بين المواجهة والتخلّي

مع كلّ بداية أسبوع جديد أجلس لكتابة المهام التي يجب إتمامها سواء كانت شخصية أو مرتبطة بالعمل. أفكّر في الصراع الذي أخوضه وأنا أدون هذه المهام وابدأ بالتسويف وهي في رأسي قبل أن أضعها على الورق. التأرجح بين التخلي عن الأمر تمامًا أو التأجيل أو إجبار نفسي على إتمامها على مضض مع كثير من الثقل والتردد. المصادفة الطريفة أني مررت بتدوينة لـ ليو باباوتا تتحدث عن نفس الفكرة، وتعطي بارقة أمل باقتراح ما يمكن فعله في هذه الأحوال. هذه التدوينة نسخة مترجمة عن الموضوع -مع الكثير من الاختصارات. ليو يقترح علينا التفكير في خيارات أخرى غير التأجيل الكامل والإجبار على العمل.

ومن بين هذه الخيارات:

  • اختيار الراحة والابتعاد عن المهمّة ومن ثمّ العودة إليها عندما نكون أكثر انتعاشًا.
  • إيجاد الأسباب التي تلهمنا للعمل على المهمة والتمسك بها حتى عندما نشعر بالتعب أو الضجر. مثل تذكّر الهدف الأكبر والرؤية العامة لنا. أو البحث عن الأثر الذي يتركه هذا العمل على حياتنا وحياة الآخرين. باختصار إيجاد قيمة أصيلة نضعها نصب أعيينا كلما شعرنا بالتراخي.
  • طلب الدعم والمساعدة من الآخرين. لا تخجل من طلب المساعدة بكل أشكالها. كيف يمكن للآخرين مساعدتنا في هذه المهمة؟ أو حتى تشجيعنا وجعلها أكثر متعة.
  • ابتكار منهج إبداعي يساعدك في تنفيذ المهامّ ويشجعك على احترام جهودك.

وهكذا يوجز لنا ليو الموضوع ويشجعنا على التفكير في الأمر من زاوية مختلفة وكلما اتسعت الخيارات كلما أظهرنا لأنفسنا الاهتمام والرعاية اللازمة.

ويتحدث أيضًا عن نزعتنا الفطرية لاختيار أحد الخيارين الأولى: الامتناع والتجاهل التامّ أو العمل بإجبار. ونحنُ في هذه الحالة لا نتخذ قرارًا خاطئًا باختيار أحدهما، لكن التصرف بنفس الطريقة كلّ مرة سيمنحنا نفس دائمًا نفس النتائج: فالتجنب يجعلك عالقًا ويوقظ بداخلك الأحكام الذاتية القاسية، وإجبار نفسك على العمل يجعل تشعر بالعبء، والإرهاق، والتعب، والهمود. إن معرفتنا الذاتية بهذه النزعة تهيئنا للتفكير في تجربة أمرٍ مختلف. وستشجعنا في اختيار رعاية الذات عبر التأكد من العمل دون إرهاق، وإنعاش أيامنا بطريقة نحبّها. وبدلًا من إجبار نفسك للعمل على مهمّة للانتهاء منها وتجاوزها جرّب واحدة من الخيارات أعلاه.

وأنا اقرأ التدوينة وأنقلها هنا تذكرت مهمة أجلتها ثلاثة أشهر! وبعد أن انتهيت منها خلال ساعة أو أقل بقليل ضحكت كثيرًا من نفسي. هذا الانزعاج والتأجيل والتجاهل كان سينتهي بشكل مختلف لو أني قررت يومًا ربطها بنشاط ممتع مثل مشاهدة فيديو على يوتوب أو الاستماع لكتاب صوتي أو التحدث مع صديقة على الهاتف. بالضبط الأمر بهذه البساطة، وشعوري بعد الإنجاز مذهل.

كانت لدي خزانة بأربعة أرفف كبيرة ملأتها بأنواع متعددة من القرطاسية والأقلام والألوان وبدأت بحشر كل شيء صغير من هدايا ولُعب وتذكارات، وزجاجة ماء منذ ديسمبر الماضي! كل يوم أدخل الغرفة التي أصبحت مكتبة ونادي رياضي لتستقبلني الرفوف وفوضاها وزجاجة الماء. أسافر وأعود لأكدس المزيد وأؤجل ويزداد غضبي من نفسي وكسلي.

