is it over now?

في متجر سيزان الفرنسي في حيّ مارليبون اللندني وقفت بانتظار خلو غرف القياس. احتضنت بين ذراعي علبتيّ حذاء وجدتها بعد بحث طويل، لكن القصة ليست هنا. في طابور الانتظار القصير وقفت سيدة سبعينية مع ابنتها (عرفت من الشبه العظيم) والتفتت لأنظر لكنزتها القطنية: I love your sweatshirt.

 كانت الكنزة المميزة جزء من قطع الملابس الكثيرة التي غرقت بها المدينة والدولة (إذا تذكرت أدنبرة كذلك). حملت صور منوعة للمغنية الأمريكية تايلر سويفت. أثنيت على كنزتها وعلقت بسرور: شكرًا اقتنيتها ليلة البارحة! وقلت لها إذا كنّا في الحفل سويّة. انطلقنا بالحديث عن الحفلة الممتعة وعن مشهد دخول ترافيس كيلسي. “لقد ظننت أنه سيجثو على ركبته ويتقدم لخطبتها أمام ٨٩ ألف متفرج” ضحكنا من اشتراكنا في الفكرة الرومانسية أنا والسيدة السبعينية، واستدركنا: لا نعتقد أنها ستقبل بمشاركة هذه اللحظة الحميمة أمام المتفرجين. كيف وصلتم هنا؟ لقد انتصرنا في الحرب العظيمة – وهذا المصطلح الذي أطلقه جمهور تايلر سويفت على حرب التذاكر، إذا حصلت على تذكرة هذا يعني أنك انتصرت في الحرب. أخبرتها أن قصتي بدأت عندما أبلغتني أختي الصغرى بحصولها على تذكرتين للحفلة قبل سنة وعدة أشهر. والآن لنخطط للرحلة. لم أكن أكيدة من سهولة الترتيبات لكنني قررت تركها للحظة الأخيرة. ومع مرور الأيام بدأت الصورة تتضح أكثر: سنبني رحلة الصيف بين لندن واسكتلندا وحفلة تايلر سويفت.

لم تكن هذه هي الرحلة الأولى التي أحضرها في حياتي، لكن في كل المرات السابقة كانت الفرق الموسيقية أقلّ جماهيرية بشكل ملحوظ. أحبّ هذا الاختصاص الذي لا يزاحمني فيه الآلاف. أحضر بحماس وأغني الكلمات وأذكرها.

ما لم أتوقعه أو استعد له هو هذه الجولة التاريخية لتايلر سويفت والتي بدأت نسختها الأولى العام الماضي وجالت العالم. كانت الحفلة في نقطة عمياء من تفكيري. حتى قررت حصة أختي ضخّ الحماس بداخلي وبدأت أولًا بإعداد قائمة أغنيات تتكرر في كلّ حفلة: خذي اسمعيها واحفظي الكلمات!

بدأت الاستماع لتايلر سويفت في بداية ظهورها عندما كانت طابع الأغاني الشعبية الأمريكية Country music يغلب عليها (وما زلت أحبّ هذا النوع من الأغاني حتى في انتاجها الحديث).

وأخبرتني لاحقًا بأنّها جهزت قائمة بالأغنيات التي تعتقد أني سأحبها، وفي كلّ مرة كنت اشاركها واحدة كانت تضع علامة بجوارها. لا أعرف ما أسمي هذا الارتباط الذي بدأ بالنموّ. شعرت أن علاقتنا دخلت مرحلة مختلفة، مرحلة اهتمام مشترك وفراشات صغيرة تملؤنا بالتساوي. صندوق الرسائل بيننا في انستقرام امتلأ بمقاطع من حفلات سابقة وأغنيات وتوقعات لقائمة الأغنيات المفاجئة التي ستؤديها سويفت في كلّ حفلة.

كل ما جاء لاحقًا لم يكن متوقع.

قبل سفرنا بعدة أسابيع بدأت نشرات الأخبار البريطانية تذيع التقرير تلو الآخر عن شكل المدن التي ستعبرها الحفلات وفرص العمل والوظائف التي أوجدتها الحفلة. يمكنكم معرفة المزيد بالبحث عن هذا الموضوع تحديدًا ورؤية الأرقام والنتائج المدهشة التي حققتها في أمريكا والعالم. لكن مشاهدة التقارير التلفزيونية شيء ورؤية الحياة في المدينة بانتظار الحفل شيء آخر.

