطعت. وأتذكر أنّ هذه هي الحياة التي انتظرتها طويلًا، وأنّ الحياة ليست نزهة ممتعة على مدار الساعة، وأن شعور الجلوس على كرسي غرفتي في الخامسة والنصف والنفس الطويل وكوب القهوة مع العائلة علاج يومي.

أقرأ في يوميات ٢٠٠٨، في المدونة هنا وفي المذكرات المكتوبة بخطّ يدي، اتصفح الصور، اتحدث مع من عايشوا تلك الأيام. هذه هي الطريقة المثلى لعلاج ما أشعر به.

* * *

بعيدًا عن فوضى الروح الموسمية أقضي أيامي بين العمل الإبداعي والإداري، الاستجمام اليومي، الاهتمام بصحّتي والهدوء والتخفف، الكثير منه.

اقرأ كتاب الطباخ – دوره في حضارة الإنسانمن تأليف بلقيس شرارة. كتاب ضخم وممتع ولم انتهي من ربعه حتى الآن. لكنني وجدت نفسي أدون الملاحظات وأقضي الساعات بعد كل عدة فقرات لاكتشف التاريخ والصور. السرد ممتع على الرغم من أنّ الكتاب يأتي كدراسة مليئة بالمصطلحات والتواريخ والهوامش. وأعرف من الآن أنني سأعود كثيرًا له.

الاهتمام بالطبخ والمطبخ ليس بجديد، منذ عدة سنوات وأنا أجد في المطبخ مساحة لنفض الهموم والقلق. أحبّ الطبخ لأنه كما وصفته المدونة الأمريكية ديب بيريلمان التي كتبت مقالًا طويلًا عن الطهي في المنزل وجاء فيه هذا المقطع الذي يمثّلني:

«أحبّ الطريقة التي تخفف بها وصفة طبخ من ضغط يوم طويل مليء باتخاذ القرارات. أحب الطريقة التي أطبق بها وصفة وجبة يحبها الجميع، هذا الحدث قادر على تغيير يومي.

تجهيز وجبة شهية حتى وإن لم تتوقع ذلك من نفسك؛ الطريقة الأسرع لتشعر بالانتصار. أحب الوقوف بجانب الفرن، أكيل اللعنات لكاتب الوصفة الذي يقترح كرملة البصل لعشر دقائق، أنهمك تمامًا. لستُ مشغولة برسائل الهاتف الجماعية، أو لحظة غاضبة على تويتر. إني أحصل على فترة قصيرة من الراحة والتزود بالوقود. هذا الشيء، هذا التركيز، هذا الهدف والمكافأة اللذيذة والنادرة التي التهمها كلما سمحت لي الفرصة

إلى جانب القراءة أتابع/تابعت عدة مسلسلات في آن: Ozark ، Bodyguard، Succession.

واستمع لراديو نيويورك الكلاسيكي وقائمة موسيقى طويلة لإيلا فيتزجيرالد، سيمون وجارنفكل، وبوب ديلون.

أحبّ سبتمبر، ويذكرني بعطلاتي السنوية التي بدأتها منذ سنوات، هذا العام مختلف لأن الصيف مرّ وسبتمبر وأنا في المدينة أركض.

أذهب في عطلة جديدة قريبًا مليئة بالمغامرات، وأنوي تجربة مشروع ممتع هذه المرّة وسأروي لكم تفاصيله لاحقًا بإذن الله.

* * *

أكتب مجموعة مقالات حول العمل المستقل، الإنتاجية، العمل الإبداعي والعمل بشكل عام في مدونة تسعة أعشار، بدأت قبل ثلاثة أسابيع وأتمنى متابعة هذا المشروع الممتع.

أيضًا بذكر العمل المستقل تذكرت اللقاء الثالث والأخير لهذا العام للمستقلات، سيقام اللقاء في مكتبة الملك عبدالعزيز العامة فرع خريص للسيدات. وسيكون محور حديثنا إيجاد التوازن وحلّ المشكلاتسأشارككم رابط التسجيل ما إن يتم اعتماده من المكتبة، والحضور مجاني بالطبع.

