كيف سامحت نفسي؟

By Amanda Blake
By Amanda Blake

قبل خمس سنوات تقريباً تركت وظيفة رائعة براتب جيّد وساعات عمل مناسبة لأنها لم تتناسب وطموحاتي آنذاكتركتها بلا ترددّ أو ندم. لكنني عانيت طويلاً من استفهامات من حولي، أصدقاء، وأفراد العائلة الممتدة. لم تدم بطالتي طويلاً، عدت للعمل الحر وعملت في صحيفة لسنتين، ثم انتقلت لمجلة تُنشر اقليمياً، وبين تلك الوظيفة وما بعدها عملت لفترات متقطعة في مجال التدريب والتعليم. هلعي من تعثر حياتي العملية قابلته رغبة شديدة وحماس لتعلم كلّ المهارات التي افتقرت لها ولم توفرها لي حياتي الأكاديمية. لقد نجحت في مسامحة نفسي وتجاوز ما اشعرني به الجميع وصوروه كخطأ جسيم. في نفس الفترة قرأت بلا توقف وانتقلت بين المؤلفين والقارات، اشبعت فضولي تجاه احداث تاريخية لم أفهمها في صغري، استمعت للموسيقى وتعرّفت على اهتمامات عمري القادمة. العمل من المنزل وعزلتي بالمقابل قطعتني عن لقاءات الصديقات والحياة الاجتماعية التي عاودت الانضمام إليها بعد غياب عامين في الرياض، لم أجد طريقاً لتجاوز هذه العزلة فكنت أجد سعادتي في زيارة للعاصمة كل عدة أسابيع للقاء قريباتي وصديقاتي الجدد. من اللحظة التي غادرت فيها وظيفتي تلك عانيت مادياً وقاومت رغبتي في العودة للروتين المرهق أصبحت حياة المتعة والتعلم والترفية أغلى بكثير من قدرتي على التسوق شهرياً أو شراء الهدايا لأفراد عائلتي.كل ما أوفره اصرفه في الكتب أو التجارب الجديدة، رحلة لبلد قريب، زيارة المعارض الفنية، والمشي، الكثير من المشي.

* * *

ثم جاء انتقال العائلة للرياض، وتخلينا عن كل شيء وراءنا، البحر والذكريات وبيت امتلكناه بعد مشقة، عدنا من جديد لهلع المسكن المؤقت والظروف الغائمة. لكننا أقدمنا عليها بقلب شجاع! لم تعد النزهة والاعتماد على ما يمكن توفيره لتبديده على الترفيه مسألة مقبولة. الآن أنا بحاجة لعمل ثابت ومصدر دخل آمن لمساعدة والدي ووالدتي حتى نجد ضالتنا ونمتلك بيت الاحلام رقم ٢. عدت للعمل من جديد والمفاجأة كانت أنني أحببت ما أفعله، كانت ساعات اليوم تنتهي وأنا على المكتب أتردد بين الخروج ومواصلة الكتابة. بعد عدة أشهر من العمل ككاتبة محتوى ابداعي ظهرت لي فرصة الانضمام لطاقم تدريس مدرسة ثانوية/متوسط وتدريس مادة الحاسب الآلي – من صميم تخصصيكانت المحفزات مغرية إلى الحدّ الذي قفزت فيه بحماس ووافقت على عرض العمل، كانت هذه هي الوظيفة الأوليّة التي تقدمت إليها قبل انتقالي للرياض. لم يحصل توافق، وصرفت النظر عنها. فكرة العمل في وظيفتين يعني تغطية مصروفاتي الشهرية والمساهمة في مصروفات العائلة والحصول على المنزل. كنت أعمل لثمانية ساعات متواصلة في المدرسة، ثم أعود للمنزل في الثالثة مساء وأعمل لست ساعات أخرى في كتابة المحتوى. كانت التجربة انتحار. انتحار لأن صحتي تعثرت، هواياتي انزوت في المقعد الخلفي للسيارة. ذهبت في عطلة، سافرت وحيدة لأفكر في وضعي وهل سيستمر هذا الضياع طويلاً؟ تقلصت مهام العمل تدريجياً، وأصبحت أعمل في وظيفة واحدة. لم يتغير شيء! ابكي بمعدل يومي بسبب الضغوط، افتقدت الكتابة والتدوين والقراءة، بعد أن كان معدل قراءتي كتابين اسبوعياً أصبحت انتصر وأشعر بالفخر إذا انتهيت من كتاب واحد كل ثلاثة أشهر. جلد للذات كلّ يوم، ادائي التدريسي رائع بشهادة منسقة القسم والمديرة، استطلاع رأي للطالبات يكشف للإدارة وليبأنني أفضل مدرسة حاسب آلي مرت عليهم من مراحل دراستهم المبكرة. لكن الرضا الداخلي: ميّت.

