كيف تكتب محتوى شيّق لموضوع ممل؟

.

كلمة مملّ كلمة كبيرة ويتفاوت أثرها من شخص لآخر، لكننا جميعًا نتفق أن قراءة موضوع ما قد تشعرنا بالملل. يحدث ذلك أكثر مما نتوقع، نمر على مدونات ومقالات وأحيانًا كتب لا نقطع فيها سوى عدة أسطر ثم نبدأ بالتثاؤب ونفقد الأمل في إكمالها.

قبل عدة أيام مررت بتغريدة نُشرت على حساب سرديولوجي” – وهو بالمناسبة حساب جميل للمهتمين بالتسويق السردي أو تسويق المحتوى -. كانت التغريدة رابط لموضوع يهم صُنّاع المحتوى على اختلاف اتجاهاتهم ونوعية المنصات التي ينشرون محتوياتهم عليها. الفكرة تقول: كيف تكتب نص شيق يجذب تفاعل القرّاء لموضوع ممل؟ ما هي المواضيع التي تصيبكم بالملل؟ تخيلوا كتب الدراسة مثلًا، النظريات العلمية المركبة، دروس اللغة ومعادلات الحساب.. والقائمة تطول. كون الموضوع ممل لا يعني أنّ كاتبه لا يشعر تجاهه بالشغف وهذا هو العنصر الذي يمكن للكاتب الانطلاق منه.

سأوجز في التدوينة نصائح أعجبتني وقد طبقت بعضها فيما مضى،وسأترجمها لكم بتصرف : )

١أعطه كلّ وقتك

إذا كان الموضوع ممل لك أو لا يستحوذ على اهتمامك، تميل إلى الكتابة فيه بنصف جهد للأسف-. يعرف ما أقصده كتاب المحتوى وكل كاتب يضطر للعمل على مشروع لا يثير شغفه لكنّه مرتبط بعقد عمل أو وظيفة تحتم عليه إنجازه. لكنني أوصيك بمقاومة هذا الشعور بكل قوتك، فالكاتب العظيم – كما يقال: يستطيع تحويل أكثر المواضيع مللًا إلى قصة مشوقة.

اعتمد طريقة جديدة للعمل وانظر للموضوع من زاوية – وزوايا – أخرى، اخلق روابط جديدة بين الأشياء وابتعد عن الجمل المستهلكة. مثلا: إذا كنت تكتب شرح لطريقة تنفيذ مهمّة، أو استخدام تطبيق تقني جديد حول الخطوات إلى شرح ممتع ومغامرة كتابية مميزة.

٢ما تكتبه يقدّم المساعدة بطرق لا تعلمها

المحتوى الذي عملت عليه وترى فيه الملل والجمود، لن يكون كذلك بالنسبة لشخص يحتاجه. أكتب عن طريقة تركيب الأثاث، أو عن كسور مختلفة في العظام وكيفية تطبيبها، عن ترتيبات السفر وعن صنع المخلل! سيصل من يحتاج هذه المعلومات إلى مدونتك أو حساب شركتك بمجرد استخدام الكلمات المفتاحية المناسبة. إحدى المتع الشخصية التي وجدتها مع التدوين، الاطلاع على صفحة الاحصائيات واستكشاف الكلمات المفتاحية التي استخدمها القراء للوصول إلى مدونتي. ومن جهة أخرى نعمل في مجال كتابة المحتوى المتخصص على استخدام كلمات مفتاحية تساعد العملاء في الوصول الأفضل لجمهورهم المستهدف.

طريقة أخرى لوصول أفضل ومتعة أكبر لدى القراء: تفكيك المواضيع وتبسيطها واستخدام التشبيهات وربط المفاهيم المعقدة بصور أبسط يمكن تطبيقها على حياتهم اليومية.

٣اذهب إلى الأعماق

إذا لم يكن تبسيط المواضيع واختزالها في تشبيهات سريعة يهمك، اذهب إلى الأعماق وتوجه بالمحتوى إلى وجهة أخرى. ربما كان الموضوع مملا لأنك تعاملت معه بشكل سطحي، لم ترجع لمصادر كافية أو لم يكن من اختصاصك في الأساس. الفكرة هنا أن تمضي كل الوقت للاحاطة بالتفاصيل، حتى لو تطلب ذلك قضاء وقت طويل في كتابة تدوينة ونشرها بشكل متسلسل.