نهار السبت الماضي بدأت بالعمل بالإضافة لإعادة تنظيم أرشيف يومياتي للسنوات الماضية وتخزين الدفاتر في مكان جيد. أفرغت الرفوف وتركتها شبه فارغة في مواضع، بينما ملأت الجزء الآخر منها بالكتب التي أقرؤها حاليًا، وأدوات الرسم، وبعض الأغراض اليومية والأقلام.

وأقيس على هذه المهمة غيرها من القائمة التي أسميتها «أبدية» على أمل العودة إليها قريبًا. سيكون منتصف نهار السبت لأشهر قادمة موعدي. أختار نشاط ممتع، وأحاصر مهمة مؤجلة وهكذا. حتى تنتهي كلها بسلام.

أفكار عملية للخروج من القوقعة

بعد نشر تدوينة الأسبوع الماضي (أن نكون مرئيين) وصلتني رسائل متنوعة بالإضافة للتعليقات هنا في المدونة وعلى انستقرام شجعتني على الحديث أكثر حول الموضوع. صادف أيضًا خلال الأسبوع أن مررت بتعليق على الانترنت بصياغة تشبه التالي: «أكثر ما يخيفني وآمل في تحقيقه: أن أكون مرئيًا» تذكرت فورًا حديثي عن الأمر وكيف نتأرجح بين هاتين الرغبتين. أريد أن امتلك المرونة في الظهور والاختباء متى ما أردت. ولكن حتى يتحقق لنا ذلك يجب علينا العبور خارج قوقعتنا والتعرف على العالم بعيدًا عن حمايتها، والعودة إليها لإعادة شحن الطاقة والاختلاء بالنفس.

بالنسبة للكثيرين، تبدو فكرة الخروج من القوقعة إلى حياة اجتماعية صاخبة مغامرة مخيفة. بالإضافة لذلك هناك عوامل أخرى تساهم في شدة الأمر منها: أن تكون شخصيتك ذات طبيعة انطوائية تنتعش في الهدوء ومساحات الراحة، أو تعاني قلق ورهاب اجتماعي أو شعور شديد بالخجل. كل هذه العقبات تزيد من حاجتنا للشجاعة والتي تبنى تدريجيًا بالمران والممارسة.

سأحاول في الأفكار أو الاستراتيجيات التالية تضمين تجارب وقصص شخصية مررت بها في طريقي وأتمنى أن تساعدكم في التغلب على مخاوفكم والوصول إلى حياة مشبعة على الصعيد الشخصي والاجتماعي والمهني.

فهم المخاوف والمعتقدات المقيّدة

أولى خطوات بناء الشجاعة والتعامل مع الأمر هي تحديد وفهم المخاوف والمعتقدات المقيّدة لك في الوقت الحالي. أحبّ دائما استخدام الأسئلة في الوصول لحقيقة شعوري تجاه الأشياء أو اكتشاف الأسباب الحقيقية وراءها. ما الذي يخفيني من التواجد في أوساط اجتماعية مختلفة؟ هل الخوف مرتبط بالرفض أو التصرف بشكل غير مقبول؟ هل هو الخوف من المجهول والبدايات؟ كلما طرحت المزيد من الأسئلة كلما فهمت نفسي أكثر.

إحدى مخاوفي السابقة كانت الخروج لأماكن جديدة أو خوض التجارب وحيدة والسبب في اعتقادي هو أنني كبرت بصحبة أخواتي وقضينا جزء كبير من حياتنا ملتصقين ببعض. الذهاب للمدرسة، والعطلات، وحتى العلاقات الاجتماعية بيننا كانت مشتركة. هكذا عشت العقدين الأولى من حياتي في دائرة اجتماعية ضيقة ولم أفكر أبدًا في الخروج منها. كانت الدراسة الجامعية هي أول مرحلة للخروج من القوقعة والهاجس الذي تملكني حينها: هل سأنجو؟ كلما تذكرت تلك الفترة أشعر بالعجب من النفس البشرية وكيف تطوعها التجارب وتساعد في نموّها. تجربة الدراسة تبعها الانتقال لمدينة أخرى، والعمل في مجالات مختلفة. وكلما ابتعدت أكثر عن دائرتي الضيقة تصبح مرساة أكثر من كونها قوقعة حاضنة.  