* * *

صارحت عائلتي الصغيرة برغبتي في ترك وظيفتي واستعدت بداخلي الفترة التي مررت بها قبل خمسة أعوام. كانت الصدمة أخفّ خاصة وأني مهدت لهم بشكل واضح عدم ارتياحي، العمل الحالي حرمني من الاستماع لصوتي الداخلي. وساهمت رحلتي لنيويورك في تشجيعي على اتخاذ القرار، كانت ستمتد لأسابيع لولا اضطراري للعودة للعمل. كنت سأكتب عنها، سأنتهي من مشاريع عدة لكن. . عدت للعمل والركض خلال عدة أيام. فكرت: لو أنني في وظيفة أكثر مرونة، أو ببساطة حرّة. بكت المنسقة عندما ابلغتها برغبتي في مغادرة المكان، واصدقكم القول ترددت بعد أن شهدت مشاعرها هذه. وفكرت طويلاً في طالباتي المفضلات والتدريس الذي أحبه أكثر من أي شيء آخر. جلست لوضع قائمة اصنف فيها الايجابيات والسلبيات: سأعود لفوضى الدخل المالي، سأعاني طويلاً من اسئلة الاقارب والغرباء، سيرتي الذاتية بوظائفها المختصرة والسريعة ستثير ريبة جهات العمل المستقبلية. ما الذي ساستعيده؟ راحتي، نومي المسلوب، صباحاتي، وقت الكتابة، السفر، القراءة الكثير منها، والعمل الحرّ. كانت هناك مرحلة انتقالية صعبة، فيما لو مضيت باتجاه قراري سأكون مضطرة للعمل لشهرين أو أكثر حتى نهاية الفصل الدراسي مع معرفتي التامة بأن هذا العمل لن يدوم. كنت بحاجة لمسامحة نفسي على كلّ شيء، تعبي وانشغالي وانقطاعي عن القراءة وقلقي وتوتّري والتركيز على شيء واحد: أداء عملي بشكل مثالي والانتهاء منه بأقل خسائر وضرر.

