مدخل
يوم بعد يوم أصبح الكثير من الأشخاص يعملون من المنزل. سواء لتوفير دخل إضافي بالعمل عن بعد، أو عن طريق بدء مشاريعهم الخاصة. العمل من المنزل يوفر تكاليف النقل ويسهل كسب الرزق على العديد من الأفراد مثل السيدات ربات البيوت أو اللاتي يعشن في مناطق نائية خارج المدن. من بيع المنتجات اليدوية والأطعمة، وحتى الكتابة والنشر وتقديم الدروس على الإنترنت، إلى تقديم الاستشارات والانضمام لاجتماعات مع الشركاء والزبائن. كل هذا يحدث خلف شاشة الكمبيوتر. حتى الموظفين الذين يعملون بدوام كامل تأتي عليهم أيام يفضلون فيها العمل عن بعد. على صعيد آخر، أي شخص يعمل من المنزل أو جرب العمل من المنزل سيخبركم بأن العملية لم تكن سهلة عليه وأنه واجه الكثير من الصعوبات. خاصة إذا كان متعوداً على صخب العمل العادي والاختلاط بالناس بشكل يومي. قد يعني العمل من المنزل العزلة التامة والتركيز، لكنه في الوقت نفسه يعني الانقطاعات والمداخلات والتوقف المفاجئ لفترات طويلة. في المنزل لا يوجد وقت محدد للعمل، أنت من يحدد ذلك. إذا لم ترتبط بشركة أو جهة تدير عملك لن يكون حضورك في وقت معين مهماً، لن ترتدي زيا خاصا ولا وجود لمن يحاسبك ويحدد لك المهام والأهداف التي ينبغي عليك تحقيقها. أنت بحاجة للوعي بمسؤولياتك الشخصية وتعويد نفسك على الالتزام والانضباط.
هذه التدوينة لكم إذا كنتم تبحثون عن طرق لصناعة روتين جيد والبدء بالعمل اليوم بشكل أفضل من المنزل. سأتحدث عن الوصايا المهمّة على شكل نقاط رئيسية.
١- ابدأ يومك وكأنك ستخرج من المنزل للعمل.
أشياء كثيرة يمكنك فعلها لمنح نفسك النشاط والاستعداد كما لو كنت خارجاً. الاستحمام وارتداء ملابس نظيفة ومرتبة، تناول فطور مغذي وشهيّ وضبط المنبه قبل ذلك بالتأكيد. لا يمكن توقع يوم منتج إذا كنت ستبقى برداء النوم وشعر منكوش. برمج نفسك واستخدم الإيحاء لتجد الدافعية.
٢- احتفظ بساعات عمل ثابتة.
كثير من الأشخاص الذين يختارون العمل من المنزل يجدون أنفسهم في دوامة العمل المتواصل وبلا انقطاع. هذا النظام ينتج عنه بعد فترة تعب وفوضى. لذلك، أفضل شيء تبدأ به حياتك العملية من المنزل: وضع ساعات محدد في اليوم وتخصيصها قدر الإمكان للعمل. لا يهمّ في الحقيقة ما إذا كان هذا الوقت في النهار أو الليل. ما دام الوقت مناسب لك ويرتفع خلاله معدل الإنتاجية فهو الأنسب بالتأكيد. هذا التخطيط لا يعني أنك ستحصل على الوقت كاملا. هناك المقاطعات العائلية والاجتماعية. هناك مهام عاجلة ومواعيد تسليم نهائية من الشركاء أو الزبائن ستضطرك للعمل بشكل مضاعف. الهدف من تحديد الوقت هو رسم معالم واضحة للوقت والالتزام بها في جزء كبير من أيام الأسبوع.
٣- رتب مكان خاص للعمل.
كل شخص لديه إمكانياته الخاصة. رتب مساحة عمل لك بحسب الممكن. قد يكفيك الاحتفاظ بطاولة عمل وكرسي مريح وجهاز كمبيوتر وملحقاته في زاوية مضاءة بتهوية مناسبة. وقد تحتاج غرفة كاملة أو غرف لتخزين حاجيات العمل والانعزال عن بقية أفراد العائلة وشركاء السكن. مهما اتسعت المساحة أو تقلصت ستكون عوناً لك في الانضباط. اعمل من نفس الموقع كل يوم، وأحط نفسك بأشياء تحبها وتلهمك. موسيقى، لوحات فنية، قصاصات محفزة، نافذة على العالم وزهور وربما زاوية يستريح فيها حيوانك الأليف. لا تنسى طبعاً تذكير من يشاركك السكن بأن هذه المساحة مخصصة للعمل وأنك تحتاج للهدوء فيها خلال الوقت الذي خصصته لنشاطك.
٤- احصل على وقت مستقطع قدر الإمكان.
