خلال مكالمة تليفونية طويلة، بدأت برسم نجمات متجاورة. نجمات كبيرة وصغيرة حول هوامش الصفحة. انتبهت لهذا التفصيل لأنّه يحدث للمرة الأولى. دائمًا أرسم مربعات، مكعبات، خطوط متداخلة أو اكتب كلمات وأكررها وغالبا تلك التي ترد في حديثي مع المتصل.
بدأ هوسي بالمكعبات في وقتٍ ما خلال الدراسة الابتدائية، بعد درس المكعب تحديدًا. صنعنا مع المعلمة مكعبات بالورق بمقاسات متعددة. مكعبات صغيرة ومتوسطة، وفي نهاية الوحدة الدراسية قدمت لنا التحدي الأهم: مكعب طول ضلعه ١م! عملت بحماس لهذه المهمة وبقيت مع بعض المهام الدراسية الأخرى في مفضلتي للأبد.
أصبح المكعب الشكل الذي أرسمه وأنا أذاكر دروسي، وأنا على الهاتف، وأنا مرتبكة، وخلال اجتماعات العمل الطويلة المملة. لكنني أذكر بذات الوضوح اللحظة التي تعلمت فيها رسم النجمة، كيف بدأت برسمها مائلة، ثم جربت رسمها بمثلثين متقاطعين في محاولة للاختصار ولكن الناتج كان نجمة داوود التي أفزعت صديقتي في الفصل، لا ترسميها هذه شعار اليهود.
شعرت بالإحباط لأنني ظننت أنني اتقنت الرسم أخيرا. ثم شرحت والدتي الطريقة بكل هدوء: يبدأ الرسم برقم ثمانية ثمّ تنطلقي من الأركان وترسمين ثمانيات أخرى، هكذا، واحد، اثنان.
كانت لحظة ذهبية عظيمة!
لماذا هذا التغيير الآن؟ لماذا توقفت عن رسم المكعبات وانتقلت للنجمات؟
لم أبحث من قبل عن سرّ رسم المكعبات، لكن مع التحول الأخير، أردت معرفة القصة وفورًا توجهت لمحرك البحث وكتبت ماذا تقوله الرسومات التي ارسمها؟ What my doodles say about me؟
وجدت تحليلات متعددة: هنا، وهنا، وهنا.
النجمات تقول بأنني طموحة ومتفاءلة وعقلي لا يهدأ. جيد جدًا.
تغييرات وتحوّلات
مع انتقالنا للرياض، عدنا للسكن في منازل مستأجرة. شيء بعيد جدًا نسيناه مع مسكننا الأخير في الجبيل. الآن نحنُ نحارب كل سنة للبقاء في مكان واحد، ونجرّب التعايش مع جيران مزعجين، مع حفلات الأطفال والبالغين التي تمتد لساعات الفجر الأولى. للجدران الخفيفة مثل قطعة كرتون. وللمساحة المحدودة التي تدفعنا للتخفف كل عدة أشهر.
كنت قد تحولت للنوم على الأرض قبل سنة تحديدًا، لتوفير مساحة في غرفتي صالحة للعمل والتمرين. أحببت الفكرة واستمتعت بها طويلًا. لكنني لاحظت أنها غير مناسبة –على الأقل في مدينة مثل الرياض– تغرق بالغبار كل ٤٨ ساعة. واضطر لكنس المكان بشكل متكرر أسبوعيًا حتى لا يتأثر تنفسي ونومي بالمنغصات.
نهاية الأسبوع الماضي تراجعت عن الفكرة واقتنيت سرير منخفض نسبيًا ليحقق لي شعور الاقتراب من الأرض، ومرتفع عنها لأبتعد عن الغبار.
تخلصت من قطعتي سجاد كثيفة كانت تجمع الغبار والشعر المتطاير من جسد قطتي، التي وعلى الرغم من أنها لم تصبني بتحسس من قبل إلا أنّ شعرها يفعل ذلك الآن.
كانت لدينا سجادة قديمة ومطوية، اقتنتها والدتي لمجلس بيتنا في الجبيل وبسبب ارتفاع سعرها آثرنا الاحتفاظ بها ونقلها من مسكن لآخر في الرياض، حتى نجد المساحة المناسبة لها. أخذتها وفردتها وكانت مفصلة تماما على مساحة نومي وتمريني.