* * *

في قلب حيرتي مررت بتدوينة جميلة في مدونة Zen Habitsالتي أحبها وتُلهمني. كانت التدوينة عن مواجهة الاحباط والخيبة التي تصادفك تجاه نفسك، وكيف تتجاوزها. نشعر بالاحباط والخيبة عندما لا نرتقي للمعايير التي وضعناها لأنفسنا، ولم نستطع تحقيق أي هدف أو نجاح نرضاه. عندما نفتقر للانتاجية المعتادة، ونترك مهامنا الصغيرة منها والكبيرةبلا انجاز. لا نتغذى بشكل جيد، ولا نتمرّن. القائمة تطول لكن الفكرة اتضحت لي بشكل جيد، أنا أعاني منها كلها! الخطوة الأولى هي الاعتراف بمشاعرك، النظر إليها من الداخل، والتعرف على ما يصاحبها قد تكون هناك احتمالية بأننا نتوقع من أنفسنا الكثير، أكثر من المعقول. ثم تأتي المرحلة التالية: نعطي هذه المشاعر مساحة، نعيشها ونعيها، ولا نصارعها. الخطوة الثالثة: نتعاطف مع أرواحنا، ونحتضنها، مهما كانت الظروف الخارجية مؤذية لا تتعاون معها عليك. والخطوة الرابعة كانت الأهم لدي: اكتشاف روعة الحاضر، كيف سأمضي هذه الايام حتى وصولي لخط النهاية، نهاية الفصل الدراسي. استعدت روتيني – أو جزء منه، عدت للخروج والتنزه، الاجتماع مع صديقاتي مع تجاهل الحديث عن احباطي العام، تخلصت من القيلولة لأدخل أنشطه ممتعة مكانها، عدت للقراءة تدريجياً باختيار روايات صغيرة مدهشة، أو قراءة كتب متنوعة التخصص استعدادا للفصل القادم من حياتي العملية. ابحثوا عن شيء تتقنونه ويمكنكم قياس نجاحكم الملحوظ فيه بشكل يومي بعيداً عن أجواء الاحباط. كنت انتهي من عملي قبل ظهيرة الخميس واستقبل نهاية الاسبوع بحماس ونشاط، لا اترك لحظة للصدفة واقسم وقتي على المتع المفقودة. الخطوة الأخيرة والممتعة: واصلوا التقدم بفضول. وهذا ما حصل معي، تقدمت للعمل في جهات مختلفة مع التأكيد بأني لن استطيع مباشرة أي وظيفة إلا في يناير. وعلى شرط آخر: سأعمل بدوام جزئي أو عن بعد. هل كانت لدي فكرة بأني سأحصل على وظيفة؟ لا طبعاً. كان الخروج من الوظيفة مرعب، لأنه يساوي المجهول. واصلت تقدمي بلا توقعات، أيّ توقعات. مرت الايام ببطء وسعادة لأنني قررت التعايش معها، وتوقفت عن البكاء. وصلت لخطّ النهاية واحتفلت الخميس الماضي. انتهى العام وقد تحررت من قيود اخترت الدخول إليها بكامل قواي العقلية والجسدية. انتهيت من تدريس فصل كامل، تقييم طالباتي والفخر بمن تفوق منهن. ممتنة لتلك الأيام بكل ما فيها، علمتني حدود صبري، وقدرتي على العودة من الاحباط التامّ. سنة ٢٠١٥م كانت سنة الخروج من منطقة الراحة بجدارة. والخبر الجميل الذي أريد أن اختم به هذه التدوينة: الاسبوع المقبل سأبدأ العمل من جديد مع شركة همزة المتخصصة بكتابة المحتوى الابداعي. والقادم أجمل.

تحديث ٢٠١٨

تركت ثلاثة وظائف بعد هذه التدوينة، لم تكن روحي حرّة ولم تشبع نفسي كما أحبّ. في ديسمبر ٢٠١٧ تركت وظيفتي الأخيرة واستعد الآن للعمل على مشروعي الخاصّ. مرحلة جديدة من رحلتي مع العمل الإبداعي. وسأخبركم بتفاصيلها حين تكتمل.

تحديث ٢٠٢٠

في العام ٢٠١٨ بدأت شركتي الخاصة لصناعة المحتوى. في بداية ٢٠١٩ عدت للعمل في وظيفة من جديد، كانت كارثية على المستوى الشخصي، جيدة مهنيًا. لم أستطع البقاء لأكثر من عشرة أشهر وتركتها. عندما قدمت استقالتي لم يكن أمامي وجهة واضحة، كنت أعمل على مشاريع محتوى عبر شركتي، وبعض المشاريع الإبداعية الأخرى بشكل مستقل. عملت كمستشارة محتوى لجهة حكومية حتى بداية ٢٠٢٠. وصلني عرض وظيفي رائع وبدأت العمل قبل أسبوع من انتشار جائحة كورونا. ما زلت في وظيفتي الممتعة والجديدة كليًا على كل ما سبق وعملت به. أحبها وأظن إنها المرة الأولى التي أفكر في استقرار وظيفي طويل.

.

.

.

بيت صغير بمنهاتن.