ننزلق كثيرا عندما نفكر بأن العمل المتواصل إشارة على إنتاجيه عالية وأننا قادرين على العمل بكفاءة من المنزل مثل أي موظف عادي. وهذا خطأ طبعاً! الموظف العادي يحصل على وقت مستقطع خلال اليوم ونهاية الأسبوع وإجازات سنوية ومرضية. هل نفعل ذلك أم تختلط الأيام كلها؟
الوقت المستقطع مفيد للراحة الجسدية والنفسية. مفيد لتدفق الأبداع ولضبط جودة العمل. اخرج للمشي، مارس الرياضة، شاهد برنامج تلفزيوني مضحك، أو اجلس ساكناً تماماً. أي شيء مريح للذهن والبدن مناسب. ولا تنسى التوقف عن العمل خلال عطلة نهاية الأسبوع وخلال العطلات الرسمية والمناسبات والأعياد.
٥- تجنب الانقطاعات.
احدى التحديات التي تواجه العاملين من المنزل: الانقطاعات. وأكثر شيء وجدته في تعليقاتكم على استطلاع الرأي كان الحديث عن مقاطعة أفراد العائلة والضيوف المفاجئين لكم. أجّل الأعمال والالتزامات المنزلية لوقت مخصص خارج فترة العمل أو لنهاية الأسبوع. ركز على المهام الأساسية خلال مساحة العمل الخاصة وأبعد كل ما من شأنه إعاقتك مثل تنبيهات البريد الإلكتروني والهاتف المحمول، والأهم من كل ذلك حاول التوقف عن استخدام الشبكات الاجتماعية ومغريات الانشغال فيها. لا مانع من إرسال رسائل أوتوماتيكية أو إبلاغ الأهل مسبقاً أن هذا الوقت يخص عملك، وبإمكانهم العودة لاحقاً لتعطيهم كل الانتباه.
٦- ابق على اتصال.
هذه النقطة خاصة بمجموعات العمل، أو الأشخاص الذين يشاركونك المشروع، وتخص أيضا الموظفين العاملين عن بعد. حدد وقت للاجتماعات سواء كانت عن بعد أو في مكان العمل الرسمي. وتبادل الاقتراحات لتحسين جودة العمل بينك وبين زملاءك. والأهم من ذلك كله: ضع أوقات للانتهاء والتسليم ومحكات ضرورية للإنجاز. أيضا احتفل بإنجازاتك معهم واحتفل معهم بإنجازاتهم.
٧- تأكد من إغلاق الباب في نهاية اليوم.
يمكن أن تكون هذه النصيحة صعبة التطبيق أو مستحيلة لدى البعض. مساحة العمل داخل المنزل قريبة جدا ومشروعك يبعد مسافة نقرة واحدة فقط! لذلك، اصنع حدود واضحة للتوقف عن العمل ولا تتجاوزها. ركز الآن العائلة وعلى حياتك خارج المنزل. مارس هواياتك واسترح فكثرة العمل والإجهاد ستؤثر سلباً في إنتاجيتك على المدى البعيد.
مخرج
العمل من المنزل فرصة رائعة إذا كنت تملك فكرة جيدة أو جهة عمل متعاونة معك. ستقل مصروفات التنقل، ولن يضيع عمرك في الازدحام والمسافات البعيدة، لا تعامل مباشر مع العملاء المزعجين أو الموظفين كذلك. ستوفر في ميزانية الملابس والطعام وغيرها. هناك أيضا نقطة مهمة: لن تكون مضطرا للبحث عن سكن قريب والتنازل عن أشياء كثيرة كي تتواجد في مكان العمل. بالمقابل وللأسف، هناك فوضى الوقت إذا لم تستثمره، والوحدة وحاجتك الدائمة لتكون المدير والموظف والمحاسب وكل الأدوار الوظيفية التي تسير مشروعك بنجاح.
شاهدت والدتي لسنوات وهي تعمل من المنزل. وكانت بطريقة عجائبية قادرة على التخطيط وأداء المهام والتعامل مع كل شيء بصورة جيدة. السر؟ عندما سألتها مؤخراً أجابت باختصار بأنها حافظت على روتين يومي، تبدأ الصباح مع استعدادنا للمدرسة –والعمل الآن- وتنتقل لمكانها الخاص حتى استراحة الغداء، أو القيلولة. تعمل مساء عندما تكون مضطرة لذلك أو تترك الاستديو للخروج أو الجلوس معنا والراحة. والدتي تمنح نفسها فترات طويلة من الراحة وتذهب لتغيير الأجواء والعودة بأفكار طازجة.
أختي موضي تعمل على مجلتها الإلكترونية The It*Magazine من المنزل وتنشر محتوى مميز وتتواصل مع صانعي الموضة حول العالم بأوقات مختلفة. لكنها تتوقف، تسجل كل شيء وتحتفظ بطريقة مميزة في تدوين المهام.
أختي منى كذلك تدرس حاليا وتنشر رسوماتها في أكثر من جهة عن بعد، توفق قدر المستطاع بين المهام وتمنح نفسها وقفات للمتعة والراحة.
