الحلقة 29: جورج أورويل

6

في بداية حياته الكتابية لم يستطع أورويل دعم نفسه مادياً بالكتابة وحدها، وكانت وظائف التدريس الصغيرة التي عمل بها تلتهم حصة كبيرة من وقته الذي يخصصه للكتابة وهذا سيبعده عن الأوساط الأدبية وإن كان قد عُرِف فيها. لحسن الحظّ عثرت له قريبته نيلي على وظيفة جيدة في مكتبة للكتب المستعملة وبنصف ساعات العمل اليومية. كان اسم المكتبة “ركن محبّي الكتب” وكان العمل بها مثالياً لجورج أعزب الحادية والثلاثين.

كان يستيقظ في السابعة صباحاً، ويذهب لفتح المكتبة في 8:45 صباحاً ويبقى هناك حوالي الساعة. ثم ينتهي عمله ليأخذ وقتاً مستقطعاً حتى الثانية بعد الظهر. وبعد ذلك يعود من جديد للعمل حتى السادسة والنصف مساءا. هذا العمل الجديد منحه حوالي أربع ساعات من الكتابة اليومية، من الصباح وحتى بداية الظهيرة. من حسن حظه أيضاً كانت تلك الساعات أكثر ساعات يومه نشاطاً وانتباهاً.

الحلقة 28: سيمون دو بوفوار

tumblr_m82rzjqR211qjm0dlo1_500

“أنا دائما في عجلة للبدء، مع أنني غالباً امتعض من بداية اليوم” بوفوار متحدثة لباريس ريفيو في 1965م. “أشرب الشّاي أولاً، ثمّ أبدأ الكتابة في العاشرة صباحاً وحتى الواحدة بعد الظهر. ثم التقي بالأصدقاء عند الخامسة وأعود للعمل حتى التاسعة ليلاً. ولا أجد الصعوبة في البدء بعد التوقف عند الظهيرة”. بالفعل دو بوفوار نادراً ما تعاني من الانقطاعات والتوقف، وتحبّ عملها كثيراً. عندما تذهب في إجازتها السنوية لشهرين أو ثلاثة تجد نفسها وقد أصيبت بالضجر بسبب الانقطاع عن العمل.

على الرغم من أنّ عملها يأتي أولاً، إلا أن جدولها اليومي كان يتمحور حول علاقتها بجان بول سارتر، والتي امتدت بين 1929-1980م. في الصباح كانت تعمل وحدها حتى موعد الغداء مع سارتر ومن ثمّ يعملان سوية بصمت في شقته. في المساء يذهبان لحضور الدعوات والمناسبات السياسية والاجتماعية أو لمشاهدة الأفلام، الاستماع للراديو وشرب الويسكي في شقة سيمون.

الحلقة 27: وليام فوكنر

Kitty_William_Faulkner

كان الصباح الوقت الأفضل للكتابة لدى فوكنر، على الرغم من أنه خلال حياته درّب نفسه على التكيف مع أكثر من روتين للعمل متى ما اقتضت الضرورة ذلك. عندما كان يكتب “As I lay Dying” في الظهيرة قبل أن يخرج لورديّته الليلية في مصنع للكهرباء. كان فوكنر يجد أن العمل الليلي أكثر ملاءمة له. ينام في الصباح عدة ساعات ويكتب طوال الظهيرة، ثم يزور والدته لشرب القهوة في طريقه للعمل. وهناك يأخذ قيلولات قصيرة وسريعة خلال ساعات عمله الذي لا يتطلب الكثير.

كان ذلك في صيف 1929م أما في صيف 1930م فقد اشترت أسرة فوكنر ملكيّة ضخمة. ترك وليام وظيفته لإعادة ترتيب منزلها وإصلاحه. حينها أصبح يستيقظ باكراً، يتناول فطوره، ويكتب طوال الصباح. كان يعمل في المكتبة التي لم يكن لبابها قفل، لذلك كان فوكنر يزيل مقبض الباب الخارجي كي لا يزعجه أحد. بعد الظهر يتناول الغداء وليلاً يسترخي مع زوجته على الشرفة مع زجاجة ويسكي.

أما بخصوص القصة الشهيرة عن كونه يكتب مخموراً، لا يوجد دلائل على صدقها. بعض معارفه وأصدقاءه علقوا على هذه العادة لكنّ ابنته نفتها بشدة وأكدّت على أنه كان يكتب واعياً ويشرب بعد ذلك. وعلى العموم، لم يكن فوكنر بحاجة لما يثبت طاقته الإبداعية. خلال سنواته الخصبة بين العشرينات والأربعينات من القرن الماضي، عمل بكثافة رائعة، كان ينهي 3000 كلمة يومياً وأحياناً ضعف هذا الرقم. ذات مرّة كتب لوالدته يخبرها بأنّه أنهى 10 آلاف كلمة في يوم واحد بالعمل من العاشرة صباحاً وحتى منتصف الليل.

الحلقة 26: إيغور سترافنسكي

tumblr_mg0iaup5pA1qaxihzo1_500

“استيقظ في الثامنة صباحاً، أتمرّن قليلاً، ثم أبدأ العمل بلا توقف من التاسعة حتى الواحدة بعد الظهر.” سترافنسكي متحدثاً إلى صحفي في 1924م. بشكل عام كانت تلك الثلاث ساعات أقصى ما يمكنه عمله يومياً. بالإضافة إلى ذلك كان يقضي يومه في كتابة الرسائل، نسخ النصوص الموسيقية، ويتدرّب على البيانو. إذا لم يكن سترافنسكي في رحلة فنية، فإنه سيعمل كل يوم على موسيقاه، بوجود الإلهام وعدم وجوده. كان يتطلب العزلة ونوافذ مسدلة الستائر قبل البدء. يقول سترافنسكي بأنه لم يتمكن أبدأ من العمل على موسيقاه حتى يتأكد أن أحداً لن يسمعه. إذا شعر إيغور بأنه عالق، يسترخي قليلاً ويريح رأسه.

الحلقة 25: هنري ميلر

Henry Miller, 1962

عندما كان روائيا شاباً كان ميلر يكتب من منتصف الليل وحتى الفجر، حتى توصّل لاكتشاف أنه شخص صباحي. خلال إقامته في باريس في ثلاثينات القرن الماضي كان يكتب من الفطور وحتى الغداء. ثم يأخذ استراحة للقيلولة ثم يعود للكتابة حتى الليل.

عندما تقدم به العمر وجد أن كل ما يكتبه بعد الظهر غير ضروري وغير مقنع. قال في إحدى مقابلاته: “أنت لا تؤمن بتجفيف المنابع، أليس كذلك؟ أؤمن بأنني يجب أن انهض وابتعد عن الآلة الكاتبة ما دام لديّ المزيد لقوله.” ساعتين أو ثلاثة في الصّباح كانت كافية له، وكان يركز على أهمية المحافظة على نمط إبداعي يوميّ وثابت.