لم يكن حضور الحفلة هذه اعتيادي لأنّها جاءت بمتطلبات مثيرة للاهتمام، هناك اختيار الزي من الحقبة المفضلة لك: Taylor Swift, Fearless,Speak Now, Red, 1989, Reputation, Lover, Folklore, Evermore, Midnights, The Tortured Poets Department.

والمحصلة كانت أني اخترت Folk-more  ودمجت حقبتين سوية. فستان كحلي مورّد وزينت وجهي بكريستالات صغيرة حول عينيّ!

بالإضافة لاختيار الملابس كانت مهمة تجهيز العديد من أساور الخرز الملون لتبادلها مع الحضور أو الاحتفاظ بها كما فعلت (لم أرد تبديل أساوري مع أحد فقط صنعتها أختي لأغنياتي المحببة: (Cruel Summer, Lover, Anti-Hero

كان الحماس لحضور الحفلة في كفّة ودخول ملعب ويمبلي في كفة أخرى. هذا المكان الحلم الذي وددت زيارته منذ تسعينات القرن الماضي عندما كنت متابعة مهووسة للدوري الإنجليزي. تحتفظ أختي بتصوير فيديو مليء بالمشاعر لي عندما عبرت البوابة الصغيرة باتجاه المدرّجات. ومع أن أرضية العشب الأخضر مغطاة بالكامل بتجهيزات المسرح والحفلة إلا أنني إذا أغلقت عيني بالشكل الكافي يمكنني تخيل المباريات التي أقيمت هنا.

هذا الاستطراد مربك.

لنعد قليلًا إلى الوراء، عندما وصلنا للمدينة المكتظة وهذا وضعها الطبيعي كلّ صيف. وكل صيف هو “موسم لندن”. جموع البشر، واجهات المحلات، أغنيات المتاجر بطوابقها المتعددة. تايلر تغنّي في كل مكان. وفي بعض المتاجر ستجد مجموعات أساور ملونة، أو أحذية رعاة بقر، أو سترات جينز مطعمة بالكريستالات. هذه الاحتفالية الرائعة مهدت لأسبوع من الانتظار والترقب. دون مبالغة في كلّ مكان ندخله، مطعم أو متجر كان، أو خلال جولة بالسيارة ستسمع شخصًا ما في الواقع أو على الراديو يتحدث عن تايلر سويفت وحفلاتها المتسلسلة.

قبل الرحلة بعدة أسابيع فكرت في ليلة الحفلة وازدحام المترو وصعوبة واخترت حجز غرفة فندق قرب الملعب، والنتيجة الصادمة أن أسعار الفنادق في محيط الملعب تضاعفت لعشر و١١ مرة! فكرت أن هذا جنون غير مبرر، وبحثت أكثر حتى حصلت على عرض جيد وتضاعف سعر الليلة المعتاد لثلاث مرات فقط وهذا أفضل بكثير من عشر مرات. ضمنت على الأقل تخفيف القلق الناتج من ترتيبات المواصلات وضمنت أيضًا الذهاب باكرًا بعد الظهر لترك متعلقاتنا الشخصية في غرفة الفندق والاستعداد للحفلة بهدوء والتوجه للمكان في الوقت المناسب.

كنت أهدئ من توتري بقولي: إذا كانت هذه الحفلة مناسبة لطفلة في الرابعة من العمر ستكون مناسبة لي بالتأكيد. وهذا ما حدث! تنظيم المكان والدخول والمرافق كانت أكثر من رائعة. لم أشعر بالانزعاج أو التعب خلال ساعات الحفل. ربما بسبب اختيار المقاعد فلا يمكنني تخيل نفسي مع الجمهور الوقوف في ساحة الملعب والذين اضطروا للحضور للمكان قبل ساعات طويلة ليضمنوا زاوية جيدة. لم تغب الشمس باكرًا وهذه من محاسن موعد حضور هذه النسخة ففي الصيف يمتد النهار حتى قبيل العاشرة مساء.