Screen Shot 2015-12-18 at 3.40.30 PM

كنت سأجلس لكتابة هذه التدوينة قبل عيدي الثالث والثلاثين – أكتوبر الماضيلكنّني فشلت كالعادة في صنع الوقت. لا وقت أفضل من ديسمبر للحديث عن سنة ملوّنة شهدت تغيرات كثيرة. لكن تجربة السفر وحيدة غيّرت حياتي كلها وليس سنتي. لم تكن هذه الخطة الابتدائية طبعاً، لكن انشغال أخوتي بدراستهم جعلتني أواجه المدينة الضخمة واستمتع بإجازة مستحقة.

أعتقد بشدة أنك تحتاج للسفر وحيداً لتحتفل بنضجك وقدرتك على مواجهة أصوات روحك، ركضنا المستمر في العمل وروابطنا الاجتماعية التي لا تنقطع يجعل مهمة التركيز على أنفسنا صعبة وأقرب لدى البعض للمستحيلة. فكرت في كل المنافع التي سأجنيها من السفر وحيدة، بينما كان البعض يتساءل عن جدوى الذهاب لآلاف الأميال لترافق ظلك، لتشعر بالرعب في الشوارع الخالية، وتلتفت كل لحظة لتشارك دهشتك مع أحد ولا تجد رفيق.

الآن وبعد عودتي بشهور أتأمل التجربة بسعادة، لقد سيطرت على كل مخاوفي، النوم في بناية مرتفعة قرب الموقع الذي سقطت به أبراج التجارة في ٢٠٠١م، المشي مع شروق الشمس لمقهى قريب والوقوف في طابور مع عمال البناء الروس، واستكشاف خطوط القطارات التي لم أجربها من قبل، والصمت الطويل وأنا أراجع ملفاتي المعلقة لأصل لقرار بشأنها. لم تكن هناك ضمانات بأنني لن أشعر بالملل أو الخوف، حصلت على وقت فائض مع نفسي، أخذتها في مواعيد، واشبعت دهشتها.

آلان دي بوتون في كتابة فنّ السفريقول شيئا بمعنى أننا حينما نسافر وحدنا نتخلص من أثر رفقتنا التي تعجن آراءنا وتفاعلنا مع ما هو حولنا وبالتالي تكبح فضولنا. السفر مع الآخرين يقوم بفلترة التجارب حتى قبل أن تقدم عليها. أحبّ السفر مع أخوتي وصديقاتي كثيراً لكنّ هذه المرة كانت لي.

قرأت قبل عدة أيام مقالة لطيفة عن أهمية السفر وحيداً للكتّاب والمبدعين بشكل عاملم يكن ذلك هدفي من الرحلة، لكن هل ساعدتني؟ نعم كثيراً! ووجدت أنني بلا وعي منّي أطبق النصائح التي جاءت في المقالة لتفيدني لاحقاً بما سأكتبه.

خلال العشرة أيام التي قضيتها تأملت المبدعين وهم يعملون بحماس وتركيز، الرسام والنحات والموسيقي ونادل المقهى ومتسابقي الرسم على القهوة وقاطع تذاكر المسرح.

السّفر وحيدة ساعدني على تجاوز خجلي وخوفي من الحديث مع الآخرين، السؤال عن الاتجاهات ومكونات الاطباق وقياسات الملابس ومحتويات المشروبات، كانت مهمة رفقتي وكنت أتأمل وانتظر. السفر وحيدة منحني الوقت الكثير من الوقت. والشيء الأجمل من هذا كلّه: لم يكن معي خطة. كانت هناك بعض الفعاليات التي حضرتها وعدا عن ذلك لا شيء يلزمني بالخروج والعودة في وقت محدد أو الالتزام بطريق أقلّ ازدحاماً.

مشيت كثيرا حتى شعرت بأن قدمي كُسِرت واحتجزني الألم لساعات الظهيرة حتى انتهيت من تكميدها والتحقق من سلامتها.

التقطت خلال رحلتي هذه صوراً أقل بكثير من كل مرة، كان رأسي يقول ارفعي هاتفك والتقطي الصورة الآن، وكنت اتحسسه في جيبي واتجاهله. الآن كلما بحثت عن قصة لأرويها يطلب مني المستمع صورة وأخبره بكل حماس: لا يوجد صورة، الصورة هنا في قلبي.

