شاهدت لوحة “فتاة الشوكولا” للمرة الأولى كغلاف لرواية جو بيكر “Longbourn”. الرواية ممتعة! تحكي قصة الطابق السفلي وحياة الخدم ولكن أين؟ في رواية جين أوستن “Pride and Prejudice “. لكنّني لم أشعر بفضول للبحث عن لوحة الغلاف، ولم اقرأ حتى في تفاصيل التصميم من أين جاءت ومن رسمها. مرّ وقت قبل اكتشافي للوحة من جديد خلال تصفحي لموقع لوحات فنية. هذه المرة قرأت أكثر وانتقلت من صفحة لأخرى بسبب فضولي. هذه التدوينة إهداء للشتاء وأكواب الشوكولا الساخنة ولأشارككم بالطبع قصة اللوحة التي وجدتها.
لوحة فتاة الشوكولا The Chocolate Girl لوحة رسمها السويسري جان ايتيان ليوتارد. تظهر في اللوحة فتاة في زيّ عاملة منزلية، تحمل كوب شوكولا ساخنة وكوب ماء في صينية. لهذه اللوحة تاريخ ملوّن وجميل. تنقلت بين عدد من الملاك وأصبحت ملصقاً إعلانيا وغلاف كتاب بالتأكيد.
رُسمت اللوحة بين العامين ١٧٤٣–١٧٥٤م في البلاط النمساوي للامبراطورة ماريا تيريسا. في تلك الفترة كان الرسام جان ايتيان ليوتارد يسكن في ڤيينا لرسم لوحات پورتريه للامبراطورة وزوجها. أما هويّة الفتاة في اللوحة لم تكن معلنه وهذا بالتالي فتح الباب لكثير من التكهنات والروايات المختلفة.
على الأرجح تصور اللوحة فتاة شابة من وصيفات البلاط الامبراطوري. أُعجب الرسام بجمالها وقرر تخليدها في لوحة. في تلك الأيام كان دارجاً أن يُوظف الملكيون والنبلاء خدمهم من طبقة النبلاء الأقل حظاً ويعملن في خدمة الأميرات والملكات ويسهرن على راحتهن. من هنا جاءت الرواية الثانية: الفتاة في الصورة في هذه الملابس لتستعيد ذكريات عملها في محلّ للشوكولا. هذا الزواج سبب ضجة كبيرة آنذاك لأن آنا بالتوف –وإن كانت إبنة فارس نبيل– لم يكن مرحباً بها للارتباط بأمير في البلاط. وفي رواية أخرى قد تكون هذه اللوحة هي سبب اعجاب الأمير بها وتقدمه لخطبتها.
أما الرواية الأكثر رومانسية عن اللوحة تلك التي تذكر دخول الأمير لمحل شوكولا في ڤيينا في ليلة شتوية من العام ١٧٤٥م. جاء الأمير للمحل مدفوعاً بفضوله لمعرفة ما إذا كان المشروب الجديد “الشوكولا الساخنة” لذيذاً كما يقول الناس عنه. في المحل يلتقي الأمير بآنا بالتوف التي تعمل هناك وتقدم له المشروب. ذُهل من جمالها ولباقتها ووقع في حبّها فوراً. تستمر زياراته للمحل يومياً ولمدة أسابيع، تعرف خلالها على آنا بشكل أقرب وتقدم لخطبتها. خلال سنة من اللقاء الأول تزوج الأمير بآنا وسط معارضة شديدة من النبلاء. أما هدية زواجها منه فكانت لوحة من رسم ليوتارد، لوحة بورتريه لآنا وهي ترتدي زيّ البائعة الذي شاهدها الأمير فيه لأول مرة.
اللوحة اشتهرت بالقصة وبدونها. والدليل ما وجدناه من تبني شركات وجهات مختلفة للصورة كواجهة إعلانية.
في العام ١٨٨١م زار هنري بيرس رئيس شركة والتر بيكر الأمريكية للشوكولا –كانت الأشهر آنذاك– مدينة دريسدن الألمانية. خلال زيارته زار المعرض الملكي للفنون وشاهد لوحة فتاة الشوكولا ليعجب بها وبقصتها الرومانسية. قرر بيرس تسجيل اللوحة كعلامة تجارية لبودرة الكاكاو التي تنتجها الشركة. كانت اللوحة ضمن أول العلامات التجارية التي سُجلت في التاريخ الاقتصادي. ومنذ ثمانينات القرن التاسع عشر وملايين علب بودرة الكاكاو والاعلانات والمقالات تُطبع وتباع من قبل شركة والتر بيكر لتخلد صورة الفتاة الجميلة وكوب الشوكولا.
أيضا هناك شركات أخرى استلهمت ملصقاتها من اللوحة ويمكن مشاهدة تأثيرها بوضوح في الصور التالية.
رائعة كعادتك .. هل هذة سلسلة تدوين يومية ؟ ^_^
أهلا : )
ما اعتقد إنها يومية للاسف.
لكن استعدت شهيتي للكتابة عن اللوحات التي أحبها، وكنت أدون بهذه الطريقة في السابق تقريبا كل أسبوع.