أهلًا بكم!
مضى وقت طويل على آخر تدوينة نشرتها هنا. كنت في دوامة صغيرة: بداية عمل وإجازة سنويّة ومشاريع تتوالد وكلّ ذلك في نفس الوقت.
آسفة لأنني خيبت ظنّ الذين ينتظرون تدوينة عن رحلتي الأولى إلى بريطانيا – قادمة في الطريق– لكن وبسبب فكرة ذكية عبرتني قبل عدة أيام سأعود إلى الملفات التي فتحتها في رأسي لأنجزها وأقفلها تمامًا.
سأبدأ اليوم بتدوينة ولدت قبل خمسة أشهر على شكل سيناريو لحلقة پودكاست، أعلنت عن تقديمها أكثر من مرّة لكنني لم أجد في نفسي الرغبة لتسجيلها حتى الآن. لذلك وحتى لا تبقى معلقة فوق رأسي لمدة أطول قررت صياغتها ونشرها كتدوينة.
حسنًا.
كيف تختارون نقلتكم المهنيّة التالية؟
قد يبدو السؤال حصري لمن يمتلك وظيفة حاليًا، لكن مجموعة الأفكار التي سأشاركها معكم يمكن تفعيلها حتى لو كنتم تبحثون عن فرصتكم الوظيفية الأولى. أما سبب الحديث عن النقلة فيعود لتجربة شخصية، بين سنة تخرجي من الجامعة – وحتى قبلها بقليل– عملت في عدة مجالات. وكانت كل نقلة بينها مغامرة حقيقية. كيف كنت أفعلها باطمئنان تامّ؟ فضولي ربما ورغبتي في التعلّم ولسبب أهمّ: شح فرص العمل للسعوديات واقتصار كثير من مجالات العمل على الرجال فقط.
في فترة من حياتي كنت أمام خيارين: العمل كمدرسة في منطقة نائية، أو البقاء في المنزل بلا عمل ولا مصدر دخل يغطي احتياجاتي التي لا تستطيع عائلتي التكفل بها. اخترت وضعية البحث عن مخرج وكان العمل المستقل فرصة جيّدة.
بعد أن نضجت تجربتي وزادت فرص العمل المتاح لي اقتحامها، بدأت بتجربة العمل بوظائف كاملة، لم تكن مثالية طبعًا وبعضها كان كابوس حقيقي. لكن الرابط المشترك بينها كلها كان: التعلم، الاكتشاف، وحمل أفضل التجارب معي للمستقبل.
قبل البدء في التفكير بالاستقالة والهرب ضعوا خطة تشمل المراحل التالية:
أ– تحليل الوضع الحالي
ب– التفكير في المستقبل والنقلة
ج–إعادة تعليب أنفسكم (مصطلح عجيب اعترف)
د– القفز!
.
.
وجدت تمرين بستة خطوات في مجلة Fast Company والتالي ترجمة لما جاء فيه ويندرج تحت مرحلة “تحليل الوضع الحالي”:
١– خططوا ليومكم المثالي (اتبعوا الرابط لتدوينة كتبتها قبل عدة أشهر حول الموضوع)
٢– أعطوا الأشياء قيمة على ميزان السعادة. كيف؟ مع ضغط العمل والاحتراق الذاتي نغفل عن الأشياء الصغيرة –والكبيرة– التي تشعرنا بالسعادة والبهجة. لذلك، نعود لكل تفاصيلنا اليومية ونقيّمها بحسب مقدار السعادة التي نجدها من خلالها. هل تفضلون ميزان بالأرقام؟ جربوه. أو فقط تدوينها كقائمة وتأملها. وشيئًا فشيئًا تتضح لكم جوانب الحياة السعيدة والأخرى المتعبة.
٣– تنبّهوا لما يزعجكم في عملكم الحالي. هل هو الفريق الذي تعملون معه؟ أو المهامّ التي تكلفون بها؟ التحديات كثيرة؟ ملاحظة هذه الأشياء ستعطيكم فكرة عن المخرج الذي تبحثون عنه: هل تتركون الوظيفة تمامًا لمكانٍ آخر. أم ستعالجون المنغصات وتبقون في مكانكم؟
٤– تعاملوا مع بحثكم عن عمل جديد وكأنه مهمة محقق بوليسي. ابحثوا في قدراتكم ومهاراتكم الخاصة، سماتكم الشخصية، وكل ما تحبّون العمل من خلاله دون أن تشعروا بالملل والاحباط. من أين تبدأون؟ ما الذي يمكنكم الانتقال به؟ وهكذا. اجمعوا كل هذه التفاصيل والبيانات لترشدكم إلى النقطة التالية.