* * *

تحدثت عن الطهي والوصفات أعلاه وتذكرت أننا في المنزل استبعدنا تتبيلة السلطة الجاهزة تمامًا، وخلال الأربعة أشهر الماضية اعتمدنا تتبيلة زيت الزيتون والبلسمك والليمون والثوم الطازج. تتغير السلطات والمحتويات وهذه التتبيلة الطازجة والنظيفة هي المفضلة. لم نكن نشتاق لأي تتبيلة أخرى. لقد اكتشفت أن الثلاجة تخلو من الصلصات الخاصة بالسلطة حين توقفت قبل أسبوع في ممر الصلصات العضوية وأعجبت بواحدة لسلطة السيزر واشتريتها. لقد وفرنا عشرات الريالات وقللنا من استهلاك السعرات دون أن نشعر وتلذذنا بالخضروات والتتبيلة البسيطة لأطول فترة.

ما هي تتبيلة سلطتكم البسيطة؟ أحبّ تجربة شيء جديد

* * *

أتعلم خبرة جديدة مرتبطة بصناعة المحتوى، والتعلم يشبه المشي لأول مرة أو تذوق الأشياء ورؤية الأعاجيب! أقضي ساعات في القراءة يوميًا، ومشاهدة مقاطع الفيديو على يوتوب. مضى وقت طويل على آخر مرة تعلمت فيها شيء من الصفر. تراكم المعرفة والخبرات أمر عظيم وقد نغفل عنه أحيانًا. كيف تتعلمون مهارة جديدة؟ شاركوني في التعليقات.

.

.

.

الإبداع التعاوني | Collaborative Creativity

خلال أربع سنوات من العمل في مؤسسات وإدارات إبداعية تعرفت على الكثير من نقاط ضعفي وضعف زملائي وزميلاتي. ربما كان أكثرها وضوحًا: صعوبة العمل في مجموعة! كثير من المبدعين بالضرورة يميلون إلى انتاج أعمالهم بشكل مستقل. يميلون للعزلة وحجب جهودهم حتى ينتهون من المنتج الأخير ويطلقونه أو يعرضونه للجمهور أو المتابعين أو العملاء. هذا مقبول جدًا إذا كنت لا تتبع فريق أو مؤسسة. مناسب إذا لم يكن هناك من ينتظر مساهمتك لاستكمال بناء فكرة أو مشروع. في المؤسسات التي عملت بها كان كاتب المحتوى الفرد الأول في فريق التتابع، ننتهي من النصوص ونمررها للمصمم الذي ينفذها ويمررها لمدير المشروع وإلى العميل في المحطة الأخيرة. عملية نقل الرسالة هذه تمر بمطبات كثيرة يمكن حلّها بمزيد من التفهّم والانتباه.

وأفكر دائما وأذكر نفسي ومن معي: لا يمكن أبدًا تطبيق ما أسميه نموذج حصة الإملاء عندما ينكفئ كل طالب على دفتره ويخفي ما يكتبه حتى لا ينقل زميله عنه. في العمل الإبداعي نحنُ مجموعة من مكعبات الليغو نصنع تجربة متراكمة تظهر بشكلها الأفضل ونتفوق جميعًا.

التواصل

البديهي في العمل أننا نتكلم، نتراسل، نحضر الاجتماعات. لكن هل نحن نتواصل بشكل جيد؟

نحتاج اليوم لرسائل أوضح، وصف للمشاريع أو ملخصات إبداعية أفضل. نحتاج للتواصل بأسئلة ذكية ومجدية لا تضيع وقت المجموعة أو تهدف للتنصل من مسؤولية ما.

الثقة

الثقة في أنّ العمل سيظهر بأحسن حالة دون تدخل منّا أو عنف أو تقريع للزملاء في حين اخفقوا. الثقة أنّ زميلك أو مدير المشروع لن يخذلوك. الثقة في أنّ أهدافكم مشتركة، لن يدهس أحدكم الآخر حرفيا.

