فناجين القهوة المنتظرة

قد تبدو أنانية للوهلة الأولى.

الكلّ يفكر متى يعود لعمله؟ وحياته الطبيعية. متى يخرج للشارع؟ متى يزور أحبّته؟ ويفكر بالتأكيد بسلامته، لا يريد لهذا المرض أن يقبض على رئتيه.

استيقظت هذا الصباح وأنا أشعر بالضيق، ضيق وفوضى وأفكار مؤذية لا ينجح في دفنها شيء. وللتخفيف عن نفسي هذا الثقل بدأت بتدوين قائمة افتراضية لما سأفعله بعد أن يُرفع الحجر وتعود للحياة بهجتها وألوانها.

أريد فناجين قهوة مضبوطة بيني وبين ربى. وأن نسرد يومياتنا وتفاصيل الساعات التي قضيناها بعيدًا خلال الأيام الماضية.

لدينا روايات متضاربة، أين بدأت القصة أولًا؟ الرسائل بيننا تقول ٢٠١١م واللقاءات الفعلية بدأت في ٢٠١٣م. كنت في مؤتمر للتعليم الإلكتروني في الرياض، زائرة من الجبيل لتغطية المؤتمر لصحيفة الاقتصادية. بيننا عدة صفوف، واكتشفنا بأننا في نفس المكان من خلال تويتر والكتابة الحيّة.

التقينا في الاستراحة بين المحاضرات، وتحدثنا عن كلّ شيء في نفسٍٍ واحد. تقول ربى بأنني فتحت هاتفي المحمول وعرّفتها على اخواتي وتحدثت عن اشتياقي لهنّ. نحبّ رواية هذه القصة كلما عرفنا بأنفسنا كتوأم تفصله سنوات، وجينات، ومسافات.

القهوة التي بدأت لقاءنا منذ سنوات، كانت في مرّة عشاء تحت نجوم منهاتن، وفي مرة أخرى مشية هادئة في مغارة بالأحساء، وبينهما مدن، وقصص، ووجوه.

ربى التي تنجح كلّ مرة بالعلامة الكاملة، بلا تكلّف أو حفلة صاخبة. ربى تكون نفسها، وفي الوقت نفسه: كتف وذراع قوية، وعقل إضافي، وقلب أكبر من الحياة!

والقهوة بيننا ليست مشروب ساخن وحسب، بل ذخيرة وهدنة. نجلس وبيننا طاولة وعليها دفاتر، واستراتيجيات، واقتباسات، وخطط. مرة نفكر في مشروع مليوني سيغير العالم، ومرة أخرى نفكك المكونات الأوليّة لوصفة طبق سحرنا ولم ننسه لأيام.

لقد وصلنا لمرحلة الصمت المحبب، وقد تمر أيام لا نتبادل فيها كلمة واحدة، لكنّها تعلم وأعلم أن أماكننا لا تتحرك. وكأنها دخلت غرفة خاصة في قلبي، وتخلصت من المفتاح منذ زمن ولا أحد منا يتساءل أين هو؟ أعدّ أخواتي فينطلق العدد إلى أربعة، ولن أكون مخطئة بضمّها إليهن.

وجدت قبل ساعات رسالة منسية وصلت منها تتساءل عن كيفية انتقالي للرياض؟ وهل هذا ممكن؟ أقول لها استجيبت دعوتك!

أفكر في ربى اليوم، في هذه الساعة الخانقة من المساء، كيف تفكّك هذا الضيق وتحيك قصة جديدة ممتعة؟

وأعود لقائمتي التي بدأت كلّ هذا، سيكون الربيع، وسنلتقي، ونحتفل بفساتيننا البيضاء الجديدة، والقصص التي لم نشاركها، والغد الأجمل.

.

.

.

تعليق واحد على “فناجين القهوة المنتظرة”

  1. الله يا هيفاء حديثك عن ربى حرّك فيني أشياء كثييير :(!
    شكرًا لحرفك السعيد دائمًا
    دمتِ بخير♥️

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.