وجدت على مكتبي صباح اليوم عدة أوراق من دفتر ملاحظات تحمل عنوان فندق زرته الشهر الماضي. كتبت في رأسها حصيلة أكتوبر كانت لتكون بذرة تدوينة أنشرها قبل أسبوعين ولم يحدث ذلك. حبسة الكتابة -والتعبير- تزورني مجددًا يبدو أنها مثل عدوى سنوية تأتي في موسم ثابت. صديقتي تقول ربما هذه المشاعر التي يسمونها ب birthday blues أو الحزن المصاحب لأعياد الميلاد. لم أشعر أبدا بالحزن في ذكرى يوم ميلادي حتى في تلك المرات التي حلّ فيها وأنا وحيدة وبعيدة.
هناك شعور بالتباطؤ وأنا اتجه لنهاية العام ما الذي يمكنني فعله في الأيام القليلة القادمة قبل أن تبدأ السنة الجديدة؟ إعادة تهيئة؟ كتابة قائمة أهداف مختلفة؟ أو الجلوس والانتظار؟ قدمت طلب إجازة للتخفف من الأيام الكثيرة التي جمعتها خلال عام الجائحة والتي لا يمكنني ترحيلها للمرة الثانية. تزامنت الاجازة مع بدء دورة للكتابة عن الفنّ أقامتها دار سوذبيز للمزادات بالتعاون مع معهد مسك للفنون في الرياض. كانت خمسة أيام منهكة وممتعة في نفس الوقت تعلمت فيها مزيج من المهارات الجديدة والقديمة لكن أكثر ما أسعدني هو التعرف على مجموعة من المتحمسين للكتابة والفنّ معًا. البعض جمعتني بهم منصات التواصل الاجتماعي أو ورش عمل قدمتها سابقا أو علاقات مهنية مشتركة.
انتهت الدورة يوم الخميس الماضي وحملت معي منا قصص جديدة ونظرة مختلفة. أما الكتابة التي خاصمتني لأسابيع تدفقت تحت ضغط التمرين والمشاركة. عرفتُ أنها نافذتي الوحيدة عندما أقفل كل نوافذ التواصل والاكتشاف وستكون دائمًا الهدية التي أشكر الله عليها كلّ حين.
ماذا عن أوراق الملاحظات التي حملتها معي؟ كتبت فيها نقاط سريعة وتأملات أنشرها هنا بلا تنقيح:
- الجمعة ٨ أكتوبر، الميلاد والحفلة وحضور فيلم جيمس بوند الجديد وطقم الملابس المريح الذي اقتنيته ليذكرني باليوم. طلبت من أخواتي الكعكة التي أريدها بالتحديد: كعكة ميلاد تشبه كعكات السوبرماركت التي كان والديّ يشتريانها في الثمانينات احتفالًا بنا. أردت احتفالية بسيطة وغرقت في باقات الورود والأمنيات الطيبة والهدايا غير المتوقعة!
- زرت مكة المكرمة وأديت العمرة في الأسبوع الثالث من أكتوبر. كانت هذه الرحلة برفقة والدتي التي شاركتني الانفصال عن كلّ شيء والتوقف وغسل أرواحنا. سأحتفظ بذكرى هذه الليالي حتى أعود إليها مجددًا. ولن أنسى اللحظة التي وضعت فيها جبيني على سجاد المسجد لتغمرني رائحة الورد وتمدني بالسكينة التي احتجتها لسنوات. قرأ الامام في صلاة المغرب حتى وصل «لا يكلّف الله نفسًا إلا وسعها» ووقعت في قلبي تمامًا.
- نهاية الشهر زرت المنطقة الشرقية لحضور افتتاح موسم تنوين الذي ينظمه مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء». وصلتني دعوة الحضور بصفتي مدونة وحضرت مع مجموعة من العاملين في المجال الإعلامي. يمكنني ملاحظة الاختلاف بين المدارس التي ننتمي إليها. أنا جئت من مدرسة التدوين -إذا كان هناك شيء بهذا الاسم- وأشارك تجاربي وقصصي الشخصية في قالب مختلف جدًا عن الصحف والمجلات وقنوات التلفزيون والراديو. تعرفت على زميلات جدد وتبادلنا الأحاديث الممتعة خلال ساعات تنقلنا وحضورنا المؤتمر. كانت الرحلة هذه فرصة للقاء الأصدقاء بعد غياب امتد لسنة أو أكثر.
قراءات: انهيت قراءة رواية عمر طاهر «كحل وحبهان» ممتعة ولذيذة جدًا! وقرأت كتاب آخر عن أدب الرواية والكتابة غير الواقعية fiction بشكل عام للمؤلفة Alice McDermott بعنوان: What About the Baby? الكتاب يستعرض تقنيات متنوعة ويطرح أمثلة للتأمل والتحليل.
مشاهدات: وثائقي «دماء على نهر السين – بين فرنسا والجزائر» يحكي قصة أحداث مجزرة باريس عام 1961 التي نفذتها الشرطة الفرنسية ضد مئات المدنيين الجزائريين العزل.
.
.
.
جميلة… كل تلك التفاصيل
قرأت كتاب كحل و حبهان و فعلا يشعرك بالجوع
رائع ما تكتبينه سيدة هيفاء ، إنها كلمات حلوة للغاية 🤎