الحلقة 19: ألبرت آينشتاين

Einstein-1905

هاجر آينشتاين إلى أمريكا في 1933م وعمل بروفيسوراً في جامعة برينستون حتى تقاعده في 1945م. كان روتينه بسيطاً. يصحو ويتناول فطوره بين التاسعة والعاشرة صباحاً ويقرأ الصحف اليومية. في العاشرة والنصف تقريباً يذهب لمكتبه في الجامعة مشياً كلّ يوم ولكن عندما يكون الجو سيئاً يذهب بالسيارة ويعود في الواحدة بعد الظهر. وجبة غداء آينشتاين في الواحدة والنصف، ثم قيلولة، ثم كوب شاي. يقضي آينشتاين بقية يومه في المنزل لينهي أعماله، يقابل الضيوف، ويردّ على رسائله التي رتّبت له من قِبل السكرتارية في بداية اليوم. ثمّ يتناول العشا في السادسة والنصف ويتبعه المزيد من العمل والرسائل.

على الرغم من حياته المتواضعة كان آينشتاين مشهوراً ما إن يخرج حتى يجتمع حوله الناس ويرحبوا به ويتسابقون إلى الحديث معه. ليس لنجاحاته وأبحاثه العلمية فقط، بل أيضاً لشهرة مظهره الغريب. كان يترك شعره طويلاً وفوضوياً كي لا يضطر للذهاب للحلاق لقصّه ولم يلبس الجوارب وحمالات السراويل لأنها لم تكن ضرورية.

الحلقة 18: فلاديمير نابوكوف

carl-mydans-author-vladimir-nabokov-writing-in-a-notebook-on-the-bed

الروائي الروسي المولد لديه طقوس شهيرة. في العام 1951م بدأ كتابة روايته “لوليتا” بالقلم الرصاص على بطاقات فهرسة مسطّرة وحفظها في صندوق للبطاقات. يقول أن سبب اختياره لهذه الطريقة هو إمكانية إعادة ترتيب وفرز المقاطع في الفصل الواحد كما يحبّ. صندوق البطاقات مكتبه المتنقل أيضاً. كتب نابوكوف هذه البطاقات خلال رحلة بالسيارة عبر أمريكا، كان يكتب ليلاً في المرتبة الخلفية من سيارته المركونة ويصفها بالمكان الأهدأ في البلاد. بعد شهور من العمل الشاقّ سلّم البطاقات لزوجته لتطبعها على الآلة الكاتبة ثم يعود لمراجعتها مرات ومرات. في شبابه كان يكتب في السرير مع سلسلة من السجائر لكنه عندما توقف عن التدخين وكبُر تغيرت عاداته. يصف روتينه اليومي في لقاء أجري معه في العام 1964م:

“أبدأ يومي بالعمل وقوفاً في غرفة المكتب، وعندما تترك الجاذبية الأرضية أثرها على مؤخرتي أجلس على كرسيي المريح ذو الذراعين أمام طاولة الكتابة. أكتب حتى تترك الجاذبية الأرضية أثرها على عمودي الفقري وأتمدد على أريكة في زاوية المكتب”

في هذا الوقت من حياته كان نابوكوف مستقراً مع زوجته فيرا في شقة من ستة غرف في الدور العلوي من فندق القصر بمونترو السويسرية. في نفس اللقاء أعطى نابوكوف مزيداً من التفاصيل حول روتينه اليومي:

“استيقظ حول السابعة صباحاً في الشتاء. ابقى مستلقياً في سريري أراجع وأخطط للأشياء. حول الثامنة أحلق ذقني، أتناول فطوري، أتأمل، ثم استحم وكلّ هذا بنفس الترتيب. ثم أبدأ العمل حتى موعد الغداء. وقبل ذلك أخرج للمشي مع زوجتي بجانب البحيرة. نتناول الغداء في الواحدة ظهراً ثم أعود للعمل في الواحدة والنصف لمكتبي للكتابة حتى السادسة والنصف. بعد ذلك أخرج من جديد للمشي والمرور على بائع الصحف لشراء الصحف الإنجليزية ثم أتناول العشاء في السابعة. لا عمل بعد العشاء. الذهاب للسرير عند التاسعة ليلاً، اقرأ حتى الحادية عشرة والنصف وأصارع الأرق حتى الواحدة صباحاً.”

يحبّ نابوكوف مشاهدة مباريات كرة القدم على التلفزيون وكتابة مسائل الشطرنج وبالطبع تتبع الفراشات التي يحبها ويدرسها في صيف جبال الألب.

الحلقة 17: بيوتر تشايكوفسكي

tchaikovsky

في العام 1885م استأجر تشايكوفسكي كوخاً في مايدانوفو. قرية صغيرة في منطقة كلين شمال غرب موسكو. بعد سنوات من التنقل والقلق عبر روسيا وأوروبا، وجد المؤلف في عامه الخامس والأربعين حياة جديدة يحبها. “يا لها من بهجة أن يكون لدي منزل” كتب لراعيته “يا لها من نعمة أن تعرف أحداً لن يقاطع عملك، قراءتك، ومشيك.” سيعيش بيوتر في ذلك الكوخ ما تبقى من حياته. بعد وصوله بقليل بدأ تشايكوفسكي روتينه اليومي وتبعه كلما كان في المنزل، يصحو بين السابعة والثامنة صباحاً، ويعطي لنفسه ساعة لشرب الشاي والقراءة من الإنجيل أولا ثم كتاب آخر في فلسفة سبينوزا أو شوبنهاور. ثم يخرج للمشي لخمسة وأربعين دقيقة. في التاسعة والنصف يجلس للعمل على البيانو بعد الانتهاء من أعماله المنزلية والرد على البريد.