هل سأكرر التجربة؟ بالتّأكيد، حتى لو كان الذهاب وحيدة لعدة ساعات يومياً داخل المدينة. لقد وجدت الكثير من الاجابات وواجهت الكثير من المخاوف. وتذكرت على طول الطريق أوسكار وايلد وهو يذكرنا بحاجتنا لتعلم الوحدة.

مخرج

art-of-travel

كتاب آلان دي بوتون عن فنّ السفرتوصية خاصة، ورفيق مبهج في السفر.

.

.

.

.

كيف استعدت حياتي؟

novpost

مساء الخير.

آخر تدوينة هنا كُتبت قبل ثلاثة أشهر بالتمام، ويومين. آخذ من وقتي عدة دقائق يومياً لأفكر في شيء يستحق الكتابة، حياتي تركض على دولاب منذ أغسطس الماضي، وكل يوم هو أربعة فصول كاملة. كل ما يحدث يستحق التدوين، لكنني لا أملك التركيز لتسجيله هنا. حصل ما كنت أخشاه والتهمت وظيفة التدريس حياتي بالكامل على الأقل خلال الشهر الأول من العمل ومحاولتي لاستيعاب كلّ شيء في إطار وقت ضيق. مدرسة جديدة، نظام جديد، وعشرات القوانين التي لم تكن موجودة في ذاكرتي التعليمية. واليوم ما الذي استجد؟ فكرت في الكتابة عن محاولتي لاستعادة حياتي التي اختطفها العمل. في البدء كان التخلص من القيلولة مؤلماً، كانت وسيلتي الوحيدة لاستعادة نشاطي لما تبقى من اليوم. واكتشفت –كالعادة- أنني استطيع فعل المزيد عند تجنبها. مشاهدة التلفزيون والجلوس مع العائلة، الخروج خلال أيام الأسبوع والمحافظة على حياة اجتماعية صحية. لقد تعرفت على قدراتي الجسدية الكامنة خلال رحلتي القصيرة لنيويورك. كنت استيقظ قبل الفجر، أتناول الفطور في السادسة والنص تقريباً وانطلق للمشي واستكشاف المدينة ولا أعود لمسكني حتى السابعة مساء للنوم من جديد، لم تكن القيلولة مهمة!

التغيير الثاني: تحضير الدروس بالكامل خلال نهاية الأسبوع وصنع خطة بديلة في حالة تعثر أداء الحصص أو فوجئت بتدني مستوى الطالبات وصعوبة الدروس التي أعددتها لهم. لم تعد مفاجآت الأسبوع متعبة، كل ما فعلته هو قراءة بعض النقاط والاستعداد للإلقاء في اليوم التالي.

التغيير الثالث: قررت تطبيق فكرة الـ 20% التي عملت بها شركة غووغل قبل سنوات. يسمح للموظفين باستخدام 20% من وقتهم خلال أيام العمل لمتابعة شغفهم والعمل على مشاريع تهمهم ويبتكرونها والتعلم كذلك. إحدى الأفكار العظيمة التي ولدت من الوقت المستقطع هذا: بريد جيميل الإلكتروني. غيرت في الفكرة لأعيد توزيع وقتي. أعمل يومياً لـ 8 ساعات، وأقضي 8 ساعات في النوم ليلاً، يبقى 8 ساعات في اليوم للخروج، لتناول الطعام، للرياضة، للجلوس مع العائلة ومشاهدة برامجي ومسلسلاتي المفضلة. 20% من الثمان ساعات = ساعة ونصف. ساعة ونصف خصصتها يومياً للعمل على شيء يهمني ويغذّي شغفي. عدت للقراءة بتركيز أكبر، مشاهدة مقاطع الفيديو التعليمية، واللحاق بما فاتني من مستجدات خارج نطاق عملي اليومي. بهذه الطريقة تخلصت من عقدة الشعور بالذنب تجاه نفسي والأشياء التي أحبها، أصبحت استقبل يوم العمل المنهك بطاقة أكبر ويقين أن ما بعد الثمان ساعات هذه رحلة ممتعة وشيء جيد أتطلع إليه.

