طلبت منّي الفنانة والكاتبة الفرنسية صوفي كال بعض التعليمات لتحسين الحياة النيويوركية وعليه أقدم لها التالي.
الابتسامة
ابتسمي حتى وإن لم يستدعي الظرف ذلك. ابتسمي وأنت غاضبة، ابتسمي وأنت تشعرين بالبؤس، ابتسمي وأنت تشعرين بأنك أكثر كائن مسحوق على وجه الأرض. ابتسمي وشاهدي الفرق. ابتسمي للغرباء في الشارع. قد تكون نيويورك خطرة، لذلك احذري. إذا فعلتِ ذلك ابتسمي للسيدات الغريبات عنك فقط. فالرجال وحوش ويجب ألا تصلهم فكرة خاطئة.
على أية حال ابتسمي. ابتسمي باستمرار وقدر الإمكان لكلّ شخص لا تعرفينه. ابتسمي لموظفة البنك التي تمد لك نقودك. ابتسمي للنادلة التي تقدم لك الطعام، ابتسمي للراكب الجالس أمامك في عربة المترو. وخلال ذلك، تنبّهي إذا ابتسم لك أحد بالمقابل. سجلي عدد الابتسامات “المرتدّة” التي تحصدينها يومياً ولا يحبطك غيابها. اعتبري كلّ ابتسامة ترتدّ إليك هدية غالية.
تحدثي مع الغرباء
هناك أشخاص سيتحدثون إليك بمجرد ابتسامك لهم. يجب أن تكوني مستعدة لذلك بتعليقات شيّقة. بعض هؤلاء سيبادرون بالحديث لأنهم مشوّشون وليست لديهم فكرة عن سبب تبسّمك في وجوههم. هل هي إهانة؟ أم إظهار للطافة؟ هل لديك مشكلة سيدتي؟ اقفزي مباشرة للتعليق التالي: لا، ما من مشكلة سيدي، كنت أتأمل ربطة عنقك معجبة. أو أحببت فستانك سيدتي.
سيتحدث آخرون معك لأن لهم روحاً طيباً، سعداء بالمشاعر الإنسانية العفوية التي يبديها الآخرون في طريقهم. حافظي على استمرار المحادثة قدر الإمكان. لا يهمّ محتوى الحديث. الأهمّ من ذلك الحفاظ على التواصل الأصيل الذي حدث.
إذا وجدت نفسك بلا مواضيع للحديث، تحدثي عن الطقس. الساخرون يقولون بأنه موضوع تافه ومستهلك. ولكن في الحقيقة، لا يوجد موضوع يدفع المتحدثين للكلام بسرعة مثل الطقس. إنّه يؤثر بنا جميعا بشكل متساوٍ. بيضاً وسوداً، أغنياء وفقراء، أصحاء ومرضى. الطقس لا يفرّق بيننا، عندما تمطر عليّ تمطر عليك أيضاً. والطقس على عكس مشكلات الحياة الأخرى، ليس من صنع الإنسان.
على الرغم من أننا نعاني من الأشياء التي تفرقنا إلا أنه من الجيد تذكر الأشياء التي تجمعنا وكلما ركزنا أذهاننا عليها كلما ارتفعت معنويات المدينة.
المتسولون والمتشرّدون
أنا لا أطالبك بإعادة اختراع العالم. أريد منك فقط الانتباه له، والتفكير في الأشياء حولك أكثر من تفكيرك بنفسك. على الأقل خلال تواجدك في الخارج، خلال مشيك في الشوارع، في الطريق بين الهنا والهناك.
لا تتجاهلي البؤساء. إنهم في كلّ مكان، ونحنُ نكبر ونعتاد على وجودهم إلى حدّ نسيانهم. لا تفعلي ذلك! أنا لا أطلب منك التبرع بكلّ مالك للفقراء، حتى وإن فعلتِ ذلك سيبقى الفقر موجوداً وسيضيف فرداً جديداً إلى قوائمه. في الوقت نفسه، نحن مسؤولون عن قلوبنا والحفاظ عليها كي لا تقسو. المبادرة ضرورية ومهما بدا ما تفعلينه صغيراً وبلا أمل سيظهر أثره بعد حين.
على سبيل المثال، اشتري خبزا وجبناً أكثر من احتياجك بقليل، واعدي شطائر إضافية قبل خروجك من المنزل واحمليها في جيوبك. قد تتمكنين من إطعام جائع أو اثنين في طريقك.
احملي معك السجائر. نعي أن التدخين مضر بالصحة، ولكن ما لا نعيه أنّ السجائر قد تمنح البعض السلوى. لا تمدي يدك بسيجارة واحدة، قدمي علبة سجائر كاملة إن استطعت.
وإذا لم تتسع جيوبك للشطائر؟ اذهبي إلى أقرب فرع من سلسلة مطاعم مكدونالدز واشتري قسائم للوجبات. اشتري بقدر ما تسمح ميزانيتك، وقدمي القسائم للجوعى إذا لم تملكي خبزاً وجبناً. قد لا يعجبك الطعام المقدم في مكدونالدز لكنه يعجب غيرك. ومقارنة بالخيارات الأخرى، جودة طعامهم تتناسب مع الأسعار. هذه القسائم مفيدة في الأيام الباردة، يتناول الجائع طعامه ويجلس بعض الوقت في مكان دافئ. إذا لم تجدي موضوعاً لبدء الحديث مع جائع، تحدثي عن الطقس.
العناية ببقعة من المدينة
الإهمال لا يطال الأشخاص وحدهم في هذه المدينة، حتى الجمادات مُهملة. ولا أعني بذلك الجسور والأبنية والأنفاق. أقصد المواقع الصغيرة التي نادراً ما ينتبه لها أحد. انظري حولك بتركيز، كل شيء يتداعى.
اختاري بقعة من المدينة، لا يهمّ أين، اختاريها فقط. قد تكون زاوية من شارع، أو مدخل لمترو الأنفاق، أو شجرة في حديقة. تولّي مسؤولية هذه البقعة وحافظي على نظافتها. جمّليها. اعتبريها امتدادا لكِ. جزء من هويتك ربّما. افخري بها كما لو كانت بيتك!
اذهبي إلى هذه البقعة كل يوم في نفس الوقت. توقفي هناك لساعة، وتأملي ما يحدث. تأملي المارة. سجلي ملاحظات والتقطي صور ثم دوّني كلّ ذلك وتعلمي من الناس والبقعة نفسها. ابتسمي للمارة. تحدثي معهم كلما سنحت الفرصة وإذا لم تجدي ما تقولينه تحدثي عن الطقس!
* التدوينة مترجمة عن نصّ “Gotham Handbook” لبول أوستر.
**الصور من التقاطي ما عدا صورة أوستر في رأس التدوينة