مقلاة لبيضة واحدة.

قبل سفري للولايات المتحدة الأمريكية بعدة أيام كنت أعدّ فطوري في المطبخ ولاحظت أنّ المقلاة الصغيرة التي استخدمها لقلي البيض في حالة سيئة. الطبقة المانعة للالتصاق تآكلت وبدأت بالزوال، ونصائح السلامة تقول عندما يحدث ذلك تخلصوا منها فوراً. وفعلت، وغادرت. من الأفكار المضحكة التي زارتني قبل النوم وعندما أفكر في بيتنا وما هي أحوالهم؟ أفكر في المقلاة الصغيرة التي تخلصت منها قبل سفري ولم أبلغ أحد. أفكر في بحثهم عن المقلاة والانزعاج الذي قد يسببه غيابها. هل تعرفون ما يمكن أن يقودكم إليه بحثكم المستميت عن أي شيء لتقلقوا بشأنه؟ هذه القصة مثال عليها. والحقيقة أن المنزل بخير وأن أحداً لم يتذكر غياب هذه المقلاة – على حد علمي- .

في رحلتي الأولى للتسوق بعد عودتي لم تغب فكرة المقلاة عن ذهني، وقفت في ممر المقالي وأواني الطبخ لاختيار واحدة، عدة شركات وأعجبتني مقلاة من بايركس. حملتها بسعادة. الفطور أهمّ وجبة في اليوم وأنا بحاجة لجيش من المعدات والمقادير الصغيرة التي تساعدني في إعداده بكفاءة!

متابعة قراءة مقلاة لبيضة واحدة.

Blackwing 602

Processed with VSCOcam with t1 preset

في سبتمبر الماضي قرأت مقالة نشرتها هوليوود ريبورتر عن قلم رصاص يحتفل بعيده الثمانين. هذا القلم اسمه بلاكوينغ 602. المقال أثار فضولي لأنه يتحدث عن موضوع ببساطة قلم رصاص! في العام 1998م توقف إنتاج هذا القلم وارتفع الطلب عليه، بدأت سوق سوداء ومزادات الكترونية يتنافس فيها محبّوه بالدفع والاقتناء. وصلت قيمة إحدى العلب الأصلية إلى سعر 384 دولار.

Picture1

لماذا Blackwing 602؟

يقول شعار الشركة المصنّعة أنّ هذه الأقلام تتطلب من المستخدم نصف الضغط وتعطيه ضعف سرعة العمل. أيّ أن المستخدم سينعم بقلم سلس وسهل الاستعمال. هناك أيضا الممحاة القابلة للتعديل والتي يمكن إزالة قطعة الألمنيوم التي تثبتها وتعديل طولها بحسب الحاجة. أيضاً لون القلم المعدني وطلاؤه المميز. وأخيراً تركيبة الجرافيت والطين والشمع التي تمنح المنتج سلاسة وثبات وبلا لطخات.

لمحة تاريخية

انتج القلم للمرة الأولى في 1930م في مصنع ايبرهارد فايبر بنيويورك. تأسس المصنع في 1861م من قبل إخوة ألمان. موقع المصنع آنذاك أصبح موقع الأمم المتحدة اليوم. يقول المؤرخ هنري بيتروسكي أن القلم لفت الأنظار بظهوره بسبب كونه أسود. كانت أقلام الرصاص آنذاك صفراء للدلالة على جودتها العالية. تمّ تبني المنتج فور ظهوره من قبل الفنانين والمهندسين والكتّاب. من أشهر من بدأ باستخدامه آنذاك رسامي ديزني الذين رسموا به شخصيات محببة وشهيرة من بينها الفأر ميكي، والغزال بامبي وغيرهم. تقول إحدى الروايات أن رسام الكرتون الشهير شيمس كولهاين عندما توفي دُفن وفي يده قلم رصاص بلاكوينغ 602.

