كيف تصبح مسوّف ذكي؟

قبل عدة سنوات وبينما كنت أعمل في وظيفة بشركة إبداعية؛ وجدت نفسي في لحظات كثيرة غارقة في المهام ولا أعلم من أين أبدأ. كنت أذهب لمديرتي في مكتبها لتبدأ بكتابة مهامي وتفكيكها واستبعاد غير العاجل أو المهم منها. كنت مذهولة من طريقتها في الترتيب وكيف تختصر ١٢ مهمة خلال دقائق إلى ٥ أو ٦! كانت تقترح تفويض مهمة لأفراد الفريق، أو تأجيلها بعد التفاهم مع العميل أو الغائها تمامًا. عرفت تفاصيل هذه التقنية لاحقًا بالممارسة والقراءة والتعلم الذاتي. قرأت عن تنظيم الوقت وإدارة المهام واستمعت وشاهدت وكتبت، لكنني مررت بتدوينة ممتعة حول الموضوع وقررت نقلها للعربية ومشاركتها بتصرف في المدونة.

لنتخيل السيناريو التالي:

  • لديك قائمة مهام طويلة دون تحديد أولوية.
  • تشعر باليأس وترغب في التوقف عن عمل كلّ شيء.
  • تبدأ العمل على مهام معينة وتقفز بينها دون إكمال.

إذا كانت السمات السابقة تنطبق عليك أنصحك بمتابعة القراءة والتفكير في طريقة مختلفة لمعالجة المهام المتراكمة. تركز الكاتبة على فكرة رئيسية في ترتيب قائمة المهام وهي: توضيح ما يجب استبعاده لا ما يجب فعله. أي أن تسوّف أو تؤجل بذكاء!

إذا كان كلّ شيء مهما، كيف تختار مهمتك التالية؟

لدينا جميعًا نفس الوقت ونفس عدد الساعات اليومية، لكن التحدي يكمن في اختيار الأولويات واستبعاد ما لا يتناسب مع وقتنا خلال اليوم.

يقول الكاتب أوليفر بركمان: «عليك أن تتعلم كيف تصبح مسوفًا جيدًا وتقبل حقيقة أنك لن تتمكن من إنجاز كل شيء. ثم تقرر بوعي تام ما يجب إهماله لصالح ما هو أكثر أهمية».

ما هي الأدوات التي ستساعدني في التأجيل المتعمّد؟

مصفوفة الأولويات

١-استخدم مصفوفة الأولويات.

تسمى أيضا مصفوفة آيزنهاور وهي نموذج مختصر يمكنك من تصنيف المهام وتوضيح أولويتها. لدينا التصنيفات التالية:

الملهيات

هذه أسوأ أنواع الأنشطة. قد تشعرك بالانشغال دون تحقيق أي شيء. تظهر في جدولة مصادفة وبلا تخطيط. لذلك استبعدها أو احذفها.

المقاطعات

للأسف هذه هي المنطقة التي نقضي فيها الوقت الأطول. شخصيا وعندما درست وقتي وبحثت عن أيامي المثالية وجدت أنها تلك التي لا يقاطعني فيها شيء أو أحد. يدخل من ضمن هذه المقاطعات: رسائل البريد والمكالمات والاجتماعات الطويلة التي لا تضيف لمسار العمل أي شيء. حلّ هذا التصنيف مع التفويض أو التأجيل.

أنشطة بالغة الأهمية

مهام وأنشطة «إطفاء الحرائق». لا تستطيع تأجيلها أو تفويضها أو استبعادها. تبقى هذه المهام دائمًا في رأس القائمة وغالبا هذه مهامي اليومية في العمل. يدخل من ضمنها: توزيع المشاريع على الفريق، ومراجعة المنتجات، وتدقيق المحتوى، والردّ على الرسائل. إذا كنت في وضع جيّد انتهي منها قبل منتصف اليوم وأحاول تأجيل الشخصي منها للمساء مثل اللقاءات العائلية، والتسوق، وترتيب وتنظيف مساحتي.

أنشطة مهمّة

هذه الأنشطة يُدفع بها جانبًا في سبيل إطفاء الحرائق – للأسف. غالبًا تكون مرتبطة بالأهداف بعيدة المدى مثل إنجاز مشروع شخصي، أو الالتزام بالرياضة، وتجهيز وجباتك اليومية وهكذا. هذه الأنشطة تستحق الظهور على قائمة المهام على شكل عادات يومية بسيطة ومراجعات للتقدم بشكل أسبوعي، وشهري، وربع سنوي. بعد تصنيف المهامّ بهذه الطريقة، اختصر القائمة اليومية لتضم الأنشطة الهامة وبالغة الأهمية فقط. وإذا أتيح لك المزيد من الوقت انظر في الباقي منها.

٢-الإنجاز بالاعتماد على الطاقة الذهنية لا الوقت.

اترك المهامّ التي تتطلب صفاء ذهني لعطلة نهاية الأسبوع أو بداية الصباح. والمساء أقضيه في الاسترخاء أو القراءة أو مشاهدة التلفزيون. أساس العمل بهذه الفكرة هو تحديد أوقات الانتباه الأفضل وإدارة طاقتك لا وقتك.

