احتفظ باقتباس لشين باريش يصف فيه التقويم الشخصي بأنه أصدق سيرة ذاتية لنا. عندما عدتُ لتقويم ٢٠٢٤، كان الأمر أشبه بقراءة قصّة بلا حوار. قصاصات عائمة وأفكار مجتزأه من سياق خفيّ ومدن زرتها، ومواعيد رحلات، ووقفات تأمل متقطّعة. لقد عشت عامًا كاملاً من العشوائية العفوية، كمن يلتقط أنفاسه بعد فترة طويلة من الركض. وتدريجيًا أعدت تشكيل الروتين الذي دمّرته عمدًا. وأقول دمّرته عمدًا لأني رأيت كلّ شيء يتداعى من حولي، أوقات نومي وقراءاتي وكتابتي ونشاطي البدني وحتى اختياراتي الغذائية. وفي نفس الزاوية كنت أراقب نفسي لأرى ما يمكن تبنيه من جديد، وما يستحق الاستمرار أو التخلي. وقررت: آن الأوان للهدم أولًا ثم البناء خطوة بخطوة. استخدمت أسئلة ظريفة للتفكير مثل: ما الذي يسهل تبنيه؟ ما الذي يشعرني بالراحة ويمكنني الاستمرار عليه؟ لم أكن أبحث عن الكمال، بل عن الاتساق!
وضعت المرح والاستمتاع في مقدمة أولوياتي. تعاملت مع كل شيء بميزان اللعب والفضول، أكتشف وأتعلم. جرّبت أشياء جديدة بلا خوف من الفشل. قابلت أشخاصًا من عوالم مختلفة، واتجاهات ومجالات عمل. تعلّمت أيضًا أن بناء العلاقات يحتاج إلى فضول حقيقي تجاه الآخر. استمعت أكثر مما تحدثت، وأصبحت أكثر تقبلاً للاختلافات.
ركّزت انتباهي على علاقات محددة لتحسينها وإثرائها. ودفعت بنفسي في أحيانٍ كثيرة للخروج من المنزل واكتشاف المدينة التي حلمت بالانتقال إليها لسنوات. وفي السياق ذاته آمنت أنّ العزيمة مهمّة لكنها غير كافية، فقد تكون العنصر المفقود الذي بحثت عنه طويلا لكنها لم تُفعل بشكلها الكامل حتى تحققت من أهميتها في داخلي. تخففت من الحوارات الداخلية المؤذية وكما نصحتني أختي موضي «ارفعي قدمك عن الكوابح، فالمركبة تنزلق بسرعة وستقف في مكانٍ ما لكنّ المقاومة لن تساعدك في شيء».
في ختام سنة مدهشة، ودعت المشاريع العالقة للأبد. في العمل والعلاقات والملفات والحاجيات المكدّسة في مساحتي الخاصة. أصبحت هذه العناصر عبئًا ثقيلا. هكذا تبدو الأشياء بلا مستقبل! ولأنّني في طريقي لإعادة البناء والتهيئة كان الاستغناء خطوة جادة للبدء.
وعلى صعيد استعادة الاهتمام والشغف اخترت التخطيط لتقديم ورش عمل إبداعية خلال ٢٠٢٥، ستتنوع بإذن الله بين ورش الكتابة والسرد القصصي. واخترت أيضًا تقديمها حضوريًا حول المملكة في مدن أحبها وأعود إليها. وجزء آخر من الورش سيكون افتراضيًا ليسمح بعدد أكبر بالحضور.
اخترت اليوم «الخميس» ليكون الموعد الأسبوعي لتدوينة جديدة. عدت لملخص تدوينات قصاصات على مر السنوات الماضية وفوجئت بالكم الهائل من المدخلات! اشتقت للكتابة الأسبوعية وحماس التفكير في موضوع كلّ مرة. هذه المساحة التي سأعود من خلالها لنفسي، لتوثيقّ ما مرّ، وللتأمل في فكرة أو أكثر وتوسيع النقاش خارج رأسي.
.
.
عوداً حميداً 🤍
سعادة اليوم هي تدوينتك هذه, متحمسة جدا للقاء الأسبوعي مع تدويناتك و آمل أن أستطيع حضور ورشاتك الافتراضية. كل عام و انت بخير هيفاء.