٤أروِ قصة

يحبّ الناس القصص التي يمكن أن يتعلقوا بها. الحقائق مفيدة هذا صحيح، لكن بدون قصة ممتعة تدعم هذه الحقائق لن تنجح في شدّ انتباه القارئ واهتمامه. تذكرون أجزاء كتابة القصة التي تعلمناها في المدرسة؟ يمكن استخدامها بالشكل التالي:

مقدمة: استخدم عناوين جذابة تشد القارئ لاكمال التدوينة، ثم قدّم للموضوع بشرح الفكرة وانطلق.

تصاعد الأحداث والذروة: أدرج كل المعلومات المفيدة التي يحتاجها القارئ منك، وزوده بالروابط والصور.

الحل: اقفال الموضوع مع النتيجة أو المحصلة النهائية. يمكن في هذه المرحلة إدراج روابط لقراءات إضافية، أو دعوة القارئ للمشاركة في النقاش أو نشر الرابط.

٥استخدم الوسائط المختلفة

بكل أشكالها، صور فيديو صوت رسومات، ومؤخرًا أصبح الانفوجرافيك مهمّ جدًا لشرح المفاهيم المعقدة. وحاول دائما صناعة محتوى الوسائط بنفسك.

٦اختصر!

إذا كتبت في موضوع تخشى أن يصيب القراء بالملل، اختصر قدر الإمكان. يفقد القارئ اهتمامه حتى لو كان يحتاج للمحتوى الذي كتبته. ولو شعرت بأن تدوينة واحدة أو عدة تغريدات غير كافية، قسّم المحتوى إلى مراحل وحلقات متسلسلة.

مخرج

ما هو أكثر موضوع تحبون القراءة فيه لكن لا تجدون له مصادر ممتعة؟

.

.

.

مساحتي المقدّسة

.

.

صباح الخميس وخلال رحلتنا اليومية للعمل وضعت موضي أختيجدول سريع لنهاية الأسبوع مكوّن من مشاهدات لمسلسلات أسبوعية والكثير من الراحة. كانت تعليماتها واضحة ومحددة بالوقت. بعد صمت قصير ضحكت مطولًا على الوضع الذي وصلنا إليه، أصبحت نهاية الأسبوع مساحة مقدسة كل قطعة منها تحتاج لتخطيط واهتمام ولا يمكن بأي حال من الأحوال التفريط فيها. كيف أصبحت نهاية الأسبوع مساحة خالية من العمل والارتبطات المرهقة؟

لم تكن المهمّة سهلة بالتأكيد ولكن بشكل عام اتبعنا مجموعة من النصائح الجميلة التي توصلنا إليها بالتجربة والخطأ.

أولا: لا تفكروا في نهاية الأسبوع بهلع.

كنا فيما مضى نذكر أنفسنا بعدد الساعات الباقية من العطلة، متى سينتهي يوم السبت، متى نضبط المنبّه من جديد لصباح الأحد وغيرها من مشاعر التوتر التي لو استبعدناها سنصبح بحالٍ أفضل بالتأكيد. والمشكلة هنا ليست في أننا نكره عملنا أو العودة إليه ومسؤولياته، بل إننا كنا فقط نريد إطالة وقت الراحة والاستجمام.

ثانيًا: اصنعوا تقليدًا محببًا.

شيء يتكرر كل أسبوع، يوم الخميس بعد العمل مشاهدات متنوعة، ووجبة معدّة خارج المنزل – غالبًا سوشي أو أي وجبة يصعب علينا إعدادها-. النشاط المشترك بيني وبين أختي صنع تقليد عائلي جديد مرتبط بنهاية يوم العمل واستقبال العطلة، وغالبًا لا يتعارض مع بقية نشاطاتنا. يوم الجمعة لبقية العائلة، للقاء الصديقات مساءً، أو لممارسة الأنشطة الفردية كالقراءة والكتابة أو مشاهدة الوثائقيات في حالتي.