في خزانة الذكريات في غرفتي احتفظ بأساور الخرز الملونة، والسوار المضيء الذي تحققت من بطاريته ليعيش طويلًا. هذا السوار المضيء جزء من تجربة الحضور، ترتديه في يدك ويومض بألوان متنوعة تتبع الفقرة التي تؤديها المغنية على المسرح. السوار جزء من الاندماج الكامل الذي شهدته لآلاف البشر في مكانٍ واحد. الكلّ يغني الكلمات حتى لم تعد تسمع نفسك! وكلما اشتد الصراخ والحماس كنت أجلس على كرسيي واتأمل المشهد. لا أتقن الكلمات، ولا أعرف سر الصراخ، لكنني مغمورة بهذا الحبّ العظيم. والفرح الذي رأيته في قفزات أختي ومتعتها. ماذا لو وضعته في علبة واستعدته كلما احتجت له؟

في بداية الحفلة تقول تايلر أننا من الآن وصاعدًا كلما سمعنا أغنياتها سنتذكر اجتماعنا هنا، سيكون للذكريات شكل آخر.

شكلنا معًا.

أنا وأختي.

أنا وأختي في طريق العودة وهي تحمل حذائها في يدها من التعب.

أنا والسيدة السبعينية في انتظار غرف القياس.

أنا ونادلة المقهى في أدنبره وهي تشتكي من آلام ظهرها بعد حفل الأسبوع السابق.

أنا والفتيات الصغيرات وهنّ يغنين ملء رئاتهن.

أنا والطفلة المتعبة عند مصعد الفندق وأمها تحملها.

أنا وكل من عبر الطريق باتجاه بوابات ويمبلي.

أنا وهيفا الصغيرة المبتهجة الآن، جدًا.

 

ربيع هادئ، متأنٍ وذكيّ!

هذا الأسبوع أنهي شهري الثالث في وظيفتي الجديدة. وبالمناسبة لا أدري إلى متى سأستمر بالعدّ، ربما سينتهي ذلك عندما أعود نفسي أنني عدت لانتظام العمل لدى الآخرين، وتخففت قليلامن رهبة البدء.

ألمح من شبّاك المكتب كل يوم وفي نفس الوقت الذي استعد فيه للخروج إلى المنزل، مهندس شابّ يحمل في يدٍ خوذته الصفراء ويمسك باليد الأخرى حقيبة على الظهر. ينظر إلى نقطة بعيدة في الأفق، ربّما بوابة الخروج من المدينة، أو يسرح بأفكاره عن آخر تعديل أضافه على المبنى. انتبهت له أول مرة في أسابيع العمل الأولى. في أيام يبدو شارد الذهن تمامًا، للدرجة التي تعجز فيها عن تحديد مكان نظرته. وفي أيام أخرى يمشي بلا تركيز وهو يتحدث على الهاتف، قد تكون مكالمة سعيدة يمكنك معها التقاط التماع عينيه وابتسامته التي يقاومها ليحافظ على اتزانه. حاسر الرأس دائما، وأصلع. لا أعرف هل هذا الصلع اختياري أم أُجبر عليه مع الوقت. تمرّ الأيام ويمكنني رؤية أثر العمل اليومي عليه. كيف؟ من لونه. خلال ثلاثة أشهر حمصت الشمس بشرته تماما حتى اختلط لون ذقنه الخفيف مع وجهه وسيحتاج الرائي إلى لحظات حتى يتحقق أين تبدأ لحيته وتنتهي.

لاحظت أيضا تبدّل ملابسه. في البدء كانت القمصان أثقل، وكان يزاوجها مع صدرية الجينز. قمصان مطبعة، قمصان مضربة، قمصان بنقط فاقعة اللون. ومنذ حلّ إبريل ودع الجينز والأقمشة الثقيلة وأصبحت أكمامه أقصر. أفكر ما هي إجراءات السلامة في موقع العمل؟ أليس من الأفضل ارتداء قمصان بأكمام طويلة؟ وهكذا كلّ يوم، أهدئ عقلي بعد حفلة شواء طويلة أقلب فيها الكلمات وأقطعها واستبدلها واستبعد المحترق منها. أراقب هذا المهندس الشارد وهو يودع يوم عمله. أقف خلف زجاج عاكس وابتسم.