التعاطف مع الذات

قد نجنح قليلًا إلى القسوة على أنفسنا خلال مرحلة التعلم والاكتشاف، ربما لأننا نحاول اختصار المراحل والابتعاد عما نظنه نقيصة في شخصياتنا. لكنّ التعاطف مع الذات واحترام التقدم الذي نحرزه وإن كان صغيرًا ضروري لمواصلة العمل.

عندما نرتبك ونتراجع عما تعلّمناه لا يعني ذلك نهاية الطريق فقد يكون مؤشرًا لشيء مختلف. ربما تحتاج مزيد من التروي أو تجربة التواصل مع دائرة أكثر دعمًا. هذا التعاطف يساعدك في بناء المرونة والمحافظة على نظرة إيجابية تجاه كلّ ما تفعله.

البدء بالتدريج

في اللحظات الحماسية التي نقدم أو نقرر فيها الاقدام على أمرٍ ما نبدأ بالتخطيط لانطلاقه كبيرة! لكن ما إن نفكر قليلًا في الموضوع حتى نكتشف بأننا غير قادرين على ذلك. وقد تكون هذه أول خطوات الفشل للأسف. بناء الشجاعة للخروج من القوقعة لا يعني تنظيم حفل ضخم ودعوة آلاف الأشخاص واستقبالهم عند البوابة وتقديم عرض مسرحي حيّ ببطلٍ واحد. مجرد التفكير في هذا السيناريو يرعبني. البدء بالتدريج هو السرّ وقد كنت محظوظة بأن هناك الكثير من الأشخاص الذين أمسكوا بيدي بينما شققت طريقي باتجاه مساحة الضوء.

كانت هناك مبادرات شخصية بالتعرف على الآخرين مثل تنظيم تجمعات صغيرة، أو الانضمام لنادٍ هوايات مصغر، أو حتى إجابة دعوات الصديقات والمعارف للانضمام لدوائرهم.

الرابط بين هذه المحاولات هو الأشخاص الذين أشعر بالراحة حولهم وصحبتهم تقلل من توتري. وفي مرات أخرى كانت مرشدتي تدلني على تمارين شهرية / أو أسبوعية كأن أجيب بنعم على كل الدعوات الاجتماعية ولا اتملص منها. وأجيب بنعم على مشاريع ومهام العمل التي تخرجني من روتيني اليومي. هذا النهج ساعدني في بناء الثقة وتقليل القلق المصاحب بمرور الوقت.

مواجهة الأفكار السلبية

تولّد المواقف الاجتماعية المختلفة في عقولنا الكثير من الأفكار السلبية التي قد تزعزع ثقتنا بأنفسنا. التملص من هذا الأمر يبدو مستحيلًا في الكثير من الأحيان خاصة إذا كان لدينا الاستعداد لها بسبب داخلي أو خارجي. لكن تحدّي هذه الأفكار بالأسئلة والتحقق يساعدنا على تجاوزها. أمر آخر أحبّ تأمله: الجميع يشعر بالتوتر ولو بنسبة ضئيلة وأسباب مختلفة.

تحديد أهداف واقعية

أشعر بأن هذه الفكرة مرتبطة بالبدء بالتدريج. التفكير في تغيير طريقة تفاعلي مع العالم الخارجي وتجربة سيناريوهات اجتماعية جديدة كان مرتبط بقصتي الشخصية. ما هي الأشياء التي يمكنني فعلها براحة؟ إلى أي مدى يمكنني المجازفة؟ ما هي المواقف التي ستضعني في مساحة جديدة ولن تصطدم بثقتي أو قدراتي؟

وضع الأهداف الواقعية يشبه زيادة تكرار التمرين كل مرة أو زيادة الوزن الذي يمكن تحمّله، اليوم ٣ كيلو وبعد عدة أشهر ١٠ وهكذا. إذا حملت ثقل أكبر دفعة واحدة ستعرض نفسك للإصابة!

