پورتريه للسيد X

Portrait Of Pierre Loti ByHenri Julien Rousseau
Portrait Of Pierre Loti By Henri Julien Rousseau

كان مسفوعاً جداً دائما، قويا، حتى في سنّ سبعين سنة. كان ما زال قوياً، قمحياً مثل هندي، مثل أمير هندي، مهراجا بعيون يتطاير منها بريق الابتسامة. لقد كان راضياً قانعا بنصيبه، لقد أحب الشمس والعمل الجسماني، لقد كان مستمتعاً بعمله كحوذيّ، وطوال حياته كانت له وجهات نظر بروليتارية. كان يعتبر كلّ صمت وكأنه موجه ضده أو كأنه هو المذنب فيه. طوال حياته كان قلقا جدا من الصمت. في كل لحظة كان يعتبر نفسه مسؤولا عن استمرار حياة المحادثة، ويشعر دائما بأنه فاشل ومذنب إذا ما خبت المحادثة ولو للحظة. كان متكلما لا يكل ولا يتعب، يفيض بكثرة الاقتباسات والأمثال، يسرع دائما مبتهجاً لكي يشرح ويقتبس متحمسا ليغدق عليك للتوّ كل ما يعرفه من معلومات وليقدم لك متبرعاً وبدون أية حسابات كنوز ثقافته ومكنونات ذاكرته الغنية. وهكذا كان يندفع منه نهر زاخر من الاشارات، والروابط، والتلميحات والالماعات، والتمحيصات والتلاعب بالالفاظ والتوريات. غابات مثقلة بالحقائق والوقائع والقياسات، تلال من التفسيرات والادعاءات المناقضة، والجدالات العقيمة التي تهدف إلى تسلية الحضور، أو الترويح عنهم أو خلق جو من البهجة وحتى التغابي قليلا، لا يحرص على كرامته وكل ذلك خشية أن يسود الجو صمت. ولا حتى صمت قليل ولو للحظة واحدة.

– “قصة عن الحب والظلام” لعاموس عوز

فتاة الشوكولا

long

شاهدت لوحة فتاة الشوكولاللمرة الأولى كغلاف لرواية جو بيكر Longbourn”. الرواية ممتعة! تحكي قصة الطابق السفلي وحياة الخدم ولكن أين؟ في رواية جين أوستن “Pride and Prejudice “. لكنّني لم أشعر بفضول للبحث عن لوحة الغلاف، ولم اقرأ حتى في تفاصيل التصميم من أين جاءت ومن رسمها. مرّ وقت قبل اكتشافي للوحة من جديد خلال تصفحي لموقع لوحات فنية. هذه المرة قرأت أكثر وانتقلت من صفحة لأخرى بسبب فضولي. هذه التدوينة إهداء للشتاء وأكواب الشوكولا الساخنة ولأشارككم بالطبع قصة اللوحة التي وجدتها.

Jean-Etienne_Liotard_-_The_Chocolate_Girl_-_Google_Art_Project

لوحة فتاة الشوكولا The Chocolate Girl لوحة رسمها السويسري جان ايتيان ليوتارد. تظهر في اللوحة فتاة في زيّ عاملة منزلية، تحمل كوب شوكولا ساخنة وكوب ماء في صينية. لهذه اللوحة تاريخ ملوّن وجميل. تنقلت بين عدد من الملاك وأصبحت ملصقاً إعلانيا وغلاف كتاب بالتأكيد.

متابعة قراءة فتاة الشوكولا

#bookfacefriday

.

.

.

.

أتابع منذ عدة أسابيع على حساب مكتبة نيويورك العامة مشروع صور جميل ومليء بالابتكار! كل يوم جمعة وفي هاشتاق عالمي يدرج القرّاء صور لرؤوسهم وأغلفة الكتب. الصور أعلاه تشرح الفكرة، وستجدون المزيد منها وربما تتشجعون للمشاركة على نفس الهاشتاق (bookfacefriday#) هناك صور على تويتر وعلى انستغرام.

