كيف تبدأ بالأكل النظيف؟

بدأت في مايو الماضي –تقريباً– خطة عظيمة لتغيير عاداتي الغذائية وأنشطتي البدنية. تحدثت أكثر من مرة عن ذلك في المدونة. لكن تدوينة اليوم خاصة وتحفيزية لكم بالمقام الأول. أريد أن أحدثكم عن رحلتي مع الأكل النظيف –أو محاولة البدء بالأكل النظيف. ولكن قبل الدخول في تفاصيل ما تعنيه هذه العبارة وكيف يمكنكم البدء سأتحدث قليلاً عن النتائج التي وصلت إليها حتى الآن.

لن أتكلم عن خسارة الوزن، أو تغير المقاسات فهذه أشياء اضافية ستحصلون عليها على مدى رحلتكم. لكن الشعور العامّ بالخفة والصحة لا يستبدل بأي شيء في الحياة. عندما قلت البدء بالأكل النظيف كنت مستعدة للتخلي عن بعض الاشياء التي أحبها لأنني ومنذ سنوات توقفت عن العبث بغذائي وصحتي قدر الإمكان. لستُ مهووسة بالوجبات السريعة ولا المشروبات الغازية ومفهوم الحلويات والاسراف فيها مرتبط بالفواكة والكسترد والشوكولا الداكنة. لذلك لم تكن معاناتي شديدة مع الانقطاع عنها.

كان التحدي الأكبر هو الاحتفاظ بعادات الأكل النظيف خلال الزيارات والسفر. كنت كل مرة بحاجة للسؤال عن محتويات الاطباق وهذا يسبب لي الاحراج أحياناً حتى وجدت أن تناول الطعام النظيف المتوفر على الطاولة هو الحلّ. اعتذرت عن تناول الحلويات التي تعدّ بطريقة ابسط ما يقال عنها “متوحشة” يسكب فيها أنواع من السكر والدهون والمركبات المشبعة بالمواد المصنّعة. شيئا فشيئا بدأت استوعب نفسي واحتياجاتي للأكل وبقدر الامكان لا أحاول لفت الانتباه لاحتياطاتي وآكل ما أجده مناسباً واعتذر عن ما يثير في نفسي ومعدتي الريبة.

شيء آخر وجدته في رحلتي هذه أنني اصبحت أجرّب طرق مختلفة في طهي الطعام وحفظه، وأخطط لوجباتي يومياً وأسبوعياً إذا سمحت الظروف. اصبحت الوجبات السريعة تصيبني بالغثيان بمجرد التفكير فيها، وإذا حصل وحوصرت ولم أجد لها بديلاً، اختار أكثر الاطعمة وضوحاً في المكونات والأخفّ في طريقة التحضير. مع ذلك كانت هذه اللحظات صادمة لجهازي الهضمي وجسدي. بعد تناول وجبة سريعة أو حتى وجبات تطهى خارج المنزل بطريقة سيئة يصاب جهازي الهضمي بكآبة شديدة، ويزورني صداع مرعب وأيضاً لا أنسى “غيبوبة الأكل” التي تتبع ذلك.

ما زلت أحاول ولا أدعي مثالية خياراتي أو التزامي. إذا كنت سأعطي نسبة لالتزامي بمبادئ الأكل النظيف سأقول بأنها بين ٥٥–٦٠٪ من الوقت. سأحاول رفع ذلك إلى ٧٠٪ لأكون راضية عن نفسي. أعتقد أن مشكلتي التي تجعل الالتزام التام ممكناً هو عدم توفر المنتجات التي أبحث عنها في الأسواق المحلية لمدينتي وبحثي عن بديل جيد لكن أقل مثالية.

هذه هي مقدمتي السريعة، حاولت تغطية كلّ ما تذكرته عن تغييراتي الغذائية والآن إلى الجزء الأهم.

البداية

ماذا نقصد بالأكل النظيف؟

ببساطة هو الأكل الاقرب لحالته الطبيعية. أيّ غذاء لم يتدخل فيه الانسان أو المصنع ونبت من الأرض أو جاء من حيوان هذا أكل نظيف. كل ما كان مصنّعاً ومعالجاً واضيفت إليه مكونات كيميائية وألوان صناعية كلما ابتعد عن كونه نظيفاً –وكونه طعام طبعا. قرأت في بعض المقالات أن المعلبات الغذائية يمكن اعتبارها نظيفة تقريباً وذلك بحسب طريقة معالجتها وتاريخ صلاحيتها. أيّ شيء لا يفسد خلال مدة معقولة وطبيعية يعتبر غير نظيف وتمت معالجته ليعيش أطول. شيء آخر يساعدكم في التعرف على فائدة مُنتج ما أو ضرره: قراءة الملصق عليه. إذا زادت مكوناته عن ما تصفه العلبة الخاصة به فهو غير نظيف. إذا امتلأ جدول المكونات بمصطلحات وأسماء لا يمكنكم قراءتها أو التعرف عليها فهو غير نظيف. أحد خبراء التغذية يتبع قاعدة الخمس مكونات، اذا زادت المكونات عن ذلك فهذا مؤشر تحذير له. يصعب علي كتابة قائمة بالمنتجات الجيدة أو النظيفة بمقابل الضارة، لكنني سأحاول في سلسلة من التدوينات اللاحقة الحديث عن خياراتي الخاصة في التسوق، الطهي، والتجهيز للوجبات خلال الأسبوع.

