في ١٩٩٢ اقتنى والداي طاولة طعام وخزانة أواني من سوق للأثاث المستعمل – أو كما يحبّ والدي تسميته: روبابيكيا– نقلنا الطاولة والخزانة معنا من بيت لآخر. نقلناها للرياض وما زالت تلازمنا كفرد من أفراد العائلة. يحلو لي التفكير في الأشجار التي انقذناها بشراء الأثاث المستعمل، غرف النوم، خزائن الملابس، الطاولات!
تحبّ عائلتي إعادة التدوير، في كلّ شيء إذا أمكنني القول. نشتري سرير جديد لأخي وتتحول ملكيته بعد سنوات لأختي الصغرى، ثمّ لي، وهكذا. لا يوجد قانون يمنع إعادة التدوير أو يوقفها، تحتاج شيء؟ ابحث في غرف إخوتك أولاً، ثم اشتريه مضطراً إذا توقفت دورة حياة الأشياء. خاطت والدتي ملابسنا، وكلما ضاقت – أجد المصطلح مضحك فالملابس لا تضيق أنت تتمدد– مررناها لبعضنا، فستان يصبح تنورة ثم بلوزة ثم خرقة بالية لمسح أسطح المطبخ أو إذا كانت محظوظة ستصبح قفازات لعزل الحرارة.
صناديق الكرتون التي استخدمناها للانتقال بين ثمانية منازل حفــظت ألعابنا وملابسنا الشتوية وعندما تنتهي كلّ الألعاب نفردها ونتزلج بها على درجات سلم البيت. أعرف شعار إعادة التدوير قبل معرفتي بالمصطلح، كبُرت في مدينة شاهدت فيها الشعار على حاويات النفايات المدرسية، في الشوارع، وفي كلّ فرصة كانت تظهر لي الأسهم الخضراء الناعمة، تدور وتدور. إعادة التدوير عند والدتي يعني أنّ طهي دجاجة مشوية للعشاء وبقاء نصفها ينتج سندويتشات شهية لغداء الغدّ. موضة الأزياء العتيقة Vintage كانت نظام حياتنا قبل أن تصبح نمط الحياة الفارهة اليوم! ساعات جدتي وخواتمها، قطع الاقمشة التي يحول عليها الحول ولا تخيطها كانت تجد طريقها لمنزلنا ومنازل خالاتي. كراسي الأطفال وكنزاتهم الصوفية، السيارات وأغطية رضاعاتنا التي أصبحت مكاييل للسكر والقهوة. علب الحلويات التي حفظت الأزرار المهاجرة وقصاصات شرائط الساتان. سألت والدي عن مساهمته في الكوكب، وأجابني بأنه زرع الأشجار نهاية الخمسينات في سودة أبها، وساهم مع فتيان الكشّافة في بناء وزراعة حديقة في الطائف، لم ينتهي دوره هناك، والدي أكثر شخص عرفته يقتصد في الورق، يكتب على صفحات التقاويم ويملأ الورقة بوجهيها بأرقام الهواتف والملاحظات. لا يغيب عن ذهني أني لم أر في حياتي أحداً يحبّ الخضرة والأشجار مثل والدي، زرع شجرة ليمون وشجرة مانجو في منزلنا بالجبيل، كانت مثل طفله. أتذكر وأنا أدوّن حزنه عندما سقط الليمونة العتيقة بفعل عاصفة ذات نيسان. أحببنا الشجر حتى بدت الرياض قطعة اسمنتيه هائلة وأصبحت مثل قطتي التي تلقي بنفسها أمام أول شجرة تراها. إعادة التدوير كانت تعني تمرير الكتب التي لن أقرأها مجددًا، تعني إمداد الاصدقاء الفنانين بأكداس المجلات والصحف التي تحولت لتصاميم كولاج وديكوباج رائعة. أذكر المرة الأولى التي تعلمت فيها درس المحافظة على الموارد والامتناع عن هدرها، كنت في بيت جدّي الذي مرّ بي وأنا أنظف أسناني وتركت مياه الحنفية تجري، اقفل الصنبور والتقت نظرتي بنظرته ومضى بصمت. عرفت منذ ذلك اليوم هيبة الموضوع ولم أعد لتركها مفتوحة أبداً.