رؤية مشتركة

نحتاج نعرف دائما ما هي المحصلة النهائية من كل هذا؟ كيف يأثر عملي اليوم على نجاح المؤسسة والفريق؟ ما هي الصورة الكاملة؟ نحتاج إجابة لكل لماذا؟في المشروع أو الفكرة الإبداعية التي نعمل عليها سوية. ويجب أن كون جميعًا إما متفقين أو مستعدين لمناقشة إجابات هذه الـ لماذا“.

الالتزام

في سباقات التتابع يلتزم كل عضو في الفريق بأداء أسرع ركضة في ١٠٠ متر. يركض بسرعته القصوى ويقدّم أجود خطواته للوصول لزميله وتسليمه العصا. تخسر الفرق التي لا يبذل كل فرد فيها أفضل ما عنده!

في مجال التسويق بالمحتوى مثلا: عندما يعبث الكاتب ويقدم محتوى ركيك، مهما كانت قوة التصميم سيتنبه العميل للخلل. ومدير المشروع بالضرورة لا يمكنه بيع الفكرة أو تمريرها إذا كانت مليئة بالثغرات.

تعلمت بالطريقة الصعبة كيف أن كسلي أو ترددي أو انتاج المحتوى بنصف حماسي أدّى إلى نتائج كارثية وإحباط لكافة فريق المشروع.

مشاركة المصادر والمعلومات

كيف يقدم كل عضو من أعضاء الفريق أفضل ما لديه إذا كان هناك تفاوت في مصادر المعلومات؟ هذا ما أحرص عليه دائمًا عندما يُطلب مني تنفيذ مهمة: أحتاج كل المصادر التي يمكنني الوصول إليها. وبعد الانتهاء من كتابة المحتوى، أمرره للمصمم مع أمثله مشابهة للنموذج التي أفكر فيها. أو أي ملف أو مصدر قد يحتاجه لتعديل أو ضبط الفكرة.

مراعاة اختلافات البشر

عملت في مجموعات كنت أشعر وسطها بالاضطراب والتردد والتوتر. وفي مرات أخرى كنت أجد نفسي قائدة ومتمكنة لا أخاف من شيء ولا يعرقلني أحد.ما فهمته من حالاتي هذه ساعدني على تفهم الآخرين. قد يمتنع البعض عن الكلام في جلسات العصف الذهني بسبب الخجل أو التردد وحتى لا نظلمهم نطلب منهم إرسال أفكارهم بالبريدالإلكتروني لاحقًا. أو نتبع منهج الجلسات المنفردة مع كل عضو one-on-one حتى نسمح لهم بالتعبير بكل أريحية.

للإبداع التعاوني فوائد عظيمة تنقل حتى أكثر المؤسسات ومجالات العمل ضجرًا إلى مكان جديد. ما تعمل عليها لشهور حتى تصل لنسخته الأفضل، يمكنك إنجازه مع فريق متعاون خلال بضعة ساعات. وأنا هنا لا أقلل من فائدة العمل المستقل أو استقلال المبدع بأفكاره ومشاريعه، لكن تجربة العمل المشترك شيء لن أتركه في الوقت القريب.

.

.

.

* هذه التدوينة كانت في البدء مجموعة ملاحظات قدمتها في حديث أسبوعي داخل الشركة. قد يتبعها تدوينات منوّعة في مجال الكتابة والعمل الإبداعي بشكل عام. تولد كل أسبوع من حوارنا داخل غرفة الاجتماعات. والسؤال هو كيف تصبح تجربة العمل المشترك أسهل وأمتع بالنسبة لكم؟

.

.

كتاب الإبداع | الأسبوع ١١

مرحبا بكم في أسبوع جديد من كتاب الإبداع لإريك مايزل.

اختتم مايزل تمارين الأسبوع الماضي برؤية عميقة ودراسة للنفس. وهذا الأسبوع يأخذنا لموقع جديد من التأمل والتحليل. هذا الأسبوع سندرس العالم من حولنا.