٣- لا تمسح الأسطح!

استخدمت الكاتبة هذا التعبير للإشارة للحالة التي نمر بها عندما نقرر إتمام صغائر المهام أولًا ثم ننتقل للأكبر. مثال على تلك المهام: تنظيف المنزل بدلا من إتمام كتابة مقالة أو دراسة فصل للاختبار، أو حضور اجتماع عصف ذهني في إدارة مختلفة بدلًا من مراجعة ملف وإرساله. قد تبدو فكرة مسح الأسطح صائبة في البداية لكنّ وقتك سيضيع وينتهي الأمر إلى تسويف – سلبي. ابدأ أولًا بالمهمة الأصعب وفككها لأجزاء أصغر لتخفيف الإرهاق الناجم عنها. ومن ثم انتقل للمهام الصغيرة في نهاية الأمر.

٤-كن واقعيًا.

كلما تجاوزت المنطق في تحديد مهامك اليومية كلما كان تنفيذها أصعب، ومن ثم ستشعر بالإحباط وتدخل في دوامة الذنب والفوضى. يمكنك التحقق من واقعية المهام والأنشطة من خلال توزيعها على تقويمك اليومي والاسبوعي والشهري. فكر في كلّ شيء! من ازدحام الطريق، إلى توفر الموارد. وخطط للوقت المتوقع لإنجاز كل نشاط واختر أصعبها للتزامن مع فترات النشاط العالي. عندما تضع الخطوط العريضة، استمتع بالمرونة فيما يتبقى من الوقت واحصل على فترات للراحة والاكتشاف مع إضافة توقع للظروف الطارئة أو الفرص.

٥-تنظيم المهامّ بطريقة آيفي لي.

دوّن الكاتب جيمس كلير حول هذه الطريقة الذكية لتنظيم المهام. الفكرة منها: حصر القائمة اليومية على ستة مهام لا أكثر ثم العمل على إنجازها.

  • في نهاية كل يوم عمل اكتب ستة مهام تحتاج لإنجازها يوم غد.
  • رتب المهام حسب الأولوية (استخدم مصفوفة الأولويات).
  • اعمل على كلّ مهمة حتى إنجازها ثم انتقل للتالية.
  • في نهاية اليوم انقل المهام غير المكتملة إلى قائمة جديدة للغد.

هذه الطريقة مفيدة لعدة أسباب ومنها تفادي إجهاد اتخاذ القرار Decision Fatigue وبالتالي لا تقضي وقت طويل في اختيار مهمتك التالية. والسبب الآخر تقليل التنقل العشوائي بين المهام والتركيز على إنجاز مهمة واحدة. والثالث تقليل التسويف المرتبط بالارتباك أو الحيرة.

بعد تطبيق هذه الأفكار المتنوعة لضبط مهامك لا تنسَ إعطاء الأولوية لنفسك. ليكن الاهتمام بها ضمن هذه القوائم وإن كان لعدة ساعات أسبوعيًا. هذا الاهتمام وقودك للاستمرار بنجاح.

كن واقعيًا وتذكر أن العالم لن ينتهي إذا لم تنهِ قائمة مهامك.

.

.

.

Painting by Johannes Vermeer

4 تعليقات على “كيف تصبح مسوّف ذكي؟”

  1. قصاصة جميلة يا هيفاء اتمنىانها تنقذني من تراكم المهام وضيق الوقت والشتات اللي قاعد يحصلي.

  2. استخدم google keep للمهام وبما اني ملوله جدا التكرار اليومي للمهام يطفشني
    google keep ساعدني اني اسوي مهام للدوام ومهام للبزنس ومهام للويك اند بالبيت ومهام في الكوفي شوب لما اروح اقرأ أو اشتغل حتى

    ومهام لمدن ناويه اروحلها ومهام مع اطفالي

    استخدمت موقع random احط فيه يوميا 10 مهام – واحيانا اقل- غير المهام الأساسيه اللي لازم اسويها يوميا وكل مره اختار المهام بطريقة عشوائية

    https://www.textfixer.com/tools/random-choice.php

    ساعدتني الطريقة اسوي المهام المتراكمة من سنين + ما احس بالملل لأن المهام احيانا غريبه ” اسوي كيكة ليمون أو أفرغ المخرن أو أجرد ملف التنزيلات في الكمبيوترأو حتى اطبع صور رحلات عائلتنا “

  3. كتابة المهام وإنجازها تحتاج لتدريب بالفعل، وكثيراً مايصاب أحدنا بالإحباط جرّاء عدم إنهائها .. بالنسبة لي استمررت بالمحاولة مراراً واستعنت بكثير من الأدوات حتى بات الأمر أكثر سهولة عليّ .. شكراً لك ودام قلمك🤍

  4. أفضل نصيحة أخذت بها كانت من مدربتي الرياضية وصاحبة الاستوديو الذي أذهب إليه: يجب ألا تتعدى قائمة المهام اليومية ٧ مهمات رئيسية حتى لا تصل إلى إجهاد اتخاذ القرار. وفعلا منذ تطبيق هذا الأمر أصبحت أكثر تركيزا وأكثر إنجازا.
    كما أنني أستخدم تطبيق Todoist – سهل وغير معقد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.