توقّف الإنتاج

استمر إنتاج القلم من قبل ايبرهارد فايبر حتى الثمانينات من القرن الماضي، ثم اشترت شركة فايبر كاستل الأمريكية المصنع. واستمر إنتاج القلم تحت شعار الشركة السابقة (EF) بالإضافة إلى إنتاجه باسم الشركة الجديدة (FC). وعلى أية حال كان القلم يصنع بنفس التركيبة الأصلية التي وُضعت له وبلا تغيير. خلال التسعينات اشترت شركة سانفورد الشهيرة بتصنيع أدوات الكتابة فايبر كاستل الأمريكية لتصبح المالك الجديد والمصنع لـ بلاكوينغ 602. استمر إنتاج القلم تحت إدارة الشركة حتى 1998م وتوقف تماماً. الخبر المتداول عن سبب التوقف كان يعزو السبب لتعطل ماكينة التصنيع الخاصة، ولم يتمّ إصلاح الأعطال من قبل الشركة المسؤولة. كانت هذه الماكينة تنتج قطع الألمنيوم الخاصة بالممحاة وعندما تعطلت استخدمت الشركة المخزون الإضافي من القطع حتى نفد. القصة الحقيقية تقول بأن الماكينة تعطلت فعلاً لكن الشركة لم ترفض إصلاحها. كانت هناك أسباب أخرى لتوقف إنتاج القلم من بينها عدم وجود طلب كافي على الأقلام. كانت الشركة تنتج سنوياً 1100 دزينة من الأقلام من نوع بلاكوينغ 602، بينما تنتج عددا أكبر بكثير كل ساعة ومن أنواع أخرى من الأقلام. هناك أيضاً الفارق الكبير بين الإنتاج وتكلفة إصلاح الأجهزة مقابل الطلب وهذا اثقل كاهل الشركة لذلك قررت إيقاف التصنيع ببساطة.

قلم العظماء

بعد توقف إنتاج القلم احتفظ المهووسون به بالأقلام التي بحوزتهم وإن لم يعد ممكنا الكتابة بها، بيعت الأقلام وعلبها الممتلئة والفارغة بأسعار خيالية. شيء يقول لي بأن أسباب ظهور الجماهير التي تعلقت به كثيرة وأهمها المشاهير الذين ربطوا إبداعاتهم به. على سبيل المثال لا الحصر: جون شتاينبك، فلاديمير نابوكوف، إيغور سترافنسكي، جون لينون، تشك جونز وغيرهم.

تجربتي

بعد الاطلاع على المقالة الشهيرة بدأت بالبحث عن معلومات إضافية ووجدت هذه المدونة، اعتقد بأنها أفضل مرجع لمعرفة قصة القلم وقراءة تفاصيل عنه. ثم قرأت عن شركة كاليفورنيا سيدار وهي الشركة التي اطلقت قلم رصاص بنفس الاسم في 2010م احتفاء بالقلم الكلاسيكي. وجد النقاد في القلم الجديد كفاءة مقاربة لسابقه لكن الأوفياء له يرفضون ذلك ويجدون أن قلم بالومينو لا يمت له بصلة.

لكي أحصل على تجربة مشابهة وأضع حدّ لفضولي قمت بطلب علبة أقلام بلاكوينغ 602 الجديد، صعقت بالسعر (حوالي 20 دولار للدزينة) لكنني فكرت: الشحن مجاني لأنني في أمريكا! وصلت العلبة ولم أجرب الكتابة بالقلم حتى لحظة التدوين عنه، هذه التدوينة كتبتها بالقلم الشهير. لاحظت أنني لم احتج لإعادة شحذ القلم وأنني تمكنت من الكتابة لصفحة كاملة دون أن يزعجني بكسر أو تفتت أو تلطخ الصفحات بالسواد. وفعلا “ضغط أقل وسرعة مضاعفة”.

الفصل 31

Processed with VSCOcam with p4 preset

عدت قبل أيام من رحلة مذهلة في بلاد العم سام. تزامنت أيامها الأخيرة واحتفالي بعيدي الحادي والثلاثين. كان حلماً ممتداً حتى أنّ مخيلتي عجزت عن الحلم ليلاً. حققت كلّ ما رغبت بتحقيقه من هذا السفر، وأكثر. والقائمة التي وضعتها قبل حزم الحقائب انتهت سريعاً واكتشفت –على الرغم من ضيق الوقت- المزيد من الاهتمامات والوجهات السريعة. بينما كنت انتظر رحلة العودة كتبت سريعاً عدة نقاط، ماذا حدث؟ أين ذهبت؟ ماذا رأيت؟ غمرتني بهجة لم اشعر بها من قبل. كنت أقول طوال الرحلة لأخوتي –الذين سكنت معهم هناك- هذا السّفر أطلق بداخلي مشاعر ظننت أنني نسيتها.

