١
استيقظت يوم أمس بفكرة تأملتها لأيام.
الفكرة تزورني خلال أحاديثي مع الآخرين حول ما يمر به العالم الآن، من طريقة تعاملنا مع الأحداث، من أمنياتنا القادمة، من تفاصيل حياتنا اليومية بشكل عام. اسميتها في حديث مع صديقاتي “أميّة جديدة“. نحن الآن في مواجهة مع المجهول، وكلّ منا يستخدم معرفته بطريقة تمكّنه من العبور بسلاسة. هل نتبع نفس الطرق؟ في الغالب لا. كل شخص يتفاعل مع ما حوله بمعرفته. قد نصطدم بالمواقف والوقت وهذا ما يشعرنا بانعدام المعرفة أو بكلمات أخرى “أمية“. لقد استيقظنا في صباح أحد الأيام (توقفت عن حساب متى) ووجدنا أنفسنا في مساحة معزولة. أشخاص نعيش معهم لسنوات لكننا لم نضطر لقضاء جلّ وقتنا بينهم. نحنُ الآن ملزمون بطريقة أو أخرى لتعلم الحياة معهم من جديد. وإذا كان المعزول وحيدًا لم يجرب في حياته البقاء وحيدًا ليوم كامل، سيتعلم من البداية كيف يفعل ذلك. كيف نضبط وقتنا؟ كيف نعمل وننتج؟ كيف نتواصل مع الآخرين بنفس الحرارة لكن افتراضيا؟ كيف نهتم بصحتنا النفسية؟ كيف نطهو طعامنا؟ كيف وكيف وكيف. والقائمة تطول. الأمر يشبه بالنسبة لي الاستيقاظ وعدم قدرتي على قراءة الكلمات، أن أفقد مفتاح الحياة الأهمّ بالنسبة لي. الأمر الطريف أنني أفكر في هذه الفترة بأفراد معينين من عائلتي وأصدقائي، أولئك الذين لا يعودون لمنازلهم إلا للتهاوي في فراشهم. كيف هي أيامهم الآن؟
٢
أحببت فكرة التدوين اليومي، لأسبوع فقط.
تربكني المتابعة الدقيقة لوقتي، وبشكل أدق تصيبني بالغثيان أحيانًا. لكن أنا من أوجد هذه المهمّة وألزمت بها نفسي في الأيام الماضية. الخميس والجمعة ذابت الساعات على بعضها ولا أعلم اليوم (السبت) كيف مرّت وماذا فعلت بالضبط؟ أذكر يوم الخميس مليء بالعمل. بدأت من الثامنة وانتهيت في الثامنة. شاهدت فيلمًا مع أختي، وتناولنا عشاء لذيذ أعدنا فيه تدوير سلطة الغداء. هذه السمة الأحب لأيامي: اكتشافات المطبخ! بالأمس أيضًا جربت وصفة لإعداد اـ French Toast بدون استخدام البيض، آخر بيضة في المنزل أرعبت الجميع، وتركناها على الرفّ. كل يوم تنتظر دورها وكل فرد يعتقد أن الآخر يشتهيها. هذا الجوّ المشحون بالإيثار والترقب دفعني للبحث عن وصفة. أكيد هناك وصفة لمن لا يحبّ البيض. وبالفعل نفس مقادير الوصفة العادية مع استبدال البيض بملعقة بودرة نشا الذرة لتمنح المزيج التماسك والخبز القرمشة.
٣
بالأمس شاهدت أختي الصغرى ترتدي قبعة التخرج والعباءة (تتخرج من الثانوية) وتتزين لالتقاط صورة. تقول أن الحفل سيكون افتراضي هذا العام، والجميع سيلتقط صورته اليوم للذكرى. افتراضي افتراضي افتراضي. والآن هل يمكننا تسمية أي شيء على منصة رقمية افتراضي؟ بعد كل هذه السنوات من التشكيك في واقعيته، يصبح حقيقتنا.
٤
أعود للفكرة التي بدأت بها. وأفكر في “أميّة جديدة” من نوع آخر. كيف سنعود للحياة؟ ما نتيجة هذه العزلة؟ بالأمس تقول أختي بأنّها ستعود للحياة على مهل، ستعيد اكتشاف الأماكن والأشخاص والأشياء. واتفق معها. وهذا الأمل الذي نحمله في قلوبنا هو ما يدفعنا للعيش والتعلّم من جديد.
.
.
اللوحة أعلاه للرسام Henri Manguin
جميلٌ هو استخدام وصف الأُميّة على وضعنا الحالي
في خوض اكتشافي لبرنامج جميل بإستخدامات متعددة تتمحور حول الإنتاجية وجدت هذا الفيديو في اليوتيوب يتكلم عن توثيق اليوميات بشكل سهل ومبسط
https://youtu.be/1Z06fqYhNgM
البرنامج جميل ويستحق الإطلاع من الجميع
بالتوفيق هيفاء
مرحبا هيفاء، لا أخفيك أني توقعت توقفك بعد أسبوع، افترضت أنك ستشعرين بالممل ويبدو بالنسبة لك فعل روتيني خالص ولا أظنه يشبهك.
أنا في الجهة الأخرى، بدأت كتابة يومياتي في مدونة بشكل منتظم منذ ١٩ يناير وتفاجأت من نفسي أني قادرة على الاستمرار! وأرجع السبب إلى اكتسابي عادة الكتابة يوميا من قبل في الدفتر وما اختلف هو المكان فقط.
أحب ما تكتبين دائمًا وأبدًا!
البيض في اختبار الايثار> سيكون عنوانا مثيرا للتدوينة الجميلة
أستفقد تدويناتك، أجدّد الصفحة علّ تدوينةً جديدةً لم تطْفُ على السطح.
أحبّ أسلوب سردك حين يتعلّق الأمر بتصوير شكل الأيام وإن كانت رتيبة، وأظنّه من المفضّلين لدي.
كوني بخيرٍ ونور يا هيفاء، نحبّك ونحبّ حضورك الدائم المُلْهم، لا تستقلّيه ♥️
” والآن هل يمكننا تسمية أي شيء على منصة رقمية افتراضي؟ بعد كل هذه السنوات من التشكيك في واقعيته، يصبح حقيقتنا” ….. ابتسمتُ معها تلقائيًّا..!
أحببت مصطلح الأمّيّة الجديدة و مدى واقعيّته.. فكل أمّيّة قابلة للتعلّم والأمل والنهضة..
شكرًا لفكرك وتفاصيلك اللذيذة..
أوقات سعيدة عزيزتي هيفاء 3>