صباح السبت وبينما كنت أعدّ قهوتي المقطرة على طريقة V60 تذكرت المرة الأولى التي شاهدت فيها شخصًا يعدّها بهذه الطريقة. قبل عشر سنوات خلال زيارة لنيويورك سكنت في فندق رائع يحتضن مقهى مميز تسري رائحة فناجينه حتى الأدوار العليا. كانت الموظفة غارقة في الأحاديث مع الزوار تناقش أسبوع الموضة والضغوطات التي تصاحبه. “خلال أسبوع الموضة كل يوم هو يوم اثنين!”. لم يكن خيار القهوة هذا في بالي أبدًا ولا أعرف عنه شيئا. طلبت منها قهوة سوداء وسألتني: أمريكانو أو V60؟ طبعًا شعرت بالفضول تجاه المقترح وسألتها كيف تعدونه وأشارت للأقماع المخروطية وفلاتر القهوة المصفوفة فوق أباريق زجاجية هكذا وبدأت بالعمل. حسنًا أريد منها واحدة -أو اثنتان لأختي لتجرّبها.
منذ سبتمبر ٢٠١٤ وأنا أشرب القهوة بأشكال مختلفة ومذاقات متعددة وأصبح فنجان الصباح أحد التفاصيل التي لم أنفصل عنها. هذا الحبّ والاهتمام ظهر بأشكال عدة في سنواتٍ لاحقة، ففي ٢٠١٥ و٢٠١٦ حضرت مهرجان القهوة في نيويورك وتعرفت على محامص جديدة وآلات وأدوات لإعداد القهوة لم أرها من قبل.
أفكر في هذا التنوع وفي السعة التي يمنحنا إياها السفر والتنقل من أماكننا المألوفة لمشاهد أخرى. حتى أنا لا أعود كما كنت كلما رجعت للبيت من رحلة جديدة. حياتي كلها تغيرت بعد شهرين ونصف قضيتها في أمريكا في ٢٠١٣، عدت بهوايات جديدة ومعرفة أعمق مع نفسي. تعرفت على المسطحات المائية كلّها في أسبوع واحد: المحيط والبحيرة، والنّهر، والخليج، والجداول! والأمر ذاته مع المعارض الفنيّة والمتاحف حيث شاهدت الأعمال التي لم أعرف منها سوى صورها في الكتب والوثائقيات. حضرت الأوبرا والباليه والاوركسترا وتعرفت على خطوط المترو وكيفية التنقل بوسائل النقل العامة. حضرت مسرحية تفاعلية وتسببت في عرقلة العرض ليدفعني أحد الممثلين جانبًا، حضرت حفل توقيع لكاتبة مفضّلة، وتناولت الكرودو* للمرة الأولى في حياتي. منذ تلك الرحلة والرحلات التالية لها كانت كلّ تجربة تعيدني لدهشة الطفل الأولى وقادني فضولي لأغرب الأماكن وأكثرها ألفة.
قبل شهرين تقريبًا ذهبت مع أخواتي في رحلة صيفية ممتعة، كانت المرة الأولى التي نسافر فيها سويّة منذ العام ٢٠١١! في كل مرة كنا نسافر في مجموعات صغيرة، كل اثنتين أو ثلاثة مع بعضهن. لكنّ الوقت أخيرًا مناسب والأجواء والوجهة.
قضينا عدة أيام في العاصمة البريطانية لندن وتوجهنا إلى ادنبرة عاصمة اسكتلندا التي وقعت في حبّها منذ سنوات وعدت إليها مرتين.
خلال الأيام التي سبقت الرحلة حاولت المحافظة على هدوئي وقللت من حماسي كي لا أسبب لهنّ الارتباك. وددت أن يعبروا عن حبهن وإعجابهن بالمدينة، أو في حالة أخرى: انزعاجهن. قضينا حوالي الأسبوع في المدينة العتيقة وأحبّ أن أقول: لقد وقعن في حبّها لدرجة رفضهن للعودة والبقاء لوقت أطول إن أمكن.