* * *

هل فكرتم من قبل في قصة الدببة الثلاثة؟ أو العنزات الثلاثة؟ أو مسلسل المهابيل الثلاثة؟

طيّب إعلان بونكس: نظافة، ريحة، توفير؟

أو إشعارات السلامة عند حدوث الحريق: Stop, Drop and roll؟

ماذا عن ثلاثيات الكتب والأفلام؟

(أعدكم هناك فكرة هامة ستأتي بعد قليل)

سأترك لكم مساحة تفكير تستحضرون بها المرات التي لفتت انتباهكم عبارة مكونة من ثلاث كلمات، تصف منتج، أو فكرة وأحيانا لتؤدي نفس الغرض. عندما بحثت في الموضوع وجدت أنّ المسمى القاعدة الثلاثيةأو قاعدة الثلاثةوبالإنجليزية Rule of Three.

موضوع القاعدة هذه متشعب جدًا، وله جوانب كثيرة تفصلّها عندما يتعلق الموضوع بالقصص، والمسرح، والموسيقى. وأكثر ما أثار اهتمامي حقيقة، هو تأثير استخدامها في كتابة المحتوى التسويقي لجذب القرّاء ودفعهم للتفاعل مع ما تطرحه.

لماذا ثلاثة؟

ثلاثة هو أصغر عدد يمكننا منه تأسيس نمط تكمن قوته في عرض ثلاث عناصر بسيطة وواضحة وتمكنك من إيصال الأفكار المعقدة بشكل فعّال.

النمط الثلاثي هذا ينجح لأنه: قصير، لا يُنسى، وقويّ.

* * *

مخرج لنهاية الأسبوع

كيف تعزز انتاجيتك باستخدام القاعدة الثلاثية؟

عجينة بيتزا مثالية

مقالة: إبدأ قبل أن تكون مستعدًا

كتاب Save me the plums : مذكرات شهيّة

كيف تعرف ساعاتك الأفضل؟

أغنيات من ميادة، وسميرة سعيد رافقتني الأيام الماضية

.

.

.

غُرف دافئة نحبّها

مضى وقت طويل على آخر مرّة كتبت فيها هنا (شهرين ويوم بالتحديد)

إنّها أطول مدة لا تزورني فيها حتى أفكار للتدوين، ولا رغبة في الكتابة، أو الجلوس لها.

اقرأ كثيرًا هذه الأيام، اقضي ساعتين يوميًا في قراءة المقالات والأخبار والقصاصات التي جمعتها لسنوات. كأنني أحاول استعادة شيء هرب منّي على حيِن غفلة. في نهاية التدوينة الماضية قلت لنفسي: أريد أن أهدأ. وهدأت. وسمحت للآخرين بمساعدتي، وتوصلت لهدنة مع القلق، وسرت أيام وأيام بلا خطة.

لديّ أصدقاء جدد، ووجهات جديدة تنتظر. وشركة وليدة أحاول كل يوم تجهيزها للخروج للعلن. ولستُ أتحدث عن سجل تجاري أو عقود أو وجود فيزيائي، انتهيت من كلّ هذا. لكن الموقع، والمحتوى الرقمي الذي ستتحدث من خلاله للعملاء والمتابعين، في مسودة منسية على جهازي.

لا بأس.

كان عليّ أن أجازف بتأخر العمل في سبيل التحرر من القلق، وتقييمي المنخفض لقدراتي الإبداعية.

حبسة كاتب من نوع خاصّ لأن الكتابة في هذه الحالة هي تسويق، ودعم لشركة لن تتحرك خطوة إلى الأمام ما لم يكن وجودها الإلكتروني محفزًا لعملائها.

* * *

خلال ساعات العمل اليومية نسرق بعض الدقائق للحديث عن أي شيء، عن كلّ شيء في الحياة. وذات مرّة وصلنا للحديث عن أسرتي، عن أخواتي وعن حياتنا معًا.

علقت إحدى الزميلات بأنّها تشعر بقوة علاقتنا (أنا وموضي ومنى). كأننا أسسنا تحالف قديم، وبقية الأخوة لا ينتمون له أو ينتمون له بنسبة مختلفة.

نعم، أجبتها.

لقد قضينا عدة سنوات سوية دون مقاطعة، تعرفنا على الحياة والأشياء، تعرفنا على أنفسنا معًا.