لكن ستسألون أنفسكم ما الذي سنعود به من وقفات التأمل والتحليل هذه؟ ما أثرها على مشروعنا الإبداعي؟

إذا كنتم ترسمون مثلا ومشروعكم الإبداعي مرتبط بالطبيعة؛ هذا مفهوم. لكن ماذا لو كان مشروعكم الإبداعي مرتبط باستشارات الأعمال، أو دراسة الرياضيات؟ أو تصميم المواقع؟ كيف ستساعدكم دراسة العشب والزهور؟

نحنُ بطبيعتنا نعيش لحبّ الشمس والمساحات المفتوحة، والهواء النقي. لكننا اعتدنا أيضًا العيش داخل المنازل المسورة والمكاتب والمساحات الضيقة وهذا ينسينا شكل الحياة الأجمل.

من الصعب علينا البقاء بذهن حاضر وحيّ تجاه الطبيعة والأشياء بينما نغرق في آلاف المهام وأمام الشاشات تفقد أبصارنا قدرتها على تمييز الجمال والانتباه له.

ومع هذا، مازلنا نستطيع العمل والابتكار ودفع مشاريعنا الإبداعية إلى الأمام. حتى لو انتهى بنا الأمر داخل علبة مخلل – على حد تعبير مايزلسنتمكن من إنجاز الأفكار والعمل.

لكن ما هي هذه الأفكار التي سنخرج بها إذا لم نألف صور الطبيعة المذهلة. نورس يغطس في عمق الماء، أو حبات الرمل المتنوعة، أو سماء الغروب خلف شجرة عتيقة. لا عجب أن موسيقى موزارت زارته خلال رحلات عربته في الغابة.

هناك سبب آخر عظيم ومهمّ لندرس شفرة من العشب.

نحنُ نقفز لصورة الأشياء الكاملة. نأخذها بإطار واسع دون أن نمنح عقلنا فرصة تفكيكها لأجزاء أصغر. لذلك يقترح مايزل تمارين الأسبوع كالتالي:

أ)

ادرس شفرة من العشب.

عندما قرأت التمرين فكرت في أماكن العشب وأنا محكومة بالعيش في منزل بلا حديقة، أو الجلوس في مكتب بناية اسمنتيه ضخمة.

زر أقرب حديقة في مدينتك وأمسك بشفرة عشب واحدة، أو ورقة شجر، أو غصن يابس إن لم تجد سواه. وإذا لم تستطع إيجاد هذا كلّه، تأمل عروق الخشب في طاولة مكتبك أو قطرات الماء التي تكثفت على زجاج كوبك. اغمر نفسك في اللحظة وتأمل وفكك الجزئيات.

في اليوم التالي، ركز على عملك الإبداعي. إذا كنت كاتب ركز على الكلمات، ركز على كلمة. كيف تستخدمها؟ اكتبها مرات ومرات، اكتبها بخط كبير وصغير وزخرفها وتأمل معناها. أما إذا كنت ترسم فركز على ضربات الفرشة والألوان. لاحظ سقوط الضوء في الصور التي تلتقطها من حولك. فكر في تفصيل دقيق واشغل ذهنك بالعمل عليه. اتركه قليلًا أو لعدة ساعات وعد إليه مجددًا.

ب)

يحدثنا مايزل قبل التمرين الثاني عن أحد عملائه. يشكو من كثرة المشاريع التي يرغب بإنجازها لكنّه يتخلى عنها كلها ولا يفعل شيئا. يقول له: حسنًا دعنا نتفحص هذه المشاريع. يخبرنا مايزل أن كثير من عملائه يصابون بالتوتر أو الاندهاش عندما يطلب منهم تحليل مشاريعهم. الحقيقة أن التحليل والنظر بتمعّن يخيفهم ولا شيء آخر. لذلك يوصينا بتمرينٍ ثانٍ لتشجيع قدراتنا التحليلية:

تخيل أنك ستكتب رواية مغامرات يجد فيها البطل نفسه واقعًا في مصاعب كثيرة. الآن فكر في الأدوات على مكتبك، كيف يمكنك إنقاذه باستخدامها. قلم حبر جافّ، علبة فيتامينات، مجموعة أوراق لاصقة أو دبابيس.. الخ

كيف يمكن لهذه الأدوات إنقاذه؟ ستتجلى هنا قدرتك على التفكير والتحليل والربط.

