“استيقظ في الثامنة صباحاً، أتمرّن قليلاً، ثم أبدأ العمل بلا توقف من التاسعة حتى الواحدة بعد الظهر.” سترافنسكي متحدثاً إلى صحفي في 1924م. بشكل عام كانت تلك الثلاث ساعات أقصى ما يمكنه عمله يومياً. بالإضافة إلى ذلك كان يقضي يومه في كتابة الرسائل، نسخ النصوص الموسيقية، ويتدرّب على البيانو. إذا لم يكن سترافنسكي في رحلة فنية، فإنه سيعمل كل يوم على موسيقاه، بوجود الإلهام وعدم وجوده. كان يتطلب العزلة ونوافذ مسدلة الستائر قبل البدء. يقول سترافنسكي بأنه لم يتمكن أبدأ من العمل على موسيقاه حتى يتأكد أن أحداً لن يسمعه. إذا شعر إيغور بأنه عالق، يسترخي قليلاً ويريح رأسه.
التصنيف: موزيك
الحلقة 17: بيوتر تشايكوفسكي
في العام 1885م استأجر تشايكوفسكي كوخاً في مايدانوفو. قرية صغيرة في منطقة كلين شمال غرب موسكو. بعد سنوات من التنقل والقلق عبر روسيا وأوروبا، وجد المؤلف في عامه الخامس والأربعين حياة جديدة يحبها. “يا لها من بهجة أن يكون لدي منزل” كتب لراعيته “يا لها من نعمة أن تعرف أحداً لن يقاطع عملك، قراءتك، ومشيك.” سيعيش بيوتر في ذلك الكوخ ما تبقى من حياته. بعد وصوله بقليل بدأ تشايكوفسكي روتينه اليومي وتبعه كلما كان في المنزل، يصحو بين السابعة والثامنة صباحاً، ويعطي لنفسه ساعة لشرب الشاي والقراءة من الإنجيل أولا ثم كتاب آخر في فلسفة سبينوزا أو شوبنهاور. ثم يخرج للمشي لخمسة وأربعين دقيقة. في التاسعة والنصف يجلس للعمل على البيانو بعد الانتهاء من أعماله المنزلية والرد على البريد.
عند الظهر تماماً يتوقف لتناول الغداء الذي يستمتع به دائماً. بعد الغداء يخرج لرحلة المشي الثانية مهما كانت حالة الطقس في الخارج. يروي أخوه عنه أنّه اكتشف مع الزمن أن الرجل يحتاج للمشي ساعتين يومياً للحفاظ على صحّته. وكان يتعامل مع حبّه للمشي باهتمام شديد يصل لدرجة الهوس، كان يظن أنه لو قصر مدة المشي اليومية سيصاب بمرض أو ستتأثر صحته.
هوس تشايكوفسكي بالمشي لم يأتِ من فراغ، يمكن تبرير ذلك برغبته في البحث عن إلهام لإبداعاته. كان يقف عادة ليسجل أفكاره ثم يعزفها لاحقاً على البيانو. بعد المشي يشرب الشاي من جديد ويقرأ جريدته أو المجلات التاريخية لساعة. ثم يعمل من جديد عند الخامسة ولمدة ساعتين. يتناول العشاء عند الثامنة ليلاً. وبعد ذلك إذا كان لديه ضيوف يلعب تشايكوفسكي الورق معهم وإذا كان وحيداً يقرأ قليلاً ثم يعزف على البيانو.
الحلقة 14: فرانز شوبرت
وفقاً لأحد أصدقاء طفولته كان شوبرت يبدأ الكتابة في السادسة صباحاً ويستمر حتى الواحدة بعد الظهر، ويدخن غليوناً بعد آخر خلال ذلك. فترة ما بعد الظهر كانت أهدأ بالنسبة للموسيقي النمساوي، نادراً ما كان يعمل بعد الظهر. وجبة الغداء يتبعها التوقف عن العمل والخروج لبيت القهوة وشرب القليل من القهوة السوداء والتدخين وقراءة الجريدة. في عصاري الصيف كان يقضي وقته في المشي في المناطق الريفية خارج فيينا، ثم يستمتع بشرب كأس من البيرة أو النبيذ مع الأصدقاء. كان يتحاشى تقديم دروس البيانو على الرغم من أنه كان بحاجة للدعم المادّي، إلا أنّ هذا الدعم أصبح يأتيه من بعض أصدقاءه.
الحلقة 12: جورج غيرشوين
اعتاد غيرشوين العمل لــ12 ساعة أو أكثر يومياً. يبدأ يومه بتناول الإفطار المكون من البيض، الخبز المحمص، القهوة وعصير البرتقال. ثمّ يبدأ فوراً بالتأليف جالساً على البيانو في رداء النوم وخفّيه. يأخذ وقتاً مستقطعاً في منتصف الظهيرة لتناول الغداء، ويذهب للمشي بعد الظهر. أما وجبة العشاء فيتناولها في الثامنة مساءا.
إذا كانت لديه حفلة مسائية يعود بعد منتصف الليل ويتابع العمل حتى الفجر. لم يكن يعترف بانتظار الإلهام ويقول أنه لو انتظر حلوله لن يكتب سوى ثلاث أغنيات سنوياً. كان من الأفضل له أن يعمل يومياً فكاتب الأغنيات يجب أن يتدرب دائما.
الحلقة الثانية: فريدريك شوبان
خلال علاقته بالروائية الفرنسية جورج ساند – كانت لوسيل دوبان تستخدم هذا الاسم الحركي-كان فريدريك شوبان يقضي غالبية الصيف في منزلها الريفي في “نوهانت” وسط فرنسا. كان يحبّ المدن ويصبح ضجراً مزاجياً في الريف، لكن قلة الانقطاعات والملهيات ساعدته في تأليفه الموسيقي هناك. في كثير من الأيام يستيقظ متأخراً ويتناول فطوره في الفراش، ثم ينصرف للتأليف. يتخلل وقته فاصل يقضيه في تعليم سولانج ابنة الروائية العزف على البيانو. عند السادسة مساءا يجتمع المنزل لتناول العشاء الذي يقدم عادة في الخارج، يتبعه الموسيقى والاحاديث والترفية. بعد كلّ ذلك يذهب شوبان للنوم وتذهب ساند لطاولة الكتابة. في المنزل الريفي كانت مسؤوليات شوبان معدودة إلا أنّ عملية التأليف لم تكن بالمهمة السهلة. كتبت ساند عن عاداته:
“كانت إبداعاته عفوية وعجائبية. يجدها بلا بحث أو تتبع، تزوره فجأة. كاملة ورفيعة يغنّيها في رأسه وهو سائر فيفقد صبره ليعود للبدء ويبدأ العمل المضني. كان عمله مجموعة من المحاولات والتجارب حتى يصل للثيمة التي سمعها في رأسه. يحلل كثيراً ويدقق ويبحث ويكتب مرّة بعد مرّة وفشله في الوصول للصيغة المثالية كان يقوده لليأس. يغلق باب غرفته لأيام، يبكي، يمشي، يكسر أقلامه، يكرر العزف مئات المرات، يكتب ويعدّل. ذات مرّة قضى ستة أسابيع على صفحة واحدة وكتبها أخيراً بنفس الصيغة التي بدأ بها.”