تأمل كلمة تشير إلى شيء، “المظلة” على سبيل المثال، وعندما أقول كلمة “مظلة” فإنك ترى الشيء في ذهنك، ترى نوعاً من العصيّ، وقوائم معدنية من النوع الذي يطوى في أعلاها تشكّل هيكلاً يحمل قماشاً لا ينفذ منه الماء ولا يلتصق به، وعندما يفتح فإنه يحميك من المطر. وهذه الجزئية الأخيرة مهمّة، فالشمسية ليست مجرد شيء، وإنما هي شيء يؤدي وظيفة، وبتعبير آخر يعبّر عن إرادة الإنسان. وعندما تتمهل لتتأمل الأمر فإنك تجد أنّ كل شيء مماثل للمظلة، من حيث أنه يؤدي وظيفة، فالقلم للكتابة، والحذاء للانتعال، والسيارة للانتقال. والآن، السؤال الذي أطرحه هو ما يلي: ماذا يحدث عندما يكفّ شيء عن أداء وظيفته؟ أهو ما يزال الشيء أم أنه غدا شيئاً آخر؟ عندما تنزع القماش عن المظلة هل ما تزال المظلة مظلة؟ إنك تفتح القوائم المعدنية، وترفعها فوق رأسك وتمضي في المطر، وتبتلّ حتى النخاع. هل من الممكن الاستمرار في تسمية هذا الشيء بالمظلة؟ إنّ الناس يقومون بهذا بصفة عامة. وعند الحد الأقصى سيقولون إن المظلة قد كسرت. وبالنسبة إليّ فإن هذا خطأ خطير، ومصدر كل المشكلات، فالشمسية لأنها لم تعد تستطيع أداء وظيفتها كفّت عن أن تكون مظلة، ربما كانت كذلك في وقت من الأوقات، ولكنها الآن تغيرت إلى شيء آخر. غير أنّ الكلمة بقيت على حالها، ومن ثمّ فإنها لم تعد تستطيع التعبير عن الشيء، إنها غير دقيقة، إنها زائفة، وهي تخفي الشيء الذي يفترض أن تكشف عنه. وإذا لم يكن بمقدورنا تسمية أداة عادية تنتمي للحياة اليومية شيئاً نمسكه في أيدينا، فكيف يمكن أن نتوقع الحديث عن أشياء تهمّنا بصورة حقيقية؟ وما لم يكن بمقدورنا البدء في تجسيد مفهوم التغيّر في الكلمات التي نستخدمها فإننا سنواصل الضياع .
” مدينة الزجاج لـ بول أوستر”
كنا نستعد أنا وصديقتي وأطفالنا الصغار للخروج في يوم انجليزي ممطر وكنت أصرخ: لا أحد ينسى شمسيته..فقال لي أحمد-ابن صديقتي ذو السبع سنوات: خالة أروى مافي شمس..ليش اسمها شمسية..؟لازم يكون اسمها مطرية..! فكرت في منطقه: معك حق أحمد،،في الحج اسمها شمسية وهنا مطرية..إذن-حسب تساؤل أحمد- ألا ترين أننا منذ البداية لم نطلق على الأشياء أسمائها؟