في اليوم التالي اعمل على تحليل لوحة، أو فيلم، أو قطعة موسيقية، أو حتى مهمة داخل مهام عملك. اختر شيئا وأعمل بجدّ على دراسته وفهمه.

في اليوم الثالث، فكر في مشروعك الإبداعي. ما الذي يمكنك تحليله فيه؟ كيف يمكنك توظيف تفكيرك الناقد وانتباهك الجديد بعد هذه التمارين؟

هل أصبحت التفاصيل أقرب؟

* سلسلة كتاب الإبداع مستمرة وبشكل أسبوعي. ويمكنكم متابعتها من خلال مدونتي أو مدونة عصرونية

.

.

.

مارس كان ..

بعد أمسية عائلية خفيفة وقفت أمام المرآة استعد للنوم، أنظف أسناني، أغسل وجهي. روتينية هذه الحركات تدهشني! ربما أنا الآن في عمق النوم، أو في عمق فكرة. لكنّني أعرف الكمية المضبوطة التي أحتاجها من معجون الأسنان، وكيف أمرر رغوة غسول الوجه حول ملامحي مع تفادي الوصول لمنابت شعري. يمكنني فعل ذلك في الظلام. لمحت على قميص البيجامة بقعة بلون ترابي غامق، حاولت التركيز والتفكير في سبب ظهورها هنا. تذكرت: كنت ارتدي نفس القميص ليلة زواج صديقتي أروى وبينما كنت استعد بوضع المكياج سقطت هذه القطرة وتمددت. تذكرت أيضًا أنّ الثاني والعشرين من ديسمبر كان آخر يوم عالجت فيه شعري بالسيشوار، وعرضته للحرارة والشد والتعذيب. كان اليوم السابع من ترك وظيفة لم أحبها. وكان اليوم السابع في حرّيتي والقفز إلى المجهول.

مارس كان شهر الانتظار.

وكل الانتظارات انتهت حرفيًا في أسبوعه الأخير.

استعد لرحلات متتالية خلال الأسابيع القادمة، منها ما هو موجّه للعمل وبعضها للاستجمام والبحث عن إلهام.

لقد فقدت لياقتي العمليّةقليلًا وهذا يخيفني، أجد نفسي الآن مدفوعة لمشاركة التجربة مع كل من يعمل بشكل مستقل. لماذا اختلفت الأمور؟ لأن المرة الأخيرة التي عملت فيها بشكل مستقل تمامًا كانت في ٢٠١٤م. بعدها انتقلت للرياض والتزمت بوظائف ذات دوام كامل. بالإضافة إلى مشاريعي المستقلة. كانت لدي ظروف يومية تضبط إيقاعي، الخروج من المنزل صباحًا والعودة مساء في نفس الوقت. ساعات العمل المستقل توزع بين الصباح الباكر ونهاية المساء. خلال الأشهر الثلاثة الماضية أصبح الوقت كلّه لي، أديره وأضبط جودته. أخفقت كثيرًا، تعرضت للانقطاعات، وبحثت عن مرساة.

خلال مارس زرت الكويت للمرة الأولى في حياتي! لقد كانت الوجهة الحلم منذ سنوات الطفولة الأولى. كبرنا ونحن نشاهد الفنّ الكويتي، نقرأ المجلات والأعمال الثقافية والكتب. نسمع قصص الأقارب والصديقات بعد عودتهن. خلال رحلة قصيرة امتدت لأربعة أيام تعرفت على سارة الهاجري، صديقة جميلة وملهمة أخذتني وأختي في جولة قصيرة حول العاصمة وضواحيها.