ثالثًا: أنجزوا الأعمال الروتينية خلال الأسبوع

تسوق للمنزل، تنظيف الغرفة، فرز الملابس وغسيلها، مواعيد المستشفى، تجهيز الوجبات .. إلخ. كل هذه الأعمال الروتينية تحتاج جهد ووقت خلال يومي العطلة، أصبحنا ننجزها بعد ساعات العمل خلال الأسبوع، لا نعود للمنزل حتى لا نصاب بالكسل ونخرج من أعمالنا إلى مهامنا الروتينية وننجزها.

رابعًا: حافظوا على موعد نوم ثابت خلال الأسبوع

ولا تأخروا المنبه صباحًا! مع مرور الوقت أصبح موعد نومي حتى في نهاية الأسبوع ثابت، والاستيقاظ بين ٨٩ صباحا منعش ويعطي امتداد عجائبي ليومكم.

خامسًا: جهزوا كلّ شيء لصباح الأحد

الملابس، أول مهام صباحية في العمل، الإفطار – على الأقل فكروا فيه – وانتهوا من حمام الصباح من الليلة السابقة لتوفير الوقت. نعرف أن يوم الأحد سيأتي ولكنّ طبيعة الإنسان دائما يتفاجأ من الأشياء التي لا يمضي وقتًا في الإعداد لها.

سادسًا: التنويع في الترفيه لا يضر

لا أكفّ عن اكتشاف طرق جديدة للترفيه في مدينتي، حتى لو كان ذلك يعني مقابلة أشخاص مختلفين كلّ أسبوع وزيارة أماكن جديدة.

سابعًا: الراحة أولًا

لا يمكننا التنبؤ بأيام الأسبوع المقبل، قد تكون دوامة من الأعمال المفاجئة أو المهام الجديدة التي تحتاج لصبر وتمرين وأسوأ ما قد يحدث هو استقبال العمل براحة ناقصة ونوم مضطرب، الفكرة هي: تجنب الاسراف في السّهر وصناعة الفوضى في نهاية أسبوعكم.

.

.

.

قطّة مكتئبة وأسبوع منتج

screen-shot-2016-10-16-at-11-17-25-pm

 

(أ)

السبت ١٥ أكتوبر

انتهيت في الساعة التاسعة من العشاء وإعداد وجبات الأسبوع ورتبت غرفتي ولا يوجد لدي أي مهامّ معلقة – على الأقل حتى صباح الغد، ويحدث أن يثير كل هذا قلقي لأنني لم أعتد الحالة المنتجة هذه منذ شهور. كل ما فعلته هو تخطي حالة فوضى النوم التي تلي السفر، وأنجزت كلّ أعمالي المعلقة والجديدة بنهاية دوام يوم الخميس. في تلك الليلة اجتمعت وقريباتي وقضينا المساء بطوله في الحديث عن ما يجعل عائلتنا خاصة وممتعة جدًا.  نهاية الأسبوع شاهدت وثائقي عن حفلة شاه إيران التي أنهت عهده، وقرأت مقالة ممتعة عن العادات المالية الذكية وأخرى عن تجاوز مطبّ إبداعي، ونويت تطبيق هذه الوصفات خلال فصل الشتاء. اليوم أيضًا أخذت قطتي للبيطري فقد كانت تعاني من بثور غريبة سببت لها الحكة على مدى الأسبوع الماضي وحاولت تطبيبها بعدة طرق بلا فائدة. كان في ذهني تشخيص أوليّ: الاكتئاب! لكن زيارة العيادة كانت ضرورية. خشيت عليها من الفطريات الشرسة مع إنني حريصة على نظافتها ونظافة محيطها ولم يسبق لي أن واجهت معها مشكلة بهذا الخصوص. وضعها الطبيب على طاولة الفحص وتظاهرت أمامه بالوداعة – تثير حنقي عندما تفعل ذلك أمام الغرباء – سلط الضوء الخاص على بثورها وقال: لا فطريات.  ربّما كانت مضغوطة، قالها هكذا: She might be stressed. لم أتردد في إبلاغه بشكوكي، وأن الحالة هذه تكررت العام الماضي بعد سفري، وقبلها عند انتقالنا من مدينة لأخرى. نعم القطط تكتئب وتصاب بالضغوط وتحزن، وهذه طريقتها في التعبير. وصف لي كريم موضعي وسيكون كلّ شيء على ما يرام.