الفارق العمري بين منى (أصغرنا) والأخ التالي حوالي ٥ سنوات. والفرق بيني (الكبرى) وأخي الأصغر تسع سنوات، و٢٠ سنة تفصلني عن حصة (الاخت الصغرى).

قلت أنّ الأخوة الذين يأتون لاحقًا مثل غرف إضافية في منزل اكتمل بناؤه، غرف تختلف في لونها وأثاثها وموقعها من المنزل. لكنّنا نحبها بالقدر ذاته، نحب دفء الشمس فيها. نحبّ جدّتها وغرابتها ونحب أنفسنا ونحن نتعرف عليها ونحاول الاندماج.

أحبّ اخوتي بلا حدّ، السابق واللاحق منهم، أحبّهم وأود لو أنني أخبئهم في قلبي، من ألم الأرض، وصعوبة الأيام، وكل أذى يلتهمني قبل التهامهم.

* * *

وبما أنني أتكلم عن الحبّ وحتى لا تطول هذه التدوينة كثيرًا، إليكم أشياء أحببتها خلال الشهرين الماضية:

.

.

.

أن تعرف قيمة نفسك

نسيت تسديد رسوم مدونتي لدى شركة الاستضافة!

الموضوع مرعب جدًا لا أخفي عنكم، خاصة إذا كانت الرسالة تهددك بحذف كل محتويات الموقع أي بالتحديد محتوى ١٠ أعوام من التدوين والصور والتعليقات. طبعًا التحذير يقول ٢١ يومًا لكنني أغفلت الرقم وشعرت بثقل في أطرافي.

لا أنسى سداد الرسوم والاشتراكات، وكلّ شيء معلّم على مذكرتي، لكن هذا التاريخ بالذات نسيته. وكانت التكلفة المادية غير المتوقعة هي آخر ما أحتاجه.

تعرفون النفقات المفاجئة التي لم تكن مجدولة؟ هذا اليوم جاء بإحداها. جددت الاشتراك لستة أشهر فقط لأنني لا أستطيع تجاوز الميزانية المخصصة لهكذا مصروفات. خلال الشهر أيضًا باغتني حذائي الرياضي وتقاعد باكرًا، اضطررت لاقتناء حذاء يصلح للمشي، الركض والتمرين في آنٍ واحد لأن السابق لين جدًا ولا يوفر دعامة لكاحلي عند القفز والتمرين.

المصروفات التي قد تباغتك: مناسبة اجتماعية تتطلب نفقات متعددة، ميلاد، سفر مفاجئ، ضيوف مفاجئين والكثير من التجهيز.

لهذا السبب قررت أن تكون سنة ٢٠١٧م سنة توفير فريدة من نوعها، وسأحاول توفير من ٣٠٤٠٪ من راتبي الشهري مهما كانت الأعذار الواهية التي أقدمها لنفسي لتجاوز الحاجز وصرفه كاملًا. العام الماضي التزمت بالتوفير لفترة وجيزة سبقت رحلتي السنوية فقط. التوفير الشهري هذا سيكون درع لمواجهة النفقات المفاجئة دون الاخلال بمصروفاتكم الأخرى.

*  *  *

أفكّر في تصميم ورشة عمل وتقديمها خلال الشهر المقبل، الفكرة لم تتبلور بعد ولكنها بالتأكيد ستُبنى على تجربة شخصية. تفكيري محصور في مجالات الكتابة، التدوين، العمل، والانتقال والتأقلم. لا أعرف عدد الأشخاص الذين يرغبون في حضور ورشة عمل عن انتقالات الحياة وكيف نتأقلم معها؟ لكنّ الفكرة تلمع في رأسي منذ عدة أشهر. يتبقى تصميم الورشة والتوجّه لجهة تستضيفها وتساعدني في الإعلان عنها.

*  *  *

أكتب منذ سنوات رسالة لنفسي، وأعنونها بشيء مثل: الأمل، الشجاعة، البدء من جديد، ..إلخ. في نهاية كل رسالة أكتب لنفسي: المرة القادمة ستكتبين رسالة عن وأختار العنوان التالي. يفصل بين كل رسالة وأخرى فترة ٥ سنوات تقريبًا كي يكون أثرها أعمق وأكثر دهشة.