الالتزام بهذه التقسيمة الجديدة للوقت ساعدني في المحافظة على جدول نوم ثابت، لأنني ببساطة لا استطيع التفريط بأي دقيقة. التغييرات أعلاه ساعدتني في الجلوس وكتابة التدوينة اليوم. فكروا في استخدامها واستمتعوا بالنتائج.

مخرج

أقرأ في مفكرة خوسيه ساراماغو واستوقفني المقطع التالي الذي ذكرني بشعوري تجاه مدونتي والكتابة: “مللت من الاستماع إلى نفسي. فما قد يبدو جديداً للآخرين قد تحول مع مرور الزمن إلى حساء أعيد تسخينه.” لكنه يعود ويقول شيء جميل “أعانق الكلمات التي كتبتها، أتمنى لها عمراً طويلاً، وأستأنف كتابتي من حيث توقفت.”

وهكذا سأفعل!

Once a teacher, always a teacher

هناك أشياء كثيرة في حياتك تعلم يقيناً بأنك لن تغادرها، ولن تغادرك. التعليم أحد هذه الأشياء في حياتي، أعمل به لفترات متقطعة وأتركه ثم أعود من جديد بشوق وحماس. أفكر مؤخراً: قد أكون تركت العمل المؤسسي في التعليم، لكنني لم اترك مهنة المعلمة في حياتي اليومية.

بعد أسبوع من اليوم أعود للتدريس، هذه المرة لن أكون أستاذة جامعية، سأدرّس في مدرسة ثانوية/متوسطة مواد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات– ICT” بمعنى آخر المقررات المرتبطة بالحاسب الآلي، تخصصي الأول. الجديد في تجربتي أن العمل سيكون في مدرسة دولية، والتدريس سيكون باللغة الانجليزية. أنا سعيدة جداً بهذه الخاصية، لأنني كنت أعاني مع المراجع العربية الشحيحة وأحتاج لترجمتها وتنسيقها لتقديمها للطالبات، الآن سأنقل المعلومة بشكل أسرع. من جهة أخرى، لست سعيدة بفقر المكتبة العربية في المراجع الاكاديمية المناسبة للدراسة، وأرجو من الله أن يهبني يوما ما وقت لترجمة وتحرير بعض من المراجع الجيدة التي استفدت منها.

كيف كانت أيامي الماضية؟

– استعدادات للتعرف على أجواء المدرسة، وترتيب معمل الحاسب، التعرف على طبيعة وطرق التحضير المعتمدة والجديدة كلياً علي. في التدريس الجامعي الموضوع أسهل قليلاً بالنسبة لي لأن القسم به أكثر من معيدة ومحاضرة يقدمن نفس المواد ونشترك سوية في تحضيرها. هذه المرة أدرس ثلاثة مراحل من الصف 8-10 وقد تتغير لاحقاً، لكن لكل مرحلة أهداف ومقرر ومهارات يحتاجون اتقانها.

– أحضّر لعطلتي بهدوء، كنت مهووسة بالتخطيط لها لفترة طويلة وما إن شُغلت بالعمل حتى نسيتها تماماً.

– بدأت بمشاهدة وثائقي ضخم عن مدينة نيويورك، مدته حوالي ١٨ ساعة ويقع في ٨ أجزاء. وجدت أغلبها في يوتوب لكن للأسف بعض منها مفقود وقد أبحث عن طريقة لمشاهدته. الوثائقي مثالي للمشي، لكن كل جزء منه مغري للجلوس وتسجيل الملاحظات، وتمنيت لو أجده مطبوعاً.

– انتهيت من قراءة رواية حكايات من ضيعة الأرامل ووقائع من أرض الرجاللجيمس كانيون، رواية زاهية وغرائبية تدور أحداثها في كولومبيا، أعادت لي شهيتي القرائية بقوّة وذكرتني بروايات ماركيز والواقعية السحرية التي أحببتها. سرد طويل وغني بالتفاصيل.