(ب)

شاهدت خلال الفترة الماضية مسلسل ڤيكتورياالذي أنتجته شاشة ال itv، ومن اسمه يتضح موضوعه فهو يستعرض حياة الملكة البريطانية وتفاصيلها الحميمة. انتهى الموسم الأول منه وسط دهشتي فقط مضى سريعًا ولم أشعر بذلكأحبّ الإنتاجات التلفزيونية والسينمائيةالمبنية على قصص حقيقية أو تاريخية، وفي كلّ مرة أعتقد بأنّ خيالي يبني الصورة الكاملة تأتي هذه الأعمال وتدهشني.  والحديث عن ڤيكتوريا والقصص الحقيقية يأخذني إلى مسلسل آخر بعيد عن الصور الوادعة لحياة ملكة تخطو نحو عرشها، ويشترك مع ڤيكتوريا في تفاصيل البذخ! إني أحدثكم عن ناركوسالمسلسل الذي يروي قصة قيصر الكوكايين پابلو إسكوبار. حاولت تجاهل المسلسل بسبب كل الضجة والأضواء والأصوات المرتفعة حوله لكنني سقطت في الفخّ وأدهشني. يهمني أن أنوّه بأنه لا يناسب الجميع وفيه مشاهد مؤذية وغير ملاءمة لمن هم دون ١٨.

(ج)

منتجات من iherb.com أحبها حاليًا:

(د)

كتبت لي آمنة – طالبة وموظفةتسألني عن مصادر تنظم بها وقتها بحيث تصل إلى أعلى قدر من الإنتاجية. لا يوجد حلّ وحيد وناجح وسحري يا آمنة، تمنيت أني وجدت هذا الحلّ أو المصدر الوحيد الذي يمكنني القول بأنه خلاصنا. لكن الخبر الجيّد هو إنه فيه عشرات الطرق التي يمكنك اختيار ما يناسبك منهااليوم كنت أفكر في فترة من حياتي حافظت على يوم قبل نهاية الأسبوع ويوم بعده بدون أعمال أو مهام، كنت فقط إما أتابع إنجاز، أو أعدل على مشروع وأقضيها في التأمل والعبور الهادئ إلى الأسبوع الجديد. تلك الفترة كانت أكثر فترة منظمة في حياتي، وأكثرها إنتاجية بطبيعة الحال. حاليًا أعمل من يوم لآخر باستخدام تقسيم الوقت إلى حصص، روتين يشبه أيام المدرسة وهو الذي يناسبني جدًا. بحيث لا تطغى حصة على أخرى. تخيلوا معي مدرّسة الرياضيات تدخل لتشرح معادلة من الدرجة الثانية بينما مدرّسة اللغة العربية تشرح إعراب معقد على الطرف الآخر من السبورة. ما هي النتيجة يا ترى؟ فوضى عارمة. ولا واحدة منهن ستنجح في إيصال فكرة ولا نحنُ سنصل إلى فهم كامل. نفس الشيء يحدث مع المهام اليومية. أصبحت أتوقف عن العمل عند تناول الطعام كي أركز على مهمة واحدة واستمتع. إذا عدت للمنزل أمارس الأنشطة التي أحبها وأتوقف عن العمل تماما إلا عند الضرورة القصوى. فيما مضى كنت أتكلّ على العمل في المنزل وتضيع ساعات النهار في المكتب وأنا أقفز من مهمة إلى أخرى بحجة أن لدي الوقت لإكمالها عند عودتي، ما يحدث هو .. نعم حزرتوا: فوضى عارمة. مع تقسيم الوقت إلى حصص، أنجز سريعًا الرسائل الإلكترونية صباحًا وقبل خروجي للمكتب كي أصل لأبدأ بمهامي وأترك إجابة الرسائل لما بعد ساعة أو ساعتين – مثلا-. مع التقسيم الجديد أصبح هناك وقت لقهوة المساء مع عائلتي، والقراءة ومشاهدة مسلسل أو فيلم والنوم باكرًا. كنت فيما مضى أعتمد على التخطيط الكتابي والتذكير الالكتروني في بريدي للردّ على الرسائل أو متابعة المهامّ، أحيانا كل هذا لا ينجح. لذلك، قمت بالتحول لاستخدام المنبّه في هاتفي وتخصيص كل منبه لعمل معين: استعدي للمنزل، اكتبي المحتوى س، أرسلي البريد ص، وقت للقراءة، استعدي للنوم.. إلخ. وكل فترة أغير محتويات المنبّه بحسب الأنشطة.  هذه التدوينات المتعلقة بتكوين روتين ناجح وأدوات تحسن الإنتاجية ستكون مفيدة لك:

لماذا تختلف إنتاجيتنا؟

مراجعة كتاب: Manage your day-to-day

(هـ)

في ٢٠١٤م، هذا الوقت بالتحديد كان وقت البحث عن عمل تمهيدًا للانتقال لمدينة الرياض. كانت أيام محمومة ومليئة بالمفاجآت. اليوم وأنا في طريقي إلى المنزل تأملت هذه المدينة البحروكيف أننا أصبحنا أصدقاء .. أخيرًا.

.

.

.

٣٣: السنة العائمة

.
.

هذه محاولة جادّة للعودة إلى التدوين هنا. مضت عدة أشهر ووصلت لمرحلة مضحكة من ترقب عودة الكتابة، أفتح المدوّنة لأفاجئ نفسي؛ انتظر أيّ شيء مغري للكتابةقبل يومين احتفلت بعيدي الـ٣٤، احتفالية عجائبية إذ توافق التاريخ بزواج أصدقائي، العروس والعريس رفاق مكان عملي الأول في مدينة الرّياض، وأصبحا لاحقًا جزء من الوجه الجميل للمدينة. سأسمّي الفترة بين أكتوبر ٢٠١٥ – أكتوبر ٢٠١٦م السنة العائمة، هذا أكثر وصف صادق لما مررت به من الشهر العاشر العام الماضي واليوم. غادرت وظيفة كانت مثل الوحش الجاثم على صدري، نلت كفايتي من الراحة وانطلقت للعمل في ثلاث جهات بمهامّ وأفكار مختلفة، أطفو على السطح لا أشعر بعمق الأشياء كما يجب لكنني كنت بشكل عام سعيدة ومكتفية وراضيةأن تقطع أيامك عائمًا يعني أن تفكر في شيء وحيد أحيانًا وهو: النجاة. نجوت بنفسي مرات عديدة، من الكسل ومن الضجر ومن أي ثقب حاول ابتلاعي في الطريق.

أقول لنفسي بأنني لا أتغير لكنني أفعل، وكيف اكتشف ذلك؟ فكرة صغيرة راودني الشكّ تجاه التزامي بها. في نهاية كلّ شهر أجلس للإجابة على عدة أسئلة الهدف منها تقييم أدائي أمام نفسي ونفسي فقط. كان هناك سؤال محبّب انتظر نهاية الشهر لأجيب عليه: ماذا تعلّمت هذا الشهر؟ بسيط وواضح. تعلّمت أن أعوم، تعلمت ألا أغرقأقيس نجاحاتي برضا العملاء ونسبة إنجازي لمهامّ العمل، تغير كلّ شيء، كنت أقيس نجاحي بعدد التدوينات التي أنشرها هنا، أو الكتب التي أتمّ قراءتها قبل أن احملها يائسة إلى المكتبة. أكتب لأعمل لأحظى بنهاية أسبوع ممتعة، ولأجيب على أسئلة نهاية الشهر بفخر.

