استيقظت يوم أمس وقطّتي نائمة على حافة السرير، منكفئة على نفسها وذراعها الصغيرة حول رأسها وعينيها تحديدًا. المنظر أثار حيرتي: من ينام مثل الآخر أنا أم هي؟ كنت في الجهة المعاكسة وذراعي حول رأسي في حركة عفوية أجد نفسي عليها كلما اشتد ضوء الشمس. غرفتي بلا ستارة! وغطاء العينين يشعرني بأنني أغرق. أحد الأشياء التي أجلتها طويلًا تركيب هذه الستارة. في البدء قلت لنفسي: هذا رائع سأصحو مع الشمس. وبحثت لاحقًا لأجد أن الهولنديين مثلا لا يفضلون وجود الستائر إما لرغبتهم في رؤية العالم الخارجي بلا حواجز أو لأنهم لا يخفون شيئا.
أشعر بأن هذه أسطوانة مكررة كتبتها في تدوينة سابقة عن «الحياة بلا ستائر». لكن القصة التي توقفت عندها فعلا هي اللحظة التي تعلمت أن الانسان يمكنه النوم بهذه الطريقة. شاهدت عمتي رحمها الله ذات قيلولة تنام هكذا. والدي أحيانا يفعلها، جدتي، وأمي. كانت ذراعي صغيرة وغير متزنة لم تمكنني من اتقان هذه الغفوة اللذيذة.
حاولت إجبار نفسي على النوم لوقتٍ أطول والاستفادة من نهار الجمعة الطويل لكن التاسعة صباحًا دفعتني لمغادرة فراشي وبدء اليوم. قضيت عدة ساعات في القراءة والاستماع لحلقات البودكاست المؤجلة.
ومن ضمن القائمة وقفت عند مقال ممتع وغنيّ عن «الانتظار الجيّد». يُفتتح المقال بقصة طريفة عن الانتظار. اشتهرت هذه القصة بين المهندسين المعماريين والمصممين الحضريين وكانت تدور حول توقّف الناس عن الشكوى من انتظار المصاعد في ناطحات السحاب النيويوركية. يعود أصل القصة إلى طفرة البناء التي شهدتها المدينة بعد الحرب العالمية الثانية والزيادة الواضحة في عدد ناطحات السحاب.
طلب أحد مدراء المباني مساعدة المهندسين الميكانيكيين وشركات المصاعد لمساعدته في حلّ مشكلة يواجهها الناس يوميًا: بطء المصاعد وطول فترة انتظارهم. بعد دراسة للمشكلة اتضح أنها غير قابلة للحل. وصادف أن أحد العلماء المختصين بعلم النفس كان يعمل في نفس المبنى. وحسب الرواية الواردة عن القصة أنه توصل للحل ليس من خلال تحسين أداء المصعد بل بالتركيز على الأشخاص وغضبهم من فترة انتظار قصيرة نسبيًا.
توصل العالِم أن الغضب ولد من الضجر. وعليه وبعد موافقة مدير المبنى وضع مرايا حول منطقة انتظار المصعد ليتمكن المنتظرون من النظر إلى أنفسهم والآخرين. وهكذا، أصبح الانتظار مثيرًا للاهتمام. وتوقفت الشكوى فورًا وذهب الناس لأبعد من ذلك ليشكروا العاملين في المبنى على تحسين سرعة المصعد.
يشاركنا البروفيسور جايسن فارمان -كاتب المقال- عدة حلول للتعامل مع الانتظار وتسخيره لصالحنا. لقد أحببت بنية المقال إذ بعد تفصيل وتوضيح يعود لجمع النقاط الرئيسية والتي أشارككم هنا ترجمة سريعة بتصرّف:
- حوّل طاقتك العاطفية خلال الانتظار لمحاولة فهم من يستفيد من هذا الوقت. ومن خلال هذا التفكير ستكتشف أسباب انتظارك وما يمكنك فعله حيالها.
- يمكن لفترات الانتظار أن ترشدنا إلى آمالنا على الجهة الأخرى من الانتظار. استغل هذا الوقت لتتعلم أكثر عن نفسك وما تأمل أن يجلبه المستقبل.
- يمكن أن تفهم أوقات الانتظار بأنها نقيض أوقات الإنتاج. ولكن، بدلا من ذلك حاول أن تفهم أن أوقات الانتظار يمكن أن تفتح طرق جديدة للإنتاجية وحل المشكلات بطريقة إبداعية والتي لم تكن ستصل إليها لولا جلوسك منتظرًا.
- أوقات الانتظار ليست مرحلة بين وقتين، بل لحظات تتيح لنا أن نكون مبدعين لنبتكر مستقبل جديدة.
- أوقات الانتظار في ظل جائحة مثلا، فرصة للاستثمار في الأشخاص من حولنا ويمكننا أن نبني التعاطف مع الآخرين خلالها.
أكتب هذه التدوينة وأفكر في بريد منتظر فيه كتب وقرطاسية. أفكر في ليلة البارحة الممتعة التي قضيتها مع عائلتي الممتدة. صوت الأطفال وصخبنا المحبب، رأسي ما زال ثقيلا بجرعات الكافيين المتأخرة والبخور والكثير من الرقص!
كيف كانت نهاية أسبوعكم؟
.
.
.اللوحة للرسامة Razumovskaya Julia Vasilievna