حدد أهدافًا اجتماعية قابلة للتحقيق لنفسك. يمكن أن يشمل ذلك بدء محادثات مع أشخاص جدد، أو حضور المناسبات الاجتماعية، أو التطوع في أنشطة جماعية. عندما تحقق كل هدف، سوف تكتسب إحساسًا بالإنجاز وتعزز ثقتك بنفسك.

بعد الانتقال إلى مدينة أخرى بعيدًا عن عائلتي بدأت اتقان الخروج وحيدة في بعض المرات، وتعرفت على دوائر اجتماعية جديدة. بعد أن حققت هذا الهدف كنت أفكر في السفر وحيدة كيف سيبدو ذلك وكيف سيثري محاولاتي في الخروج من القوقعة؟

خططت لرحلات مستقلة لكنها كانت على بعد ساعات من مسكن إخوتي. البداية كانت مع نيويورك الصاخبة، واستعنت في أيامي تلك بجولات مع سكان المدينة أو من عرفتهم من الأصدقاء. أحب استخدام التشبيهات كثيرًا وتلك الفترة كانت مثل قيادة دراجة بثلاث عجلات، أزلت إحداها في رحلاتي اللاحقة.

السفر وحيدة دفعني لتحقيق هدف تلو الآخر. على سبيل المثال التحدث عن نفسي في مجموعة غريبة عني أو إدارة محادثة سريعة مع الغرباء بعد أن كانت مصدر امتعاض وهلع!

أفكار إضافية

  • احتضان التحديات والعقبات والنظر إليها كفرص للتعلم والنمو. عندما نتعامل مع الحياة بهذه الطريقة نصبح أكثر استعدادًا لتحمل الصعوبات والانتقال بينها بسهولة ومرونة.
  • التفاعل مع الآخرين طريق باتجاهين، عندما نكون مستعدين للحديث يجب أن نتحلى بمهارات الاستماع الجيدة كذلك. مهارة الاستماع تهدينا فرص عديدة للتعلم من الآخرين ومراقبة سلوكهم. الاستماع الجيّد أيضًا يقلل حاجتنا للحديث في كلّ الأوقات ومع هذا الصمت يقل توترنا تجاه البحث عما نقوله.
  • الانضمام للمجموعات وأندية الهوايات التي تتوافق مع اهتماماتنا فرصة للانطلاق من مساحة مريحة لنا ونحبها. دائما أجد سهولة في الحديث عن الكتابة والسفر أو الفنون لذلك تكون هذه المواضيع نقطة انطلاق في الحديث مع أشخاص جدد. المشاركة هنا أقل رهبة بسبب وجود القاسم المشترك ابتداءً ومن ثمّ تتطور المعرفة والتفاعل مع الآخرين مع الوقت.
  • استعن بالأصدقاء أو الأقارب الذين يتمتعون بشخصيات اجتماعية نشطة وحيّة، أفعل ذلك عندما أكون في مناسبة عائلية ضخمة وأرغب بالتعرف على الأقارب أو التواصل معهم بعد غياب طويل. ميزة هذا الشخص أنه سيكون همزة وصل لكسر جمود وتوتر اللقاءات الأولى وسيكون الحديث بصحبته مثل عبور الجسر إليهم.
  • في السياق المهني ابحث عن الأنشطة التي تقيمها إدارة الفعاليات في جهة العمل مثل الاحتفالات بالأعياد أو المناسبات المحلية وورش التدريب والهوايات. كلها تمثل فرص جيدة للقاء بزملاء عمل جدد والتواصل مع قطاعات أخرى.
  • استخدم التخيّل (أو بناء التصورات) إحدى الأساليب الممتعة لبناء الشجاعة وتجاوز الخوف قبل أي حدث اجتماعي. بدلًا من تخيل سيناريو كارثي أو سلبي يهز ثقتي بنفسي، ابدأ بتخيل الأحاديث التي سأتبادلها مع الآخرين، وكيف سيكون هذا الحدث ممتعًا ومثريًا لي ولهم. لأنني في المقابل إذا استسلمت للتصورات السلبية سأشعر بالتردد وقد امتنع عن الخروج بشكل كامل وهذا يحدث في بعض الأحيان.
  • للابتسامة قوة سحرية في تمهيد التواصل مع الآخرين. اقترح تجربة تبادل الابتسامة مع الغرباء في الأماكن التي تتواجدون فيها وسترون كيف تتطور إلى تحية أو تواصل إنساني عميق.
  • إذا كان القلق أو الرهاب الاجتماعي يمثل تحديًا كبيرًا لك، اقترح طلب المساعدة والدعم من المتخصصين مثل المعالجين النفسيين أو المرشدين أو حتى الأشخاص الأكثر حكمة وتجربة حولك. يمكن أن تفيدك المشورة والمساعدة باستراتيجيات وأساليب للتغلب على مخاوفك وتجاوزها.