قبل شهر ذهبت في رحلتي السنوية لنيويورك لكن هذه المرة اختلف الأمر، أقول دائمًا أنّ تجربة السفر وحيدًا تقرّبك من نفسك بشكل مدهش. والآن أقول أن السفر مع طفلة بعمر الخامسة عشرة تصنع منك بطلكيف ترفّه عن شخص يصغرك بعشرين عام دون أن يقتل أحدكما الآخر من الضجر؟ كيف تغير خطة عطلة كاملة لتتناسب مع مزاجه ومع ملاءمة الأشياء له، قررت العوم من جديد والاستفادة من السفر للاسترخاء وترك خططي الشخصية على الانتظار. بدأت بتهيئة نفسي قبل موعد السفر بشهر تقريبًا، رفقتي الصعبة كما تخيلت تحتاج تفهّم وانتباه. طلبت منها البحث عن أماكن تشدّ انتباهها وتصنع قائمة بها. استقبلت الخبر بسعادة ووجدت للصيف معنى أخيرًا. تذكرت الآن وأنا أكتب بأنني اصطحبتها للعمل معي عدة مرّات وطلبت منها إنجاز بعض المهام التي تفخر بها حتى اليوم. هل كنتُ أعدّ نفسي للوقت الذي سنقضيه معًا؟ جاء سپتمبر وفاجأت نفسي بقدرتي على إنجاز المهامّ المستحيلة قبل سفري بعدة ساعات، وتعرضت قدمي لإصابة خشيت أن تمنعني من السفر قبل الرحلة بست ساعات. آمنت بأن هذه الإصابة قد تكون القوة الخفية التي ترغمني على الراحة، وكان أول أسبوع من السفر مزيج من الآلام والتطبيب والحسرة وأنا أنظر لشوارع المدينة من الطابق ١٧، تمدّ لي لسانها، كنتِ تخططين لرحلة مشي هاه؟ الخطّ الزمني للرحلة كما أراه اليوم: إصابة، استعادة القدرة على المشي بلا ألم، اجتماع الأخوات بعد سنة، الكثير من السمك، ومسرح وسينما وموسيقى، القهوة والورق. الفكرة كانت الاستمتاع بكلّ لذائذ الحياة المتاحة وبأقصى درجات التركيز والاهتمام.  لو كان فيه لوح عظيم أجمع فيه نجمات الحياة لكلّ شيء مميز يمر بي، سيكون لهذه الرحلة النصيب الأكبر في المرات الأولىحضرت عرض مسرحي موسيقي على برودواي للمرة الأولى وهذه هي زيارتي الخامسة لنيويورك. كانت المسرحية الكوميدية عازف الكمان على السقفالمسرحية تحكي قصة قرية صغيرة يسكنها اليهود في أوكرانيا وتدور أحداثها حول التقاليد والحياة الريفية والتحولات التي يمرّ بها العالم بحجمه الصغير داخل القرية والعالم أجمع.  تجربة جديدة أخرى كانت مع مشاهدة فيلم سينمائي بينما تعزف أوركسترا نيويورك الفيلاهارمونية موسيقاه التصويرية على الهواء مباشرة! الفيلم الأول كان قصة الحي الغربيالتي وضع موسيقاها ليونارد بيرنستين. قصة الفيلم لم تكن جديدة فقد حضرت عرض مسرحي موسيقي خارج برودواي في دبي ٢٠١١م. رافقتني حصّة لحضور العرض وكانت المرة الأولى التي تشاهد فيها أوركسترا حيّة. التفتت باتجاهي وعبرت عن مشاعرها بعد مضي أسبوعين من وصولنا: شكرًا هيفا. شعرت بانتصار! إنها المرة الأولى التي تشكرني فيها، إذا استثنينا اللحظة التي سبقت غفوتها ذات ليلة وكانت تقول بانفعال بأنها لا تريد شيء من هذه المدينة، ولا تطمح لأي شيء سوى المشي معي لساعات وبلا هدف. تريد رؤية نيويورك التي أحبها كما رأيتها. لا أنكر بأنني حظيت بكثير من اللحظات الخاصة لنفسي، مشيت وتأملت، وقرأت، والتقيت بصديقي القديم مايكل سايدنبرغ صاحب المكتبة السرية في منهاتن. العام الماضي تواصلت معه خلال زيارتي للمدينة ولم يصلني منه ردّ حتى يوم عودتي وكان مقتضب ومحبط قليلًا: المكان القديم لم يعد هنا، والجديد لم يجهز بعد. كنت أتوقع هذه اللحظة فقد حدثني في ٢٠١٤م عن مشكلة الايجار والمبنى الذي تحاول إحدى ساكناته إخراجه منه.  هذا العام وصلت وانتظرت حتى نهاية الأسبوع الأول من وصولي، وغرقي في سلسلة من المزاجات السيئة، حتى وصلتني رسالته المبهجة: نستقبلك في مكاننا الجديد، وندعوك لقضاء أمسية السبت معنا. ذهبت لتجربة جديدة، الجلوس والحديث وترك شراء الكتب جانبًا – اشتريت ثلاثة كتب في النهايةتعرفت على وجوه جديدة ومتميزة تتحدث بتواضع عن قصص مدهشة.