غمرت نفسي بمياه المحيط، مشيت وحيدة في منهاتن وحتى منتصف الليل، عبرت الغابات الساكنة، راقبت السناجب وهي تجمع طعام الشتاء، حضرت حفلات موسيقية حيّة، استمعت لسمفونية بيتهوفن التاسعة، زرت مكتبة مايكل سايندبرغ السرية، شاهدت لوحات مونيه وديغا وإدوارد هوبر وسارجنت وماري كاسات وغيرهم. ركبت المترو، قرأت سيلفيا بلاث قبل رحلتي لحضور أسبوع الموضة النيويوركي، وعلى الطريق كيرواك بين شاطئ فرجينيا وبنسلفانيا، حضرت مهرجاناً فنياً وحفل توقيع لكاتب أحبه، وأخيراً سكنت في جناح ثيودوري في قرية وادعة.

التفاصيل التي لا تُصدّق إن قصصتها على نفسي قبل سنة من الآن، كلّ ذلك حصل بين أغسطس وأكتوبر. وكأنني وجدت صوتي الغائب، وجدت موضوعاً للكتابة، وجدت خيطاً سحرياً سينقذني من حبستي التي دامت طويلاً. عندما نويت السفر قررت التوقف عن التدوين، وقاومت كثيراً الحديث على الشبكات الاجتماعية عن تفاصيل أيامي هناك. عبّرت بالصور –الكثير منها- وأجد الآن أن كل ما فعلته كان صائباً. الاحتفاظ بتفاصيل الرحلة ونصائحها ودهشتها وعقباتها ورعبها لأكتبها في كتاب. هذه المرّة قلت لنفسي: سينجح الأمر. وإن لم ينجح؟ حسناً لستِ كاتبة كما تدّعين! وهذا مرعب.

أمام زجاج المكتب الصغير لموظف الهجرة في مطار واشنطن تحدثت عن نفسي في جملة مقتضبة “أنا كاتبة جئت للسياحة والبحث عن إلهام”. كانت اللحظة الأصدق منذ سنوات. وعاهدت نفسي حينها ألا أخذلها بالكسل والتسويف. هذه الذكريات الطازجة ستعرف بيتاً يحبّها ويحتضنها وستسعدون به قريباً.

بالنسبة للتدوين عن الرحلة، قد لا أدون عنها بشكل خاص لكن سأتحدث عن مواضيع أثارتها الأحداث حولي أو تنبهت لها وأنا هناك.

سعيدة بعودتي، سعيدة جداً.

كتاب التغيير، وأشياء أخرى.

أو دفتر التغيير. كتبت عنه من قبل في تدوينة: “بدأت في منتصف مارس الماضي بتسجيل التغييرات اليومية الصغيرة التي وبعد فترة طويلة من تجربتها ستكبر، وسيكبر تأثيرها عليّ. كنت دائماً أبحث عن تغيير جذري وواضح لأغير حياتي ككل، وهذا متعب ونتائجه ليست مضمونة! بدأت بالتغييرات الصغيرة، وتسجيلها، والتي قد تبدو طريفة وغير مهمّة أحياناً إلا أنني بدأت اليوم بالاستمتاع بها. اقتنيت للفكرة دفتر مزخرف بالزهور الملونة واتركه في حقيبتي في كلّ مكان أذهب إليه، وإلى جانب رأسي لأكتب فيه قبل نهاية كلّ يوم. قد لا يكون هناك تغييرات يومية بالضرورة لكن فكرة التسجيل والتأريخ جميلة وممتعة.”

وما زلت أذكر بأنني وعدت بتخصيص تدوينة للحديث عن هذه التجربة. لن أبحث عن تغييرات مثالية قام بها أشخاص آخرون، بل سأتحدث واقتبس من الدفتر الذي خصصته لهذه التغييرات.