زرنا بيت السدو، وبيت السدرة، ومتجرًا جميلًا باسم زري للحرفحيث تُنتج وتباع قطع فنية للحياة اليومية مستوحاة من التراث الخليجي. تذوقنا القهوة الشهية في عدة وقفات وتناولنا الإفطار في بي كافيه، مقهى ومطعم صغير متخصص في الوجبات النباتية. تناولت هناك ألذّ فول مصنوع بحبّ! وإذا كنت سأوصي بمطاعم أو مقاهي أخرى في الكويت ستكون في القائمة التالية:

MAGNET

Three & Baristas

Vol.1

Ora Japanese Tapas

Veranda

عدنا محمّلين بالاكتشافات والذكريات الجميلة وبعض الكتب!

وما دمت في سيرة الأطعمة والوجبات سأشارككم فرحتي العارمة باقتناء القلاية الهوائية التي – ويا رب سامحني – كنت أقلل من شأنها كلما سمعت الحديث عنها. كنت أفكر هذه صرعة جديدة وجهاز تم التسويق له بعناية! مرت ثلاث سنوات تقريبًا منذ أول مرة سمعت بها. وقررت أخيرًا تجربتها بعد توصية من قريباتي وصديقة مقربة جدًا أثق برأيها. في الأسبوع الأول جربتها بحذر: كرات السالمون المقلية بدون زيت، أصابع البطاطا بالأعشاب، شيش طاووق بدبس الرمّان، فلافل أو برغر نباتي، بطاطا حلوة بالزعتر والقائمة قد تطول. في كتيب الوصفات الذي حصلت عليه مع قلايتي (فيلبس) يوجد كثير من الشروحات الواضحة. أيضًا نفكر أنا وأختي في اكتشاف المزيد من تجارب الآخرين عبر المدونات وبنترست.

مارس كان الشهر الأول لتجربة برنامج تمرين مصمم بالكامل، تبعته حرفيًا ولاحظت تغير قياساتي وملاحظة الصديقات والأقارب بعد انقطاعي عنهم لفترة. تجربتي مع تمارين Fitness Blender ليست بالجديدة. لديهم أكثر من ٥٠٠ فيديو مجانية متاحة عبر يوتوب وكثير من التمارين لا تحتاج منكم أيّ شيء، لا معدات ولا فلسفات زائدة. تحتاج حضور واستعداد فقط. التمارين المجانية متاحة لتصمم من خلالها برنامجك في التمارين. لكنني لاحظت صعوبة في ترتيبها وتصميم برنامجي خصوصًا وأنني لست متخصصة، كل شيء سيحكمه المزاج. وقد أغفل جزء من الجسم لأنني أفضل راحته بدلًا من تمرينه.

في موقعهم برامج كثيرة تم تصميمها مسبقًا، رتبوها بعناية بحيث تكون شاملة التهيئة والتسخين والتمرين والتهدئة. كل ما عليكم فعله هو التسجيل في موقعهم، شراء البرنامج (لا يزيد عن ١٠ دولار – ٣٦ ريال على الأكثر) وعند شرائه يبقى معكم مدى الحياة وهذا ما لا يحصل مع اشتراكات النادي للأسف، آلاف مؤلفة ولا يمكن تجميدها ولا إعادة استخدامها أو استرجاع قيمتها في حال لم تعجبكم! يمكن إضافة البرنامج على التقويم الخاص بكم في الموقع وتحديد متى تبدؤونه ومتى تنتهون منه. بالاضافة للتمارين نفسها هناك تحديات صغيرة يضيفونها لو أردتم اختبار أنفسكم أكثر.

انتهيت من برنامج الحرق، واليوم ابدأ في برنامج ثانٍ يركّز على تمارين وزن الجسم أو Bodyweight والتي لا تحتاج أي معدات غالبًا سوى وزن جسمكم ومرونته.