كان هناك بيل فقدت اسمه الأخير من ذاكرتيمعدّ ومنتج لوثائقيات من كاليفورنيا. وسط صمت المكان اللحظي التقطت اسم ماركيز وتحولت كلّي إلى برج مراقبة انتظر أن ينتهي من حديثه مع إحدى الزائرات لأطرح سؤالي الأهم: ماركيز؟ غابرييل غارسيا ماركيز؟ قال نعم وتحولت الأمسية إلى غيمة حملتني فوق سماء منهاتن. تحدث بيل عن لقاءه بالمايسترو وحضوره لورشة كتابة السيناريو التي أقامها في ٢٠١٣م. تحسون بهذه المشاعر؟ عندما يحدثكم شخص عن تجربة عظيمة وتتأثر كل خلاياكم من الحماسة؟ لم يكن بيل وحده المدهش هناك، كانت سيمونا اللطيفة أستاذة جديدة في كلية بكوينز وأعطيتها نصائحي القليلة والذهبية لما يجب فعله لتفادي موت روحك من التدريسصارحني مايكل تلك الليلة بأنّ التدوينة التي كتبتها قبل سنوات عن مكتبته السرية أوصلته وعشرات المهتمين من جزء الكرة الشرقي، تمنيت لو أنه يحتفظ بسجل تواقيع للمكتبة، وسعدت أيضًا وهو يحكي لبقية الزوار تلك الليلة عن المدونة السعودية التي أطلقت سيلًا من الاستفسارات والرسائل.  

حضرت عرض موسيقي آخر مع نيويورك فيلاهارمونيك، هذه المرة كان الأمر مدهش لأن الفيلم منهاتنيحوي واحدة من أحبّ المقطوعات الموسيقية لدي “Rhapsody in Blueلـ جورج غيرشوين. بالإضافة إلى أنّه من أجمل أفلام وودي آلن التي أجلت مشاهدتها.

المحافظة على رأسي فوق الماء يعني عدم الالتفات للمنغصات اليومية الصغيرة التي واجهتني خلال عطلتي، يعني أيضًا عدم التردد واتخاذ القرارت بسرعة. كل مرّة أعود من رحلة سفر أو إجازة ممتعة أحصى تجاربي المعنوية وأحتضنها، المقتنيات المادية دائمًا تأخذ مكانها في المقعد الخلفي ويكفي أن تكون محببة جدًا وقريبة لتذكرني بعطلتي السابقة وتملأني بالحماس لما هو قادم. جلست للكتابة عن مشاعري حول عيدي الرابع والثلاثين وتذكرت بأنني لم أحدثكم عن رحلتي حتى الآن وهكذا وُلدت تدوينة.

.

.

.

.

قصيدة شوق للوسادة

sleeping

.

.

قراءتك لهذه التدوينة تعني اهتمامك بمشكلة فوضى النوم ورغبتك الحقيقية في التغلّب عليها.

مضى على انتهاء شهر رمضان وأيام العيد حوالي ١٤ يوم. عدنا للعمل وممارسة حياتنا الطبيعية لكن للأسف لم تعد جداول نومنا لانضباطها. أسميه كما يسميه الكثيرون غيري جتلاغ رمضان، لكننا هذه المرة لم نسافر لمسافات وساعات طويلة بل أسرفنا في السهر!

في البداية ظننت بأنني انتصرت، لكن ما إن مضت عدة أيام على عودتي للعمل حتى انزلقت من جديد في دوامة أرق، وقيلولات السابعة مساء المأساوية، وسهر مبالغ فيه حتى ما بعد الفجر. اختلت انتاجيتي، وتدمرت مزاجاتي.

لكن الحمد لله، الآن ومنذ بداية الأسبوع – تقريبًاتخلصت من كل ذلك، وسأشارككم هنا نصائحي المجرّبة لاستعادة حياتكم ونومكم.

