8 رمضان: أفضل سرّ محفوظ

 220px-BestKeptSecretPoster

شاهدت قبل عدة أيام فيلم وثائقي بعنوان “Best Kept Secret” فيلم مؤثر جداً. يتبع الفيلم قصة فصل دراسي في مدرسة جون ف. كينيدي الثانوية في نيوارك نيوجيرسي. الفصل هذا خاصّ جداً فطلابه من ذوي الاحتياجات الخاصة ويدرسون في مدرسة حكومية عامة. مدرستهم جانيت مينو تحاول جاهدة تجهيزهم للنقلة القادمة إلى الحياة الحقيقية، حيث سيكونون بحاجة لكل مهارة يمكنهم إتقانها للعيش والدفاع عن أنفسهم وفهم محيطهم. يسجّل الوثائقي مدة 18 شهراً باتجاه تخرجهم، ويركز على عدة شخصيات في الفصل وكيف تقدم لهم الحكومة الأمريكية والقطاع الخاصّ المساعدة والاهتمام. جانيت تريد توفير فرص عمل وتدريب للطلاب كي لا ينتهي بهم الأمر في مصحّ بلا حول ولا قوة، أو محبوسين في منازلهم مع عائلات بالكاد تطعم نفسها. ليست هذه المرة الأولى التي تخرج المدرسة دفعة خاصة، وفي الوثائقي ستجدون جانيت تلتقي بطلابها القدامى الذين انطلقوا للحياة وكيف كان تعليمها واهتمامها فعالاً معهم.

7 رمضان: بيت أحلامي

Via Google Images
Via Google Images

هل فكرتم من قبل في بيت أحلامكم؟

اليوم كنت أفكّر في سؤال “إذا كانت لدي ميزانية مفتوحة وكل الإمكانيات متاحة للحصول على بيت أحلامي، كيف سيكون شكله؟”.

أعرف بيوت كثيرة وأحبها، في كل مكان أزوره زاوية محببة وقد دونت عن بعضها فيما مضى. لا أفكر في قصر مترامي الأطراف، ولا جدران مرتفعة ولا حدائق ممتدة. أريد من بيتي أن يكون كحضن أمّ، تدخله الشمس من كل زاوية والأرض تدور. فيه عدد لا بأس به من الأشجار العطرة، فيه حديقة أجلس فيها وقت المطر. تتسع لطاولة وعدة كراسي، فيها عريشة ياسمين. أما المنزل فطابق وحيد يكفيني، نوافذ زجاجية كبيرة، وممرات واسعة كي لا تصطدم قدمي بالأثاث والجدران. أريد أقواساً تشبه بيوت المكسيك، أو إسبانيا. نافورة صغيرة داخل المنزل وهدير ماءها يريح أعصابي. أريد مطبخ واسع سطوحه مصقولة، فيه فرنين أحدهما للخبز وآخر للطهي، وحوض غسيل للأطعمة والأواني. وأرضيات المنزل من الجرانيت الذي يتنفس فيكون دافئ شتاء وبارد صيفاً. عدد غرف نوم معقول بحسب ما تقتضي حياتي، ومكتبة واسعة يتوسطها مكتب من الخشب الثقيل للكتابة. أريد كراسي مختلفة لغرفة الجلوس، ووسائد ضخمة لمن يحبّ الجلوس على الأرض. أريد جهاز تلفزيون وحيد وضخم في مكان واحد في المنزل، أريد غرف نوم خالية من الأجهزة والإضاءة الشديدة. أريد مراوح في السقوف وتكييف مركزي. أريد وأريد وأريد، وأنسى أنّ هذا كلّه حلم.

6 رمضان: كبسولات فنيّة

(أ)

شاهدت مؤخرا عدة حلقات من سلسلة وثائقي فنية مميزة. تقع السلسلة في 26 حلقة مدة كل منها لا تزيد عن 30 دقيقة وتختصر حياة رسام عظيم. هذه السلسلة مناسبة جداً للذين يبحثون عن معلومات مكثفة ومتعة بصرية ولا يملكون وقت طويل لمشاهدة الوثائقيات التي تتجاوز الساعة والساعتين. جمعت روابط لتحميل بواسطة التورنت هنا.

للأسف لم أجد لها أثر على يوتوب للمشاهدة المباشرة ولكن إذا حصل ووجدتموه أتمنى أن تتركوا إشارة له في التعليقات مع الشكر.

(ب)

قرأت قبل عدة أيام عن دراسة تربط بين الضغوط وضعف الخصوبة لدى المرأة. الدراسة بيّنت أنّ ارتفاع هرمون alpha-amylase –وهو هرمون مرتبط بالجهاز العصبي- في دم المرأة يخفض من احتمالية الحمل لديها بنسبة 29% . وتأتي الدراسة بتفاصيل أخرى لكنها لا تجد سبب واضح لارتباط هذا الهرمون بضعف الأخصاب. نتائج الدراسة لم تكن حاسمة أو واضحة لكنها درست الموضوع عن قرب مع شريحة بحث واسعة والتفاصيل للدراسة تجدونها هنا.

