خلال أربع سنوات من العمل في مؤسسات وإدارات إبداعية تعرفت على الكثير من نقاط ضعفي وضعف زملائي وزميلاتي. ربما كان أكثرها وضوحًا: صعوبة العمل في مجموعة! كثير من المبدعين بالضرورة يميلون إلى انتاج أعمالهم بشكل مستقل. يميلون للعزلة وحجب جهودهم حتى ينتهون من المنتج الأخير ويطلقونه أو يعرضونه للجمهور أو المتابعين أو العملاء. هذا مقبول جدًا إذا كنت لا تتبع فريق أو مؤسسة. مناسب إذا لم يكن هناك من ينتظر مساهمتك لاستكمال بناء فكرة أو مشروع. في المؤسسات التي عملت بها كان كاتب المحتوى الفرد الأول في فريق التتابع، ننتهي من النصوص ونمررها للمصمم الذي ينفذها ويمررها لمدير المشروع وإلى العميل في المحطة الأخيرة. عملية نقل الرسالة هذه تمر بمطبات كثيرة يمكن حلّها بمزيد من التفهّم والانتباه.
وأفكر دائما وأذكر نفسي ومن معي: لا يمكن أبدًا تطبيق ما أسميه نموذج حصة الإملاء عندما ينكفئ كل طالب على دفتره ويخفي ما يكتبه حتى لا ينقل زميله عنه. في العمل الإبداعي نحنُ مجموعة من مكعبات الليغو نصنع تجربة متراكمة تظهر بشكلها الأفضل ونتفوق جميعًا.
التواصل
البديهي في العمل أننا نتكلم، نتراسل، نحضر الاجتماعات. لكن هل نحن نتواصل بشكل جيد؟
نحتاج اليوم لرسائل أوضح، وصف للمشاريع أو ملخصات إبداعية أفضل. نحتاج للتواصل بأسئلة ذكية ومجدية لا تضيع وقت المجموعة أو تهدف للتنصل من مسؤولية ما.
الثقة
الثقة في أنّ العمل سيظهر بأحسن حالة دون تدخل منّا أو عنف أو تقريع للزملاء في حين اخفقوا. الثقة أنّ زميلك أو مدير المشروع لن يخذلوك. الثقة في أنّ أهدافكم مشتركة، لن يدهس أحدكم الآخر –حرفيا.
رؤية مشتركة
نحتاج نعرف دائما ما هي المحصلة النهائية من كل هذا؟ كيف يأثر عملي اليوم على نجاح المؤسسة والفريق؟ ما هي الصورة الكاملة؟ نحتاج إجابة لكل “لماذا؟” في المشروع أو الفكرة الإبداعية التي نعمل عليها سوية. ويجب أن كون جميعًا إما متفقين أو مستعدين لمناقشة إجابات هذه الـ “لماذا“.
الالتزام
في سباقات التتابع يلتزم كل عضو في الفريق بأداء أسرع ركضة في ١٠٠ متر. يركض بسرعته القصوى ويقدّم أجود خطواته للوصول لزميله وتسليمه العصا. تخسر الفرق التي لا يبذل كل فرد فيها أفضل ما عنده!
في مجال التسويق بالمحتوى مثلا: عندما يعبث الكاتب ويقدم محتوى ركيك، مهما كانت قوة التصميم سيتنبه العميل للخلل. ومدير المشروع بالضرورة لا يمكنه بيع الفكرة أو تمريرها إذا كانت مليئة بالثغرات.
تعلمت بالطريقة الصعبة كيف أن كسلي أو ترددي أو انتاج المحتوى بنصف حماسي أدّى إلى نتائج كارثية وإحباط لكافة فريق المشروع.
مشاركة المصادر والمعلومات
كيف يقدم كل عضو من أعضاء الفريق أفضل ما لديه إذا كان هناك تفاوت في مصادر المعلومات؟ هذا ما أحرص عليه دائمًا عندما يُطلب مني تنفيذ مهمة: أحتاج كل المصادر التي يمكنني الوصول إليها. وبعد الانتهاء من كتابة المحتوى، أمرره للمصمم مع أمثله مشابهة للنموذج التي أفكر فيها. أو أي ملف أو مصدر قد يحتاجه لتعديل أو ضبط الفكرة.
مراعاة اختلافات البشر
عملت في مجموعات كنت أشعر وسطها بالاضطراب والتردد والتوتر. وفي مرات أخرى كنت أجد نفسي قائدة ومتمكنة لا أخاف من شيء ولا يعرقلني أحد.ما فهمته من حالاتي هذه ساعدني على تفهم الآخرين. قد يمتنع البعض عن الكلام في جلسات العصف الذهني بسبب الخجل أو التردد وحتى لا نظلمهم نطلب منهم إرسال أفكارهم بالبريدالإلكتروني لاحقًا. أو نتبع منهج الجلسات المنفردة مع كل عضو one-on-one حتى نسمح لهم بالتعبير بكل أريحية.
للإبداع التعاوني فوائد عظيمة تنقل حتى أكثر المؤسسات ومجالات العمل ضجرًا إلى مكان جديد. ما تعمل عليها لشهور حتى تصل لنسخته الأفضل، يمكنك إنجازه مع فريق متعاون خلال بضعة ساعات. وأنا هنا لا أقلل من فائدة العمل المستقل أو استقلال المبدع بأفكاره ومشاريعه، لكن تجربة العمل المشترك شيء لن أتركه في الوقت القريب.
.
.
.
* هذه التدوينة كانت في البدء مجموعة ملاحظات قدمتها في حديث أسبوعي داخل الشركة. قد يتبعها تدوينات منوّعة في مجال الكتابة والعمل الإبداعي بشكل عام. تولد كل أسبوع من حوارنا داخل غرفة الاجتماعات. والسؤال هو كيف تصبح تجربة العمل المشترك أسهل وأمتع بالنسبة لكم؟
.
.
كيف تصبح أسهل بكلمة واحدة : بالصبر
كيف تصبح أمتع : بتقبل عثرات الفرد في المجموعة بصدر رحب وحُب !
هيفاء ليس تطفل لكن تدوينات كتاب الأسبوع الإبداعي ممله أكثر من اللازم
و التدوينات الاخيرة .. لا أعلم كيف أقولها لكن أرجعي لهيفاء السابقة بالتدوينات القريبة للقلب من القلب
من قلب هيفاء
أهلا بك،
أشكر صراحتك واهتمامك للتعليق : )
قد تكون مملة لأنها مكتوبة في موضوع متخصص، أو يبحث عنه شخص يهتم له ويحتاجه.
هذا هو مجال عملي الحالي، وأحبّ أن أخصص له بعض التدوينات.
الخبر الجيد أن التدوينات التي تحبونها تأتي من وقت لآخر.
شكرا من جديد
بالنسبة لشخص قاعد يتجه للعمل الحر و ينوي البدء بالعمل المستقل , تدويناتك هذي بمثابة النور في الطريق المظلم والمجهول .. شاكرة لك دائما هيفاء