عند الظهر تماماً يتوقف لتناول الغداء الذي يستمتع به دائماً. بعد الغداء يخرج لرحلة المشي الثانية مهما كانت حالة الطقس في الخارج. يروي أخوه عنه أنّه اكتشف مع الزمن أن الرجل يحتاج للمشي ساعتين يومياً للحفاظ على صحّته. وكان يتعامل مع حبّه للمشي باهتمام شديد يصل لدرجة الهوس، كان يظن أنه لو قصر مدة المشي اليومية سيصاب بمرض أو ستتأثر صحته.

هوس تشايكوفسكي بالمشي لم يأتِ من فراغ، يمكن تبرير ذلك برغبته في البحث عن إلهام لإبداعاته. كان يقف عادة ليسجل أفكاره ثم يعزفها لاحقاً على البيانو. بعد المشي يشرب الشاي من جديد ويقرأ جريدته أو المجلات التاريخية لساعة. ثم يعمل من جديد عند الخامسة ولمدة ساعتين. يتناول العشاء عند الثامنة ليلاً. وبعد ذلك إذا كان لديه ضيوف يلعب تشايكوفسكي الورق معهم وإذا كان وحيداً يقرأ قليلاً ثم يعزف على البيانو.

الحلقة 16: ليو تولستوي

21-5-2010-2-34-23533

“يجب أن أكتب كل يوم بلا فشل، ليست الجودة ما يهمني بقدر ما يهمني الالتزام بالروتين”. كان هذا تولستوي في إحدى يومياته القليلة التي كتبها خلال ستينات القرن التاسع عشر عندما كان غارقاً في العمل على “الحرب والسلام”. مع أنه لا يصف روتينه في هذه اليوميات إلا أن ابنه سيرغي سجل لاحقاً الطابع العام لأيام والده في “ياسنايا بوليانا” ملكية العائلة في إقليم تولا الروسي:

“من سبتمبر إلى مايو نستيقظ نحن الابناء مع مدرسينا بين الثامنة والتاسعة صباحاً ونذهب للصالة لتناول الفطور. بعد التاسعة صباحاً ينزل والدي من غرفته مروراً بالصالة وللطابق السفلي حيث يقضي حاجته، وكنا دائماً نقول أنّ والدي معكّر المزاج حتى يغتسل. ثمّ يصعد ويتناول فطوره المكوّن من بيضتين مسلوقتين، ولا يتناول شيئاً آخر حتى الخامسة بعد الظهر. لم يكن يتحدث كثيراً عند الإفطار ويذهب بعده إلى مكتبه مع كوب من الشاي. لا نراه إلا قليلاً حتى موعد العشاء.”

وفقاً لسيرغي، كان تولستوي يعمل في العزلة ولم يكن يسمح لأحد بالدخول إلى مكتبه والأبواب المتصلة به تبقى مقفلة ليتأكد أن أحداً لن يقاطعه. لكن ابنته تاتيانا تناقض هذه الرواية وتذكر أنّ والدتها كانت تدخل لمكتبه وتجلس لتخيط بهدوء بينما يكتب. قبل العشاء يذهب تولستوي للمشي والإشراف على العمل في ملكيته، ثم يجتمع لاحقاً بالعائلة في مزاج أكثر اجتماعية. يكتب سيرغي:

“في الخامسة نتناول العشاء الذي يصل والدي له متأخراً. يأتي متحفزاً ويروي لنا أحداث يومه. بعد العشاء يقرأ أو يتحدث مع الضيوف إن وجدوا، وأحيانا يقرأ لنا جهراً ويطلع على دروسنا. في العاشرة ليلاً يجتمع سكان الملكية لشرب الشاي قبل الذهاب للنوم أو القراءة أو عزف البيانو. ثم ينام والدي عند الواحدة صباحاً.”

الحلقة 15: نيكولا تسلا

Nikola_Tesla

كان نيكولا تسلا متدرّب مبتدئ في مكتب توماس أديسون في نيويورك. يعمل يومياً من العاشرة والنصف صباحاً حتى الخامسة صباحاً من اليوم التالي. لاحقاً عندما بدأ شركته الخاصة أصبح تسلا يذهب للعمل عند الظهر. وفوراً تغلق السكرتيرة الستائر لأنّه يفضل العمل في الظلام. قد يرفع الستائر عندما تبدأ عاصفة في الخارج لأنه يحبّ النظر للبرق وهو يرتطم بالمباني المرتفعة ويجلس على أريكة الموهير.

جدول عمله اليوميّ ينتهي عند منتصف الليل مع فاصل في الثامنة ليلاً للعشاء بقاعة النخيل في فندق والدورف استوريا. كان يتناول عشاءه وحيداً ويتصل مسبقاً ليعطي التعليمات حول طعامه. عندما يصل يؤخذ إلى طاولته الخاصة والثابتة. على الطاولة 18 منديل مثنيّ بعناية وبينما ينتظر وصول طعامه يبدأ بتلميع الفضيات وأواني الكريستال بحماس على الرغم من لمعانها ونظافتها. ثم يصل طعامه الذي يحمله مدير المطعم المسؤول بنفسه وليس أحد الندّل. في طفولته طوّر تسلا عادة غريبة لا يمكنه الاستمتاع بطعامه بدونها ألا وهي حسب وزن طعامه ذهنياً قبل تناوله.