خاتمة

يتطلب الخروج من القوقعة والاندماج في حياة اجتماعية غنية ونشطة صبرًا ووقتًا وجهدًا ليس باليسير. وخلال هذه الرحلة لا بأس أن نشعر بالتوتر أو الخجل والتردد أحيانًا ونتذكر أن الكمال مستحيل في أوقات كثيرة وأن الأشخاص حولنا يشعرون بالضعف والنقص كذلك.

حاولت في هذه التدوينة جمع الأفكار التي تعرفت على فائدتها سواء بالاطلاع أو التجربة، والآن بعد أن كتبت ما سبق شعرت أنني بحاجة لمزيد من الكتابة والحديث عن زوايا أخرى في نفس الموضوع. وإذا أردتم الاستماع إلى المزيد حول تجربتي الشخصية مع القلق الاجتماعي استمعوا لحلقة أرجوحة القلق من بودكاست قصاصات. أتمنى أن تفيدكم وتترك أثرًا طيبا على حياتكم الاجتماعية وازدهارها.

.

.

.

كيف تبني منهجك الإبداعي؟

قدّمت خلال الأسبوع الماضي ورشة قصيرة لفريق العمل في استديو مشبك. تناولت الورشة موضوع بناء المنهج الإبداعي أو Creative Process، استمتعت بالحديث والبحث عن الموضوع واستعدت خطوات وتجارب كثيرة مررت بها خلال السنوات الماضية.

أشارك في المدونة المحتوى الذي قدّمته وأتمنى أن تساعدكم المعلومات التالية في:

  • رسم منهجكم الإبداعي الخاصّ.
  • تقليل التحديات التي تواجهكم في مهامكم اليومية.
  • اختصار الوقت الكلي في تأدية المهام وتوجيه طاقتكم للتعلم والتواصل بشكل أفضل.
  • والخروج بمنتجات مهنيّة متقنة ومتميزة.

ماذا نقصد بالمنهج الإبداعي؟

المنهج الإبداعي أو العملية الإبداعية يقصد بها طريقة توليد أفكار جديدة وأصيلة، والربط بين الأفكار وإنتاج المنتجات أو المشاريع بناءً على تلك الأفكار.

ما هي فوائد بناء المنهج الإبداعي؟

يساعد في حل المشكلات.

يمكن أن يمنحك الإبداع طرق جديدة ومبتكرة للتعامل مع المواقف الصعبة والتحديات.

 يسمح لك بتطوير ثقتك بنفسك.

تتيح لك العملية الإبداعية الشعور بالتواضع والتعلم من الصعوبات وبالتالي تعزيز احترامك لذاتك. إن الصعوبات والتجربة والخطأ التي نمرّ بها جزء من بناء الأفكار والمشاريع التي تطور قدرتك الإبداعية.

يساهم في تقليل التوتر.

من خلال التجربة والتفكير والعصف الذهني نمرّ بمرحلة تجريبية ممتعة ومرحة في كثير من الأحيان. وعملية إنتاج فكرة أصيلة وجيدة يحقق شعور بالإنجاز وبالتالي خفض مستويات التوتر ورفع جودة الحياة والعمل بشكل عام.

يعزز الثقة بالحدس.

عندما تبدع تكتسب الثقة تدريجيًا بأفكارك ومشاعرك وحدسك بشكل خاصّ. وحتى لو كانت محاولات الإبداع هذه لا تأتي بنتيجة ناجحة أو مذهلة، ما زال بإمكانك الشعور بالتقدير لهذه المهارات التي اكتسبتها.

يحسن الوعي الذاتي والتعبير.