العمل من المنزل فكرة ناجحة جربتها خلال السنوات الماضية ونشاطي غالبا إبداعي مرتبط بالكتابة والنشر والترجمة. خلال فترة عملت في جريدة وكنت أكتب خمسة مقالات أسبوعياً. الكتابة شبه اليومية تعني تخصيص وقت للاطلاع والمتابعة والبحث عن الإلهام، ثم كتابة المقال قبل نشره بـ48 ساعة وتسليمه للتدقيق والتحرير.
الآن وبعد التحاقي بوظيفتي الأخيرة والعمل لثمان ساعات يومياً. أصبحت بحاجة لتخطيط جديد. احتاج العمل على تدوينات، وتسجيل حلقات بودكاست بالإضافة إلى مشاريع الترجمة وكل هذا اعتبره عمل من المنزل. أخطط كذلك لمشروع مستقبلي ثقافي قد يلتهم ما يتبقى من اليوم. لكنّه سيكون مشروع محبب ومبهج إن شاء الله. تحديث: اليوم أعمل في ٧٥٪ من الوقت عن بعد ومع عدة جهات بشكل مستقل، أصبحت أكثر حاجة للتركيز على نصائح هذه التدوينة.
قبل أن أترككم هذه مجموعة نصائح سريعة وبعضها ملخص لما سبق.
افعل:
– صنع جدول يومي للعمل والتزم به.
– ركز على المنجزات في نهاية يومك للاحتفاظ بالدافعية.
– خصص مكان للعمل وابلغ أفراد عائلتك عن خصوصية هذا المكان والأوقات التي ستشغله فيها.
– اطلب المساعدة متى احتجتها ولا تبالغ في تحمل المسؤوليات اذا غرقت في العمل.
لا تفعل:
– العمل لساعات متواصلة وبلا توقف متجاهلا راحتك.
– عزل نفسك بالكامل عن الحياة وزملاء العمل الآخرين.
– الانقطاع عن التواصل مع رئيسك وشركاءك في حالة العمل على مشروع مشترك.
وهذه روابط لمواقع وتطبيقات رائعة قمت بتجربتها شخصياً للعمل من المنزل، إدارة المشاريع، والتواصل مع الشركاء.
– Basecamp
شكراً هيفا على الموضوع الشيق الذي طالما انتظرته (كل مواضيعك تحاكي تجاربي الشخصية)
أنا الآن اعمل من البيت وادرس الماجستير بنفس الوقت، عملي مكتب خدمات ترجمة
بالنسبة لي أكثر أمر ساعدني بالإضافة إلى جميع الأمور التي ذكرتيها، هو اقتناء أجندة وكتابة جميع المهام بها.
عدم السهر والمحافظة على جدول ثابت للنوم قدر الإمكان
استخدام تقنية الطماطم
https://www.youtube.com/watch?v=sYRGeerbezA
أنتم عائلة ملهمة محبة للفن وكل شيء جميل، ونحن نشكركم على مشاركتنا شغفكم لأنه يلهمنا بالتأكيد
نحبكم 🙂
أهلا مها : )
دائما اتحمس لكتابة وانجاز تدوينة اذا عرفت إن الاصدقاء بيستفيدون من محتواها، وهذا الي صار الحمد لله. السهر مدمر العمل سواء كان في المنزل أو خارجه، الشيء الي ساعدني على التأقلم مع الانتقال لمدينة جديدة وعمل خارج المنزل هو خريطة نومي المنظمة والي اشتغلت عليها أكثر من سنة!
تقنية الطماطم رهيبة، واستغربت اني ما عرفتها الا قبل كم شهر بس.
أنا سعيدة بك دائما وشكرا على كلماتك اللطيفة ونحن نحبك :*
هيفا شكراً لهذهِ التدوينة المهمة .
أكثر ما يؤرقني دائماً هو كيف أنظم وقت عملي في احدى المبادرات الثقافية ودراستي وكيف أكتب مقال جديد للنشر ..
ستجدين الوقت إن شاء الله : )
حسناً، منذ ان نشرتِ التدوينة وانا أأجل قراءتها بسبب انشغالي بالعمل من المنزل وفي نفس الوقت اشعر بالحاجة إلى قراءتها، لترتيب عملي وإثارة هالة الحماس مجدداً.
اعتقد أن ما احتاجه فعلاً هو مزيد من تنظيم الوقت، وتحديد أوقات العمل حتى لا يكون العمل تحت ضغط واستطيع الاستمرار، خصوصاً ان العمل تطوعي ويتطلب العمل بحب اكثر وتنظيم ..
شكراً استاذه هيفاء❤❤
العفو عبير ❤
مزيد من التركيز ودراسة أيامنا عن قرب سيعطينا الحل الذهبي.
كنت محتاجه هالتدوينه جدا .. شكرا كثيرا لك ❤
أنتي إنسانة ملهمة لي بشكل كبير، كنت محظوظة بالتعرف عليك عن قرب💜.