تخللت إقامتنا في أدنبره رحلة يوم واحد إلى المرتفعات الأسكتلندية، كانت الرحلة أكثر من احتمال لياقتهن وصبرهن وخلال انطلاق السيارة بين المرتفعات وتعرجات الطرق صارحتهن بواحد من أهداف الجولة: تصوير الكوخ الوحيد في غلين كو! تماسكن طبعًا ولم يصارحنني برغبتهن في ركلي من السيارة. كان يومًا طويلا لكن الوقفات والمناظر الطبيعية الساحرة ستبقى في أحلامي حتى أعود.
تلقيت الكثير من الأسئلة حول الرحلة وما هي مفضلاتي؟ دائما الطعام عنصر جوهري في كلّ عطلة، والفنّ والقهوة والكتب بالتأكيد! قضينا أيامنا في الطبيعة أو المشي في الشوارع الهادئة بعيدًا عن صخب السياح في الRoyal Mile.
وبلا إطالة ها هي مفضلتي:
- الإفطار في مطعم The Pantry
- القهوة في Artisan Roast
- مخبوزات الهيل والقرفة من Söderberg
- القهوة والإفطار Fortuna Coffee Bar
- الستيك الشهي والاطباق المصاحبة في Kyloe
- وجبة الغداء البحرية في Fishers in the city
- العشاء الياباني في Yamato
- المشي في منطقة Stockbridge
- زيارة شاطئ بورتوبيلو ومكتبة The Portobello Bookshop المستقلة
- نزهة اليوم المطير في حديقة Princes Street Gardens
- اكتشاف محل العطور الاسكتلندي Jorum Studio
*الكرودو هو طبق إيطالي يقدّم فيه السمك (واللحم عمومًا) نيئًا. شبيه بالساشيمي الياباني.
.
.
.
من زمان مشتركة في مدونتك ووصل لي ايميل انك نشرتي تدوينة جديدة. يالله ما تتخيلين قد ايش جتني المشاعر القديمة من لما كنت أتابعك من أكثر من ١٤ سنة والله رجعتي مشاعر الحنين لهذيك الحقبة من الزمن وعالم المدونات والتدوين والناس الطيبة الجميلة والمبدعة. ورحت ابحث عن حسابك في تويتر واكتشفت انك سكرتي حسابك والناس مفتقدتك هناك ولا ألومك بترك تويتر عموما. سعدت إني لقيتك مستمرة بالتدوين وممتنة لك . وجيت أقول لك استمري ()
أحببت تعليقك، مرتبط بشخص وفيّ، ومهتم.
قبل يومين شعرت أنني بحاجة لإغلاق حساباتي في جميع وسائل التواصل ما عدا الواتساب، أشعر براحة كبيرةً الان، متسع في العقل للتفكير و بعض الهدوء.
لكن المدونات شباك جميل، تمر منه نسمات لطيفة وبعض الشمس دون صخب،، لذا هل يمكنك ترشيح مدونات مفيدة لطيفة مثل هذه المدونة الرائعة؟
أعتبر مدونتك مساحتي الآمنة، أنتظر تدويناتك بفارغ الصبر و أستمتع بقراءة تجاربك و عيشها معك في انتظار أن يأتي اليوم الذي أسافر فيه و أروي تجاربي إن شاء الله.
سمعت حلقتك مع فنجان وجبتو طاري “استعادة ضبط المصنع” وطبعًا تملكني الفضول إني اقراها
خصوصًا إني من ماني من جيل المدونات لكن عندي رغبة ملحّه إني اكتشف هالعالم
ولعلي طحت بغرام مدونتك واسلوبك وشخصيتك من دون قصد.
+وحده من خيالاتي الجامحة إني ابي اسافر معك يومًا ما لنيويورك!