23 مارس 2013م

شربت كوباً من الحليب البارد بلا إضافات، من الثلاجة للكوب لفمي. وهذا نادر الحدوث، لم أستطع قبل اليوم تقبّل فكرة شرب الحليب الطازج بلا تدفئة أو إضافات، عندما فعلتها شعرت بأنني بطلة، وأنّ حياتي تغيرت. اليوم أيضاً اتصلت بصديقة لا أتحدث معها على الهاتف عادة، لم أتحدث معها على الهاتف أبداً بعد أن تبادلنا أرقامنا، التقي بها كثيراً من وقت لآخر ولكن لا نتحادث هاتفياً، اتصلت بها وقضيت وقتاً رائعاً في الحديث عن كلّ ما كان يشغل ذهني في تلك الفترة.

25 مارس 2013م

لمست شجرة تخيفني في حديقتنا، أخرج كلّ يوم للمشي حول المنزل لكن لم أملك الجرأة للمسها من قبل، تخيلت بأنها مسمومة وقاتلة! لكن بعد ساعات لم يحدث أيّ شيء والخيالات التي كوّنتها في رأسي كانت وهماً.

27 مارس 2013م

تعرّفت على سيدة جلست بجانبي في صالون التجميل، تحادثنا وعرضت عليها بسكويت مع كوب القهوة الذي كنّا نشربه، علمت من حديثنا أنها طبيبة نفسيّة.

29 مارس 2013م

تحدثت مع فتاة جلست بجانبي في رحلة الطائرة، لا أتحدث مع الغرباء وأجد صعوبة في ذلك، خوف بلا مبرر، أو خجل؟ الله أعلم. انتهى الحديث بوصولنا للأرض وأعطيتها عنواني على شبكة تويتر الاجتماعية.

5 أبريل 2013م

جففت شعري من اليمين إلى اليسار. وهي الطريقة التي لا أحبها، هناك جانب مفضل من شعركم؟ ودائما تبدؤون به ويحصل القسم الأقلّ تفضيلاً على طاقة أقل، ومزاج أسوأ وهكذا يكون المظهر العام للجانبين مختلفاً.

17 أبريل 2013م

اشتريت هدايا لأطفال العائلة. ليست المرّة الأولى لكنني هذه المرة أخذت وقتي للتفكير في هدية مناسبة لكل طفل، وكانت النتائج مذهلة.

9 مايو 2013م

اخترت كتاب للقراءة خلال الشهر. هذه المرّة سأقرأ الكتاب بصوت مرتفع لوالدي، بقية العائلة في سفر خارج المنزل ونقضي وقت طويل سوية، هذا الكتاب أصبح رفيقي في رحلات السيارة، ومع قهوة المساء، وكلما كان ذلك متاحاً.

اعترف بأنني ومع الانشغال ونسيان الكتابة أحياناً، أصبحت أكتب التغييرات بلا تواريخ، من التغييرات التي أجريتها أخرجت جهاز الكمبيوتر المكتبي من غرفتي، غيّرت حبوب الإفطار التي أتناولها عادة إلى تلك الغنية بالألياف والمكسرات. في مطعمي المفضل الذي أزوره كلّ مرة غيرت أطباقي التي اختارها من اللحم البقري إلى المأكولات البحرية. جربت شراء قطع ملابس بقصات وألوان لم ارتديها من قبل وكانت النتيجة مبهجة. أكتب رسائل أسبوعية لصديقاتي وقريباتي البعيدات أحفزهم فيها لفعل تغييرات مشابهة، وأخبرهم كم أحبهم واشتاق إليهم كلما شعرت بأنني أريد قول ذلك. أصبحت أنصت أكثر لوالدي ولا أجادله كثيراً – أنا أكثر شخص يجادل والدي في المنزل- واكتشفت بأنه أحيانا يتكلم لمجرد تنفيس الضغوط والقلق ولا يبحث عن علاج أو حلول من قبلي. أيضاً في الشهر الماضي قررت تغيير أثاث غرفتي ولون جدرانها وخلال ذلك قمت بجردتي العظيمة التي تحدثت عنها في تدوينه سابقة.