الخطوة الأولى للبدء بالأكل النظيف: تنظيف بيئتكم الغذائية.

اقصد بها الثلاجة والفريزر ومخزن الاغذية وخزائن المطبخ وأي مكان تستخدمونه لحفظ الطعام أو اعداده. هذا شيء لم استطع فعله فوراً والسبب أنني لا أسكن وحدي في المنزل. هناك أفراد الأسرة والعاملات ولكل منهم احتياجاته والأغذية التي يحبها ولا يستغني عنها. اتبعت مع عائلتي عملية الاستبدال التدريجي. تمكنت من ذلك لأنني اتسوق أسبوعياً لغذاء المنزل وأصبحت اضع اختياراتي في العربة بدلاً من الخيارات الأقل فائدة هكذا لم تحدث لديهم صدمة ولم يصبهم الجوع بالتأكيد! القائمة التي تريدون التخلي عنها هي:

• منتجات الدقيق الأبيض ومنتجات القمح المعالجة، وأي مخبوزات أو حلويات تقع في هذه القائمة.

• الأغذية المعدلة جينياً.

• السكر الأبيض وأي سكر صناعي أو بديل للسكر ومن بينها سپليندا وأخواتها.

• الزيوت المهدرجة. ويمكن أن تكون في صيغة غير صيغة الزيوت التي تعرفونها وهنا المفاجأة: مبيضات القهوة، بعض أنواع البسكويت الدسمة، والكعك والحلويات مثل الدونت، البطاطا المقلية وشبه المقلية المجمدة، وأي منتجات مقلية ومجمدة عموماً.

• أي معلبات تحتوي على كميات مرتفعة من السكر والملح ومركبات تحتوي الكبريتات، النترات.

• وأهم شيء: وجبات المطاعم السريعة وشريحة كبيرة من المطاعم عموماً، الحلويات المحضرة في بعض المقاهي، وأي شيء لا يمكنكم التعرف على مكوناته.

الخطوة الثانية : البدء بملء بيئتكم الغذائية بالبدائل الجيدة والمفيدة

في الاكل النظيف ستصبح القائمة التالية صديقتكم المقربة!

• الخضروات، والفواكة الطازجة العضوية الخالية من المبيدات. اشتروا خضرواتكم وفواكهكم من أسواق محلية قريبة من المزارع أو يبيعها المزارعون بأنفسهم. بعض أنواع الخضروات في الاسواق مخزنة بشكل سيء، تعرضت للمبيدات وغير عضوية. خلال فترة البدء بالأكل النظيف جربت أنواع جديدة من الخضروات وأحببتها من بينها الخرشوف، السبانخ الطازجة الغير مجمدة، أوراق الكرفس، الشبت. وكلها مفيدة للجسم وأعضاءه الحيوية بشكل مدهش!

• الأكل النظيف لا يعني الانقطاع عن اللحوم والمنتجات الحيوانية. لكن التخفيف منها قدر الإمكان كان فكرتي. والذهاب دائما لخيارات أقل دهن مثل صدور الدجاج الخالية من المواد الصناعية والهرمونات، الربيان والأسماك الطازجة ولحم العجل العضوي أو المحلي الموثوق من غذاءه. توقفت تماماً عن تناول اللحوم الباردة والمصنعة والمجمدة. كما أصبح والدي يقتني البيض البلدي وهذا خيار ممتاز.

• بالنسبة للحبوب ومنتجاتها، أحبّ الشوفان ومنتجات القمح الكاملة. اعتقد أن أكبر مشكلة واجهتني هي العثور على منتجات القمح الكاملة والصحية بشكل دائم. المخابز المحلية توفرها بكميات قليلة وتنفد بسرعة. لكن التخزين والتجميد مناسب لحلّ هذه المشكلة على الأقل لكل أسبوع. هناك منتجات أقل مثالية في السوبرماركت مثل الشابورة الكاملة، البسكويت وخلطات الكعك والخبز الكاملة والخالية من المكونات الضارة.

• الطهي بزيوت صحية مثل دوار الشمس، زيت الزيتون، جوز الهند.

• منتجات الحليب، أصبحت اشتري المنتجات كاملة الدسم لأنها الأقل تعرضاً للمعالجات الضارةوبالتالي أنظف، كنت حتى بداية هذا العام اعتقد أن خيار “قليل الدسم” هو الافضل، غيرت رأيي! الفرق أنّ المنتجات الكاملة الدسم طبيعية أكثر والاقتصاد في تناولها لن يجعلها ضارة. اختاروا الحليب الطازج على طويل الأجل، الاجبان من ثلاجة الاجبان الطازجة وابتعدوا عن المعالجة بإضافة نكهات، أو المبشورة والمقطعة واقتنوا الاجبان وقطعوها بأنفسكم. ما زلت حتى الآن أسيرة الپارميزان والرومانو المبشورة وسأحاول التخلي عنها لخيار أفضل مستقبلاً.

• ستحتاجون لمكسرات غير مملحة، بقوليات جافة –مثل العدس–، أعشاب ومنكهات طبيعية، وملح البحر كبديل لملح الطاولة العادي.

الخطوة الثالثة

هذه التدوينة افتتاحية لسلسلة قادمة. سأتحدث فيها عن قائمة التسوق، وصفات طهي، وخيارات محلية في المطاعم والمقاهي. وبالتأكيد أحب قراءة تعليقاتكم عليها، مشاركتي بتجارب مشابهة أو أفكار لمساعدتي!