قرأت مقالة ملهمة للكاتب جيمي تود روبين الذي كتب يومياً بلا انقطاع لـ 373 يوماً، يسرد في المقالة تفاصيل تجربته وكيف استطاع المحافظة على هذه الدافعية والحماس، بكلمات أخرى: كيف صنع له روتين كتابي. وكان من بين ما ذكره هو تخطيطه المسبق ليومه وإذا كان يعلم بانشغاله خلال يوم ما، فإنه يجلس للكتابة في الصباح الباكر ولو لعدة دقائق، وهذا يساعد على تدفق حبره كل يوم. ملاحظة أخرى ذكرها أيضاً، إذا انحرف يومه عن مساره وتغيرت خططه، يحدث نفسه: عشر دقائق فقط! ويجلس للكتابة خلالها، فهو يكتب عادة 250 كلمة خلال هذه المدة، وعندما يكتب ينجز صفحة واحدة، صفحة واحدة لا يمكن تجاهلها فهي إضافة لما كتبه في اليوم السابق. النقطة الثالثة والأخيرة والتي تهمني بشكل أكبر، عندما يتعرض لحبسة الكاتب. صحيح تستطيع المحافظة على روتين كتابة يومي لكن ماذا يحدث اذا لم تجد ما تكتبه لمواصلة العمل على موضوعك؟ يشبه جيمي الموضوع بإخفاء الأوراق النقدية في جيوب محفظتك أو في مكان آخر لتفاجأ عندما تجدها وتستفيد منها عند الحاجة. عندما يصاب بالحبسة في موضوع معين، يعود لمواضيع أخرى وقصص خبئها لحين يجد الوقت لكتابتها، ويبحث فيها ويكتب. في نهاية اليوم سيكون منتجاً ويستعيد حماسته للكتابة من جديد.

– اقتنيت مذكرة التدريس الرائعة من متجر ايرين كوندرن، يتيح الموقع لكم تخصيص الغلاف وبعض المحتويات واضافتها حسب احتياجكم. والتفاصيل هنا.

.

.

.

أين تأكل هذا المساء؟

Picture by : Romano’s Macaroni Grill

أين تأكل هذا المساء؟

يبدو مدخل مستهلك للموضوع الذي سأدون عنه الليلة. قبل انتقالي لمدينة الرياض وخلال زياراتي المتعددة واقامتي المتقطعة كنت أحبّ استكشاف المطاعم والمقاهي مع قريباتي وصديقاتي. والآن وبعد أن أصبحت الإقامة دائمة أصبح شغفي بالموضوع أقلّ، ليس لأنها لا تقدم طعام لذيذ وجيد. بل لأنني أصبحت أحبّ الطهي وتجربة الوصفات والمذاقات بنفسي. ولكن، أحياناً لا أشعر بالرغبة في دخول المطبخ ولا حتى الذهاب للتسوق وتصبح الفكرة: “رفقة جيدة وطعام لذيذمهمة جدا. منذ أن بدأت محاولاتي في المحافظة لفترات طويلة على نظام غذاء نظيف أصبحت اختياراتي في الأكل خارج المنزل محدودة. ونمط حياتي المتسارع لا يسمح لي بالمغامرة حتى لو فكرتوتجربة أي مطعم وأي غذاءفي السبعة أشهر الماضية حصلت أماكن معدودة على اهتمامي، وتكررت زيارتي وتوصياتي لها كذلك.

للأسف هذه التدوينة سينتفع بها ساكني الرياض وزوارها، وددت لو أن خارطة تذوقي تمتد لمناطق أخرى وأفيدكم.

١مطعم فايرجريل Fire grill

يعدكم المطعم بغذاء طازج ومكونات مميزة. وعود المطاعم لا تغريني عادة حتى أقوم بتجربتها، والحق أن هذا المطعم ادهشني!

كنت أعتقد أن ألذ سلطة يمكنني تناولها هي تلك التي أعدها في المنزل لكن عندما قمت بتجربة السلطة بمكونات مثل الكينوا والربيان والبقول والدجاج في مرات أخرى عرفت أنّ هناك مكان سيتفوق علي حتى اتقن وصفتهم طبعاً.