تخلصت أيضا من علب البلاستيك وطاولة التزيّن الارتجالية التي قاومت معها شراء رفوف حقيقية، اقتنيت هذه الـ Console من الخشب وبها مساحة لأدراج –أو سلال من الخوص-.
هذا الصباح أنظر للجزء المتبقي من الغرفة وهو ينتظر الترتيب، تبقى جردة المكتبة، والمكتب، والقرطاسية، ورفوف القهوة والشاي.
أدركت خلال يومين من التنظيف والترتيب بأنني عشت الجزء الأكبر ٢٠١٨ خارج نفسي، خارج غرفتي، خارج بيتي. حتى تكدس كل شيء –معنويا وفيزيائيا– وأوشك على الانهيار.
كانت غرف الفنادق وبيوت الأصدقاء متعة بصرية وهروب من الفوضى التي أدفع بها خلف بابي، كانت المساحة الأهم والأنظف موقع فراشي الأرضي، وما حول مكتبي. ارتمي في الظلام على الوسادة وأصرف نظري عن بقية الغرفة.
لا أعلم كم سيطول بقائي في هذه المساحة، هل سننتقل قريبًا أو لاحقًا؟ ما أعرفه على وجه التحديد: صناعة مساحة جيدة للحياة وإن صغُرت، ضروري للاحتفاظ بمزاج وذهنٍ صاف.
بداية الشهر أهدتني موضي سدادات للأذن، وغطاء للعينين واستطيع القول بأن الجيران ولو أرادوا إقامة استعراض عسكري في حديقتهم لا يمكنهم النفاذ لأحلامي بعد الآن. (يمكنكم القراءة عن حياة غرفتي بلا ستارة في هذه التدوينة)
كلا المنتجين من أمازون وميزة غطاء العينين بأنه مرتفع قليلًا عن الجفن والرموش فلن يتسبب بضغطها أو انتفاخها في الصباح.
هنا تدوينة قرأتها بعد تجربتي، ووجدت أن المدونة ترتدي غطاء العينين من الليل ولا تنتظر ظهور الشمس، فالضوء مهما كان خفيفًا يؤثر سلبًا على مجرى النوم.
العودة إلى العمل
أعود خلال الأيام الأخيرة من الشهر للعمل بدوام كامل بعد أن ظننت بأنني ودّعت هذه الفكرة للأبد.
خلال العام الماضي بدأت العمل في شركتي الخاصة، ومع أنّ أداءها كان متميزًا مقارنة بالشركات الصغيرة ذات العدد المحدود من الموظفين، إلا أنّ فرصة العمل التي طرقت بابي تعني لي الكثير.
العمل بوظيفة ودخل ثابت سيمنحني قوة أكبر في دعم الشركة، في استقطاب من يساهم في بنائها، وسيخلصني من كوابيس الأيام التي تمرّ بلا مشاريع أو عملاء.
الفكرة المخيفة هي الرجوع للروتين والارتباط بساعات العمل اليومية والجلوس في مكان واحد، وقد مرنت نفسي على ذلك خلال الشهور الماضية.
مكتب شركتي خارج المنزل، وكنت أخرج كل يوم صباحًا مع أختي لعملها ونعود في الخامسة سوية، هذا الانضباط النسبي لم يبعدني كثيرا عن جو الشركات والساعات فيها. هذه الأيام أعيد ترتيب نفسي وحياتي، بحذر واهتمام أكبر.
أشياء لبداية الأسبوع
أساسيات أدوات مع غوردن رامزي (مناسب لمن يبدأ الطبخ أو يعيش في مساحة صغيرة)
كتاب عن رواية القصص بالبيانات Storytelling with Data
.
.
.
تدوينه جميله ياهيفاء ،، بالواقع كنت ابحث عن موقع او كتاب يساعد بكتابة المقالات للمبتدئين او نصائح عامه فاذا لديك ياليت تساعديني ❤️
ما نوع الشركه التي اقمتها ونوع النشاط لربما نتشارك معك اهتماماتك ونشاطاتك وكتاباتك وابداعاتك .
هذه هي الحياة الدنيا ، تنقلات من مكان لآخر ،، وتحولات من حال إلى حال،، والسعيد هو من لا يركن إلى الدنيا ويطمئن بها بل يعمل للآخرة ويستمتع بما أعطاه الله من نعيم مؤقت ♥️