١لا لتأجيل الاستيقاظ، المنبّه يرن في السابعة والنصف؟ استيقظوا من المرة الأولى. سيبدو ذلك مؤلمًا ومستحيلا في بعض الأيام لكن صدقوني ما إن تتجاوزوا حدود السرير حتى يصبح كل شيء أسهل“.

٢تناولوا الفطور قبل خروجكم من المنزل. نعرف بقية القصّة إذا لم تفعلوا ذلك: تصلون للمكتب وتتناولون أول شيء أمامكم أو تغرقون في أباريق القهوة حتى ساعة الغداء. والنشاط الذي ستجدونه من الكافيين مؤقت وقابل للزوال سريعًا.

٣التعرض للضوء والأجواء والأصوات خلال ساعة من الاستيقاظ سينسيكم أمر العودة للسرير.

٤تأخير كوب القهوة الأول حتى العاشرة صباحًا أفادني كثيرًا. جرّبوها.

٥ابدأ بالمهام الأصعب أولًا، لأنني أخشى النعاس يداهمني في منتصف اليوم ويصبح الوضع خلال العمل يشبه الحلم ولا أذكر منه شيء في الغدّ.

٦جرعة الكافيين تعمل في منتصف اليوم تقريبًا. والعمل مستمر. أحاول في هذه الفترة التحرك في المكتب والوقوف عند مكاتب الزميلات والحديث معهم قليلًا – لا أتجاوز دقيقة أو دقيقتين كي لا أدمر انتاجيتهم –

٧إذا كنت محظوظة فسلسلة المهامّ تستمر كي لا أركن للهدوء وأغفو، إذا لم تجد ما تفعله بادر بمساعدة الآخرين، وتناول غداء خفيف (شابورة مثلًا، أو تونة وخضروات) الغداء الثقيل سيحملك إلى نفق أرنب أليس.

٨تقول نصيحة قرأتها: توقف عن شرب الكافيين من ٥١٠ ساعات قبل موعد نومك. الساعة ٣ عصرًا وبقي ساعتين على انتهاء ساعات العمل. أشرب كوب قهوة سوداء أو كوب شاي.

٩إليكم سرّ خطير: لا تذهبوا إلى المنزل مباشرة! كل يوم أجد لي مشروع مختلف، أتسوق، أذهب للمكتبة، أزور صديقة أو أقاربي وهكذا يصبح وقت مشاهدتي للسرير متأخرًا.

١٠كتبت عن خطة ١٠٣٢١٠ في مدونتي (هنا) وقلت بأنني سأقوم بتجربتها خلال شهر إبريل، لم أنجح! لكن فكرتها العظيمة أعادتني إليها لاستخدامها في تعديل ساعات النوم وفوضاها.

١١قرأت في عدة مقالات آراء للمختصين الذين ينصحونك بعدم مقاومة الأرق، أو الاستيقاظ المفاجئ في منتصف الليل والاكتفاء بساعات قليلة من النوم. لكن وجدت أنني كلما أخرت وقت النوم حتى أصل نقطة وسط بين وقت النوم الطبيعي (أفضّل النوم في ١١ مساء) لذلك خلال الأيام الماضية تدرجت من الرابعة صباحًا حتى الواحدة، وقريبًا سأقترب من وقتي المثالي.

١٢نسيت نقطة مهمّة: مارسوا الرياضة أو شاهدوا مسلسل أو فيلم خلال الساعات بين ٧١٠ مساء وقاوموا بضراوة الغفوة القصيرة المخادعة.

١٣إذا لم تفدكم هذه الأفكار جرّبوا البحث عن حلول التخلص من أعراض الرحلات الطويلة، قد تكون جيدة. وتذكروا دائمًا أن التوتر والتركيز على المشكلة يجعل التخلص منها أصعب.

١٤كتبت هنا تدوينة عن النوم: معركة الانسانية الجديدة” 

ارتدي ساعة فتبت التي تراقب أدائي الحركي ونومي، سعيدة بالتحسن الواضح وازدياد ساعات نومي وأتمنى أن امتلك السيطرة التامة خاصة وأن عطلتي السنوية تقترب وأريد أن أحظى بكل النشاط والطاقة في استقبالها

.

.

لديكم نصائح أخرى؟

شاركوني في التعليقات : )

.

.

.

.