ميزة المطعم أن الخيارات وتنوعها تحددها أنت بنفسك. مجموعة أطباق مكسيكية بالاضافة للسلطات، كيساديا، شوربة، بوريتو، فاهيتا. تختار الحشوة أو المكونات وتزيد نسبة الحدة والحرارة وتخلط كما يحلو لك!

وفي المطعم أيضاً مشروبات لذيذة ومنعشة ستحتاجونها حتماً في الصيف وشرابي المفضل: سوبر بيري مارغريتا بفاكهة الأساي الغنية بمضادات الأكسدة.

٢سوشي يوشي Sushi Yoshi

جربت السوشي لأول مرة في نهاية ٢٠١٤م. كانت تجربة حذرة في الحقيقة ولم أكررها حتى انتقلت للرياض هذا العام، جربت أماكن كثيرة أعجبني بعضها والبعض الآخر لم يكن سوى محاكاة حزينة للسوشي مع كثير من المايونيز!

سوشي يوشي في مفضلتي لأن الخيارات فيه كثيرة، وفيه أيضا جربت الانتقال للمرحلة المتقدمة من تناول السوشي، مذاقات مدهشة وغذاء صحي وغني بالتأكيد.

مفضلتي فيها من : نورويجان، برازيليان، كاليفورنيا رول، دايناميت رول.

مقبلات المطعم والأطباق الجانبية والحلوى لم تعجبني للأسف، ولا حتى الجلوس هناك فالمكان يعبق برائحة سمكية – وهذا طبيعي إلى حد ما، مناسب للطلب والذهاب للمنزل والغطس.

٣طوبقابي TopKapi

مكان هذا المطعم كان مطعم ايطالي نسيت اسمه للأسف. زرته أكثر من مرة وأحببت سلطة سيزر الدجاج.

الآن أصبح مكانه مطعم تركي أظنه والله أعلم سيكون مطعمي المفضل هنا، وسأكرر زيارتي له كلما استطعت. وكلما زارنا ضيف على المدينة صحبناه للمطعم. الاطباق تركية معدة بمهارة والخدمة ممتازة والأسعار لا تصدق!

احتجت للتأكد من طلبي في كل مرة لأطابق السعر وكميات الأكل التي وضعت على الطاولة.

اختياري من المشاوي دائما: كباب اضنة، كباب اسكندر، وأحب الخبز الطازج من الفرن والمقبلات الملونة التي تحتفل بك من أول لقمة.

٤رومانوز مكاروني غريل Romano’s Macaroni Grill

مطعم ايطالي بمذاقات منوّعة. افتتح في نهاية ٢٠١٤م وجديد نسبياً، ما زلت أدل سكان الرياض الاصليين عليه وهذا يشعرني بالسعادة. اكتشفته في غداء عمل ثم زرته مع عائلتي وأظن بأنني سأكرر الزيارة.

الجلوس فيه ممتع ولدي قائمة مفضلة مختصرة جداً لأنني لم أجرب كل شيء طبعاً لكن يمكنكم البدء بها.

باستطاعتي الذهاب كل يوم لمجرد تناول سلطة دجاج الفلورنتين والأورزو – لسان العصفور، وهي سلطة ملونة وشهية ووجبة مشبعة كذلك! طبق آخر أحببته الفطر المحشي بالثوم والتوابل والسبانخ وجبن الماعز الذي لن ترغب بمشاركته مع أحد حتى لو كان أمك.

القائمة طويلة وخيارات الأكل هناك متعبة أحيانا، مخبوزات ايطالية ومعجنات ومشاوي.

أما الحلوى فقد ذُهلت من حلوى الليمون وهي عبارة عن كعكة ليمون مع الكسترد والكريما.

أتمنى أن تكون هذه القائمة السريعة دليل جيد لمن يبحث عن اختيارات جديدة ومنوعة، الضغط على اسم المطعم سيأخذكم إلى صفحة الموقع لمزيد من التفاصيل.

أخبروني عن تجاربكم وعن اقتراحات لأجربها مستقبلاً : ).

.

.

.

.