وبما أننا نتحدث عن سلسلة التغييرات المفيدة، كنت قد مررت بمدونة أجنبية قامت صاحبتها بتطبيق فكرة مذهلة ساعدتها على قراءة أكداس الكتب التي تريد البدء بقراءتها لكنّها وبسبب التردد تتركها كلها الفكرة ببساطة تتلخص في وضع أسماء الكتب التي لديكم وترغبون بقراءتها على قصاصات ورق وجمعها في مرطبان –أو علبة- ومن ثمّ اختيار اسم الكتاب كل أسبوع أو كلّ شهر بحسب سرعتكم في القراءة. السرّ في الالتزام بهذا الخيار، عندما تسحبون اسم الكتاب يجب عليكم حينها قراءته ومن ثمّ الانتقال للتالي وهكذا. بالأمس جمعت أسماء الكتب الإلكترونية التي تراكمت خلال الشهور الماضية في القارئ الإلكتروني، بالإضافة لبعض العناوين الورقية التي أؤجل الوصول لها منذ زمن. استخدمت في القصاصات لون واحد من الورق، بينما كانت المدونة صاحبة الفكرة استخدمت عدة ألوان لكل نوع من الكتب، روايات، سير، قصص، الخ .. لكنّ ذلك بالنسبة لي يقلل عنصر المفاجأة في القراءة.

الجردة العظيمة


مضى وقت طويل، طويل جداً بالحساب الرقمي للوقت، لكنّه تعاظم بداخلي عندما كنت استرجع كلّ مرّة مدونتي وفكرة هجراني الطويل لها. السبب؟ لا توجد أسباب مُقنعة للتوقف عن التدوين إلا إذا استبد الكسل بالكاتب. والكسل هو السبب الوحيد. لأنني ومن جهة أخرى وجدت الوقت للتدوين المصغر على تويتر، والتدوين المصور –اليومي- على شبكة Instagram الاجتماعية. خلال الأشهر الأولى من هذا العام تنقلت كثيراً وأهملت غرفتي سكني الأول والأهمّ، كنت أعود لعدة أيام وارتدي ملابسي من الحقيبة وأعيدها فيها وانطلق من جديد وهكذا. تكدست الأوراق والكتب والهدايا وطرود البريد على طاولة في طرف الغرفة، وكانت الصدمة الحقيقية في منتصف مايو الماضي عندما فتحت الستائر أخيراً وعلمت بأنني سأبقى عدة أشهر في المنزل. لم يكن هناك عذر واحد للفوضى العارمة التي أعيشها، وأصبحت الفوضى تهدد صحتّي وصحة الهرة المسكينة التي تشاركني السكن في الغرفة. قررت خلال عدة ساعات أنّ الجردة العظيمة آن وقتها، وأنّني لن اكتفي بتنظيف الغرفة ومسح الغبار وإعادة كلّ شيء مكانه، بل سيمتد العمل لنقل الأثاث والتخلص من كلّ ما اثقل كاهل البناء ورأسي للابد! بالإضافة طبعاً لتغيير لون الجدران واقتناء خزائن واستكمال ما أجلت القيام به منذ وقت طويل.

قبل عدة أشهر وُلدت الفكرة، لكنني ترددت في تنفيذها، لدينا دائما ذلك الشعور المخيف في التمسك بالمقتنيات المادية –والمعنوية بالضرورة- ونتصور أن هذه الأكداس اكسجيننا الذي لا نمكن العيش بدونه. ما إن نفتح الصناديق ونبدأ الترتيب سنفاجأ بحقيقة إنها كومة قمامة ستلتهمنا يوماً ما. وهذا ما حصل معي. ولدت فكرة الجرد والترتيب بعد قراءة لعدد خصصته مجلة أوبرا الأمريكية لنفي الفوضى من حياتنا. لم يكن مصادفة فأنت ما إن تقرر القيام بأمر، تجتذب عينيك كل الصور والكلمات المرتبطة به لأنك تنبهت له بالكامل. وبعد مجلة أوبرا توالت التدوينات والمواقع التي تحرضني على فعلها و”تنظيف حياتي”.

متابعة قراءة الجردة العظيمة