في آخر رسالة كتبت أن الرسالة القادمة ستكون عن قيمتك الذاتية Self Worth ، وبمعنى أكثر وضوح: تقديرك لنفسك وقيمتك الحالية.

نكبر والحياة من حولنا والناس – أحيانايشعروننا بأنّ اكتشاف قيمتنا الذاتية واعتزازنا بها أمر مستنكر. يرتبط الأمر في بعض الأحيان بالغرور أو التعالي. وهو لا هذا ولا ذاك للأسف. أن تعرف قيمة نفسك يعني أن تضعها في المكان المناسب، تهيئ لها الظروف، ولا تقبل أن يتجاوز أيّ شخص حدودها ويؤذيك.

قيمتك الذاتية ترتبط بوجودك كإنسان، بعلاقتك بالآخرين، مكانتك في العمل وما تقدّمه للمؤسسة وفريق العمل بشكل خاصّ. أين تضع نفسك اليوم؟ وأين تضعها غدًا؟

قيمتي الشخصية ساعدتني في تقدير ردات فعلي تجاه المواقف والأحداث التي أمر بها في حياتي. معرفة قيمتك تأتي من مشاعر داخلية أولًا وخارجية ثانيًا. هناك توازن ضروري نحتاجه للعيش بشكل أفضل. لا أنكر مثلًا أنّ أدائي في العمل وأهميتي لشركتي تعزز من قيمتي الذاتية. لكنّني أيضًا أحتاج لحبّ نفسي والنظر إليها بإيجابية كي تكون صورة تقدير الذات كاملة.

عندما تفقد تقديرك لنفسك يصبح كلّ شيء أسود، ويزداد شعورك بالسوء تجاه المجتمع والناس. تشعر بأنك مسلوب ومستبعد وهامشي وتشعر بالذنب حتى وإن لم ترتكب أيّ خطأ. مأساوي هذا الشعور أينما حلّ. ولا أنكر بأنني أحيانا وقعت في فخّ التقليل من ذاتي لأسباب مختلفة، داخلية وخارجية. من نفسي ومن الآخرين. لكنّ العاصفة لا تطول والحمد لله.

تقديري لنفسي وتقييمها بشكل إيجابي وحقيقي خلّصني من عقدة تحمل المسؤوليات الجسيمة التي لم تكن يومًا تخصني. أعرف الآن أن لي حدّ تحمل، وطاقة إنجاز فلا أحمل على كاهلي ما يربكني ويدخلني دوامة من الاحتراق النفسي. سأكتب الليلة رسالة بعد سبع سنوات من رسالة النجاح، رسالة لنفسي عن تقييمي الذاتي، كيف وصلت لأفضل نسخة من الرضا الداخلي؟ ستكون رسالة مناسبة جدًا لهذا الوقت، ولهذا العام.

قصاصات لبداية الأسبوع:

.

.

.

نورس تائه في الصحراء

 by kayla varley 

.

.

لاحظت على نفسي خلال السنتين الماضية حالة غريبة، أصبحت أحبّ الاستماع للأغنيات ذات الألحان الخليجية، أغنيات دول الخليج، نغم المناطق الساحلية الشرقية، الغناء البحري الخليجي. أصوات الآلات وايقاعاتها يحملني للخليج مع أول نوتة. إذا كنتم متخصصين في الموسيقى ومصطلحاتها لا تضحكوا منّي وصوبوني أرجوكم فهذه الوصوف كلها لأصل لمعنى وحيد. تعرفون ألحان خالد الشيخ؟ وأغاني عبدالله الرويشد في الثمانينات؟ وبعض أغنيات عبدالكريم عبدالقادر؟ قائمة الأغاني تطول. ما أحاول قوله أن النورس داخلي يحب الاستماع لهذا النوع من الموسيقى، ويأكل السمك بشكل أكبر من المعتاد. فيما مضى كنت أتناول السمك والمأكولات البحرية بشكل محدود. والآن لا يكاد الأسبوع يمر حتى أتذوق من كلّ بحر ٍكائن!

