بالانشين أحبّ غسيل ملابسه بنفسه. “حينما أكوي الغسيل تأتي أفكار العمل” قال ذات مرّة. يصحو مصمم الرقصات العالمي قبل السادسة صباحاً، يعدّ إبريقا من الشاي ويلعب الورق (لعبة سوليتير روسية) حتى يجمع أفكاره. ثمّ يقوم بكيّ الغسيل (كان يغسل ملابسه بنفسه في غسالة متنقلة بشقته في مانهاتن) ثم بين السابعة والنصف والثامنة صباحاً يتصل بمساعده الشخصي لاستعراض جدول اليوم. خلال معظم أيام الأسبوع يقطع جورج طريق الخمس دقائق من شقته إلى مركز لينكولن حيث مكتبه الملحق بالمسرح. يعطي دروسا في الحادية عشرة صباحاً ثم يقضي بقية الظهيرة في التدريب على عرض جديد، قد يستغرق جزء مدته دقيقتين من الباليه ساعتين كاملة من التدريب. بالانشين لم يفتقر أبداً للإلهام.
التصنيف: قصاصات مترجمة
الحلقة التاسعة: فرانز كافكا
في العام 1908م انتقل فرانز كافكا للعمل في مركز تأمين العمال ضد الإصابات في براغ، هذا الانتقال الجديد منحه فرصة العمل لفترة واحدة خلال اليوم. كان يوم العمل يبدأ من الثامنة أو التاسعة صباحاً وينتهي في الثانية أو الثالثة بعد الظهر. كان تغييراً جيداً في حياته لكنه لم يمنحه الوقت الكافي والمساحة للكتابة. كان يسكن مع عائلته في شقة مزدحمة ويحاول الكتابة بعد منتصف الليل عندما ينام الجميع. كتب كافكا لفيليس باور في 1912م قائلا: “الوقت قصير، قوّتي محدودة، المكتب مرعب، الشقة مزعجة. وإذا كانت الحياة الرضية لم تتيسر، فعلى المرء أن يحاول ويناور بصعوبة”.
في نفس الرسالة يصف لها روتينه اليومي: “من الثامنة إلى الثانية والنصف بعد الظهر في المكتب، بعده وجبة الغداء في الثالثة أو الثالثة والنصف، ثمّ التمدد في السرير أو النوم حتى السابعة والنصف ليلاً، بعد ذلك عشر دقائق من التمارين عارياً أمام النافذة ثم المشي لمدة ساعة مع صديق. وجبة العشاء مع العائلة (لدي ثلاث أخوات، أحداهن متزوجة، والثانية مخطوبة، والثالثة عزباء وهي بلا حياد أختي المفضلة) في العاشرة والنصف ليلاً (عادة ليس قبل الحادية عشر والنصف) أجلس للكتابة واستمرّ معتمداً على قوتي، وحظي، ودوافعي. أكتب حتى الواحدة أو الثانية أو الثالثة صباحاً وأحيانا حتى السادسة صباحاً. ثمّ اتمرن من جديد واغتسل واذهب للسرير مع ألم خفيف في قلبي وعضلاتي ومعدتي، هنا يبدأ الأرق والجهد محاولاً الخلود للنوم. في المكتب أبدأ يوم العمل بالطاقة القليلة التي بقيت معي. هناك عربة لحمل الملفات تشبه الكفن وكلّما مررت بقربها شعرت أنها صُنِعت لي، تنتظرني.”
الحلقة الثامنة: سيلفيا بلاث
كتبت سيلفيا بلاث يومياتها من عمر الحادية عشرة وحتى انتحارها بعمر الثلاثين، في هذه اليوميات سجلت سيلفيا صراعها الدائم لإيجاد جدول للكتابة. وهذا مثال على إحدى اليوميات التي كتبتها “من الآن وصاعداً، وكلما كان ممكناً: استيقظي في السابعة والنصف صباحا، استيقظي متعبة كنتِ أم لم تكوني، تناولي الفطور وأنهي الأعمال المنزلية في الثامنة والنصف صباحاً، وابدئي العمل في التاسعة صباحاً. وقد تزول هذه اللعنة!” لكنّ اللعنة لم تزول أبداً، على الرغم من محاولات سيلفيا اليومية لصنع وقت للكتابة اليومية.
لاحقاً، وبعد انفصالها عن زوجها الشاعر تيد هيوز واهتمامها بأطفالها الصغار، وجدت سيلفيا بلاث روتين جيد ومفيد لحياتها الكتابيّة. كانت تستخدم الحبوب المنومة لتغفو، وعندما يذهب مفعول المنوم تستيقظ في الخامسة صباحاً، تستيقظ وتكتب حتى يصحو أطفالها. العمل على هذا المنوال لمدّة شهرين في 1962م ساعد بلاث على إنجاز غالبية قصائد كتابها Ariel، هذا الكتاب الذي منحها صوتاً. للمرة الأولى شعرت سيلفيا بأنّ الكتابة تتلبسها، وانتصرت في مجالها الإبداعي.
كتبت بلاث لوالدتها في أكتوبر 1962م – قبل انتحارها بأربعة أشهر- : “أنا كاتبة عبقرية، أجد ذلك في نفسي، إنني أكتب أجمل قصائد حياتي، القصائد التي ستصنع اسمي”.
الحلقة السابعة: غونتر غراس
سُئِل غونتر غراس إذا كان يكتب في الليل وأجاب: “لا أبداً، لا أكتب في الليل. لا أؤمن بالكتابة في الليل لأنها تأتي بسهولة، وعندما اقرأها في النهار تبدو سيئة. أحتاج لضوء النّهار لأبدأ، بين التاسعة والعاشرة صباحاً أتناول فطوري على مهل مع القراءة والموسيقى. وبعد الفطور أعمل. أتوقف لاستراحة بعد الظهر وأشرب القهوة ثم أعود للعمل حتى السابعة ليلاً.”
الحلقة السادسة: تشك كلوز
“في عالم مثالي سأعمل لستّ ساعات يومياً، ثلاثة في الصباح، وثلاثة بعد الظهر. هذا ما أحببت القيام به دائماً، خصوصاً بعد ميلاد أطفالي. كنت أعمل ليلاً لكن عندما ولد الأطفال لم يعد بإمكاني العمل في الليل والنوم نهاراً. حينها فقط بدأت العمل في روتين شبيه بالعمل من التاسعة صباحاً للخامسة مساءا، وإذا أمكنني العمل لأكثر من ثلاث ساعات مرّة واحدة أبدأ في صنع الفوضى. لذلك كانت فكرة العمل لثلاث ساعات ثم التوقف لوجبة الغداء والعودة من جديد لثلاث ساعات أخرى وهكذا. أحيانا، استطيع العودة للعمل ليلاً ولكنني أصنع الكثير من الأخطاء واقضي اليوم التالي في إصلاحها.” يقول تشك كلوز أنّه لا يستطيع المحافظة على الروتين دائما، لذلك يحاول تأخير الاتصالات الهاتفية لما بعد الرابعة مساءا وهذا غير ممكن للأبد! عندما يجد الوقت للعمل لا يفتقر للأفكار، يقول أنّ الإلهام لغير الناضجين، البعض منا يصل لمكان العمل ويبدأ. خلال عمله يحب الاستماع لصوت التلفزيون والراديو في الخلفية، خصوصاً أخبار الفضائح السياسية، كانت أفضل ساعات عمله بالتزامن مع ووترغيت وايران-كونترا وغيرها. إنّه يحب قدرا معيناً من التشتت، يحميه من القلق ويجعل الأشياء قريبة.