تساهم العملية الإبداعية في إيصالنا إلى أفكار ومشاعر ومعتقدات أعمق ومن خلالها نتفهم أنفسنا ونثق بها ونقدرها. العملية الإبداعية أيضا تعني تكريس الوقت والطاقة لتطوير الأفكار وبالتالي تتطور طرق التعبير لدينا وتصبح أكثر مرونة ووضوح.

يسمح بالمخاطرة.

يسمح لنا الإبداع بتجربة أشياء جديدة ويمنحنا فرصة التفاعل مع العالم ومن حولنا بلا خجل وتردد.

ما هي خطوات بناء المنهج الإبداعي؟

وضع عالم النفس البريطاني غراهام والاس في عشرينيات القرن الماضي نظرية للعملية الإبداعية مبنية على خبرة طويلة من دراسة وتفكيك العملية الإبداعية لدى شريحة متنوعة من الأفراد والتخصصات.

تشمل هذه العملية المراحل التالية:

التحضير

تبدأ بالإعداد وجمع المعلومات والمواد، وتحديد مصادر الإلهام، واكتساب المعرفة الأولية حول المشروع أو المشكلة المطروحة. هذه العملية تكون غالبا داخلية: تفكير، عصف ذهني، والتفاعل مع المعطيات. ومن ثم تتحول لعملية خارجية: جمع بيانات، موارد، وخبرات لازمة.

الحضانة

بعد جمع المعلومات والمصادر يبدأ تحضير الفكرة بهدوء وبطء (أو بحسب ما يسمح به وقت المشروع) ويبدأ بناء الروابط بين هذه المصادر. تسمح هذه الفترة الهادئة نسبيًا للعقل بالتفكير العميق والراحة لابتكار أفكار جديدة.

لحظة الاستنارة / الاكتشاف

بعد حضانة الأفكار تنشأ أفكار ورؤى تنتقل من عمق العقل إلى الإدراك. هنا لحظة إلهام قوية (درامية أحيانا) تأتي الفكرة ونحن منشغلون بشيء آخر لا علاقة له بها. وهنا أيضا يولد الحلّ.

التحققّ

بعد لحظة الاكتشاف المدهشة تبدأ بتدوين ما وجدته، ويتم التنفيذ الفعلي للخطة. هذه المرحلة هي مرحلة التجسيد والتطوير وصقل المنتج وإيصاله للآخرين.

كيف تحقق النجاح في خطتك وتتجنب المشاكل؟

اطرح الأسئلة بحكمة.

تحتاج إلى أسئلة وأهداف واضحة عن بدء العمل على كلّ مشروع أو فكرة إبداعية. ما هو الهدف النهائي؟ من الجمهور المستهدف؟ ما هي المدة اللازمة للعمل؟ ما هو حجم الفريق الذي سيعمل على المشروع؟ هذه الأسئلة كلما كانت واضحة ومباشرة ستساعدك في العمل وفريقك كذلك.

ركز على فكرة واحدة كل مرة.

يمكن أن نؤثر على قدرتنا الإبداعية عندما نحاول العمل على كلّ شيء في الوقت نفسه. تساعد الحدود التي نضعها في مجال العمل على أي مشروع على تحديد المسار وبالتالي لا نصل إلى طريق مسدود بسبب الاستطراد والتنزه الإضافي!

جهز السكة قبل تحرك القطار.

بمجرد أن تبدأ مراحل العمل سيتحرك كل شيء بسرعة وسيكون إصلاح الأخطاء أو تعديل التصورات في وقت لاحق أصعب. بأخذ وقت مختصر ومركز للجلوس مع أصحاب المصلحة والفريق وحتى مع نفسك يمكن تحديد كل الأدوار والتوقعات. في هذه المرحلة أيضا ستكتشف أي تحديات أو ممانعة أو صعوبات تعترض الطريق.

.

.

أتمنى أن هذه النظرة السريعة مفيدة لكم ويمكنكم الرجوع للمصادر التالية للمزيد:
How to Structure Your Creative Process to Make Creativity Flow Easily

Best Practices for Building an Effective Creative Process

Understanding the four stages of the creative process

11 Tips For Developing Your Own Creative Process

.

.

.