هوَ

“Givenchy” by Brett Lloyd & Bryan McMahon
“Givenchy” by Brett Lloyd & Bryan McMahon

كان يُنصت.

ليس مجرد تظاهر بأنه يصغي، من منطلق الاتيكيت، وهو ينتظر، وقد نفد صبره، أن تنهي كلامها وتكفّ عن الثرثرة. لم يكن يخطف من محدثته الجملة من فمها ويكمّلها بدلا عنها بعد نفاد صبره. لم يُسكتها، ولم يقاطعها لكي يلخص أقوالها وينتقل إلى موضوع آخر. لم يكن يسمح لمتحدّثته أن تتكلم إلى الهواء وهو يحضّر أثناء ذلك ما سيرد عليها عندما ستتوقف أخيرا عن الكلام. لم يكن يتظاهر بأنّه مهتم أو مستمتع بل اهتمّ واستمع فعلا، هيا، ماذا. كان فضوليا لا يملّ ولا يتعب. لم يكن فارغ الصبر. لم يحاول في تحويل المحادثة من المواضيع البسيطة التي تثيرها إلى مواضيعه، المهمّة. بل على العكس، لقد أحبّ جداً جداً أحبّ مواضيعها. واستمتع دائما بانتظارها، حتى وإن أطالت كان ينتظرها وخلال ذلك يستمتع بكل التواءاتها. لم يستعجل، لم يُعجّل. كان ينتظرها حتى تنهي، وحتى عندما تنهي لم يكن يقفز ليخطف منها الكلام بل أحبّ أن يستمر في انتظارها: ربما ما زال عندها القليل بعد؟ ربما تأنّيها موجة أخرى؟ أحبّ أن يدعها تمسك بيده وأن تأخذه إلى أماكنها ووفق وتيرتها. أحبّ أن يرافقها مثلما يرافق النّاي الغناء. أحبّ أن يتعرف عليها. أحبّ أن يفهم. أن يعرف. أحبّ أن يدرك ما تعنيه وأن يفهم مرادها وأكثر قليلاً. أحبّ الاستسلام، كان يستمتع بالاستسلام أكثر مما تمتع باستسلامها.

اقتباس من قصة عن الحبّ والظلاملـ عاموس عوز.

هيَ

Édouard Boubat, Devant La fenêtre, France, 1978

عرفت الاصغاء وأن تسمع حتى ما بين الأسطر. لقد كان هو واسع الاطلاع جداً وكانت هي حادة البصر وحتى أحيانا حادة البصيرة. لقد كان هو رجلا مستقيماً، حريصاً، نزيهاً ومجتهداً، وكانت هي دائما تتأمل لتفهم لماذا من يتمسك بقوة برأي معين يتمسك به بالذات وليس برأي آخر، ولماذا من يعارض بحماس صاحب الرأي الأول يحتاج بقوة إلى أن يتمسك بالرأي المعاكس.

الملابس أثارت اهتمامها فقط كنافذة تطل منها إلى داخل لابسيها. عندما كانت تجلس في بيت معارفها كانت تتأمل وتتمعن بدقة مواد التنجيد، والستائر والكنبات، والتذكاريات الموزعة على عتبات النوافذ وألعاب الزينة التي على الرفوف، في حين ينغمس الآخرون في النقاش والجدال. وكأنها كلفت بمهمة تحريات. أسرار الناس كانت تشدها دائما، ولكن عند أحاديث القيل والقال كانت في الغالب تنصت بابتسامتها الخفيفة، ابتسامة مترددة إلى درجة تبدو معها كمن تريد أن تلغي نفسها، وتصمت. سكتت كثيراً جداً. ولكنها إن خرجت عن صمتها وتكلّمت عدة جمل لم تعد المحادثة إلى ما كانت عليه قبل أن تتكلّم.

اقتباس من قصة عن الحبّ والظلاملعاموس عوز