فكرت بعيداً عن الدراسة والإحصائيات العلمية نظرت للموضوع بشكل آخر. جسم المرأة يتهيأ لاستقبال المولود وهذه الضغوط والتوتر قد تكون إشارة بيولوجية بأنها ليست مستعدة لذلك! موضوع استغرق مني وقت غير بسيط في التأمل.

5 رمضان

IMG_1

أحب الرحلات البرية مع عائلتي، لكنني دائما أشكر الله بأننا لا نسافر سوية كل يوم. لسنا مثاليين طبعاً، نتشاجر، نصمت طويلاً، نعترض، ونمتعض لدقائق ونعود للضحك من جديد. أتذكر أن إحدى صديقاتي عرفتني على مصطلح جديد “تعرض زائد للعائلة” وهذا ما يحدث في الرحلات البرية الطويلة. الحمد لله أن معي قارئي الإلكتروني وكتب كثيرة تنتظر دورها.

انتهيت من قراءة رواية “المنور” لخوسيه ساراماغو، رواية رائعة وممتعة، ولها قصة مدهشة! رواية ساراماغو الضائعة هذه كانت روايته الثانية، كتبها في العقد الثالث من عمره. وضاعت في دهاليز دار النشر لستة وثلاثين عاماً وعندما اكتشفوها اتصلوا به ليرفض أن تنشر بعد كل هذا الوقت. ولكنها نشرت بعد موته. المقدمة التي كتبتها بيلار دل ريو للكتاب ستعرفكم على القصة المدهشة، ولكنني اترك المقدمة للنهاية دائما خوفاً من تدمير أحداث القصة. “المنور” المقصود في العنوان منور البناية التي تسكنها عدة أسر وشخصيات لكل منها قصة. تشتبك الأحداث والصور وتصنع نسيج الحياة اليومية التي التقطها ساراماغو بعينه العجائبية. إذا كانت هذه مصافحتكم الأولى لساراماغو لا تفوتوا “كل الاسماء” روايته الأخرى التي تذكرتها مع هذه القراءة ولا تنسوا “العمى” بالتأكيد.

كانت الرحلة طويلة، بدأت بكتاب آخر سأحدثكم عنه في تدوينة لاحقة بعد أن اقطع شوطاً في قراءته.

الآن في هدوء الغرفة المزدحمة، رأسي مشبع بالكافيين استعدادا لصيام يوم طويل وملتهب في العاصمة. اكتب التدوينة وأفكر، هذه لحظة الهدوء الأولى منذ أيام!

4 رمضان: صباح الثاني من يوليو

Photo by: Jessica Portuondo
Photo by: Jessica Portuondo

إرنست همنغواي يشتاق للبراري، يفتقد غابات متشيغن، والخليج. أصبح حبيس مساحة ضيقة في مدخل بيته. صوب بندقيته فوق حاجبيه ودمّر نفسه. مضى يومان على عودته من مايو كلينك، ركب من أيداهو في سيارة أجرة من هرتز بصحبة زوجته ورفيق قديم. الليلة الفائتة، ماري همنغواي تنام في الغرفة الرئيسية للمنزل في الدور العلوي، وإرنست في غرفة صغيرة في نهاية الممر. من غرفتيهما نسمع صوت غناء، أغنية فولكلور إيطالية قديمة، يغنيان مقاطعها لبعضهما حتى غالبهما النعاس.

الساعة 7:25 ص، ماري تستيقظ على صوت غريب. كأنه صوت درج خشبي ثقيل يسحب ويسقط على الأرض. استيقظت ورفعت جسدها على كوعها ونادت على زوجها. ولكنه لا يرد. القت باللحاف جانباً وركضت لغرفته، لحف السرير الصغير في فوضى لكنّه لم يكن هناك. عادت تركض باتجاه معاكس، لرأس الدرج، وقفزت الدرجات العشرين لتقطع غرفة الجلوس وترى لمحة مما فعله زوجها هناك.

الساعة 7:40 ص، ماري تتصل بطبيب إرنست ليأتي سريعاً. تشير له بأن يدخل من الباب الخلفي للمنزل. تلتقي به عند باب المطبخ. تبقى هناك وتشير له بأن يذهب لغرفة الجلوس. عبر الطبيب الممر، وهناك في مدخل المنزل الرئيسي رأى كلّ شيء. شظايا من عظام، وأسنان وشعر ولحم. الجدران والأرضية ملطخة بالدماء. أحمر مصفر. وجسد ممدد بين ساقيه بندقيته. مكان رأسه قرص، قرص يشبه جمجمة.

لم تستخدم ماري همنغواي مدخل المنزل بعد ذلك اليوم أبداً.

 – مترجم بتصرف من كتاب “Hemingway’s Boat”