في سبتمبر الماضي قرأت مقالة نشرتها هوليوود ريبورتر عن قلم رصاص يحتفل بعيده الثمانين. هذا القلم اسمه بلاكوينغ 602. المقال أثار فضولي لأنه يتحدث عن موضوع ببساطة قلم رصاص! في العام 1998م توقف إنتاج هذا القلم وارتفع الطلب عليه، بدأت سوق سوداء ومزادات الكترونية يتنافس فيها محبّوه بالدفع والاقتناء. وصلت قيمة إحدى العلب الأصلية إلى سعر 384 دولار.
لماذا Blackwing 602؟
يقول شعار الشركة المصنّعة أنّ هذه الأقلام تتطلب من المستخدم نصف الضغط وتعطيه ضعف سرعة العمل. أيّ أن المستخدم سينعم بقلم سلس وسهل الاستعمال. هناك أيضا الممحاة القابلة للتعديل والتي يمكن إزالة قطعة الألمنيوم التي تثبتها وتعديل طولها بحسب الحاجة. أيضاً لون القلم المعدني وطلاؤه المميز. وأخيراً تركيبة الجرافيت والطين والشمع التي تمنح المنتج سلاسة وثبات وبلا لطخات.
لمحة تاريخية
انتج القلم للمرة الأولى في 1930م في مصنع ايبرهارد فايبر بنيويورك. تأسس المصنع في 1861م من قبل إخوة ألمان. موقع المصنع آنذاك أصبح موقع الأمم المتحدة اليوم. يقول المؤرخ هنري بيتروسكي أن القلم لفت الأنظار بظهوره بسبب كونه أسود. كانت أقلام الرصاص آنذاك صفراء للدلالة على جودتها العالية. تمّ تبني المنتج فور ظهوره من قبل الفنانين والمهندسين والكتّاب. من أشهر من بدأ باستخدامه آنذاك رسامي ديزني الذين رسموا به شخصيات محببة وشهيرة من بينها الفأر ميكي، والغزال بامبي وغيرهم. تقول إحدى الروايات أن رسام الكرتون الشهير شيمس كولهاين عندما توفي دُفن وفي يده قلم رصاص بلاكوينغ 602.
توقّف الإنتاج
استمر إنتاج القلم من قبل ايبرهارد فايبر حتى الثمانينات من القرن الماضي، ثم اشترت شركة فايبر كاستل الأمريكية المصنع. واستمر إنتاج القلم تحت شعار الشركة السابقة (EF) بالإضافة إلى إنتاجه باسم الشركة الجديدة (FC). وعلى أية حال كان القلم يصنع بنفس التركيبة الأصلية التي وُضعت له وبلا تغيير. خلال التسعينات اشترت شركة سانفورد الشهيرة بتصنيع أدوات الكتابة فايبر كاستل الأمريكية لتصبح المالك الجديد والمصنع لـ بلاكوينغ 602. استمر إنتاج القلم تحت إدارة الشركة حتى 1998م وتوقف تماماً. الخبر المتداول عن سبب التوقف كان يعزو السبب لتعطل ماكينة التصنيع الخاصة، ولم يتمّ إصلاح الأعطال من قبل الشركة المسؤولة. كانت هذه الماكينة تنتج قطع الألمنيوم الخاصة بالممحاة وعندما تعطلت استخدمت الشركة المخزون الإضافي من القطع حتى نفد. القصة الحقيقية تقول بأن الماكينة تعطلت فعلاً لكن الشركة لم ترفض إصلاحها. كانت هناك أسباب أخرى لتوقف إنتاج القلم من بينها عدم وجود طلب كافي على الأقلام. كانت الشركة تنتج سنوياً 1100 دزينة من الأقلام من نوع بلاكوينغ 602، بينما تنتج عددا أكبر بكثير كل ساعة ومن أنواع أخرى من الأقلام. هناك أيضاً الفارق الكبير بين الإنتاج وتكلفة إصلاح الأجهزة مقابل الطلب وهذا اثقل كاهل الشركة لذلك قررت إيقاف التصنيع ببساطة.
قلم العظماء
بعد توقف إنتاج القلم احتفظ المهووسون به بالأقلام التي بحوزتهم وإن لم يعد ممكنا الكتابة بها، بيعت الأقلام وعلبها الممتلئة والفارغة بأسعار خيالية. شيء يقول لي بأن أسباب ظهور الجماهير التي تعلقت به كثيرة وأهمها المشاهير الذين ربطوا إبداعاتهم به. على سبيل المثال لا الحصر: جون شتاينبك، فلاديمير نابوكوف، إيغور سترافنسكي، جون لينون، تشك جونز وغيرهم.
تجربتي
بعد الاطلاع على المقالة الشهيرة بدأت بالبحث عن معلومات إضافية ووجدت هذه المدونة، اعتقد بأنها أفضل مرجع لمعرفة قصة القلم وقراءة تفاصيل عنه. ثم قرأت عن شركة كاليفورنيا سيدار وهي الشركة التي اطلقت قلم رصاص بنفس الاسم في 2010م احتفاء بالقلم الكلاسيكي. وجد النقاد في القلم الجديد كفاءة مقاربة لسابقه لكن الأوفياء له يرفضون ذلك ويجدون أن قلم بالومينو لا يمت له بصلة.
لكي أحصل على تجربة مشابهة وأضع حدّ لفضولي قمت بطلب علبة أقلام بلاكوينغ 602 الجديد، صعقت بالسعر (حوالي 20 دولار للدزينة) لكنني فكرت: الشحن مجاني لأنني في أمريكا! وصلت العلبة ولم أجرب الكتابة بالقلم حتى لحظة التدوين عنه، هذه التدوينة كتبتها بالقلم الشهير. لاحظت أنني لم احتج لإعادة شحذ القلم وأنني تمكنت من الكتابة لصفحة كاملة دون أن يزعجني بكسر أو تفتت أو تلطخ الصفحات بالسواد. وفعلا “ضغط أقل وسرعة مضاعفة”.
أحب الأقلام الرصاص عمومًا، ولفترة جربت النوع الضغّاط الذي يأتي مع مجموعة من الأقلام الجافة. وللأمانة ليس بجودة القلم الرصاص المخطط بالأحمر والذهبي من ماركة “فابر كاستل”.
شكرًا هيفاء ممتعة تدوينتك كدائمًا.
ما كتبتيه مشهي لإقتناء القلم ، ولكني لم أجد الشحن مجاني 🙁 !
بالمناسبة أنتِ مسوقة جدًّا .
طلبته في أمريكا، واخترت الشحن المجاني.
اتوقع لازم تكونين في أمريكا ولازم تكون كمية مشترياتك بمبلغ معين.