الجردة السنوية أو مراجعة نهاية العام

بدأت فكرة هذه التدوينة من منشور على تويتر. شارك الكاتب ديكي بوش دليلًا مختصرًا ليمكننا من مراجعة السنة واكتشاف دروسها وتقييمها من جميع النواحي. وفي اللحظة التي قرأت تفاصيل الدليل قررت ترجمته باختصار ومشاركته في مدونتي قبل نهاية العام. سيكون تمرينًا ممتعًا لي ولكم، وكما يقترح الكاتب الذي أعدْ الدليل يمكننا تحويل إجابات هذه المراجعة إلى محتوى نشاركه مع الآخرين إذا أحببنا.

هذه التدوينة ليست حصرية لنهاية العام الميلادي، يمكن الاستفادة منها بشكل مستمر لمراجعة ربع السنة، ومنتصفها ولتحفيزنا لطرق جديدة لتدوين يومياتنا ومتابعة تقدمنا في الحياة.

وجد بوش كل نهاية سنة مدفوعًا للتفكير وطرح الأسئلة حول الأمور التالية:

  • الأشياء التي قام بها بشكل جيد (المكاسب والإنجازات).
  • الأشياء التي لم يقم بها أو تعثر في إنجازها (الأخطاء والصعوبات).
  • الأحداث الهامة واللحظات التي لا تنسى خلال العام والتي بدورها شكّلت شخصيته.
  • الدروس والمستهدفات التي يود وضعها في مقدمة قائمته للعام المقبل.
  • تحليل 80/20 (ما الذي حقق أفضل النتائج وما الذي تسبب بتعثره؟).
  • ما يريد أخذه إلى العام القادم وما سيتركه وراءه.

يقترح بوش اتباع الخطوات التالية لكنّه أيضًا يشجعنا لاتباع طرق مختلفة كاستبعاد بعض الخطوات، أو استخدامها كإلهام لبناء خطة عمل العام القادم. وأضيف على ذلك: قد تكون هذه المراجعة ممتعة كفعالية جماعية مع الأهل والأصدقاء.

وأضاف كتقديم للدليل هذه الأفكار السريعة:

  • ليس المقصود إتمام المراجعة في جلسة واحدة. ويمكن العمل على كل خطوة لعدة ساعات حتى تحصل على الاهتمام الكامل.
  • يمكنك الدمج بين الخطوات أو الاستعانة بتفاصيلها لبناء نسخ إضافية من المراجعة لتغطي جوانب غير مذكورة هنا.
  • تذكّر أنكم في مهمة لجعل العام المقبل نسخة أفضل من العام الحالي.
متابعة قراءة الجردة السنوية أو مراجعة نهاية العام

كيف تصبح مسوّف ذكي؟

قبل عدة سنوات وبينما كنت أعمل في وظيفة بشركة إبداعية؛ وجدت نفسي في لحظات كثيرة غارقة في المهام ولا أعلم من أين أبدأ. كنت أذهب لمديرتي في مكتبها لتبدأ بكتابة مهامي وتفكيكها واستبعاد غير العاجل أو المهم منها. كنت مذهولة من طريقتها في الترتيب وكيف تختصر ١٢ مهمة خلال دقائق إلى ٥ أو ٦! كانت تقترح تفويض مهمة لأفراد الفريق، أو تأجيلها بعد التفاهم مع العميل أو الغائها تمامًا. عرفت تفاصيل هذه التقنية لاحقًا بالممارسة والقراءة والتعلم الذاتي. قرأت عن تنظيم الوقت وإدارة المهام واستمعت وشاهدت وكتبت، لكنني مررت بتدوينة ممتعة حول الموضوع وقررت نقلها للعربية ومشاركتها بتصرف في المدونة.

لنتخيل السيناريو التالي:

  • لديك قائمة مهام طويلة دون تحديد أولوية.
  • تشعر باليأس وترغب في التوقف عن عمل كلّ شيء.
  • تبدأ العمل على مهام معينة وتقفز بينها دون إكمال.

إذا كانت السمات السابقة تنطبق عليك أنصحك بمتابعة القراءة والتفكير في طريقة مختلفة لمعالجة المهام المتراكمة. تركز الكاتبة على فكرة رئيسية في ترتيب قائمة المهام وهي: توضيح ما يجب استبعاده لا ما يجب فعله. أي أن تسوّف أو تؤجل بذكاء!

متابعة قراءة كيف تصبح مسوّف ذكي؟