٥– لا تفكّروا في أبدية. فكروا في الخمس سنوات القادمة أو الثلاث – في حالتي أفكر أحيانا في سنة واحدة من العمل وهذا الشيء جرّبته عند الانتقال بين العمل الأكاديمي والإداري، ثم دخول مجال صناعة المحتوى والتسويق والعودة إلى التعليم. ثم تكرار الدورة من جديد. لكنني اليوم أعرف أنّ صناعة المحتوى ستكون مستقري لفترة طويلة حتى اكتشاف مجالٍ آخر.
٦– اصنعوا خطة انتقالية. ستصلون هنا في نهاية مرحلة التأمل والدراسة وستتضح الرؤية أكثر. أين تريدون الذهاب من هنا؟ هل هناك جهة معيّنة في بالكم ترغبون بالتقدم إليها؟ ستبحثون؟ يجب أن يكون هناك سيناريو مبدئي للمهام الانتقالية.
.
.
المرحلة التالية: التفكير في المستقبل والنقلة
١– خلال بقائكم في مكانكم الحالي، تعاملوا مع الثبات والانزعاج بطريقة ايجابية. ما هي المهارات الهامة التي يمكنكم أخذها للوظيفة التالية؟ هل يوفر لكم عملكم الحالي تدريب متميز ومجاني؟ استفيدوا من كافة البرامج طوال فترة بقائكم. ابنوا جسور بينكم وبين زملاء العمل الذين تطمحون لتحقيق نجاحاتهم في طريقكم الخاصّ. تعلموا منهم، استفيدوا من طريقتهم في تجاوز التحديات والمشاكل وهكذا.
٢– مرحلة البحث عن وظيفة ثانية ينطوي تحتها جهود كثيرة لكنّها توزع بشكل عامّ على الجوانب التالية:
الناس
العمل عليها يتطلب مدّ دائرتكم الاجتماعية والتواصل مع أشخاص قد يفيدونكم في الوصول لفرص وظيفية جيدة، أو يساعدوكم في تطوير مهاراتكم، أو يلهموكم.
المهارات
المهارات تُبنى بالتدريب والتعلم. نحنُ اليوم في عصر إتاحة التعلم بشكل مدهش وغير مسبوق! التعلم يتم مجانًا عبر مقررات إلكترونية على بعد نقرة. يمكنكم التطوع أيضًا وتجربة أنفسكم في مجالات مختلفة قبل اقتحامها بالكامل.
الفرص
زيارة معارض التوظيف، والفعاليات التي تربط الباحثين عن العمل بجهات متنوعة. مواقع التوظيف والتواصل المباشر مع جهات ترغبون بالعمل لديها.
.
.
المرحلة التالية: إعادة تعليب أنفسكم Repackaging Yourself
كتبت عنّه تساؤلات في التغريدة التالية وشارك فيها البعض بردود قد تفيدكم.
.
تلميحة ذكية
من الأفكار التي تعرفت عليها مؤخرًا: صياغة عدة سير ذاتية لتقديمها، بنفس الخبرات والشهادات التعليمية لكن طريقة ترتيب المهارات والتفاصيل يختلف بحسب الجهة التي تنوون إرسال السيرة إليها. في السابق كنت اكتفي بحفظ نسخة PDF من صفحتي على Linkedin. لكن بعد الاطلاع على هذا المقترح سأجرب تجهيز سير وملفات تعريفية مختلفة خصوصًا عند التواصل مع العملاء المتوقعين لمشاريع مستقلّة.
.
المرحلة الأخيرة: القفز
الآن توصلتم لمرحلة الانتقال الفعلية، سواء بالاستقالة، ببدء وظيفة جديدة أو مشروع مستقل، أو حتى طلب تحسين وضعكم الوظيفي بالشكل الذي تطمحون إليه. هذه المرحلة في نظري، أكثر المراحل حاجة للشجاعة والتركيز والراحة – الكثير منها – لأن أي قرار تقفزون إليه بدافع الاحتراق والتعب وتشوش الأفكار قد تندمون عليه لاحقًا وهذا الكلام أيضًا من تجربة شخصية. أذكر أنني ذهبت لوظيفة دون مستوى تطلعاتي، وظيفة كانت تصرخ: أنا سيئة جدًا! لكنني فعلتها لأنني كنت مدفوعة بالغضب وعدم الرضا. لم أفكر فيها بشكل منطقي. لكنّه كان درس للحياة وحصلت على تجاربي الجيدة من خلاله.
.
.
.
يهمّني أيضًا التعرف على تجاربكم الشخصية في تغيير مساركم الوظيفي، كيف كانت؟ هل ترغبون بمساعدة الآخرين بنقلها؟
مساحة التعليقات متاحة ومتأهبة!
.
.
.