قررت البحث عن سبب شهيتي المفتوحة على الأطعمة البحرية المطهو منها والنيءووجدت بين الأسباب حاجتي للبروتين، استبعدت هذا السبب لأنني أتناول البروتين في وجباتي كلّها وبأنواعه النباتية والحيوانية بشكل يومي، وإذا لم يكن هناك كفاية في الوجبات أصنع مخفوق الفواكه مع بودرة مصل اللبن Whey Protein.

المواضيع الأخرى التي توصلت إليها تقول أن هذه الشهية نفسية أكثر من أي شيء آخر. وربّما تريحني فكرة أن الهواء هنا لا يحتوي على اليود وجسمي ببساطة يحتاجه بشكل أكبر.

إذا كانت لديكم إجاباتك لتساؤلاتي أو فرضيات مثل التي طرحتها شاركوني.

شاهدت قبل عدة أيام الفيلم The Light Between Oceans الفيلم جميل ومليء بالمشاعر. أخطأت في شيء وحيد: شاهدته على مدى ليلتين كل ليلة ساعة لأنني لم احتمل السهر طويلًا وبدأت أفكّر هل فاتني شيء أم أن الفيلم فعلًا عادي وقصته كان يمكن اختصارها في مدة أقلّ؟ تأملت بعد الفيلم وفكرت: إلى أين سيذهب بك الحبّ؟ وإلى أي مدى ستُمسك بالأمل؟ عندما تشاهدون الفيلم ستعرفون لماذا لازمتني هذه الأفكار.

اليوم فكرت في إدوارد هوبر، وكيف أصبحت لوحاته محل دراسة مجتمعات وحقبة زمنية وتحليل وبناء أفكار ، مدهشة ألوانه الكثيفة. ومن المستحيل أن تنظر للوحة وتعبر ذهنك فكرة واحدة فقط! جمعت مقالات حول هوبر سأعود لقراءتها لاحقًا، لكنّي أشارككم إياها هنا: واحد واثنين وثلاثة.

نسيت أن أخبركم عن هوسي الجديد!

لدي وأخوتي مجموعة اتصال على تطبيق انستقرام ونتبادل فيها الصور والفيديوهات وتعليقاتنا عليها، أكثر وسيلة تواصل خلال السنة الماضية كانت هذه المجموعة. إننا نتكلم بالاختيارات، لا نقول الكثير فقط نشارك المقاطع والصور وهي تتكفل بالباقي. منها المضحك ومنها المخيف ومنها اللطيف وبالتأكيد ولد هوسي الجديد منها كذلك. تعرفت على مقاطع الطهي القصيرة والسريعة، التي تجبرني على الخروج والتسوق والركض للمطبخ وتجهيز وجبتي القادمة. إنّهم يجعلون صناعة وليمة مسألة بسيطة، عدة ثوانٍ والخضار مقطعة ومطهوة والصلصات محضرة واللحوم على وشك الاستواء! البداية كانت مع هذه القناة Tasty التي أطلقتها شركة BuzzFeed لاكتشف لاحقًا أن الشركة أطلقت حسابات أخرى لتغطي كافة المذاقات، من الشرق للغرب وكل حساب بلغته:

أحيانًا يطول بي الوقت في تصفح الفيديوهات وسعدت كثيرًا بتحديث الانستقرام وإمكانية تفضيل المقاطع للعودة إليها لاحقًا. هذه المقاطع السريعة دربتني على إعداد صلصة البشاميل بنفسي، كنت دائمًا استخدم الخيارات الجاهزة أو أطلب من والدتي أو المساعدة المنزلية إعدادها. الآن بمهارة طاهٍ متمرس، أحمر الطحين في الزبدة وتبدأ الحكاية، والآن اكتشفت حساب عربي بنفس الفكرة: يومي يستعرض أطباق بمذاقات عربيّة لكل يوم. وأيضًا هذا الحساب هدية: Twisted Food

وأخيرًا،

أشعر بأنني قفزت من فوق حاجز.

لا أدري هل كانت فوضى العام الماضي؟ التأهب للانتقال لمنزل جديد؟ تجاوز مطبّ قرائي وإبداعي؟ أشعر بأنني أهدأ. واقتحمت تجربة جديدة سأحدثكم عنها قريبًا ما أن أجمع حولها الحكايات. أقرأ على مهل كتاب عن الوِحدة، وأفكر في جمالية الشعور وإن كان ثقيلًا وأزرقًا أحيانًا.

.

.