لستُ أدري لمَ بدأت كتابة هذه التدوينة، لكنني أشعر بالهلع، هلع حقيقي مصدره قراءة احصائيات كثيرة عن البيئة وكوكبنا الأمّ وتزامن هذا كلّه مع حلول يوم الأرض فجلست للكتابة، لأذكر نفسي وأذكركم بالتغييرات البسيطة ذات الأثر العظيم.
.
.
.
.
اعمل جرد نصف سنوي للملابس وامررها لخواتي والعكس صحيح ، حتى ملابس اطفالنا ..
الماء اكثر شخص يقتصد فيه انا واكثر شخص يلقي نصائح ومواعظ حول ترشيد استهلاكه انا ، حتى اني من مدة طويلة تركت عادة ملء حوض الاستحمام لما خيّل لي اننا سنقبل على سنوات عجاف !
الاثاث هو الشي الذي احب تغييره 🙈 ولتعذرني الاشجار
أهلا هناء،
أنا أقاوم حاجتي لتغيير الاثاث بتغيير أماكنه فقط وانقذ اشجار الكوكب ; )
بالفعل كلنا مسؤولون عن حماية البيئة والمحافظة على الموارد
والتقليل من التلوث
صحيح وجدان،
شكراً لاهتمامك بالقضية الأهم!
ندرك قيمة ملابسنا ومنزلنا وسياراتنا لكن لا ندرك قيمة المكان الذي يساعدنا على الحياة لنستمتع بكل ذلك
أعتقد أن العناية بالبيئة شيئ لا بد أن يتم تعلمه في المدرسة والمنزل
والدتي تشبه والدتك إلى حد كبير .. ولولا إهتمامها وإصرارها لتاهت مني الكثير من تلك المعاني
شاهدت من فتره فيلم interstellar يتحدث عن الأرض بعد أن شاخت ولم تستطع إعطاء المزيد
كان فيلم مليئ بالرهبة ولكنه رائع .. يجعل الجميع ينظر للموضوع بنظرة جدية وحقيقية أكثر من ذي قبل
شكرا لك ^_^
لي فترة أفكر في مشاهدته وما حصل وقت.
الأفلام هذه تسبب لي رعب لأننا نتجه لاهدار الموارد للأسف.
تحمست منذ فترة للفكرة وشاهدت فيديوهات على اليوتيوب لافكار اعادة التدوير ساطبق بعض من الافكار حالما يسمح الوقت بذالك
تروقني فكرة اعادة التدوير بها فوائد كثيرة تعود علينا و على بيئتنا بالنفع
فكرة ممتعة وحماسية!
شاركيني بعض الروابط إذا وجدتِ شيء مدهش.
شكرا
أفعل كل شيء إلا الأثاث أو القطع التي تزين المكان.. ممكن أن أتخلص منها كل شهر لأني لا أطيق بقاءها لمدة (لدرجة تأثر صحتي)
توجهي إذاً لتقليلها وتخفيفها لتصنعي محيط منعش!
جميلٌ جدًا أن الفرد في منزلكم لا يشعر بالغربة في حبه للأرض..
أجد فيما سردتِه إلهامًا عظيمًا..حاليًا أفعل أشياء بسيطة بحبً عميق للكوكب: مثل أنني لا أستخدم أكياس البلاستيك وأحمل معي أكياسًا قماشية قابلة للطي عند كل زيارة للسوبرماركت، وأصطحب عربة قماشية إن كانت نيتي ابتياع أغراض كثيرة. أحاول الاقتصاد أيضًا في الورق وسأحاول أكثر.. شكرًا هيفا للإلهام ()
أهلا آلاء،
الشكر لك أنتِ أيضاً لاهتمامك واتخاذك خطوات بسيطة بأثر كبير!
تعلمت اعادة التدوير من صديقه لي من المؤيدين لهذه الفكره وخاصة الى اننا بالشارقه تتوزع الحاويات الخاصه لكل نوع من التدوير مما يسهل علينا الامر
اضع كل شيء اسمه ورق وكرتون وزجاج ومعادن وهكذا في كيس منفصل اتخلص منه كل يومين او ثلاثه قي الحاويات الخاصه
حتى الشاطئ عند زيارته من وقت لاخر انا والصديقات فاننا نبدأ وننهي الزياره بحمل كل ما ازاحه البحر من علب المياه الفارغه واكياس النايلون …….وعندما يتساءل احدهم عن السبب فان الاجابه هو لحماية الاحياء البحريه
مؤخرا سمعت هالقصه اضعها للاستفاده والتفكر
http://spotlightenglish.com/listen/the-story-of-stuff