على صعيد المشاهدات والقراءات، قضيت الشهر اقرأ على مهل في ثلاثية غرناطة لرضوى عاشور. غارقة في هذه التفاصيل التي تجعلني ابتسم وأحنّ لمكان لم أزره ولم أره، وتدمع عيناي في حينٍ آخر لأحداث غيرت التاريخ.

انتهيت خلال الشهر الماضي أيضًا من مشاهدة مسلسل أمريكي درامي مظلم جدًا تدور أحداثه في نهاية القرن التاسع عشر بمدينة نيويورك، تبدأ سلسلة من الجرائم البشعة بالظهور في أنحاء المدينة. يبدأ فريق بالتحقيق فيها، بينهم مفوض وطبيب نفسي وصحفي ورسّام وأول امرأة تعمل في الشرطة النيويوركية. أحداث مربكة وحوادث وشيكة تحيط بهم. مسلسل The Alienist مقتبس عن رواية تحمل نفس الاسم وهذه التسمية بالذات كانت تطلق على الأطباء النفسيين لأنهم يتعاملون مع الغرباء وهو اللقب الذي يطلق على أيّ شخص يعاني من اضطرابات نفسية، المسلسل به مشاهد مزعجة كثيرة وغير مناسبة لمن هم دون الثامنة عشرة.

شاهدت أيضًا سلسلة وثائقية تسللت إلى أحلامي وحولتها إلى كوابيس، وأدخلتني لدوامة من التفكير، السلسلة تعرض على نيتفلكس بعنوان Wild Wild Country، يحكي قصة جماعة السنياسيين أو حركة راجنيش، أو أتباع أوشو وهذه بعض من مسميات الطائفة المتعددة. هذا الوثائقي سيفتح في عقولكم باب للأسئلة حول الدين، الحريّة، الانسانية، التعايش، الاستسلام للسلطة، وغيرها من المواضيع. وأكثر شيء فعلًا أدهشني معرفة كثير منّا لأوشو، ورؤية اقتباساته من حولي، وكتبه في أيادي الأصدقاء. لكن لا يوجد هناك أيّ فكرة عن ذلك التجمع، والطائفة التي التهمت أمريكا والعالم بأخبارها في ثمانينيات القرن الماضي. من جديد أنبّه محتوى الوثائقي غير مناسب للمشاهدة العائلية.

في مارس لم أفوت احتفالية الورق في الرياض، زرت المعرض بعد انقطاع وتسوقت حتى فقدت الاحساس بالوقت والمكان. فكرة زيارة المعرض في صباح الخميس الأول مفيدة إذا كنتم تبحثون عن الهدوء وتشترون كتب بلا تحديد وتختارونها بعد الاطلاع والتعرف على نبذة عنها. إذا كنتم تنتظرون إصدارات الدور الجديدة فهي عادة لا تصل مبكرة، قد تحتاج ليوم أو اثنين وأنتم وحظكم. كنت أخطط لزيارة ثانية لكن رحلة الكويت أعادتني لصوابي، بالإضافة إلى ميزانيتي المحدودة التي أعدّها لرحلتي القادمة.

نهاية الشهر شهدت خطوة أولى في مسار عمليّ جديد. سأحدثكم عنها عندما تكتمل الصورة إن شاء الله وأشارككم تفاصيلها. وخلال شهر إبريل سأحاول تقديم ثلاث ورش عمل متنوّعة وأتمنى بصدق أن ينجح الأمر وأن تساعدني طاقتي والمشاريع التي أعمل عليها. هناك أيضًا على بعد أسبوع تقريبا (٧ إبريل) ملتقى العمل المستقل الأول الذي تستضيفه مكتبة الملك عبدالعزيز العامة – فرع السيدات في خريص، كونوا هناك لمشاركتي والحاضرات أفكاركم ومقترحاتكم وتجاربكم في مجال العمل هذا.  

.

.

والآن، كيف كان شهر مارس معكم؟

شاركوني اختياراتكم ومشاهداتكم وقراءاتكم الممتعة.

.

.

.