أمي سيدة لا تغضب بصوت، لا تكسر أواني، لا تضرب الأبواب، لا تكسر شيئاً حتى صوتها. هادئة جداً منذ أن عرفتها عندما يتعلق الأمر بالغضب. ولا أنكر بأننا جميعنا أصبحنا على النقيض من ذلك، نصرخ، نكسر الأشياء، نقول الكثير ونندم بعد دقائق على ما قلناه. يحزنني أحياناً بأنها لم تمرر لي هذا الهدوء، الهدوء الذي تختبرني به كلّ مرة أخطئ. يكفي أن ترسل نظراتها التي تقول بصراحة “خيبتي ظني فيك” حتى اتهشم إلى ألف ألف قطعة، ثمّ تذهب في صمت طويل، يمتد لأيام أحياناً، لا تتحدث معي، لا تقول شيئاً قد تندم عليه، لكن صمتها يجعلني أعترف بأخطاء حياتي كلها بصوت مسموع، وأعتذر وأعتذر ثمّ أعتذر من جديد، بالاضافة لذلك لا أعود لفعلتي أبداً، صمتها يترك علامة غائرة مثل وشم تأديبي على كتف مجرم عتيد! واستغرب كيف أن أختي وأخي الصغار -تقريباً- لا يصابون بالهلع من نظرتها تلك أو صمتها، كيف يتعاملون مع هذا بأريحية ويستمرون في الخطأ. أذكر بأنني كنت طفلة شقية لعدة سنوات، كانت تحرص أن تبقيني على مدّ بصرها، كي ترسل لي نظرتها الشهيرة وامتثل، عندما أكون خارج نطاق تغطية نظرتها أخفق، مجازاً وحقيقة، ما إن يحدث ذلك حتى يختل توازني. لا أعلم متى سأتمكن من السير بلا أخطاء بدون نظرتها ، بدون صمتها التأديبي. إنه الوجه الآخر لغضب والدتي، الوجه الذي أحبّ !
* هذه التدوينة جزء من سلسلة تدوينات ضمن تجربة تدوين “العربية للاستخدام اليومي” وهنا التفاصيل.
هل من الغريب ان معظم أمهاتنا كذلك، ومعظمنا نحن لسنا كذلك؟
أتسأل، هل هو امر نكتسبه من تجارب الحياة ومرورها علينا، ام انه من خصائص جيل اندثر واندثرت معه تلك الصفات!
اعتقد يا ندى أنها حالة تمرد تصيبنا لكي لا نكرر أهلنا .
ربما ..
أهلا بكِ : )
جميلة تلك النظرة التأديبية .. لا تمارس تجاهي ..بل أنا من أمارسها مع إخوتي
: )
لا استطيع إنكار أنني حاولت أن اطبق اساليب والدتي على إخوتي ، لكنني فشلت، غالبا يتطور الموضوع ويهرب الصمت ونشتبك بالايدي !
والدتي حين كانت تغضب مني لم تكن لديها نظرة مخيفة لكنها كانت تتبع سياسة رهيبة كانت تقاطعني ولا تحدثني وأنا أموت من قهري لأنها تتجنب الكلام معي لذا كنت أرفع شعار تزعل الدنيا ولاتزعل مني الماما …
لكني أستطيع تصور تأثير تلك النظرة عليك كعقاب مؤلم
آه ، نسيت أقولك من زود الحماس .. ربي يخليها لك يا هيفا ويحفظها
الله يحفظ احبابك ويخليهم لك ،
بالضبط أمي كانت وما زالت تستخدم هذه التقنية معنا 🙁
أبي هو من يعطي هكذا نظرات مؤنّبة ..نظرة واحدة تفوق كل الكلمات و الردح الممكن استعماله لحظتها 🙂
هذا تصرف مرعب وتأديبي بشدّة لكن الحزم لا يضر
الله يخليها لك يارب
والدي لا يرسل نظرات ، والدي يرسل محاضرات ، ملاحظات ، كلامه يجعلك تندمين على تفكيرك في خطأ قبل ارتكابه .
الله يحفظ احبابك ان شاء الله
حتى في غضبتها تتجاوز كُل هفوات الغضب وتظلُ أماً …
ليحفظ الله والدينا ويرزقنا برهم .
آمين يا فاطمة ، حتى في غضبهم يجعلون للحياة معنى .
ارتجفت و أنا اقرأ هذا النص .. يا إلهي، لا أعرف ولكن لم تمارس معي أمي هذا النوع من التأنيب بل أختي التي تكبرني، أمي سريعة التصالح وأنا لا أتمالك نفسي إن اخطأت في حقها أو شعرت بأن علي الاعتذار كنت أقف عند الباب، باب غرفتها/ بداية الصالة، في مكان معين ولكن يجب أن يكون بعيداً عنها كي أهرب بعد أن أصرخ بكلمات الاعتذار وأنا أحبج وأهرع لغرفتي وأبكي .. أختي التي تكبرني كانت تخاصمني وتؤنبني واعترف أني لفترة قريبة كنت أحياناً أقوم بنفس هذا الفعل لأختي التي تصغرني ولكنه تطور صار *باوندريز* يعني أكون في وعي أكبر قبل أن تخترق حواجزي .. آه يا هيفا شعرت في أمك حنان وخلق عالي أحسست بهيبتها وبجمال روحها في هذا الهدوء الذي وصفته .. حفظها الله لكم يا رب ..